الجمعة 18 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 42 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نحن «قصبة ناي» تمرر الهواء لتعطي موسيقى للعالم

نحن «قصبة ناي» تمرر الهواء لتعطي موسيقى للعالم
28 نوفمبر 2010 20:45
لقاء فني وعائلي بين المغرب ولبنان نتج عنه إبداع جميل وإحياء متجدد لتراثنا العربي الأصيل من شعر وجداني وصوفي وأدوار ومواويل. الفنانة عائشة رضوان بصوتها العذب الشجي وزوجها حبيب يمني بألحانه الأصيلة المتميزة، وهو ابن عائلة تعنى بالزجل والشعر، زوجان التقيا في باريس عاصمة الفن والثقافة والجمال وتعمقا ببحور الشعر العربي وكنوزه الثمينة وقررا تعريف العالم الأوروبي بملامح من هذه الكنوز، وخاصة أن الشعر العربي يحتضن تحت جناحيه المشرق والمغرب معا”. «الاتحاد» التقتهما خلال زيارتهما للعاصمة أبوظبي مؤخراً في حوار رصد مسيرتهما الفنية: ? الفنانة عائشة، من طبيعة الفنون والموسيقى خاصة أنها تجمع بين القلوب، كيف جمعت بين المغرب ولبنان؟ ? “الموسيقى تجعل القلوب تشعر ببعضها، فالموسيقى هي لغة المحبة، أنا وزوجي حبيب تلاقينا في باريس ليس في المغرب أو لبنان، حيث كان في باريس مركز يهتم قبل عشرين عام بتعليم الموسيقى الشرقية والمغربية، وحبيب كان من المشرفين ومن المدرسين في هذا المركز، التقينا وتحدثنا كثيرا عن أسلوب الموسيقى في الإيقاع واللحن والنص، وهي ثلاثة أركان مهمة في الموسيقى العربية. نحن مازلنا نبحث في ذات الموضوع ونفتش في المقامات. كنا في البداية نفتش في التراث العربي الأصيل من أدوار وموشحات عصر النهضة، عصر عبده الحامولي، محمد عثمان، عبد الرحيم المسلوب، وهو يبدأ منذ منتصف القرن الـ 19 وينتهي مع بداية القرن العشرين مع الشيخ أبو العلا محمد أستاذ السيدة أم كلثوم. نحن فتشنا في الأدوار ووجدنا تسجيلات تتألف من 78 نسخة، وجدنا كنوزا من الأدوار مثل دور “كادني الهوى”، من ألحان عبده الحامولي أو محمد عثمان، نحن حتى الآن لا نعلم لمن هي بالتحديد. كذلك هنالك قصائد كلاسيكية أصيلة مثل “أراك عصي الدمع شيمتك الصبر” للشاعر أبي فراس الحمداني أو “غيري على السلوان قادر” للشاعر البهاء زهير أو الموشحات مثل “ما احتيالي يا رفاقي” وأيضا “ألا من وجدي أبكي وأغني”. نحن فتشنا بهذا التراث وتعمقنا بأسلوب المقامات العربية شيئا فشيئا واكتشفنا أصالة وعمق الشعر العربي. هذا العمل قد سمح لنا بأن نبدأ بالتلحين وبشكل محترم للمقامات العربية وكذلك تلحين الشعر الصوفي مثل الشعر لرابعة العدوية ومحيي الدين بن عربي وعمر بن الفارض وعدد كبير من الشعراء الكبار”. بعد روحي ? لماذا نشهد عودة قوية للشعر الصوفي وللكلاسيكيات وبشكل خاص الأندلسيات؟ هل هو القرب من الأندلس؟ أم أن الأجيال دوما تتمرد على الحديث وتعود للقديم وللأصالة؟ ? “نحن في البداية لم يكن الموضوع بالنسبة لنا عودة للجذور فأنا من عائلة أمازيغية في المغرب، حيث ولدت وترعرعت في فرنسا وفي جو غربي وبعدة ألوان موسيقية غربية وعربية، ثم بدأنا نبحث عن الأصالة بل النور الموجود في الشعر العربي الأصيل وبفن المقامات العربية وفن الطرب، هذا اللون جعلنا نتذوق أجمل ما هو موجود في الثقافة العربية وهذا الشيء يعبر عن الحياة الإنسانية والروحانية، هو يحكي لنا عن قصة الإنسان وليس فقط قصة الهوية العربية، في البداية كان بحثنا هو بحث عن الأصالة والطرب والجمال لكن كل ما تعمقنا بالألوان الفنية أخذنا نتذوق البعد الروحي الموجود في الشعر العربي بشكل عام وبالشعر الصوفي بشكل خاص”. ?حدثينا عن أعمالك، وما هو جديدك؟ ? “ حتى الآن قمنا بتسجيل بضع إسطوانات من تراثنا في عصر النهضة، كذلك سجلنا عدة أدوار مثل دور “كادني الهوى” أو”الله يصونك” و”دولة حسنك” و”متع حياتك بالأحباب”، سجلنا أيضاً قصائد مثل “غيري على السلوان قادر” للبهاء زهير و”أراك عصي الدمع شيمتك الصبر” لأبي فراس الحمداني وسجلنا عدة موشحات وقصائد ومماويل مثل “لي حبيب مقامه فوق رأسي” هذا شعر صوفي. وأنا وحبيب في هذه المرحلة نلحن الشعر ونقرأ كثيراً الدواوين الشعرية ونختار الشعر الذي يجعلنا نذكره، آخر أعمالي هو تلحين الخمرية “شربنا wعلى ذكر الحبيب” لعمر بن الفارض قدمناه بمسرح المدينة في باريس وقدمناه في عدة دول أوروبية وفي المغرب وفي عدة مهرجانات”. فن ثقافي ? هل قمت بتصوير أعمالك كفيديو كليب؟ وهل تفضلينه أم أنت ضده؟ ? “ حتى الآن لم تأتنا فرصة تسجيل لأعمالنا كفيديو كليب، أنا لست ضد الفيديو كليب فأهم شيء بالنسبة لي هو الرسالة الفنية والثقافية، اللون الموسيقي الذي نعمل به هو ليس تجاريا بل هو فن ثقافي للسمع”. ? بالنسبة لمشاركتك في مهرجانات عربية وعالمية مثل “سلام يا قدس” هل أنت مسرورة بهذه المشاركات، ? “نحن من زمن طويل نعيش مع القضية الفلسطينية بتفاعل كبير، بالنسبة لي نحن جميعنا نحيا على هذا الكوكب الجميل الأرض، شخصياً اعتبر أنه عندما يكون هناك شخص في بلد معين يتألم فأنا أتألم مثله لأننا جميعاً مثل الجسد الواحد فإن تألم جزء من هذا الجسد ينتشر هذا الألم في الجسد كله، اقترحت علينا مدام سونيا صفير من مؤسسة “طفل ووعد” فقد استمعت إلينا في حفل المعهد العربي في باريس منذ حوالي أربع سنوات، فاقترحت علينا أن نشارك بهذا المهرجان وطبعاً قررنا أن نأتي ونعطي أفضل ما لدينا كي نشجع الأطفال ونعود نستمع لضحكاتهم فهم أملنا في الغد”. فرقة تراثية ? الفنان حبيب ، حدثنا عن بداياتك في لبنان وكيف وصلت لباريس؟ ? “بدأت دراستي الموسيقية عندما كنت في الإعدادية، سجلت في معهد الموسيقى العالي في بيروت وكنت أحلم أن أتابع علوما موسيقية في فرنسا، درست لبضعة سنوات في بيروت وحصلت على شهادة الثانوية “البكالوريا” في لبنان، كان والدي ووالدتي يعيشان في فرنسا وهذا ساعدني أن أتابع دراستي هناك، جئت لباريس في سنة 1977 وتابعت دراستي العالية في جامعة السوربون وجامعة باريس العاشرة وحصلت على دكتوراه في العلوم الموسيقية في الموسيقى العربية والشرقية، أنا موسيقي وبذات الوقت أقوم بتدريس الموسيقى في جامعة باريس الثامنة، كما أدرس في مركز حكومي كبير اسمه مدينة الموسيقى وهو تابع لوزارة الثقافة الفرنسية، وفي أواسط الثمانينات اشتركت في مركز للموسيقى العربية وكان هناك عدد من الأصدقاء الموسيقيين اللبنانيين والمغربيين، وعلمنا معا في الموسيقى العربية والمغربية وأسسنا فرقة تراثية، في هذه الفترة. جاءت عائشة للمركز وكانت قد بدأت دراستها للهندسة وفي الجامعة التي كانت منتسبة لها كان هناك مجموعة كبيرة من الطلاب العرب. كانت عائشة قد بدأت الغناء منذ أن كانت طفلة وقد علمتها جدتها الغناء وتابعت في الكبر وأكملت الجامعة وكان هذا في نهاية السبعينات. هذه الفترة عرفت بكثرة المظاهرات الطلابية وإقامة الحفلات لدعم الوطن العربي ولدعم فلسطين وكانت عائشة تغني فيها. عندما سمعها بعض الأصدقاء اللبنانيين وقالوا لها أنت يجب أن تغني الطرب وقدموا لها المساعدة وأخبروها عن المركز في باريس الذي يعلم الموسيقى العربية، وقدموا لها تسجيلات قديمة. عندها التقينا في المركز ودخلت كمطربة في الفرقة الموجودة. إن لقاء عائشة مع فرق متعددة أعطاها الأساس وعائشة لم تدرس الموسيقى مثلنا في معهد موسيقي، فهي لم تتابع دراستها الموسيقية لأنها تدرس الهندسة، ولكن عائشة عصامية وقد درست وتعلمت الموسيقى بالخبرة. لا تنافس بيننا ? ألا يوجد تنافس بين الزوج والزوجة عندما يكونان في ذات العمل؟ أم أن روح التعاون هي التي تكون سائدة بينهما؟ ? يقول حبيب: “لا يوجد تنافس بيننا لأننا نكمل بعضنا البعض كزوجين وكفنانين، عائشة تغني وأنا أعزف الإيقاع، حيث أننا إن حاولنا أن نعرف الموسيقى العربية نقول هي تشابك وتعاطف الإيقاع مع الكلمة، نحن الاثنان نمثل هذا التشابك من كلمة ولحن وإيقاع. الألحان لا أقوم بها لوحدي بل هي تقوم بها معي، مثلاً: أنا أقوم بمقطع وهي تكمله، وتقوم هي بمقطع أكمله أنا. في البداية نقرأ القصائد ونتعمق بها، ثم نقوم بتحليل عروضي لها، وهذا مهم جدا. فقبل أن نحدد الإيقاع ونضع اللحن نرى ما الذي توحي له القصيدة فاللحن والإيقاع يمكن أن يأتيان من معنى القصيدة”. ? ألا يحدث خلاف في وجهات النظر حول اختيار القصيدة؟ وإن حدث هذا الخلاف، كيف تصلان لحل مشترك؟ وهل التنوع يضيف أشياء جميلة ومختلفة ومفيدة؟ ? تجيب عائشة: “كما قال حبيب لا يوجد اختلاف لأن حبيب هو ابن هذه الثقافة، هو يقترح الشيء فهو لديه إلهام يوحي له بشيء معين، فعندما يكون العمل متعلقا بالألحان فنحن نعتمد على الإلهام، فأحياناً نقوم بالتلحين عند الساعة الثالثة صباحاً. أفكار حبيب تعجبني فهو ترعرع ضمن عائلة من الشعراء ومن المتذوقين للزجل، أنا أيضاً ترعرعت ضمن الثقافة الأمازيغية والغربية وهو جو غني أيضاً، فهذان العالمان يكملان بعضهما”. - ويقول حبيب: “نعم التنوع يضيف أشياء جميلة ومفيدة. مثلاً: أنا أتيت من ثقافة محددة وهي الثقافة الشرقية مثل لبنان ومنطقة بلاد الشام وهي منطقة مشهورة بالزجل. في عائلتي شعراء زجل وأنا كبرت في جو الشعر، كذلك عائشة هي من قرية أمازيغية أي بربرية، فجدتها كانت تجيبها عن أسئلتها بالشعر، قد تعرفت على جدتها وهي شاعرة بالفطرة تجيبك دوماً بالشعر وبالأمثال. غيرة وصراحة ? عائشة امرأة جذابة، هل هناك غيرة من طرفك عليها؟ ? “طبعاً هناك غيرة ولكن ليست جنونية، فهناك شيء هام يجمعنا وهو الثقة. أغار من ناحية الشعور بالحفاظ عليها وهي أيضاً ذات الشيء، هناك صراحة بيننا. نحن نعمل بالموسيقى ولكنها ليست هويتنا. هناك أشخاص يعملون بالموسيقى، وإن حدث بينهما خلاف يتعلق بهذه الموسيقى أو هذا العمل فكأن حياتهم مع بعضهم قد انتهت. نحن لسنا كذلك”. وتقول عائشة: نحن بخدمة الموسيقى وبخدمة الفن ورسالتنا هي المحبة، ونحن نعتبر أنفسنا جنودا للفن وللمحبة، يجب أن يكون التواضع هو أهم شيء بالنسبة لنا”. ? ويضيف حبيب: الذي تقوله عائشة مهم جدا، لماذا؟ نحن لا نقوم بأعمالنا الموسيقية ولا نصعد على خشبة المسرح كي نظهر، نحن مثل قصبة الناي يدخل من خلالها الهواء ويعطي موسيقى، قد تكلم عن هذه القصبة جلال الدين الرومي بأن لها معنى روحي، نحن مثلها يمر من خلالنا الإلهام وهو يأتي من الخالق عز وجل، ونتعامل معه ونحن لسنا سوى وسيلة”. ثقافتنا عريقة حول الذي يتوجب علينا أن نقوم به كي نصل إلى الشعوب وليس للحكومات الأوروبية كي نريهم ونقنعهم بقضايانا الجوهرية يقول حبيب يمني: “نحن لدينا دور تربوي ومنهجي كفنانين عرب في أوروبا، أولاً عليهم أن يعطوا مثلاً جيداً عن مستوى الثقافة العربية، فنحن ثقافتنا ليس عمرها مئة أو مئتي سنة فقط، ثقافتنا عريقة جداً، يجب أيضاً أن نعطي المثل الجيد من خلال سلوكنا ووجودنا اليومي بأوروبا. وعلينا كذلك أن ندافع عن ثقافتنا وعن وجودنا، وبذات الوقت يجب أن يكون لدينا انفتاح ولا نكون منغلقين من ناحية التعاطي مع الآخر، لكي نطرح قضايانا بوضوح وبشكل محترم حتى لو كان الآخر لديه رأي مضاد، ولكن نطرحها مثل ما يطرح الغير قضاياه، يجب أن نطرح قضايانا ونعبر عنها ولا نتخاذل، وخاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية فهي مهمة، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، بل هي مهمة لجميع العرب ويجب أن ندافع عنها كما ندافع عن وجودنا.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض