28 نوفمبر 2010 20:44
جعل الله عز وجل الزواج سكينة للنفوس قائمة على توافر التفاعل الثنائي الإيجابي بين الزوجين، ومبنياً على صفات المودة والرحمة والمحبة والثقة والاحترام المتبادلة بينهما، مما يؤدي بالطبيعة والضرورة إلى تحقيق الاتزان الحيوي الناتج عن الإشباع الجنسي المشروع بما يرضي الله ورسوله والمؤمنين ، مما يحقق الاتزان النفسي والاستقرار الاجتماعي لكل منهما.
فالإنسان في حاجة إلى الزواج من أجل إشباع الدافع الجنسي لديه بالطرق المشروعة التي أقرها الله سبحانه وتعالي وأمر بها في جميع الأديان، وذلك من أجل الوصول إلى الذرية الصالحة والمحافظة على استمرار الحياة .كما أنه أيضاً في حاجة إلى الانتماء من أجل إشباع دوافع الأمن والاستقرار، لذلك كانت الأسرة الصغيرة المكونة من زوج وزوجة هي الوسيلة الوحيدة التي لا بديل عنها لتحقيق السكينة النفسية والاجتماعية لكل من الزوجين. فالزواج هدف مشروع لكل شاب وفتاة في سن الشباب وخصوصاً من توفرت لديه مقومات وشروط ومتطلبات الزواج ومتطلبات الاستقرار النفسي والاجتماعي والقدرة على تحمل المسؤولية الزوجية.
وهنا يأتي السؤال الذي يتكرر دائماً على ألسنة أهالي المرضي النفسيين، هل يتزوج المريض النفسي؟ وهل المرض النفسي يمنع المريض من الزواج وتحمل مسؤولياته في المستقبل؟ وهل تشفى الأمراض النفسية بالزواج؟ وهل يستطيع الإنجاب؟ هل يؤثر المرض على قدراته وعلاقته الزوجية؟ وهل يصارح أهل الشاب أهل العروس بمرضه، أم من الأفضل أن يخفي عليهم الأمر؟
يجيب الدكتور محمود جمال أبو العزائم، أستاذ الطب النفسي، ويقول:« إن الإجابة على هذه التساؤلات تختلف من حالة إلى أخرى، فبعض الأسر تلاحظ أن الابن أصبح كثير الكلام عن الزواج، ويرغب في التقدم لخطبة إحدى الأقارب أو الجيران دون أن يكون مهيأ للزواج ودون أن يكمل دراسته ودون أن يكون لديه عمل مناسب، وقد تفاجأ الأسرة بأنه قد ذهب بنفسه وتقدم للخطوبة من هذه الفتاة بالرغم من أنها قد تكون مخطوبة لشاب آخر، ويحدث هذا أحياناً في مرضى الاضطراب الوجداني أثناء نوبات الهوس. وعلي العكس من ذلك نجد أن بعض الشباب يرفض الزواج، ويرفض أي حديث عنه بالرغم من أن سنه وعمله مناسبان للزواج، ويعطي بعض المبررات الواهية التي لا تقنع الأسرة. ونلاحظ ذلك في بعض مرضي الفصام الذين لا يستطيعون تحمل مسؤولية الزواج، وفي بعض مرضي الاكتئاب المزمن حيث يشعر المريض بعدم الرغبة في الارتباط مع الجنس الآخر، حيث إنه يعاني من الاكتئاب والميل إلى العزلة والانطواء، وقد يكون هناك ضعف بالقدرة الجنسية بسبب المرض. كما ترفض بعض البنات موضوع الزواج بسبب خوفها من تحمل أعباء ومسؤولية الزواج، وقد يكون السبب كذلك خوف البنات من موضوع العلاقات الجنسية المرتبطة بالزواج، ويحدث ذلك في بعض مرضي القلق النفسي وبعض الشخصيات الغير ناضجة عاطفياً».
ويضيف الدكتور أبو العزائم:« أما عن السؤال هل تشفى الأمراض النفسية بالزواج فإن الرد على ذلك بأن الزواج استقرار ومسؤولية، وله تبعات ويجب إلا يقدم عليه إلا من له القدرة على القيام بمسؤولياته، فإذا تزوج الإنسان المستقر مالياً ونفسياً فإن الزواج سوف يفيده أما إذا تزوج المريض غير المستقر فمن الممكن أن يؤدي الزواج إلى عدم الاستقرار النفسي وانتكاس المرض. أما فيما يتعلق بقدرته على إقامة علاقة زوجية من عدمه، وهل يستطيع الإنجاب؟ وهل يؤثر المرض على قدراته الجنسية؟ إن المرض النفسي عامة لا يؤثر على القدرة على الإنجاب، لكن هناك بعض الأمراض النفسية تكون مصاحبة بالإكتئاب أو يكون الشخص خلال فترة الاكتئاب زاهدا في كل شيء، بداية من الأكل والشرب أوالخروج أوالعمل، وحتى زاهداً في النواحي الجنسية، وقد يكون ذلك متزامناً ومترافقاً لفترات الاكتئاب، أما بعد أن تتحسن حالته النفسية بالعلاج، فإنه يعود إلى طبيعته وقدرته على إقامة علاقة زوجية بصورة طبيعية».
ويكمل الدكتور أبو العزائم:« عموما إذا كان المريض في حالة استقرار كامل وفي حالة نفسية جيدة، فإنه يكون قادراً على العطاء والإنتاج، وله جميع الحقوق التي ينالها الأفراد العاديون من حق العمل والزواج والاستقلال، لكن بشرط أن تكون حالته مستقرة لمده طويلة، وأن يكون مستمراً في العلاج الوقائي إذا تطلب الأمر ذلك، فالزواج يحتاج إلى استقرار الحالة النفسية، ويمكن معرفة ذلك بعد استشارة الطبيب المعالج.
وتوفر الوظيفة بحيث يكون إنساناً قادراً على تكوين أسرة وتحمل أعباء وتكاليف المعيشة فيما بعد، ومن الأهمية مصارحة الزوجة وأهلها بحقيقة المرض، بحيث يكون لديهم علم بمشكلة المريض وحساسيته حتى يستطيعوا مساعدته في المستقبل، ويأخذوا بيده إلى الأمام، فالخداع والغش وعدم المكاشفة أمور مرفوضة في كل الأحوال».
المصدر: أبوظبي