22 أغسطس 2012
دينا جوني (دبي) - أعلن جهاز الرقابة المدرسية التابع لهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، أن غالبية المدارس الخاصة في الإمارة كانت ضعيفة في تحديد وتصنيف الطلبة من ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، وتقديم خدمات التعليم اللازمة لهم.
وأشار المقيّمون التربويون في “الجهاز” إلى أنه لم تتم تلبية احتياجات عدد كبير جداً من هؤلاء الطلبة في المدارس الخاصة، التي لم تضعهم على سلّم أولوياتها، حيث أظهرت نتائج الرقابة المدرسية أن نسب الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة التي حددتها المدارس الخاصة هي أدنى على نحو ملحوظ من النسب العالمية التي أعلنتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ما يشير إلى وجود مواطن ضعف في عمليات تحديد الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية وقبولهم في المدارس الخاصة في دبي.
جاء ذلك في دراسة أجرتها هيئة المعرفة والتنمية البشرية بعنوان “تحسين الخدمات التعليمية المتاحة للطلبة من ذوي الاحتياجات في دبي”، بالتعاون مع كلية دبي للإدارة الحكومية.
وتتولى فرق الرقابة في جهاز الرقابة المدرسية في دبي تقييم عدد من الجوانب فيما يخص الطلبة من ذوي الاحتياجات في المدارس الخاصة، قياساً إلى أفضل الممارسات العالمية، وهي التقدم الدراسي الذي يحققه هؤلاء الطلبة في المواد الدراسية الرئيسية، ودقة الترتيبات التي تطبقها المدارس لتحديد الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، ومدى جودة مواءمة المنهاج التعليمي لتلبية احتياجات هؤلاء الطلبة، ومدى جودة إشراك أولياء الأمور في تعلم أبنائهم، ومدى جودة متابعة المدرسة لتقدم الطلبة.
ولفتت الدراسة إلى أنه لتمكين الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة في دبي من تحسين تقدمهم الدراسي، يجب تلبية المزيد من احتياجاتهم على نحو دائم على مستويات مختلفة بدءاً من أدائهم في الصفوف والمواد الدراسية وفي المدرسة ككل، حيث يؤكد الوضع الحالي أنه لا يمكن التغاضي عن دور المعلم والمرحلة والمادة الدراسية والمنهاج التعليمي في توفير التدريس وخبرات التعلم عالية الجودة للطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة.
الأطراف المعنية
واعتبرت الدراسة أن هناك نطاقاً واسعاً جداً من الرؤى ووجهات النظر حول أفضل الأساليب الكفيلة بتلبية الاحتياجات التعليمية الخاصة لدى هذه الشريحة من الطلبة، وأن أهداف ومتطلبات وتوقعات مختلف الأطراف المعنية توفر أرضية مشتركة لفهم كيفية المضي قدماً في توفير خبرات ومؤهلات تعليمية مفيدة للأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، التي يمكن تطبيقها عند مراعاة وجهات النظر المختلفة للأطراف المعنية.
وحددت الدراسة خمسة أطراف أساسية معنية بتحديد أفضل الأساليب لتحديد وتلبية احتياجات هذه الفئة من الطلبة هي الطالب، وولي الأمر، والمدرسة، والحكومة والمجتمع، والمراكز المتخصصة.
الطالب
ويكمن التحدي الأبرز لجميع الأطراف المعنية في دبي في تذكر حقيقة أن البالغين هم من يحددون الاحتياجات الخاصة وتنوعها، حيث يتغاضى البعض عن حقيقة أن الطالب من ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة لا يرى نفسه مختلفاً جداً عن بقية الطلبة.
وأكدت الدراسة أن كل طفل أو طالب لديه احتياجات فريدة يمكن تلبيتها من خلال إعداد خبرات تعلم مخصصة له، وأن طبيعة كل واحدة من الاحتياجات التعليمية الخاصة هي التي تحدد المعطيات اللازمة لدمج الطالب في التعليم مع بقية زملائه، أو أساليب التدريس أو المصادر أو التشريعات أو التخطيط.
وشددت الدراسة على أن الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة ينظرون للعالم من منظورهم الخاص، وتنطبق هذه الحقيقة أيضاً على بقية الأطفال. وإذا كان لدى الأطفال حاجة خاصة، فهم بالتأكيد يرغبون بالتغلب عليها من خلال التعلم الذي يحصلون عليه، ومواجهة التحديات والحصول على الدعم الضروري، وأن يحققوا التقدم الذي يرضي طموحاتهم ويبنون عليه مستقبلهم.
وأشارت إلى أن هؤلاء الأطفال يرغبون في التعلم واللعب والعمل مع بقية أقرانهم والاستفادة مما توفره لهم التقنية والمصادر العملية كجزء من مسيرة تعلمهم، ويطمحون أيضاً إلى تحقيق التقدم الذي يسعهم تحقيقه.
ولي الأمر
ونوهت الدراسة إلى أن على أولياء أمور الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة دوراً محورياً في هذا الجانب، حيث لا يمكن التغاضي عن تأثيرهم المحوري في جودة مسيرة حياة أبنائهم.
وقالت إن طموح ولي الأمر تجاه ابنه من ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة لا يقل أبداً عن طموحات أولياء الأمور الآخرين، وإنه يجب ألا نغفل عن حقيقة أن تحقيق هذه الطموحات يتعلق أيضاً بعوامل واسعة النطاق متعلقة بالأطراف المعنية الأخرى مثل العمل على تحديد الاحتياجات التعليمية الخاصة، وتقييمها والتركيز على وضع هؤلاء الطلبة في محور العملية التعليمية، وهو ما يبرر قلق أولياء الأمور وحيرتهم إزاء أفضل الأساليب التي تضمن لأبنائهم تلقي التعليم المدرسي الذي يتلقاه أي طفل آخر. واعتبرت الدراسة أن رفع جودة توقعات أولياء الأمور من أبنائهم ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة تبدأ من تحديد احتياجاتهم التعليمية، وصولا إلى توفير حصص دراسية فردية لهم، حيث ينفق أولياء الأمور مبالغ كبيرة في سعيهم لتوفير التعليم الملائم لهؤلاء الأبناء، في حين يركز بقية أولياء الأمور على جودة التعليم الذي يتلقاه أبناؤهم.
المدرسة
وقالت الدراسة إن المدارس تؤدي دوراً مركزياً مهماً في المسيرة التعليمية للطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، وإن عليها لكي يكون أداؤها ملائماً ومتوافقاً مع التوقعات الدولية، تحقيق 11 مهمة مختلفة هي توفير بيئة تعليمية ملائمة ترحب بالطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، وتحقيق أقصى التزام ممكن في وضع الطلبة في محور العملية التعليمية، وتوفير الدعم اللازم لهم لمساعدتهم على تحقيق أفضل مخرجات يسعهم تحقيقها، وتنفيذ عمليات تقييم دقيقة ومفصلة للاحتياجات التعليمية الخاصة لدى الطلبة، وإعداد خطط تعليمية فردية للطلبة، وكذلك تقديم تغذية راجعة منتظمة حول التقدم الذي يتم تحقيقه والتعديلات التي يجب تنفيذها على التوقعات المنتظرة بناءً على ذلك.
ومن تلك المهمات أيضاً تقديم إرشادات ونصائح رئيسية ومحددة لهؤلاء الطلبة يقدمها لهم كادر متخصص، والتعاون الهادف بين معلمي المواد ومعلمي الفصول الدراسية ومتخصصين من أجل اعتماد أفضل الأساليب التي تساعد على تحقيق مخرجات ملائمة، وتنفيذ عمليات تقييم منتظمة، ومواءمة المنهاج التعليمي لمساعدة الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة على تحقيق التقدم.
كما أن على المدارس تعزيز التعاون بين المراحل الدراسية، لتطوير مهارات هذه الفئة من الطلاب في جميع المواد الدراسية، واستخدام المصادر التي تساعدهم على التعلم المستقل والتعاوني.
الحكومة والمجتمع
أكدت الدراسة أنه لا يمكن للمدارس الخاصة حرمان الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة من الالتحاق بها، مستشهدة بما نص عليه القانون الاتحادي رقم 29 لعام 2006 وهو “لا تشكل الاحتياجات الخاصة في ذاتها مانعاً دون طلب الانتساب أو الالتحاق أو الدخول إلى أية مؤسسة تربوية أو تعليمية من أي نوع حكومية كانت أو خاصة”.
وأشارت إلى تنوع المشهد التعليمي لذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة في دبي، وقالت إن تحصيلهم وتقدمهم الدراسي يتعرض إلى الإعاقة أحياناً بسبب بعض المفاهيم الثقافية والتقليدية التي ما تزال غير واعية للإنجازات المتوقعة والممكن تحقيقها.
المراكز المتخصصة
ولفتت الدراسة إلى أنه يوجد في دبي الكثير من المراكز المتخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة، التي تعمل على تقييم وتشخيص احتياجات الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، وإعداد خطط تعليمية فردية لهم وتقديم الدعم لعائلاتهم في هذا الجانب.