20 فبراير 2008 00:23
تركز الاهتمام العالمي منذ فترة ليست باليسيرة، على المصادر الإعلامية التي ترسم الإسلام بصورة عقيدة تتسبب بالاضطراب والقلاقل والفوضى في عالمنا الحاضر· بينما الحقيقة أن القرآن حرم قتل النفس البشرية مسلمة أكانت أو غير مسلمة، دعا بوضوح إلى الصلح والتوفيق في أوقات النزاع، وقد مد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يده بالسلام إلى الجميع دون تمييز، وتمثل أفعاله وتصرفاته مثالاً يحتذى للمسلمين· وسمح للمسلمين بشن الحرب كملاذ أخير فقط وتحت ثلاثة شروط، وهي الدفاع عن النفس، وإزالة الطاغوت أو ضد الذين يحنثون بحلف أو اتفاقية·
يشرح الدكتور ''ويليام بيكر'' في كتابه ''أكثر شيوعاً مما تعتقد''، أنه عندما جرى اضطهاد اليهود في أوروبا في العصور الوسطى، وجدوا السلام والتناغم والقبول لدى الشعب المسلم في إسبانيا؛ والواقع أن اليهود أنفسهم يشيرون إلى تلك الحقبة من التاريخ اليهودي ''بالعصر الذهبي''،
إذا كانت هذه الأمثلة تظهر موقف الإسلام الرئيسي تجاه الحرب والعنف، فلماذا إذن يعطي العالم الإسلامي الآن صورة مختلفة، الأمر الذي يؤدي بالكثيرين في الغرب إلى الاعتقاد بأن العنف والإرهاب هما من ميزات الإسلام وسماته المميزة؟
يجب النظر إلى قضية انخراط المسلمين في التشدد في مضمون، وليس بمعزل عن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم بدولة مستقلة رغم وجود عدد من قرارات صادرة عن الأمم المتحدة في هذا الشأن· وبالمثل، تبقى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإعطاء الشعب الكشميري حق تقرير المصير غير منفذة·
يؤمن المسلمون في العديد من الحالات، فلسطينية كانت أو كشميرية أو أفغانية أو عراقية، أنهم يحاربون دفاعاً عن النفس ولإعادة حقوقهم المسلوبة في الاستقلال والحرية، لذا يتوجب تكرار أن السلام لا يوجد أبداً في فراغ، وإنما هو في الواقع النتيجة الحتمية النهائية للعدالة، وحيثما يوجد الظلم يُتوقع وجود العنف والإرهاب، وما لم يجرِ استئصال الظلم من جذوره، لن يكون هناك سلام حقيقي في العالم، يتوجب علينا إطلاق حركة عالمية لوضع حد لتهديدات العنف والاضطراب في العالم اليوم، وبناء على مبدأ ''لا سلام بدون عدالة'' يتوجب على هذه الحركة أن تقف إلى جانب المظلومين والمستهدفين، بغض النظر عما إذا كان الأمر سياسياً أو غير ذلك، دون اهتمام بعقيدتهم أو لونهم أو إيمانهم·
يتوجب على أعلى الأصوات الدينية، كرجال الدين وعلمائه، الذين يتمتعون باحترام كبير من قبل أتباعهم، أن يتقدموا لتشكيل هذه الحركة وقيادتها من خلال إنشاء شبكة إقليمية ودولية، من خلال اتخاذها زمام القيادة عبر القيام بمظاهرات احتجاجية دولية منسقة ضد الحرب والعنف، يتوجب على حركة السلام هذه أن تتخذ قراراً رئيسياً مبدئياً بمعارضة الحرب وسفك الدماء في كافة الحالات، وتنظيم احتجاجات جماعية إذا تم ذلك·
يستطيع المرء أن يدعي ببساطة، أن حركة كهذه سوف تحصل لا محالة على استجابة إيجابية من أتباع الأديان المختلفة الذين يمكن أن يظهروا على شكل مجموعات ضغط قوية، تفرض على حكوماتها تجنب الانخراط في العنف أو مساندة حرب غير عادلة في أي مكان من العالم·
وبما أن اللائمة تلقى على الإسلام بشكل روتيني بسبب موجة العنف السائدة في العالم، تقع تباعا المسؤولية على أصوات الإسلام المعروفة والمحترمة عالمياً لتتقدم وتأخذ زمام القيادة في تنظيم هذه الحركة، فهذه الحركة تستطيع أن تتصرف كدرع ضد القوى التي تعمل باتجاه العنف والمواجهة إذا اتحدت أصواتها الدينية المختلفة في صوت واحد·
ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
المصدر: اسلام أباد