30 أغسطس 2011 01:43
بين مهرول لشراء ملابس العيد لأطفاله، ومسرع لتأدية زكاة فطره قبل انقضاء شهر الصيام، وأم منهمكة في تنظيف البيت وإعادة ترتيب أثاثه، وأخرى مشغولة في إعداد أطايب الحلوى لإدخال البهجة والسرور على أهل المنزل، تحمل ليلة عيد الفطر السعيد، مشاهد متنوعة تبرز الاحتفاء بهذا الضيف الكريم الذي يحل سنوياً على العالم الإسلامي، مدخلاً الفرح على جميع أفراده صغاراً وكباراً، مصداقاً لقول الرسول الكريم «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه»، وأولى الفرحتين، هي تلك التي تدخل قلب كل مسلم مع ظهور هلال شوال وبدء الاحتفالات بعيد الفطر السعيد.
ليلة العيد ترتبط بطقوس خاصة تتجدد سنوياً، أولها ترتيب المنزل وتزيينه ببعض اللمسات الجمالية مثل شراء بعض الزهور أو ستائر جديدة، أو مفارش للموائد الموجودة بالمنزل، وغيرها من الأمور التي تشعر أهل البيت بوجود تغيير جميل يحدث مع قدوم العيد.
إلى ذلك، تقول منيرة عبدالفضيل (38 سنة)، أم لثلاثة أبناء، إنه من الطبيعي أن تشهد هذه الليلة استكمال شراء ما ينقص من ملابس الأولاد الصغار وأحذيتهم التي لم تتمكن من تجهيزها بسبب الانشغال في أداء الصلوات خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، ومن الأشياء الجميلة أيضاً، كي الجلباب الأبيض الخاص بزوجي، وتعطيره بالمسك قبل الذهاب إلى المسجد بصحبة أطفاله، للمشاركة في صلاة العيد.
الاهتمام بالمظهر
من ناحيتها، تتذكر جواهر دلموك (23 سنة) طفولتها ليلة العيد، وتقول إنها كانت تحرص على الذهاب إلى منزل الجدة وتجتمع مع فتيات العائلة، ويقمن برسم الحناء بأشكال جميلة، كما يسعدن بمشاهدة الجدة والأم تعملان أنواع الحلوى التقليدية مثل اللقيمات والبلاليط. أما في الأيام السابقة على ليلة العيد، وفق دلموك، فتقوم الأم بإخراج كل السجاجيد الموجودة بالمنزل إلى الفناء وتغسلها، وتتركها لمدة يوم أو اثنين حتى تجف ثم تقوم بإعادة فرشها فنشعر بأنها جديدة، ونبدأ في الشعور بأجواء العيد وبهجته.
وتلفت دلموك إلى واحد من أجمل مظاهر العيد، ويتمثل في شراء الصحون الجديدة وتعبئتها بأنواع من الحلوى، التي يشتريها الأب من الخارج، من أجل تقديمها للأقارب والأهل الذين يقومون بزيارتنا أيام العيد. والآن، تقوم دلموك بشراء ملابسها وإعدادها قبل العيد بفترة، وإن نقص شيء من تلك الأزياء، تقوم باستكمالها قبل العيد حتى تكتمل فرحتها به، وتقوم بمساعدة والدتها بإعادة تنظيف وترتيب المنزل حتى يظهر في أجمل شكل طيلة أيام العيد. وتوضح بهيرة السمري (31 سنة) أن ليلة العيد تكون مناسبة جميلة للتجديد في كل شيء سواء في البيت أو المظهر الشخصي، حيث تحرص على الذهاب إلى مراكز التجميل بصحبة بعض صديقاتها، من أجل الظهور في أبهى صورة خلال أيام العيد، وتذكر السمري أنها اعتادت هذا الطقس الاحتفالي بالعيد منذ طفولتها، حين كانت تذهب مع شقيقتها الكبرى لرسم الحناء وغيرها من اللمسات الجمالية، التي تهتم بها البنات في أعمارهن الصغيرة. وتوضح السمري أن اهتمامها بشكلها ومظهر بيتها في العيد يعد جزءاً أساسياً من الاحتفال به، خاصة أنها خلال شهر رمضان كانت منشغلة بتأدية العبادات وإقامة المآدب للأهل والأقارب.
تقليد قديم
تقول إيمان منصور (37 سنة) إن ليلة العيد، تكون الأسرة فيها منشغلة بترتيب البيت وتزيينه، وإعادة تجديد بعض الأشياء التي قد تبدو قديمة أو غير حسنة المظهر، فضلاً عن عملية شراء حلوى العيد التي يتم تقديمها للأهل في الزيارات التي تتم خلال أيام العيد.
وبصفتها من النساء العاملات، توضح منصور، أن ليلة العيد غالباً ما تحمل لها أعباء عديدة ولكن جميلة سواء كانت بقضاء واجبات منزلية لم تكن قامت بها بسبب انشغالات العمل، أو التوجه بصحبة زوجها والأولاد لشراء احتياجاتهم، من ملابس وأحذية.
وتوضح عفاف الصباحي (43 سنة) ربة منزل، أن ليلة العيد ترتبط معها بشراء المكسرات المختلفة والحلوى، التي يتجمع حولها أفراد الأسرة خلال أيام العيد، أثناء مشاهدة القنوات التلفزيونية التي تتنافس في تقديم برامج شيقة وأفلام جديدة تعرض للمرة الأول.
وتقول الصباحي إن هذا تقليد قديم ورثته من بيت العائلة في مصر قبل أن تتزوج، حيث كانت والدتها تحرص على تجهيز بعض من الحلوى والمكسرات وتوزيعها على الجيران، أو تقديمها للضيوف من الأقارب والأهل أثناء العيد.
وبالنسبة لصالح مسعود (20 سنة)، الطالب في إحدى الجامعات، فإنه يقضي الليلة بالسهر مع أصدقائه حتى صلاة العيد، حيث يتوجهون إلى المراكز التجارية للتجول فيها، وبعدها يجلسون في أحد المقاهي ويستمر الحال هكذا طوال الليل بين الضحك والمسامرة، والتخطيط لما سيفعلونه خلال أيام العيد، سواء كانت رحلات بر أو السفر لأي مكان من أجل الشعور بالتغيير والانطلاق، والاستمتاع بإجازة العيد. ويلفت إلى أنه أحياناً يذهب إلى محال تزيين السيارات، لتزيين سيارته، وإضافة بعض اللمسات الجمالية على السيارة، مثل تلميع الإطارات بمواد خاصة وتركيب المخفي للزجاج، وغيرها من الإضافات التي تجعل من ركوب السيارة خلال أيام العيد متعة كبيرة، وليس مجرد وسيلة انتقال من مكان إلى آخر.
أداء الزكاة
يقول حسان إبراهيم (32 سنة) إنه غالباً ما يكون مشغولاً في عمله بشدة خلال أيام شهر رمضان، وقد يفوته أن يقوم بتأدية الزكاة، إلى حلول الأيام الأخيرة من الشهر ومنها ليلة العيد، هنا يسارع إلى أقرب مركز لتلقي أموال الزكاة، وهي منتشرة في كل مكان تقريباً في دولة الإمارات.
ويشير إبراهيم إلى أنه يقوم بتذكير بعض أصدقائه الشباب بأن الزكاة صارت واجبة عليهم ويجب أن يقوموا بتسديدها بأنفسهم بدلاً من آبائهم، بعد أن كبروا وصارت لهم ذمة مالية خاصة، فيسارعوا جميعاً إلى تأدية هذه الفريضة الإسلامية، التي تمثل تأديتها خير بداية للاحتفال بقدوم عيد الفطر.
من جهته، يلفت وليد عطفة (34 سنة) ويعمل أخصائي تحاليل طبية في أحد المراكز، إلى أن ليلة العيد في كثير من الأحيان يقضيها داخل المعمل، وهو ما سيقوم به في ليلة عيد الفطر هذا العام، كونه لا يزال أعزب ومن ثم، سيقوم هو بتولي مسؤولية العمل داخل المعمل، بدلاً من زملائه المتزوجين، الذين تضطرهم ظروفهم إلى البقاء مع أفراد أسرهم لمشاركتهم احتفالات العيد. ويقول عطفة إن احتفاله الحقيقي بالعيد، هو شعوره بأنه يقدم شيئا مفيداً ومساعدة إنسان مريض يحتاج للآخرين للتخفيف عنه، والإسهام في علاجه، موضحا أن وجوده في الغربة بمفرده، يجعله حريصاً على الاتصال بأهله ليلة العيد وصباحه أيضاً من أجل التغلب على أي مشاعر للوحدة تنتابه، ومن الطبيعي أن يفعل ذلك، هو أو أي شاب يقضي ليلة العيد بعيداً عن أهله.
وسائق التاكسي ظفرالدين أيوب، يشكو من جانبه من الزحام الشديد في الطرقات ليلة العيد، ولكنه في نفس الوقت يبين أن هذه الليلة تأتي مصحوبة بالخير، حيث يتعامل معه الزبائن بكرم مبالغ فيه، ويمنحونه مبالغ مالية أكثر من سعر التوصيلة، ويرى أيوب أن هذا رزق العيد، وهبة تدخل السرور على قلبه، وتجعله يقبل على العمل ليلة العيد بفرح وحب، ويستمتع برؤية بهجة العيد على وجوه الزبائن، بدلاً من ملامح الجدية التي تعلو وجوههم خلال الأيام العادية.
زحام شديد
علي محمد، بائع في أحد محال الملابس، يذكر أن ليلة العيد تشهد زحاماً شديداً على شراء الملابس كونها الفرصة الأخيرة لاقتناء ما لم يتم شراؤه خلال الأيام السابقة للعيد، ويلفت إلى أن المتاجر تكون مليئة بأولياء الأمور وأبنائهم، ويتم في هذه الليلة بيع كمية توازي ما يتم بيعه خلال أسبوع في الأيام العادية، وهو ما يجعل منها ليلة مباركة لأصحاب المحال، تعوضهم عن كثير من فترات الركود. ويبين محمد أن هناك ضغطا كبيرا يقع عليه وعلى زملائه في تلك الليلة نتيجة التعامل مع عدد كبير من الزبائن، ولذلك عليه أن يتحلى بالصبر، وسرعة البديهة للمساعدة في اختيارات أولياء الأمور لاحتياجات أولادهم. ورغم ذلك، يؤكد محمد أن ليلة العيد تعتبر من أجمل ليالي العام، لأنه تعقبها إجازة طويلة تمتد لثلاثة أيام، يخرج فيها مع أصدقائه للمتنزهات المختلفة، سواء دور السينما أو الشواطئ أو غيرها من أماكن الترفيه، ما يجعله ينسى ضغوط العمل والحياة خلال الشهور السابقة على العيد
المصدر: أبوظبي