27 أغسطس 2011 23:05
ما من قاعدة تعمم لزوم تناول الحلويات يوميا في شهر رمضان. وما من قاعدة تجعلها الضيافة الأبرز للمدعوين وأصحاب البيت ما بعد الإفطار مباشرة وحتى موعد السحور. وهي وإن كانت عرفا تتوارثه الأجيال، غير أنها بتحذير من أخصائيي التغذية والأطباء عادة رمضانية يعتبر الإكثار منها خطرا صحيا ودافعا نحو أمراض السمنة والبدانة. وإذا كان البعض واعيا لسلبيات السكريات الزائدة في الجسم للعمل على الإقلال من تناولها، فإن البعض الآخر يتجه مباشرة نحو أصناف «الدايت» أو ما يعرف بـ«الكاندي لايت»، أي الحلوى ذات السعرات الحرارية القليلة.
(أبوظبي) - أصناف لا حصر لها من الحلويات تختتم بها يوميا مائدة الإفطار، وكأنه لا يكفي ما يتناوله الصائم من اللحوم والأرز والنشويات، حتى يضيف إلى وجبته الدسمة مئات السعرات الحرارية. ومع العلم بأنه ليس المطلوب أن يحرم الشخص نفسه من المذاقات اللذيذة، غير أن تنظيم الأمر وموازنة نوعية المواد الغذائية التي تدخل إلى الجسم واجب لابد من التنبه إليه درءا لمشاكل صحية. منها السكري والضغط وأمراض القلب والشرايين والكولسترول وسواها.
مجهود بدني
يتحدث استشاري الأمراض الباطنية والدم الدكتور عباس السادات عن أهمية التفكر بأن شهر رمضان هو فرصة لصيانة أعضاء الجسم من مضار التخمة والاسراف في الطعام. ويقول «من نعم ربنا أنه فرض علينا الصيام شهرا كاملا ما يشكل راحة للجهاز الهضمي ووظائف الكبد. هذا لو أحسن الصائم التنويع في وجبة الإفطار من دون المبالغة أو تناول ما يزيد على قدرته على الهضم والحرق». ويوضح أن المأكولات عموما وعلى رأسها الحلويات تترجم بعد تناولها إلى سعرات حرارية، مشيرا إلى أنه كلما زادت السعرات الحرارية فسوف تنتهي بزيادة في الوزن لأن النشاط الجسماني يكاد يكون معدوما في رمضان. ويتابع «لا بد من أن نكون حريصين على التنبه خلال شهر الصيام إلى تحقيق التكافؤ بين الكالوريات التي ندخلها إلى أجسامنا، وبين حجم الحركة التي نقوم بها يوميا. وذلك بدافع عدم تراكم الدهنيات في الجسم وتخزينها يوما بعد آخر، إذ من الصعب خسارتها لاحقا».
ويذكر الدكتور السادات أن أفضل طريقة لعدم الاحتفاظ بالسعرات الحرارية الزائدة، هي السعي إلى التخلص منها مباشرة بعد الأكل. وذلك إما من خلال المشي أو ممارسة الرياضة الخفيفة أو حتى بالصلاة والقيام بأي مجهود بدني داخل المنزل أو خارجه. «مما يكفل حرق هذه السعرات كي لا تتسبب بأي ضرر على الجسم».
وجبة متوازنة
ويتطرق الطبيب إلى الفرق بين الحلويات والمواد الغذائية «اللايت» و»الدايت»، موضحا أن الأولى تحتوي على سعرات حرارية أقل من الطبيعي، فيما الثانية تتميز بأن سعراتها الحرارية قليلة جدا. وكذلك الأمر بالنسبة للمواد منزوعة الدسم، والتي تحتوي على نسب قليلة من الدسم. ويقول «من المفيد أن نضيف إلى نظامنا الغذائي العادي أصناف الحمية، لكنه من الأجدر أن نركز على التنويع في الأكل ضمن وجبة متوازنة تحتوي على السلطات والخضراوات والبروتينات والدهون بشكل معقول».
ويشير إلى أنه يحق للشخص سواء في شهر رمضان أو خارج الصيام أن يتناول قطعة حلوى إذا لم يكن قادرا على مقاومتها شرط أن يقوم بعملية حسابية بسيطة لتقدير كمية الكالوريات التي تدخل جسمه». ويلفت إلى وجود الكثير من الكتيبات التي تقدم شرحا تقديرا عن عدد السعرات الحرارية التي تحتويها المواد الغذائية على اختلافها. ويؤكد «يفضل دائما الاطلاع على المعلومات الغذائية التي تتضمنها قطع الحلوى والشوكولاته والبسكويت، وسواها من الأصناف المشابهة. للتعرف إلى حجم الدهون والسكريات التي تترتب على تناول كل قطعة منها».
خالية من السكر
يضم السوق الكثير من حلويات «الكانديلايت» التي تقدم مئات الأصناف التي يعدها خبراء الحلويات حول العالم. وهي تعتمد على فكرة جديدة تتمثل في تقديم الوجبات الخفيفة والحلويات التي تتوافق مع مختلف الحميات الغذائية التي تعتمد على حساب السعرات الحرارية. بينها تشكيلة واسعة من السكاكر القاسية والإسفنجية والبسكويت وقطع الشوكولاته، وحلويات سائلة وأخرى بنكهة النعناع أو بنكهات حامضة. وكذلك أصابع الكمأة والكراميل وأعواد النكهات المحلاة التي تستخدم مع المشروبات الساخنة والمثلجات. ويمكن الانتقاء من أنواع الشوكولاته الداكنة بنكهات فريدة كالفلفل العادي والفلفل الحار والمكسرات والفواكه المغطاة ببودرة الكاكاو. وكلها تجتمع في ركن خاص للحمية، يضم تشكيلة من المنتجات قليلة الدسم والخالية من السكر أو المعدة فقط من مواد طبيعية أو عضوية أو نباتية، مما يلغي الحواجز التي قد تعوق الاستمتاع بالحلويات.
كما أن حلويات «الدايت» تنطبق كذلك على مجموعة «الجيلاتو» التي تحتوي على عدة نكهات معدة بسعرات حرارية أقل. ومنها مثلجات على هيئة قوالب مع عصا خشبية، أو كرات «الآيس كريم» التقليدية بنكهة الشوكولاته الداكنة أو البيضاء، الفانيليا، المانجو، الفراولة، اللبن، الليمون، ماء الورد، والفستق الحلبي. ويتم تحضير المثلجات من مكونات طبيعية خالية من المواد الحافظة وخالية من السكر.
قليلة الدسم
تصف سوسن الكردي نفسها بأنها عاشقة للحلويات، وتقول «أعرف أن الأصناف المشبعة بالقطر تضاعف من إمكانية اكتساب الوزن في رمضان، غير أني مدمنة عليها». وتشير إلى أنها تتذوق يوميا ما يزيد على 3 أصناف من الحلويات العربية، إضافة إلى الشوكولاتة التي تتناول قطعا منها على مراحل خلال السهرة. ووضح «لا شك في أنني أبالغ، غير أنني ككل سنة أبدأ بالحمية الغذائية مباشرة بعد العيد».
الأمر نفسه ينطبق على موفق ضياء الذي تبدو مظاهر البدانة على جسمه. وهو يذكر أنه يعاني من مرض السكري، ومع ذلك لا يقدر على مقاومة المأكولات على أنواعها. ويقول «في البيت يساعدونني في عملية انتقاء الأصناف قليلة الدسم، ولكنني أضعف تجاه الحلويات وأعوض عنها بالشوكولاتة المناسبة للسكري». ويعترف بأنه من وقت لآخر، يتناول قطعا من الحلوى الرمضانية من دون أن يراه أحد كي لا يفسدوا عليه استمتاعه.
أما مأمون حسني، فيتحدث عن الموضوع بكثير من الموضوعية، معتبرا أن العملية في غاية البساطة، ويوضح «على الصائم أن يحدد أولوياته عند موعد الإفطار، وأن يقرر علام يصب تركيزه. فإذا كان يشتهي تناول المزيد من أصناف الحلوى، ليس عليه سوى الإقلال قدر المستطاع من النشويات والدهون. والعكس صحيح». وعن نفسه، فلا مشكلة لديه مع الوزن الزائد لأنه يمشي ساعة يوميا. يقول «في الشتاء أمارس الرياضة على كورنيش أبوظبي الجميل، وفي الصيف أمشي داخل المراكز التجارية».
توافقه الرأي مريم عيسى التي ترفض فكرة أن يحرم الإنسان نفسه من أصناف الحلوى، لا سيما في رمضان. وتقول «الأمر يتطلب المزيد من الحركة بشكل يضمن عدم تراكم الدهون، وعند السماح للنفس بتذوق ما تشتهي، فإن الكمية لن تكون كبيرة كما لو كانت نتيجة حرمان عدة أيام أو حتى عدة أسابيع». وتستطرد «كل ممنوع مرغوب، لذلك من الأفضل أن يبحث الشخص لنفسه عن بديل مناسب، بدلا من أن يشغل باله طوال الوقت بما يحق له وما لا يحق له أن يتناوله».