محمد نجيم (الرباط)
في كتابه الجديد «متاهة المكان في السرد العربي»، الصادر مؤخراً عن دائرة الثقافة في الشارقة، يقف الناقد المغربي إبراهيم الحجري عند تجليات المكان وأبعاده ودلالاته في الرواية العربية الجديدة من خلال أعمال روائية متنوعة، ومختلفة، ومعروفة لدى القارئ العربي، ففي مبحثه الثاني من الكتاب، تناول المؤلف موضوعة «تمظهر المكان وأبعاده التخييلية والدلالية في القصة القصيرة المغربية» من خلال تحليل مستوى الفضاء السردي في تجربة مجموعة من القصاصين المغاربة، راصدا كيفية تفاعلهم مع هذا المكون، وأسلوب تعبيرهم، عبره ومن خلاله، عن محتواهم التخييلي والدلالي وعقد في الختام، مقارنة بين مستويات تفاعل السراد العرب مع مقوم المكان، قديماً وحديثاً، ودرجة اختلافهم على مستوى زوايا التمثيل والرؤية، وأدوات الرصد والتصوير، ومدى وعيهم الإجرائي بأهمية الفضاء ومركزيته في الكتابة السردية العربي.
وبرأي الدكتور إبراهيم الحجري، فإن النظر إلى مكون المكان في السرد، وفق هاته المساحة الشاسعة، زمنياً ونوعياً، كمياً وكيفياً، مع اختلاف المقاربات ووجهات النظر، وتنوع منطلقات وخلفيات الباحثين، سيعطي للمنجز البحثي ثراء وغزارة واختلافاً، بما يساهم في تحقيق حصيلة بحثية جيدة، ومتراكم إنجازي هام، يتاح معهما للمتلقي تشكيل نظرة عامة حول كيفية تمظهر مقوم مركزي مثل «المكان» في السرد العربي، ومعرفة الدلالات الكامنة وراء خلفيات هندسته وتشييده وفق هذا الشكل أو ذاك، مع الوقوف على التقنيات والأساليب التصويرية التي يوظفها الساردون العرب، في مختلف الأنماط والأنواع السردية، والتعرف على المميزات التي تفرق بين مستويات التناول المكاني وتمثيله في المتخيل على مستوى كلّ نوع سرديّ على حدة، مع حفظ خيارات وخصوصية كلّ نوع.
كما أن العرب القدامى كان لهم اهتمام بالغ بالمكان، لذلك، أفردوا له نوعاً سردياً يكاد يكون لصيقاً به، وهو ما سمي حينها بأدب الرحلة، وراكموا فيه ما لم يراكموا في غيره، وأبدعوا فيه ملاحم وتحفاً يستعصي على الباحثين إحصاؤها عدداً.
وعن رأيه في المشهد الروائي الإماراتي، قال الدكتور إبراهيم الحجري لـ«الاتحاد» إنه مشهد يتطور بشكل مطرد، وبدأ يؤثث المنتوج الروائي العربي بنماذج فريدة من السرد، تتسم بالعمق والفرادة، سواء من حيث اللغة، أو تصوير الشخصيات، أو عمق الطرح الفكري والجمالي، ناهيك عن الانفتاح على أسئلة الإنسان العربي والعالمي، ويستوي، في ذلك، الروائيون والروائيات، بعضهم أعطى الشيء الكثير، والبعض الآخر لا يزال في جعبته ما بإمكانه رفد الرواية العربية بلمسات فنية جديدة، ومتميزة.