السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أبقار "البحر".. ضحية أهل "البر"

أبقار "البحر".. ضحية أهل "البر"
12 ديسمبر 2018 02:36

هالة الخياط، شروق عوض، ناصر الجابري

تعاني «أبقار البحر» في مياه أبوظبي ظلم أهل البر، فمنذ بداية العام الجاري، تم رصد 22 حالة لنفوق الأبقار التي تعتبر من الأنواع المدرجة على قائمة الكائنات المعرضة لخطر الانقراض، نتيجة الاختناق بعد وقوعها في شباك الصيد المهملة أو التي يتم استخدامها بشكل مخالف لتشريعات الصيد من قبل بعض الصيادين، وبطريقة غير مستدامة كطريقة «الهيال» المعروفة ،وخلال العام الجاري، نفذت هيئة البيئة - أبوظبي بالتعاون مع جهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل حملات تفتيش مفاجئة للحد من الآثار الضارة لممارسات الصيد غير القانونية، أسفرت عن ضبط أكثر من 65 مخالفة لممارسات الصيد غير القانونية منها 25 مخالفة تم تسجيلها خلال أسبوع واحد ما يدق ناقوس الخطر، بضرورة التحرك سريعاً لحماية الموائل الطبيعية البحرية في الدولة التي تواجه تهديدات متعددة بسبب الصيد العرضي وإصرار البعض على ممارسات الصيد غير المستدامة.وتشير نتائج الدراسات العلمية والاقتصادية والاجتماعية المفصلة عن حالة مصايد الأسماك في الإمارات التي أجريت على مدى السنوات الخمس الماضية، إلى أن مصائد الأسماك في الدولة مستغلة بشكل مفرط وبحاجة إلى تعزيز التدابير الإدارية والتشريعية والرقابية للتخفيف من الضغوط التي تتعرض لها.
كما تشير الدراسات والبحوث إلى أن أعداد الأسماك انخفضت إلى مستويات متدنية بشكل خطير ومهددة لاستدامة المخزون السمكي في أجزاء كبيرة من المحيطات، وازداد الطلب على المأكولات البحرية، وتنامت الاستخدامات والأنشطة الأخرى في البيئة البحرية، مما أدى إلى تعرض مصائد الأسماك في الدولة، مثلها مثل أغلب المصائد السمكية في العالم، لضغوط متزايدة.
وفي مياه إمارة أبوظبي، التي تشكل أكثر من 70% من مياه دولة الإمارات ضمن الخليج العربي، تخطى معدل صيد 12 نوعاً من الأسماك الرئيسة على الأقل حدود الاستدامة. وتشكل هذه البيانات مؤشراً على وضع المخزون السمكي في الإمارات، نظراً إلى أن أبوظبي تمثل المساحة الأكبر في الدولة المطلة على الخليج العربي.
وأكدت الجهات الاتحادية والمحلية في الدولة أن حماية الثروة السمكية وتنميتها تعتبر من القضايا الرئيسة، نظراً لما تتعرض له من استنزاف واستغلال، نتيجة للصيد الجائر وتدمير مصائد الأسماك.وأوضح صيادون التقتهم «الاتحاد» وجود 4 أسباب لنفوق أبقار البحر، وهي استخدام طريقة الصيد بـ «الهيال» الممنوعة في إمارة أبوظبي، ووجود دخلاء على المهنة، وعدم وجود ضوابط تحد من كميات الصيد لأصحاب قوارب النزهة، بينما رأوا أن السبب الأكبر يعود إلى العمالة الآسيوية في الاستراحات البحرية والعزب والجزر، خاصة مع غياب الرقابة.

سجلت هيئة البيئة في أبوظبي ارتفاع حالات نفوق أبقار البحر لتصل إلى 22 حالة منذ بداية العام بعد أن عثرت فرق التفتيش البحري التابعة للهيئة مؤخراً على 8 أبقار بحر نافقة على الشريط الساحلي لإمارة أبوظبي من منطقة السلع وحتى منطقة غنتوت، وتم الكشف عن أبقار البحر النافقة خلال دوريات التفتيش البحري والساحلي التي تقوم الهيئة بتنفيذها بشكل مستمر لمراقبة المناطق البحرية الحساسة والمهمة وضبط عمليات صيد الأسماك التجارية أو الترفيهية في الإمارة.ونفذت هيئة البيئة - أبوظبي بالتعاون مع جهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل حملات تفتيش مفاجئة للحد من الآثار الضارة لممارسات الصيد غير القانونية. وضبطت الهيئة خلال العام الحالي أكثر من 65 مخالفة لممارسات الصيد غير القانونية والتي تم تسجيلها، من خلال عمليات التفتيش البحري في مختلف مناطق الإمارة منها 25 مخالفة تم تسجيلها خلال حملة نفذتها الهيئة خلال أسبوع. وأكدت الدكتور شيخة سالم الظاهري مدير قطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة في أبوظبي، أن الهيئة كثفت من دورياتها على موانئ الصيد في إمارة أبوظبي ومناطق الشاليهات والمحميات الطبيعية والمناطق المحظور الصيد بها لتضبط المخالفين للقوانين والقرارات التنظيمية الخاصة بموسم صيد الأسماك السطحية بوساطة الشباك بطريقة الحلاق (التحويط)، علماً أن الموسم يبدأ في إمارة أبوظبي بتاريخ 15 أكتوبر من كل عام وينتهي بتاريخ 1 أبريل من العام الذي يليه، وعلى الصياد أن يحمل ترخيصاً من قبل الهيئة للصيد بشباك الحلاق على متن قوارب الصيد التجارية المرخصة من وزارة التغير المناخي والبيئة والسلطات المختصة الأخرى. ويحظر بشكل دائم الصيد في مناطق المحميات الطبيعية أو الصناعية البحرية والتي من أهمها القرار الوزاري رقم (695) لسنة 2017 وتعديلاته بالقرار الوزاري رقم (598) لسنة 2017 بشأن تنظيم صيد الأسماك السطحية بوساطة الشباك بطريقة الحلاق.

وقوع أبقار البحر في شباك الصيد المهملة يتسبب في نفوقها (من المصدر)
وأفادت الظاهري أن حملات التفتيش التي نفذتها الهيئة مؤخراً أسفرت عن ضبط 25 مخالفة وتحرير محاضر بها وسوف يتبعها إجراءات قانونية تقوم بها الهيئة مع السلطات المختصة الأخرى. كما قامت الهيئة بإزالة الشباك مجهولة الملكية من أنواع النيلون والمخالفة للمواصفات القانونية والتي لم يتم التعرف على أصحابها. والتي قد تسبب نفوق جميع الكائنات المهددة بالانقراض في حال وقعت بداخلها عند وجودها بالبحر.

مخالفات
وأوضحت الظاهري أنه لوحظ أن أكثر أنواع المخالفات التي تم رصدها مؤخراً تتمثل بشباك مخالفة للمواصفات القانونية أو حيازتها أو تداولها أو تركها مهملة على أرصفة موانئ الصيد في الصدر والمرفأ والسلع، مبينة أن الصيد بالشباك بالطرق غير القانونية يعتبر من أكثر الطرق التي تهدد الكائنات البحرية والتي أهمها أبقار البحر والدلافين والسلاحف البحرية.
وأضافت: كثفت الهيئة دورياتها ومراقبتها لمناطق الصيد وموانئ الإنزال والعزب والشاليهات على طول خط الساحل، بعد الزيادة الملحوظة لبلاغات نفوق أبقار البحر، والتي بلغت تسعة أبقار منذ بداية موسم الصيد بالحلاق. وسوف تستمر حملة التفتيش بشكل دائم على جميع مناطق الصيد وموانئ الإنزال في مياه الإمارة بالكامل.
وحذرت الدكتورة الظاهري من استمرار ممارسات الصيد البحري غير القانوني والذي ينذر بخطر فقدان الأنواع المهددة بالانقراض في الإمارة وأبرزها أبقار البحر والسلاحف البحرية، مبينة أن الصيادين الذين يتم ضبطهم من قبل السلطات المختصة وهم يستخدمون معدات وأساليب الصيد غير المشروعة والمحظورة يتعرضون للمسائلة القانونية والتي تصل الغرامة فيها إلى 50 ألف درهم والسجن لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وتتضاعف العقوبة في حال التكرار بحسب كل حالة.
وقالت: إن استمرار نفوق أبقار البحر في مياه الإمارة نتيجة لتعرضها للاختناق بعد وقوعها بشباك الصيد التي يتم استخدامها بشكل مخالف لتشريعات الصيد وبطريقة غير مستدامة من قبل بعض الصيادين ستؤدي إلى تدهور مجموعات أبقار البحر من مياه الدولة خلال السنوات العشر المقبلة بعد أن كانت أبوظبي تعتبر موطناً لثاني أكبر تجمع لهذا النوع الهام والمعرض للانقراض في العالم، والذي يصل أعدادها إلى حوالي 3000 بقرة بحر تتركز بشكل أساسي في المياه المحيطة بمحمية مروح البحرية.
وقالت الظاهري: إن ممارسات الصيد العرضي تنذر بخطر انخفاض أعداد أبقار البحر والسلاحف بشكل كبير في مياه الإمارة لا سيما أن أغلب حالات النفوق تكون لأبقار البحر من الأمهات والمعروف أن أبقار البحر فترة نضوجها وأهليتها للتزاوج تكون من عمر 10 إلى 15 عاماً، واحتضان ابنها يكون عامين متكاملين وكل أم تنتج مولوداً واحداً كل خمس إلى سبع سنوات. وأشارت الظاهري إلى أن المجتمع عليه دور كبير للحفاظ على أبقار البحر من خلال دعم خطط الحفاظ على البيئة البحرية والساحلية، والتقليل من التلوث الساحلي والبحري، وإبلاغ الهيئات المعنية في حال مشاهدة أبقار البحر نافقة، والتوقف عن استخدام معدات الصيد غير المرخص بها وتجنب ممارسات الصيد غير المسؤولة، والتقيد بتطبيق الأنظمة الخاصة بالمحميات الطبيعية.

محاضرات في المجالس المجتمعية
وضعت هيئة البيئة - أبوظبي خطة توعية موسعة لتثقيف الجمهور حول ممارسات الصيد غير المستدامة وأثرها على البيئة البحرية، فضلاً عن الحالة الحرجة للمخزون السمكي والمثبتة بالدراسات العلمية وبمشاهدات الصيادين، متخذة من وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية المختلفة وسيلة للتوعية بسبل الصيد المستدام.
وأوضحت الدكتورة شيخة سالم الظاهري المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة في أبوظبي، أن الحملة تسعى إلى رفع مستوى الوعي العام حول ممارسات الصيد المستدامة والنتائج السلبية الناتجة عن ممارسات الصيد غير المستدامة بشكل مستمر، وتوضح الحاجة لتعزيز التعاون المشترك بين كافة الجهات المعنية وأصحاب المصلحة لضمان تعافي المخزون السمكي. وفي إطار حملات التوعية التي تنفذها الهيئة، سيتولى فريق الهيئة المختص في المصائد السمكي بتقديم عدد من المحاضرات في مختلف المجالس المجتمعية بالتعاون مع مبادرات ديوان سمو ولي العهد في الإمارة للتوعية بالوضع الحالي للمخزون السمكي في الدولة، وأهمية انتهاج أسلوب الصيد المستدام، والتوعية بالقرارات المتخذة لحماية المصائد السمكية والأنواع الأخرى المهددة بالانقراض. وأكدت الظاهري أهمية الدور البارز الذي يقوم به الصيادون والمجتمع بشكل عام في مجال الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض والحفاظ على الثروة السمكية من خلال مشاركتهم في دراسات تحديد مواسم الصيد وتكاثر الأسماك المهمة، والمساهمة في البحث العلمي والمعرفة التقليدية من خلال تقديمهم معلومات عن أنواع الأسماك والأحياء المهددة بالانقراض، مثل أسماك القرش المعروفة بأبو السياف وأبقار البحر والسلاحف البحرية، وإجراء دراسات إحصائية عن محصول الصيد ومخزون الثروة السمكية ونفوق الأنواع المهددة بالانقراض، والمساهمة في الإبلاغ عن الحوادث والمخالفات البيئية. وشددت الظاهري على ضرورة التزام الصيادين بمواسم الصيد ومعدات الصيد المسموح بها للصيد في إمارة أبوظبي وفقا للتشريعات الاتحادية والمحلية، والمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض مثل السلاحف وأبقار البحر من خلال تجنب الصيد العرضي، وعدم هجر معدات الصيد كالقراقير والشباك في مياه الصيد، والمشاركة في المعلومات المتعلقة بالمصايد السمكية للأجيال المقبلة ونشر الوعي البيئي عن أهمية استدامة الثروة السمكية.

الدراسات الميدانية
وقالت الظاهري، إن نتائج الأبحاث والدراسات الميدانية التي أجريت في الإمارات تشير إلى تعرض عدد من أنواع الأسماك التجارية الرئيسة للاستنزاف بما يتجاوز حدود استدامتها المثالية. وأضافت أنه على مدى السنوات الـ 17 الماضية أجرت هيئة البيئة - أبوظبي، بصفتها السلطة المحلية المختصة بشؤون البيئة بإمارة أبوظبي، دراسات تفصيلية لتقييم حالة المخزون السمكي للأنواع التجارية الهامة من خلال إصدار التقارير الإحصائية للمصايد السمكية للإمارة، والتي تمثل الغالبية العظمى من المناطق البحرية لدولة الإمارات.
وشهدت العديد من الأنواع الرئيسة انخفاضاً كبيراً خلال هذه الفترة، وذلك بالرغم مما تبذله الدولة من جهود حثيثة لإدارة مصايد الأسماك وحمايتها. وأكدت الظاهري أن الحالة الراهنة للمخزون السمكي تتطلب وضع واتخاذ تدابير عاجلة وحاسمة ليتم تنفيذها بالتعاون مع الشركاء المعنيين والمجتمع على نطاق أوسع بهدف إعادة تحقيق التوازن والاستدامة لمصائد الأسماك، وضمان وقف التدهور الذي يشهده المخزون السمكي في دولة الإمارات. وأشارت الظاهري إلى أن تناقص المخزون السمكي يعتبر مشكلة عالمية، وتشير الدراسات والبحوث إلى أن أعداد الأسماك انخفضت إلى مستويات متدنية بشكل خطير ومهدد لاستدامة المخزون السمكي في أجزاء كبيرة من المحيطات بسبب العوامل الطبيعية كالتغير المناخي والعوامل البشرية كالصيد المفرط وتدهور الموائل، حيث إن ثلثي المخزون السمكي في العالم يتعرّض للاستغلال بشكل يتجاوز مستويات الاستدامة.
وتشير عمليات تقييم المخزون السمكي التي أجريت عام 2017 إلى أن الأنواع الـ 12 التي يتم استغلالها بشكل مفرط تمثل أكثر من 80% من أنواع الأسماك التجارية و88% من إيرادات مصايد الأسماك التجارية، حيث تتعرض الأنواع الرئيسة مثل الهامور، والشعري، والفرش والكنعد إلى الصيد المفرط.

معدات الصيد العائمة تتسبب في نفوق أبقار البحر (من المصدر)

«بيئة أبوظبي»: بحوث ودراسات للمحافظة على الأنواع البحرية
على مدى 20 عاماً، تقوم هيئة البيئة - أبوظبي بإجراء بحوث ودراسات، وتبذل جهوداً للمحافظة على الموائل والأنواع البحرية. ومنذ عام 1999 تقوم الهيئة بإجراء مسح جوي موسمي لمياه البحر القريبة من شواطئ أبوظبي. ومنذ ذلك الحين، تقوم شركة «توتال» بتمويل هذه الدراسات وبرامج المحافظة على أبقار البحر.وتعتبر الإمارات من الدول الموقعة على اتفاقية برنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن المحافظة على الأنواع المهاجرة، مذكرة التفاهم حول إدارة وحماية أبقار البحر وموائلها على امتداد مواقع انتشارها التي تحافظ على أبقار البحر وموائلها عالمياً وإقليمياً ومحلياً. كما تستضيف الهيئة في مقرها الرئيس بأبوظبي مكتب الأمانة العامة لمعاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة التي تشرف على تنفيذ مذكرة تفاهم أبقار البحر.ومنذ أن بدأت الهيئة بدراساتها، قامت بتقصي 165 حالة نفوق، وإلى الآن كان السبب الأكثر شيوعاً للنفوق هو الاختناق بسبب وقوعها بشباك الصيد المهملة، وتتضمن الأسباب الأخرى التي تؤدى لنفوق أبقار البحر فقدان وتدهور موائلها الطبيعية، والتلوث البحري، واصطدامها بالقوارب السريعة، وتزداد البلاغات والمشاهدات حول نفوق أبقار البحر خلال فصل الشتاء، والذي يتزامن مع كثافة في أنشطة صيد الأسماك.

وتعتبر أبقار البحر من الثدييات البحرية الوحيدة التي تتغذى على الأعشاب، وهي تتميز باللون الرمادي - البني، ولها ذيل قوي وزعنفتان أماميتان تقومان بدور المجداف لحفظ التوازن عند السباحة، كما تستخدمان في خدش أو كشط الأشياء وتنظيف الفم والدعم عند الراحة. تتميز بالحركة البطيئة واللطيفة. ونجحت هذه الثدييات التي تتنفس الهواء الجوي، من التكيف مع حياة البحر، حيث تقضي معظم وقتها ترعى في الأعشاب البحرية، مما أعطاها اسم بقرة البحر، ويتراوح وزن أبقار البحر بين 230 إلى 500 كجم، وتعيش إلى 70 سنة، وهي اجتماعية مثل البشر تحب أن تعيش بجوار بعضها بعضاً، وغالباً ما تسبح على شكل قطعان مؤلفة من مائة بقرة أو أكثر وتقطع مسافة تصل إلى 30 كيلومتراً يومياً.
وتوجد أبقار البحر في مياه أستراليا، والخليج العربي، وبعض مناطق البحر الأحمر، والساحل الشمالي والشرقي من شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادي، ويتجمع أكبر عدد من أبقار البحر في أستراليا وتليها دولة الإمارات العربية المتحدة، وتشكل مياه أبوظبي موطناً لما يزيد على 40% من العدد الإجمالي لهذه الحيوانات.
السلوك تتسم أبقار البحر بالخجل والتحفظ وصعوبة الوصول إليها. كما أنها ضعيفة البصر، ولكن حاسة السمع حادة للغاية سواء على السطح أو تحت المياه. وعلى الرغم من قدرتها على البقاء تحت الماء لفترة تصل إلى 6 دقائق، إلا أنها يجب أن تصعد للسطح بشكل منتظم لمدة ثانيتين على الأقل، عند الشعور بالخوف تصدر صوتاً يشبه الصفير، بينما تصدر عجولها ثغاءً يشبه البكاء.
ويبلغ عمر أبقار حوالي سبعين سنة، ويتراوح سن التكاثر بين 10 - 17 سنة. كما أن فترة الحمل تتراوح بين 12 - 14 شهراً. وتلد في المياه الضحلة، ويبدأ المولود في السباحة إلى السطح مباشرة بعد الولادة لاستنشاق أول نسمة هواء، ويلزم المولود الصغير ظهر أمه ويصعد للتنفس أو يهبط للتغذية بصحبتها، وتظل العجول مع أمهاتها لمدة عام، وتتكاثر أبقار البحر بمعدل بطيء، حيث تلد بقرة البحر عجلاً واحدة كل ثلاث إلى خمس سنوات.

«التغير المناخي والبيئة»: آليات وعقوبات لمجابهة تحديات البيئة البحرية
أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة أن حماية الثروة السمكية وتنميتها من القضايا الرئيسة في الإمارات نظراً لما تتعرض له هذه الثروة الوطنية من استنزاف واستغلال، نتيجة لعوامل مختلفة كالصيد الجائر وتدمير مصائد الأسماك وأماكن تكاثرها وحضانتها نتيجة ممارسات الصيد العشوائية وغيرها من العوامل، التي تؤدي إلى تناقصها وعدم قدرتها على إنتاج أجيال جديدة بالمستوى الطبيعي، لافتة إلى أن الدولة أولت اهتماماً واضحاً بالبيئة البحرية وبالثروات المائية الحية، وعملت على تسخير جميع الموارد لصونها والحفاظ عليها للأجيال الحالية والقادمة. وذكرت الوزارة أن الإمارات تتمتع بموارد بحرية وساحلية غنية وفريدة من أنواع الأسماك، بما في ذلك الأسماك المرجانية والأسماك الأوقيانوسية الكبيرة والأطوم البحرية (أبقار البحر) وعدة أنواع من السلاحف والثعابين البحرية، وكذلك مجموعة متنوعة من الدلافين والحيتان، حيث تتم حماية هذه الأنواع من خلال الموائل المنتجة مثل المستنقعات المالحة وغابات القرم ومواطن الأعشاب البحرية والشعب المرجانية ومنابت الطحالب، ويتداخل معظمها مع بعضها بعضا في العديد من المواقع، وتؤدي هذه النظم البيئية البحرية المختلفة بيولوجيا دوراً مهماً من الناحية البيئية والترفيهية والثقافية في دولة الإمارات، من خلال توفير الغذاء والحماية للعديد من الأسماك والأنواع البحرية، وحماية المناطق الساحلية من هبوب العواصف، ومنع تعرية السواحل وكذلك دعم الصيد التجاري وتنوع الأنشطة الترفيهية.
ولفتت الوزارة إلى أن الإحصاءات السمكية للعقد الماضي تظهر اتجاها مستمراً لزيادة أنشطة صيد الأسماك وزيادة عائدات الأسماك المرجانية، ورغم ذلك، أظهرت الدراسات الاستقصائية المستقلة عن مصايد الأسماك لموارد أسماك القاع والأسماك الأوقيانوسية الصغيرة في دولة الإمارات انخفاضاً كبيراً في وفرة أنواع الأسماك التجارية وغير التجارية، مع انخفاض أنواع أسماك القاع الرئيسية إلى أقل من 10% من كتلتها الحيوية الخام، عازية سبب الانخفاضات إلى الإفراط في استغلال العديد من الأنواع.

جانب من عمليات إزالة معدات الصيد العائمة (من المصدر)

دعم 6 آلاف صياد مرخص
صلاح عبدالله الريسي، مدير إدارة استدامة الثروة السمكية في وزارة التغير المناخي والبيئة، قال لـ «الاتحاد»: انطلاقاً من الاهتمام الذي توليه الوزارة بتنفيذ توجيهات الحكومة الرشيدة بالالتزام بكافة الأطر والتشريعات الاتحادية لتحقيق الازدهار والتقدم لمجتمع الإمارات، فإنها تحرص على تقديم الدعم للصيادين، بما يلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم مع أهمية تنظيم هذه المهنة لضمان استمراريتها، إذ تعمل الوزارة على تنمية مجتمع الصيادين الذين يبلغ عددهم نحو 6000 صياد مرخص في الدولة. وقال: «إن تعدد وتنوع التحديات والضغوط التي تواجهها البيئة البحرية والساحلية في الدولة، أدى إلى تأكيد الحاجة الماسة لتبنّي نهج عملي منسق وموحّد لإدارة وحماية واستدامة النظم في تلك البيئات، لذا بادرت وزارة التغير المناخي والبيئة إلى إعداد استراتيجية تنسجم مع رؤية الإمارات 2021، للحفاظ على موارد البيئة البحرية والساحلية واستدامتها»، مؤكداً قيام الوزارة ضمن جهودها لدعم مهنة الصيد وتنمية مجتمع الصيادين من خلال تقديم عدة خدمات منها توفير معدات الصيد بنصف القيمة، حيث أدرجت الوزارة ضمن استراتيجيتها مبادرة لتشجيع الصيادين من خلال توفير المحركات البحرية بنصف قيمة التكلفة، وأعطيت الأولوية في توزيع هذا الدعم للصيادين المتفرغين لمهنة الصيد الذين يمارسون المهنة على قواربهم بأنفسهم أو ينوب عنهم أبناؤهم، وذلك تشجيعاً لهم للعمل في مهنة الصيد وتناقلها إلى الأجيال القادمة، لافتاً إلى قيام الوزارة خلال العام الحالي بتسليم 390 من المحركات البحرية المدعومة بقوة 150 حصاناً من نوع «ميركوري» للصيادين، وذلك من خلال مراكز تسجيل قوارب الصيد في كافة إمارات الدولة.
خدمات الوزارة. وأضاف: من الخدمات التي تقدمها الوزارة أيضاً في هذا الجانب، خدمات تسجيل وترخيص قوارب الصيد والصيادين، إذ تقدم هذه الخدمات من خلال المكاتب التابعة للوزارة والمنتشرة في جميع أنحاء الدولة، وتشمل إصدار وتجديد رخص قوارب الصيد، ورخص النوخذة ومزارع الأحياء المائية، وتصاريح الاستيراد والتصدير للثروات المائية الحية وغيرها، لافتاً إلى تقديم الوزارة لهذه الخدمات إلكترونياً وعبر التطبيقات الذكية، وخدمات إلغاء رسوم تسجيل قوارب الصيد والصيادين المواطنين الذي طال رسوم مثل (القيد والشطب من السجل، وإصدار وتجديد التراخيص المتعلقة بقوارب الصيد والنوخذة ونائب النوخذة، وتصديق عقود البيع وقيد وشطب الرهن على قوارب الصيد)، وذلك بهدف خفض التكاليف عليهم وتشجيعهم على الاستمرار بمهنة الصيد. وأكد، أن خطوة السماح للصيادين وجمعيات الصيادين بإقامة المشدات البحرية الاصطناعية ضمن مواصفات واشتراطات نصت عليها أحكام القرار الوزاري رقم 103 لسنة 2017م بشأن إقامة أو بناء المشاد الاصطناعية، تعد واحدة من الخدمات التي تقدمها الوزارة بهدف إشراك الصيادين في تنمية الثروات المائية الحية التي تساهم في زيادة مخزون الثروة السمكية في مياه الصيد بالدولة وانعكاسه المباشر في استمرار مهنة الصيد، كما ستساهم في تقليل النفقات التشغيلية المترتبة على رحلة الصيد وذلك من خلال تقريب مسافات الصيد عن المسافات الحالية.
وشدد على قيام وزارة التغير المناخي والبيئة بإعداد وتنفيذ الدراسات والأبحاث في مجال حماية وتنمية المخزون السمكي لتوفير الأساس العلمي والذي يبنى عليه تطوير الاستراتيجيات للإدارة المستدامة ووضع برامج الرصد والمتابعة بهدف تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد البحرية، كما تقوم الوزارة ممثلة بإدارة أبحاث البيئة البحرية بإعداد الدراسات البحثية في مجال البيئة البحرية والثروات المائية الحية وذلك بالتعاون والتنسيق مع الجهات والمنظمات المحلية والإقليمية.
وأوضح أن القوانين حظرت استخدام بعض طرق ومعدات الصيد، مثل «شباك النايلون»، و«المناشل القاعية متعددة السنارات»، والصيد بالأضواء، وكذلك طريقة الصيد بـ «الشباك في المنصب القاعي»، وإغلاق «الشباك» من الأسفل، فضلاً عن حظر صيد أنواع معينة من الأحياء المائية، كالثدييات البحرية، والحيتان والأطوام والسلاحف.

آليات وغرامات
وبيّن أن فرق التدقيق في الوزارة بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات بالدولة، تقوم بمتابعة تطبيق التشريعات، سواء في مواقع الإنزال أو داخل البحر، للحد من المخالفات لقوانين الصيد، وتخفيف أثرها على مخزون الثروة السمكية والتنوع البيولوجي البحري، لتحقيق الأهداف التي وضعتها الدولة من صدور هذه القوانين، ضماناً لاستدامة الموارد الطبيعية. وأشار إلى أنه في حالة وجود مخالفة، يتم تطبيق العقوبات الواردة في القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1999بشأن استغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية وتعديلاته، واللوائح المنفذة له، والجزاءات الإدارية الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 18 لسنة 2012، بشأن مخالفي قرارات الثروة السمكية، وتختلف العقوبة حسب نوع المخالفة المرتكبة، وحجم الضرر على البيئة البحرية وثرواتها المائية الحية، حيث يتم توجيه إنذار كتابي ومصادرة الأسماك في حالة المخالفة للمرة الأولى، وفي المرة الثانية تفرض غرامة قدرها 2000 درهم مع مصادرة الأسماك، وفي حالة العودة بعد ذلك، يتم حجز رخصة قارب الصيد لمدة أسبوع مع مصادرة الأسماك، في حين تشمل المخالفات المطبّقة على محال بيع الأسماك، توجيه إنذار كتابي ومصادرة الأسماك في المرة الأولى، وفي المرة الثانية يتم فرض غرامة قدرها 2000 درهم، مع مصادرة الأسماك، وفي حالة العودة بعد ذلك تتم مصادرة الأسماك وإغلاق المحل لمدة أسبوع بالتنسيق مع السلطة المحلية المعنية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©