يوسف البستنجي (أبوظبي)
اشتدت المنافسة من جديد بين البنوك العاملة في الإمارات، وسط بوادر الانتعاش الاقتصادي، وعاد التركيز على قطاع القروض الشخصية في السوق المحلي، في ظل توقعات بنمو الائتمان لقطاع التجزئة بنسبة تصل إلى 3% العام 2018، بالتوازي مع انحسار مخاطر التمويل التي خيمت على السوق المحلي عام 2017 والتي جعلت البنوك تحجم عن تمويل قطاع الأفراد إلى حد بعيد، خاصة أن ذلك تزامن مع عمليات إعادة هيكلة للعديد من الشركات الكبرى، ومصاعب واجهتها الشركات الصغيرة والمتوسطة. ونمت القروض الشخصية بنحو 7 مليارات درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018، وذلك على النقيض من الفترة المقابلة من 2017، حيث سجلت آنذاك تراجعاً بلغت قيمته نحو 24.5 مليار درهم من إجمالي رصيد قطاعي الائتمان الموجهين للأفراد، وهما القروض الاستهلاكية وقروض الأعمال أو الاستثمار.
وشهد العام الحالي عودة البنوك لطرح منتجات جديدة خاصة بقطاع القروض الشخصية للمواطنين والمقيمين، كما عاد زخم التسويق لبطاقات الائتمان وغيرها من بطاقات الدفع الموجهة لقطاع الأفراد.
وارتفع الرصيد الإجمالي للقروض الشخصية إلى 414 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2018 موزعة على 330 مليار درهم قروضاً استهلاكية للأفراد و84 مليار درهم قروضاً للأعمال، وذلك مقارنة مع رصيد كان يبلغ 367 مليار درهم للقروض الشخصية الاستهلاكية، و80 مليار درهم للقروض الشخصية للأعمال بنهاية عام 2017.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن المصرف المركزي، فإن الرصيد الإجمالي للودائع المصرفية ارتفع بنحو 100 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018 ليبلغ 1.728 تريليون درهم بنهاية سبتمبر الماضي مقارنة مع 1.628 تريليون درهم تقريباً بنهاية ديسمبر 2017، الأمر الذي يشكل عبئاً على البنوك في حال عدم استثمار السيولة الكبيرة المتوفرة لديها.
ونتيجة لارتفاع تكلفة الودائع على القطاع المصرفي بالدولة خلال العام 2018، نتيجة ارتفاع سعر الفائدة على الودائع بالدرهم الإماراتي تبعاً لارتفاع سعر الفائدة على الدولار الأميركي خلال الفترة ذاتها، فإن هذا العامل يعتبر محفزاً أو دافعاً للبنوك لتوظيف الجزء الأكبر من هذه الودائع، عبر زيادة نمو الائتمان المصرفي وضمن ذلك زيادة القروض الشخصية.
وأكد عمرو المنهالي، رئيس الصيرفة الإسلامية في بنك أبوظبي التجاري، أن الاقتصاد الوطني الإماراتي يبدو الآن على أعتاب مرحلة انتعاش جديدة، وفقاً لمؤشرات القطاع المصرفي بالدولة، والمؤشرات الصادرة عن الجهات الرسمية، التي عدلت مستويات النمو الاقتصادي المتوقع إلى أكثر من 4% للمرحلة المقبلة، لافتاً إلى أن هذه المؤشرات والتوقعات الإيجابية تقلل من مخاطر التمويل والإقراض للقطاع الخاص عامة، ولقطاع الأفراد أيضاً، الأمر الذي يدفع البنوك للتوسع في هذا القطاع.
وأوضح المنهالي أن قطاع الأفراد كان قد سجل تراجعاً خلال عام 2017 على المستوى الكلي للإقراض في السوق المصرفي بالدولة، لكن في عام 2018 بدأ تزايد الاهتمام بهذا القطاع من معظم البنوك العاملة بالدولة.
وقال: إن الكثير من البنوك بدأت بتحديث منتجاتها الموجهة لقطاع الأفراد، ومنها بنك أبوظبي التجاري الذي طرح العديد من المنتجات المالية المبتكرة والخدمات المصرفية المتميزة لخدمة مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة تحت اسم «إماراتي».
وانطلاقاً من التزامه الراسخ تجاه المجتمع الإماراتي وأجيال شباب المستقبل على وجه الخصوص، أطلق البنك باقة «إماراتي» ترجمة حقيقية لقيمهم وطموحاتهم ومتطلباتهم المالية.
وأضاف المنهالي: أن مؤشرات القطاع المصرفي لاسيما ارتفاع مستويات الودائع التي زادت تكلفتها أيضاً في ظل ارتفاع سعر «الإيبور»، تدفع البنوك للتوسع بالإقراض لكثير من القطاعات، ومنها قطاع الأفراد، وطرح مزيد من المنتجات، لاسيما بطاقات الائتمان وغيرها من المنتجات التي تحقق عائداً مجدياً للمساهمين، لاسيما في ظل مؤشرات الانتعاش المدفوعة أيضاً بالكثير من المبادرات والحوافز الحكومية لزيادة الإنفاق وتشجيع الشركات والأفراد على الاستثمار. وتوقع المنهالي أن ينمو الائتمان الإجمالي الممنوح لقطاع الأفراد في السوق المحلي الإماراتي لدى القطاع المصرفي بنسبة قد تصل إلى 3%، بعد أن كان سجل انحساراً في عام 2017.
من جهته، قال فيليب كينغ، الرئيس العالمي للخدمات المصرفية للأفراد، إن مصرف أبوظبي الإسلامي استطاع تحقيق توسّع على مستوى مختلف قطاعات أعماله. وخلال الربع الثالث من العام 2018، شهد المصرف ارتفاع صافي أصول تمويل العملاء بنسبة 2.1% إلى 78.4 مليار درهم، مقارنة مع 76.8 مليار درهم في نهاية 30 سبتمبر 2017، وهذا يعكس النجاح المستمر لاستراتيجية النمو في المصرف وقدرتنا على التكيّف مع البيئة التنافسية التي نعمل فيها، والتزامنا المستمر بتقديم أفضل تجربة لعملائنا، كما هو واضح في خدمتنا اليوم لأكثر من مليون عميل.
وأضاف: كما يعكس هذا النمو في التمويلات تحسن الظروف الاقتصادية في دولة الإمارات، فاستثمار الحكومة المستمر في تنويع الاقتصاد الوطني سرع من العجلة الاقتصادية ووفر فرصاً للقطاع المصرفي لتطوير قطاعات أعماله ونمو محفظته التمويلية.
وقال: على الرغم من قوة المنافسة في السوق المصرفي الذي نعمل فيه، فإننا على قناعة بأن مصرف أبوظبي الإسلامي يتمتع بوضع جيد للاستفادة من مسيرة التنمية والتنويع الاقتصادي المستمرة في دولة الإمارات، بجانب مواصلة توفير أفضل المنتجات والخدمات لعملائنا، مستفيدين من قوة مركزنا المالي وجهودنا الحثيثة على صعيد الابتكار، ولدينا اليوم العديد من المبادرات قيد التنفيذ، حيث نسعى للاستفادة من تحسن الظروف الاقتصادية والتي من المرجح أن تتحسن أكثر في عام 2019. وأضاف أنه من المتوقع أن يستمر النمو في محفظة تمويل الأفراد وذلك لزيادة ثقة المصارف في الوضع الاقتصادي الراهن، والمصرف سيواصل الحرص على مواءمة تمويلاته الجديدة مع العوائد المرتبطة بالمخاطر، وبما يدعم أهدافنا طويلة الأجل فيما يتعلق بتحقيق أفضل عوائد ممكنة على حقوق المساهمين.
وكان مصرف أبوظبي الإسلامي قد قام مؤخراً بتعزيز رأس ماله عبر طرح حقوق الأولوية للمساهمين بقيمة مليار درهم عن طريق إصدار 464 مليون سهم جديد.
وجاء هذا الطرح بالتزامن مع إصداره لصكوك الشق الأول من رأس المال بقيمة 750 مليون دولار، مما أدى إلى تعزيز هيكل رأسمال المصرف، ومكن المصرف من متابعة فرص النمو بما يتماشى مع التحسن المتوقع للظروف الاقتصادية.