20 نوفمبر 2010 20:28
خلق المولى عز وجعل الإنسان وجعل له قنوات الإدراك (الحواس الخمس) التي يتلقى منها المعلومات التي تدخل الدماغ فيحدث لها ترميز ثم تخزين، وهناك حواس تعمل في وقت اليقظة والوعي، وهناك حواس تعمل على مدار الساعة مثل حاسة السمع، فجهاز السمع يعمل حتى وإن كان الإنسان نائماً ولذا نجد الإنسان يستيقظ متى ما سمع صوتاً مرتفعاً أزعج منامه. وعندما أراد الله لأهل الكهف النوم العميق قال: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا)(الكهف:11).
وهذه قصة اكتبها ليفطن لأهميتها كل أم وأب وولي أمر، حيث تحمل معنىً حقيقياً لأثر الكلمات التي يطلقها الوالدان حتى وإن كانت بحسن نية فتأتي بأثر مغاير بناء على أثرها اللا واعي في الطفل؛ وإحدى مسببات قوة أثرها تكون في طريقة التعبير بصورة غير صحيحة وفي وقت غير مناسب. فالعقل الباطن يعمل على تخزين الصور والأصوات والمؤثرات الخارجية ويؤثر فيها على الإنسان طوال حياته ما لم يقم هو بعد ذلك بإعادة تلك البرمجة بما يحقق له الخير. تقول القصة إن فتاة كانت تقول عن نفسها: إنّها سيئة الحظ مع الرّجال. فقد أصبحت تعتقد بأن لا أحد من الرجال يحب أن يتطلع إلى شكلها ووجهها، وأنها لا تجد قبولاً في أعين الرجال على الإطلاق. وأخذت تتهم إحدى قريباتها بأن ذلك كله بسبب سحر فعلته لها ضدها. وبالتالي لا يتقدم أحد لخطبتها. ذهبت تلك الشابة إلى طبيب نفساني بإقناع شديد من صديقاتها. وبعد جلستين من جلسات التحليل النفسي في تاريخ حياة الشابة، كشف الطبيب النفسي النقاب عن جذور المشكلة الحقيقية، وهي أن هذه الفتاة كانت نائمة في إحدى الليالي خلال طفولتها. وكان والداها يتحدثان معاً بالقرب منها. وهما يعتقدان أنها تغط في نوم عميق. كان الحديث الدائر بينهما حول مقارنة بينها وبين أختها. وضمن ما قاله الأب لزوجته، هو أن ابنته هذه دميمة الخلق، ولا يعرف كيف ستتزوج في يوم من الأيام. ولذا يجب عليهما أن يستمرا في تعليمها حتى تنفع نفسها؛ لأنها ستظل طوال حياتها عانساً. ترسخ حديث الأبوين في اللاشعور للفتاة التي اقتنعت بأنها غير مرغوبة لدى الرجال، ولذلك فإنها كانت تتجنبهم وتسيء إليهم مما نفّرهم منها.
عزيزي القارئ كن على حذر في كلامك مع الأبناء وانتق من الكلمات والعبارات التي تريد بها تعزيز شخصيتهم وتطويرهم وبناء الثقة لديهم، وتحفيزهم للتقدم والتحسن والتحلي بالأخلاق الحسنة، ولا تظن أن انفعالاتك قد تأتي بنتيجة جيدة، وتقيس ذلك بما فعله أبواك معك عندما كنت صغيرا، فلكل جيل طريقته الخاصة في التربية والتنشئة. فلا تكن أحد أقوى الأسباب في ضعف شخصية الأبناء وكن أنت الباني الحقيقي لهم ولنفسياتهم.
د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com