إبراهيم سليم (أبوظبي)
رحب وزراء ومفتون وعلماء الأديان والمفكرون المشاركون في مؤتمر «حلف الفضول: فرصة للسلم العالمي» ، الذي ينظمه منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في ختام أعماله بزيارة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان لدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال فبراير المقبل، للمشاركة في مؤتمر الإخوة الإنسانية، مثمنين الدور الريادي لدولة الإمارات في تعزيز السلم العالمي، وسعيها الدائم في التقريب بين أصحاب الديانات السماوية وطرح القضايا التي من شأنها ضمان العيش المشترك بين أبناء العائلة الإبراهيمية.. التي تمثل تتويجاً لجهود دولة الإمارات في نشر التسامح والاعتدال ونشر السلام في العالم. منوهين بتكامل الجهود التي يقوم بها البابا فرانسيس في مجال الضيافة والجوار.
وتعتبر الزيارة المرتقبة لدولة الإمارات من قبل رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، زيارة تاريخية والأولى التي يقوم بها بابا الفاتيكان إلى دولة خليجية، وتعكس تصدر الإمارات لدول العالم في مجال السلم والتعاون بين المكون البشري.
زيارة تاريخية
ورحب الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري بزيارة البابا فرانسيس إلى الإمارات، مؤكداً السعي دائماً للتواصل الحضاري وترسيخ أسس الحوار الحضاري بين البشر، والعمل على ترسيخ ثقافة السلام والعيش الإنساني المشترك.
ولفت إلى أنها زيارة تاريخية تعزز قيم الحوار بين الأديان والثقافات، مؤكداً احتياج العالم إلى السلام والحوار أكثر من أي وقت مضى، فالزيارة تعد رسالة للعالم بأن الأديان كلها رحمة وسلام ويجب العمل لتخليص العالم من كل قوى الشر والظلام والهدم والتخريب.
وأشار إلى أهمية الحوار الحضاري، والمشتركات الإنسانية التي تجتمع على القيم ومكارم الأخلاق، وإعلاء قيمة العمل، وترسيخ أسس العيش المشترك، وتحقيق السلام للناس جميعاً وحفظ الدماء والأعراض.
ثقافة الحوار
وقال فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي مصر: «سعي المؤسسات في دولة الإمارات الشقيقة وعملها من أجل دعم ثقافة الحوار لَحَرِيٌّ بأن يقدِّم نموذجاً من الحوار نخرج به من الغرف المغلقة لنبني جسور التفاهم بين الشعوب وأتباع الأديان، وإنَّ رجاءنا موصول بأن لا يظل حبيس الجدران في القاعات والمؤتمرات، وأن يساعد الحوارُ عامةَ الناس في كشف الغموض الذي يصيب المفاهيم والمبادئ الدينية، وفي فهم الحكمة الإلهية من التنوع الديني في مواجهة دعاة الشر في العالم»، مؤكداً أنه لا ينبغي أن يغيبَ عن الأذهان أننا مسؤولون مسؤوليةً كاملة عن تأمين مستقبل مشرق بالأمل للأجيال الجديدة التي لم يكن لها ذنب في النزاعات والحروب التي شهدتها البشرية في السابق، ومسؤوليتنا أن نهيئ لهذه الأجيال الجديدة الفرصةَ لبناء مستقبل ينعم فيه الجميع بالأمن والسلام والاستقرار.
كما أكد مفتي مصر أن الأديان جميعها تدعو إلى الحوار والتقارب والعيش المشترك مع ضمان حرية الاعتقاد؛ لأن العيش في الكون يحتاج لوجود أرضية مشتركة وتقارب وتعارف بين الناس جميعاً باختلاف معتقداتهم من أجل تحقيق الغرض الأسمى وهو عمارة الأرض.
زيارة تعزز السلام
من جانبه رحب فضيلة الشيخ محمد أحمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية بزيارة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان للإمارات، مشيراً إلى زيارته لفلسطين وبيت لحم، وأعرب فضيلته عن اعتقاده بأن الزيارة مهمة.. وتأتي في وقت مهم، خاصة أنه قيادة دينية مهمة ويرأس أكثر من مليار ونصف المليار نسمة، وأن زيارته للإمارات تعزز مسيرة السلام العالمي، وخاصة أن هذا البابا يؤمن برسالة السلام والعدالة بين بني الإنسان.
وقال سماحته: « ليس بمستغرب زيارته إلى الإمارات العربية المتحدة التي تعمل على نشر ثقافة السلام والتسامح، وخاصة أنها تحتضن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وتدعمه لإيصال رسالة السلام إلى العالم وتحتضن فعاليات تجمع كافة الأديان والمعتقدات، مؤكداً أهمية الزيارة وما تحمله من مضامين.
ريادة الإمارات
وأكد الدكتور محمد البشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة أن زيارة البابا لدولة الإمارات، كأول زيارة لقداسته لدولة خليجية تعتبر حدثاً عالمياً يسجله العقلاء ودعاة السلام بحبر من ذهب، وذلك ليس بغريب على دولة الإمارات ورائدة المبادرات التي تعمل على نشر ثقافة السلام والتسامح وتعزيزها في أوساط المسلمين في المجتمعات المسلمة، ودولة الإمارات أقيمت من خلال السياسة الرشيدة للأب المؤسس حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، وبإدارته للتنوع الثقافي والتعددية الدينية التي يميزها عن الكثير من الدول.
وقال إن هذه الزيارة ستكون إن شاء الله مدخل خير من أجل إرساء قواعد التعاون الدولي من أجل تحقيق سعادة الإنسان وعن تجسير الهوة المفتعلة بين المنظومتين الإسلامية والغربية وإبراز دور الأديان السماوية، خاصة الإسلامية والمسيحية وقدرتها على التعايش، بل الاصطفاف والتخندق في مواجهة تيارات العنف الديني والظلامية والشعوبية السياسية.
وقال: «نحن في المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة نثمن بارتياح كبير مبادرات قيادة الإمارات لزيارة البابا وسننفذ في مؤسساتنا التوصيات والتوجهات الناتجة عن هذه الزيارة الكريمة.
بوابة السلام
من جانبها أكدت منال عمر مدير منظمة عبور الخطوط الحمراء ومقرها واشنطن، أن هذه الزيارة مهمة جداً وهذا البابا له صوت مهم في باب العدالة والسلام ويأتي الإمارات المعروفة أنها بوابة السلام الأولى في المنطقة وفي العالم.
وتكشف هذه الزيارة عن حقيقة عدم وجود نزاع بين الأديان وأن الأديان داعمة للسلام.
وأكدت أن الزيارة تثبت أن رجال الدين يعززون السلم والاستقرار والتعايش بين الجميع، في حين أن البعض يتخذ الأديان لتحقيق أهداف أو أجندة سياسية تخصه مستغلاً الحديث باسم الدين، أما رجال الدين الحقيقيون، فهم يستخدمون الأديان لإقرار السلام، وأتمنى أن أشارك في المؤتمر.
من جانبه أكد عز الدين عناية الأستاذ بجامعة روما في إيطاليا أن البابا فرانسيس يعد من أكثر البابوات تسامحاً مع الآخرين وقرباً من العالم الثالث، ويولي عناية كبيرة إلى المهاجرين وإلى الفقراء في العالم وينشد السلام والتعايش بين كافة البشر، وتعد زيارته للإمارات زيارة مهمة كأول دولة خليجية يزورها بابا.
وحدد عناية أبعاد الزيارة كونها تؤكد التقارب بين المسلمين والمسيحيين، لا سيما في ظل التوترات التي مر بها العالم العربي في أعقاب التحولات التي شهدتها الدول العربية، وانتشرت موجات الهجرة للغرب والظروف الأمنية.
وأشار إلى أن البابا معني أخلاقياً وإنسانياً على تدعيم إيجاد حلول سلمية بشكل عام وحل مشكلات المهاجرين، وزار مقراتهم في إيطاليا وقبل قدم رجلين من المهاجرين، ويعلن في كل درس أسبوعي ضرورة العناية بالمهاجرين وتقديم العون لهم، دون نظر إلى لونهم أو عقيدتهم.
كما أن له موقف مهم من الروهينجا وأنهم مظلومون، ودعا إلى التهدئة في تلك البلدان، ويحث دائماً على إيجاد حل لهذه المشكلة.
واعتبر أن الزيارة إيجابية ورص الصفوف بين العالمين العربي والإسلامي، وقال إن الإمارات صارت في صدارة المؤثرين في الحياة السياسية العربية على المستويين الثقافي والاجتماعي، وعلى المستوى العالمي أيضاً، كما معروف، وهو ما قد يكون سبباً رئيسياً في زيارته للإمارات، وقد يكون اختياره للإمارات أنها حاضنة لجميع الديانات، وهي العوامل التي تجعلها في مقدمة الدول المرغوبة من أصحاب كافة الديانات، حيث تتعامل بسلمية مع الأديان الأخرى وتقبل الأديان الأخرى وأنها تمثل النموذج الأمثل للعيش المشترك.
بعد تاريخي
ومن جانبه قال د. يوسف حميتو مدير إدارة البحث بمركز الموطأ: « تأتي زيارة البابا فرانسيس لدولة الإمارات العربية المتحدة لتؤكد المكانة التي أصبحت دولة الإمارات بفضل سياستها الرشيدة في تعزيز السلام بين العائلة الإنسانية والكونية، وتثبت نجاعة اختياراتها على الساحتين العربية والعالمية».
وأضاف: « ولا تخفى ما لهذه الزيارة من أهمية بسبب كون دولة الإمارات أول دولة خليجية يزورها بابا الفاتيكان، وهي مناسبة لكي يقف البابا فرانسيس على جهود دولة الإمارات في دعم التعاون بين الأديان وخلق فضاء إنساني تذوب فيه الفوارق وتترسخ فيه المشتركات والقيم، ويتعرف البابا إلى المؤسسات التي تحتضنها الدولة والتي تعنى بخطاب السلام والمحبة والوئام وسلام الأوطان والإنسان وعلى رأسها منتدى تعزيز السلم الذي يرأسه معالي العلامة عبدالله بن بيه».
ومن جانبه أكد د. محمد السنوسي المدير التنفيذي لشبكة صناعة السلام من الدينيين والتقليديين والتي مقرها واشنطن العاصمة.. وعضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم أن هذه الزيارة لدولة الإمارات لها بعد تاريخي، وهذا البعد يتمثل في أن قداسة البابا يزور لأول مرة دولة خليجية عربية إسلامية.
وأشار إلى أن زيارة البابا تعد إشادة بجهود الإمارات في دعم التعايش بين أتباع الديانات، موضحاً أن زيارة البابا تقول للإمارات إننا ندعم هذا المسار الذي تنتهجونه المتمثل في إبراز قيم التعايش بين أتباع الديانات في الإمارات بلد التسامح، وهذه زيارة تاريخية ورمزية وتعزز الدور الذي تقوم به الإمارات.
ولفت إلى أن البعد الثاني للزيارة يتمثل في أن البابا معروف مناصرته للفقراء والمهجرين والضعفاء والنساء والأطفال، وهي زيارة تعكس أن الإمارات تمد يدها له والتعاون معه لمساعدة تلك الفئات.
جهود تاريخية
قال مصطفى إبراهيم سيرتش، مفتي البوسنة الأسبق رئيس علماء البلقان إن زيارة البابا للإمارات مهمة وتاريخية ووقتية، أكثر مما نستطيع أن نتصوره الآن، ويفتح الأبواب ويعزز التواصل بين الشرق والغرب، والمسيحية والإسلام بصفة خاصة هو طريق إلى الأمن والسلام العالمي. وأشار إلى أن ما تفعله الإمارات بمنتدى السلم وهذه النشاطات يعد فرض كفاية عن الأمة الإسلامية والعربية، وأن العالم يدرك مدى ما تقوم به الإمارات من جهود فعّالة في تعزيز السلم ونشر المحبة بين بني الإسلام، كما أنها تعد من الدول الأكثر تسامحاً وقبولاً للآخر.
ولفت إلى أن هذه الزيارة تضيف إلى ما تقوم به الإمارات من جهد تاريخي في العمل من أجل السلام بين شعوب العالم، وخاصة أنها تحتضن أكثر من 200 جنسية، ويتعايش أصحاب الديانات داخل دولة الإمارات دون إحساس بوجود تفرقة بين ديانة وأخرى، ولا شك أن زيارة بابا الفاتيكان للإمارات تعد شهادة من رأس الكنيسة وتقديراً لجهود دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة.
الإمارات في الصدارة
قال عبدالفتاح الشيخ من علماء الأزهر الشريف إن دولة الإمارات تتصدر الدول الراعية للسلام والوئام بين الشعوب، وهذه الزيارة تأكيداً لما تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة من جهود نحو تعزيز السلم العالمي.
لافتاً إلى أن كافة الأديان تدعو إلى المحبة والسلام واحترام الآخر، وعدم هضم حقوقه، وحمايته من أي اعتداء، وكافة العلماء ورجال الدين يدعون إلى السلم والتعاون بين بني الإنسان، ومن يفعل غير ذلك لا يعلم عن أمور دينه شيئاً أياً كان معتقده، فكل الأنبياء والرسل أرسلوا بدعوة السلام والمحبة.
اقرأ أيضاً... "تعزيز السلم": الإمارات دار التسامح والسلام