21 أغسطس 2011 23:39
محمود عبد العظيم (القاهرة) - بدأ البنك المركزي المصري بالتعاون مع عدد من البنوك العامة والاستثمارية تنفيذ خطة للتوسع في منح القروض الشخصية لتشجيع الاستهلاك وكسر ركود الأسواق. وتتمحور الخطة حول تخفيف قيود منح القروض الشخصية والتوسع في طرح أنواع جديدة من الخدمات المصرفية للأفراد لمواجهة تباطؤ النمو وتراجع مبيعات التجزئة لدى الشركات الكبرى.
ورغم أن معدل التضخم وارتفاع أسعار معظم السلع خاصة الغذائية ومواد البناء لعب دوراً في خلق حالة الركود نتيجة تراجع القدرات الشرائية للمستهلكين، فإن إحجام البنوك عن تقديم قروض شخصية منذ ثورة 25 يناير ووضعها شرائح من العملاء، خصوصاً موظفي الشركات في قائمة المحظور منحهم تمويلاً شخصياً أدى إلى اتساع الركود ليشمل معظم الأنشطة الرئيسية. وقد تراجعت مبيعات السيارات 60% والوحدات السكنية بالتقسيط 15و20% خلال النصف الأول من العام الجاري والأجهزة المنزلية والسلع الاستهلاكية 7%.
ويرغب البنك المركزي المصري في تحريك السوق بتشجيع الاستهلاك وتوفير التمويل عبر الوحدات المصرفية المختلفة كخطوة أولى لعودة الجهاز المصرفي لتمويل الشركات. وتشير قيادات مصرفية إلى أن توفير التمويل لتصريف منتجات الشركات الكبرى يساعدها على استعادة أوضاعها في السوق وتصبح مؤهلة لتلقي تمويل جديد من البنوك سواء للتوسع أو لتمويل أنشطتها التشغيلية ومن ثم إعادة تحريك النشاط الاقتصادي اعتمادا على المدخرات المحلية بدلا من انتظار استثمارات أجنبية وهو الأمر الذي بات مشكوكا فيه في ظل عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بالبلاد.
وتقود بنوك عامة في مقدمتها الأهلي المصري والقاهرة تنفيذ خطة المركزي لتنشيط سوق القروض الشخصية حيث أنتهى البنك الأهلي من رصد ملياري جنيه لإضافتها لمحفظة التجزئة التي تجاوزت 14 مليار جنيه ويسعى لضخ المبلغ في السوق خلال الشهور الستة المقبلة.
وبدأ بنك القاهرة التوسع التدريجي في منح القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بعد أن تلقى 200 مليون دولار من حزمة المساعدات الاقتصادية السعودية لمصر والتوسع في القروض الشخصية التي أضاف إليها ثلاثة منتجات جديدة تشمل قروضاً لسداد رسوم التعليم وقروضاً لتمويل السفر وأخرى للعلاج خارج البلاد.
ورصد بنك القاهرة مليار جنيه لتنفيذ خطته في هذا المجال بينما نشطت بنوك استثمارية وفروع لبنوك أجنبية للحصول على حصة مناسبة من هذه القروض وفي مقدمة هذه البنوك “بي ان بي باربيا” الفرنسي الذي رصد 200 مليون جنيه لتمويل القروض الشخصية و”كريدي اجريكول” الفرنسي الذي يستعد لإطلاق أنواع جديدة من منتجات التمويل الشخصي بينما يسعى بنك “باركليز” إلى مضاعفة حجم محفظته في هذا المجال وتشمل القائمة أيضاً “الأهلي سوسيتيه جنرال” و”عودة” اللبناني وبنك “أبوظبي الإسلامي ـ الوطني للتنمية” الذي بدأ طرح قروض شخصية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وبنك الاسكندرية الذي تلقى الضوء الأخضر من المجموعة الايطالية المالكة “انتساسان باولو” للدخول في هذه القروض.
وقال خبراء مصرفيون إن البنوك المهتمة بتنفيذ هذه الخطة ترصد أكثر من عشرة مليارات جنيه للتوسع في هذا المجال لتحقيق الانتعاش للأسواق خلال أسابيع مع نشاط إدارات التجزئة بالبنوك المشاركة في الخطة للوصول إلى العملاء المستهدفين عبر حملات تسويقية تختار الشرائح ذات الملاءة المالية الكبيرة والقادرة على السداد تجنبا لظهور حالات تعثر بعد ضخ القروض لاسيما ظل ارتباك الأوضاع المالية لمعظم عملاء البنوك في هذه الفترة.
وأضاف الخبراء أن توفر بنية تحتية معلوماتية في السوق خاصة فيما يتعلق ببيانات التوقف عن السداد والاستعلام الائتماني سوف يسهم في سرعة تنفيذ الخطة حيث تسهم هذه الآليات في تنقية قوائم العملاء الراغبين في الحصول على قروض شخصية وإيضاح تاريخهم الائتماني مع البنوك وقدرتهم على السداد.
ويشير الخبراء إلى أن المنتجات الجديدة التي ستقدمها البنوك لاسيما القروض التعليمية وقروض للعلاج والسفر سوف تسهم في اجتذاب شرائح جديدة من العملاء في مجال التمويل الشخصي مما يؤدي إلى توسيع نطاق السوق وظهور كيانات اقتصادية أخرى تخدم هذا النشاط وفي مقدمتها شركات التحصيل وخدمات “الفوترة” وشركات نقاط البيع الإلكتروني والسداد الآلي وغيرها من الخدمات المرتبطة بهذا النشاط.
ويتوقع الخبراء أن يشهد بيزنس القروض الشخصية في مصر نموا كبيرا في المرحلة القادمة استنادا إلى هذه الخطة نظرا لتعطش السوق لمثل هذا النوع من التمويل مع اتساع التغطية التي يقدمها للعملاء وتشمل مجالات جديدة لم تكن تتم تغطيتها في السابق حيث كانت القروض الشخصية تقتصر على تمويل شراء المساكن والسيارات.
ويؤكد باسل رحمي، رئيس قطاع التجزئة المصرفية في بنك الأسكندرية، أن تنشيط سوق الاستهلاك في مصر اصبح ضروريا بعد أن وصل الركود إلى مستوى غير مسبوق وباتت الشركات الإنتاجية تعاني عدم قدرتها على تصريف منتجاتها وتواجه صعوبات في سداد التزاماتها تجاه البنوك مما يترتب عليه ظهور حالات جديدة من التعثر المصرفي.
وقال إن هذه الخطوة تساعد الشركات على الصمود في هذه الفترة الحرجة وتساعد الأفراد في الحصول على احتياجاتهم من دون انتظار لتكوين مدخرات كافية مما يؤدي إلى إنعاش الاستهلاك ودوران عجلة الاقتصاد. ويضيف رحمي أن البنوك ستحقق فوائد من هذه الخطة تتمثل في توظيف جانب من السيولة المتاحة لديها والتي كسرت حاجز التريليون جنيه بما يرفع معدلات التوظيف مقارنة بقاعدة الإيداعات مما يعني تحسين أوضاع الربحية بها في ظروف سوق صعبة والمهم في هذه الفترة تحديد أسعار فائدة مقبولة على القروض الشخصية حتى لا يتم إرهاق العملاء وتحميلهم أعباء كبيرة لأن الهدف ليس إتاحة قروض فقط ثم تترك العميل للتعثر بل الهدف هو تنشيط السوق ودفع الاستهلاك ومساعدة العميل على سداد التزاماته حتى يستطيع عميل جديد أن يحصل على هذه القروض.
ويؤكد خالد الجبالي، العضو المنتدب لبنك “باركليز مصر”، أن السوق المصرية والمواطن المصري في حاجة إلى توسيع القروض الشخصية لأنها محرك النمو في معظم بلدان العالم.وأضاف أن هذا النوع من التمويل الشخصي يصبح مفيداً وضرورياً في البلدان التي تنخفض فيها معدلات الادخار المحلي ولديها عدد كبير من السكان ففي ظل انخفاض المدخرات المحلية يصبح التمويل البنكي لتنشيط الاستهلاك ضروريا.ً وقال الجبالي إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاقتصاد المصري تتطلب معالجات استثنائية ويجب على الجهاز المصرفي منح القروض الشخصية عبر آليات استثنائية ومنها خفض أسعار الفائدة وإتاحة أجال مناسبة للسداد ومتابعة تحصيل الأقساط بصورة دقيقة والاستعلام الجيد عن العملاء وتخفيف الضمانات وإلغاء بعض الرسوم التي يجري تحصيلها تحت مسميات مختلفة.