الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد خليفة المبارك لـ "الاتحاد": قصر الحصن ملحمة للحكمة والعزيمة تمتد من الأجداد إلى الأحفاد

محمد خليفة المبارك لـ "الاتحاد": قصر الحصن ملحمة للحكمة والعزيمة تمتد من الأجداد إلى الأحفاد
4 ديسمبر 2018 00:58

أجرت الحوار: فاطمة عطفة

كشف معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، في حوار شامل أجرته معه «الاتحاد»، عشية افتتاح منطقة الحصن الثقافية الجديدة في أبوظبي، عن أهم الملامح الفنية والعمرانية التي اقتضتها خطة ترميم القصر التاريخي. وقال: «إن الفرق المعمارية التابعة للدائرة أجرت دراسات مستفيضة، تناولت المواد التقليدية التي استخدمت في بناء القصر، وأعادت استخدام المواد نفسها، خصوصاً أشجار القرم، وكذلك الشعاب المرجانية، للحفاظ على العبق التاريخي الخاص بهذا البناء الفريد».
وكشف المبارك «إن الدائرة ستباشر قريباً بالأعمال الإنشائية لمتحف زايد الوطني، وإنها باتت في المراحل النهائية لتصميم متحف جوجنهايم أبوظبي مع مصمم المتحف فرانك جيري».
وشرح المبارك المبادرات الثقافية العديدة التي تشرف عليها الدائرة، مبيناً أن هناك خططاً عديدة خاصة بتطوير العديد من القطاعات في المستقبل. كما سلّط الضوء على الحيوية التي يتمتع بها القطاع السياحي في أبوظبي.
وهنا نص الحوار الشامل مع محمد خليفة المبارك:

سردية تاريخية
* تستعد أبوظبي ومعها الإمارات عموماً لافتتاح منطقة الحصن الثقافية الجديدة في السابع من ديسمبر، وهي تشمل أربعة معالم مهمة، بينها قصر الحصن التاريخي. كيف تنظرون إلى الإضافة التي يمثلها هذا الحدث بالنسبة للعاصمة وللحراك الثقافي في الإمارات عموماً؟
** يشكل افتتاح منطقة الحصن لحظة فارقة في تاريخ الإمارات المعاصر لما يحمله هذا الموقع من رمزية كبيرة في ذاكرة الناس، وكذلك للدور الجديد الذي سيلعبه في الفترة المقبلة. ففي الوقت الذي يحكي فيه «قصر الحصن» تاريخ أبوظبي العريق ومراحل تطورها على امتداد 250 عاماً، فهو أيضاً يقدّم قراءةً عميقة للنسيج الإنساني والاجتماعي والعمراني في المدينة، مسلطاً الضوء على قصص القادة والرجال والنساء والأطفال الذين اتخذوا منه مسكناً ومقراً للحكم، وذلك في سياق متحفي بانورامي غامر. هنالك سحر خاص لتلك الحكاية التي يجوز وصفها بملحمة الحكمة والعزيمة التي سطرّها آباؤنا وأجدادنا منذ اللحظة التي بنوا فيها «الحصن» للذود عن الحمى في القرن الثامن عشر، ليتحوّل بعدها إلى مقر الأسرة الحاكمة ونبراسٍ لوحدة القبائل على يد الشيخ زايد الأول (رحمه الله) في القرن التاسع عشر.
ويحافظ «الحصن» على مركزيته في تاريخ أبوظبي، حين يقف شاهداً شامخاً على فصل جديد من تاريخ أبوظبي مع الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي شهد حكمه انطلاق حقبة اقتصادية جديدة عززت الثقة بالمنطقة، وهي المرحلة التي تم فيها بناء القصر الخارجي حول الحصن. ثم استمرت فصول الملحمة مع منجزات جديدة أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي حوّل قصر الحصن إلى خلية عمل لاستكمال خطط البناء والعمران في أبوظبي، ونقطة مركزية لمباحثات إقامة اتحاد دولة الإمارات من المجلس الوطني الاستشاري؛ مدركاً في الوقت نفسه، أهمية الموروث الثقافي والحضاري الذي يختزله قصر الحصن، وضرورة الحفاظ على ذلك الماضي العريق بالتوازي مع بناء المستقبل، فأوعز حينها بأولى عمليات الترميم والتجديد لقصر الحصن، لتترافق أيضاً مع قرار تاريخي بإنشاء أول مركز ثقافي متكامل في دولة الإمارات الفتية إيماناً منه بالدور الذي تلعبه الثقافة في تكوين المجتمعات المزدهرة، فكان «المجمع الثقافي» إلى جوار قصر الحصن في عام 1981.
ولا يمكن اختصار أهمية منطقة الحصن في هذه العجالة، ولكنني أوّد التشديد على أن افتتاحها للجمهور في السابع من ديسمبر سيشكل نقلة نوعية في مفهوم التخطيط الثقافي، وسيسلط الضوء على الدور الذي تلعبه الثقافة المعاصرة حين تقف جنباً إلى جنب مع الإرث الثقافي التاريخي في حوار بين الماضي والحاضر نحو رسم ملامح المستقبل. سيعود «المجمع الثقافي» إلى سابق عهده مع برمجة نوعية، تشمل مختلف مجالات الفنون البصرية والأدائية، وسيقدّم للإمارات أول مكتبّة مكرّسة للطفل، فيما يرسّخ قصر الحصن بمعارضه الدائمة هوية أبوظبي وأصالتها، بينما يعمل «بيت الحرفيين» الذي تم استحداثه في الموقع، على تعزيز جهود الحفاظ على التراث المعنوي والحرف اليدوية في الدولة والترويج لها، وبهذا تكون منطقة الحصن القلب النابض لأبوظبي، ونقطة إشعاع حضاري في المنطقة بأسرها.

مراحل الترميم
* كنتم قد أعلنتم عن خطة تطوير قصر الحصن منذ فترة طويلة نسبياً، فلماذا استغرق هذا المشروع كل هذه المدة؟ وما أبرز ملامح عملية الترميم من الناحية المعمارية سواء داخل القصر أو في محيطه؟
** نحرص في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي على اتباع أعلى المعايير العالمية وأحدثها في مجال التنقيب عن الآثار وعمليات الترميم والحفظ. وفي هذا الإطار، فقد يبدو للعيان أن طواقمنا قد استغرقت وقتاً طويلاً لإنجاز مهمتها في ترميم هذه الصرح التاريخي، ولكنّ واقع الأمر يقضي بأن نجري عمليات مكثّفة من البحث والتدقيق في كل تفصيل من تفاصيل قصر الحصن، فيما يشبه عملاً جراحياً حساساً، فقد حرصت فرق العمارة والآثار في الدائرة على اتباع نهج ترميم دقيق، نظراً للإضافات التي تم إدخالها على المبنى خلال المراحل التاريخية المختلفة، وذلك للحفاظ على خصوصية العمارة ومميزاته التراثية ومكوناته الأساسية؛ أي «قصر الحصن» ومقر «المجلس الاستشاري الوطني» ومبنى «المجمع الثقافي». كما روعي في عمليات الإصلاح والترميم وإعادة التطوير التي شهدتها منطقة «الحصن» الإبقاء على العبق التاريخي الذي يتسلل من المباني المنفردة، كما وضعت تلك العمليات إطار عمل يمكن الاسترشاد به في المستقبل، لعمليات الصيانة والحفظ.
واقتضت خطة الترميم أن يتم استخدام المواد والأساليب التقليدية عند صون وحفظ المباني التاريخية، كما فرضت تنفيذ اللمسات الإضافية ضمن إطار معماري عصري تُستخدَم فيه المواد التقليدية ذاتها، ما يعكس التباين والاستمرارية معاً. وتشمل المواد المُستخدَمة في المشروع خشب أشجار القرم الموجودة في المنطقة، والذي عُرف على مر التاريخ بقيمته كمصدر غني للوقود ومواد البناء. فهذا الخشب المتين مثالي لبناء الهياكل بفضل خصائصه الطبيعية المقاوِمة للتسوس والنمل الأبيض. وقد تم تحديد اتساع غرف «قصر الحصن» وفقاً للطول الذي يمكن أن تبلغه أشجار القرم؛ حيث تشكِّل كل عارضة خشبية من خشب القرم قطعة بناء منفصلة. ومن المواد الأخرى التي استُخدمت بكثرة في بناء الجدران والهياكل، الشعاب المرجانية المجففة والأحجار البحرية. إن إعادة توظيف هذه المواد الأولية ومعالجتها لاستخدامات معاصرة تمر بمراحل متعددة لضمان متانتها وتحمّلها للظروف البيئية المستجدة في المدن العصرية، وكذلك ضمان استدامتها.

 

محمد خليفة المباركسردية متحفية
* فهمنا أن قصر الحصن سوف يصبح مؤسسة متحفية في قلب أبوظبي، فضلاً عن احتضانه الدائم لفعاليات ثقافية وترفيهية.. فهل يمكن أن تعطونا فكرة عن طبيعة ومضمون هذا المتحف؟
** بالفعل، وكما ذكرت في معرض إجابتي على سؤالكم الأول، تحولت وظيفة قصر الحصن حالياً إلى متحف يروي قصة أبوظبي على مدار 250 عاماً، حيث يبدأ بتقديم رؤية عامة عن كونه معلماً تاريخياً، ليتعرف الجمهور إلى المراحل المختلفة في مسيرة الحصن بحكم أدواره المختلفة عبر الزمن، ومن خلال هذا السرد التاريخي يكشف قصر الحصن عن تاريخ نشأة أبوظبي، فبعدما كان في بادئ الأمر حصناً دفاعياً في القرن الثامن عشر، تحوّل إلى مقر للحكم، ثم لاحقاً تم تحويله من كونه بيتاً للأسرة الحاكمة وملتقىً يرحب بأفراد المجتمع كافة إلى مقر للحكومة وإدارة شؤون البلاد؛ وها هو اليوم يقف بشموخ كموقع تاريخي يجسّد أبوظبي ويمثّل قلبها الثقافي النابض. ويتناول السرد المتحفي لـ«قصر الحصن» عناصر عدة تغطي المراحل التاريخية المختلفة التي مرّ بها بدءاً بمراحل الاستقرار الأولى لقبيلة بني ياس القادمة من واحة ليوا إلى جزيرة أبوظبي، وتأسيسهم مقراً دائماً فيها في ستينيات القرن الثامن عشر، وصولاً إلى المراحل الأولى لمجتمع أبوظبي مع انتقال مقر حكم بني ياس إلى جزيرة أبوظبي، حيث كان البحر آنذاك مصدراً لمواد البناء المستخدمة في تشييد الحصن الداخلي حوالي عام 1795، حيث يعد أقدم مبنى في أبوظبي يتمتع بأهمية خاصة، وقد شيّد لحماية المستوطنة الجديدة التي تكونت على الجزيرة قبيل ذلك. وفي أقل من خمسين عاماً، تحوّلت أبوظبي من بداياتها المتواضعة من بيوت مصنوعة من سعف النخيل إلى مستوطنة ساحلية نشطة يعيش فيها الآلاف من السكان.
كما يتطرق السرد المتحفي لقصر الحصن لكيفية تحوّله إلى مقر للحوار والتواصل الاجتماعي خلال فترة حكم الشيخ زايد الأول (رحمه الله)، ثم انتقل لاحقاً إلى عهد جديد من الازدهار مع تولي الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في أبوظبي، حيث منح أول امتياز للتنقيب عن النفط في عام 1939 من مجلسه المنعقد في قصر الحصن.
ويمضي المتحف في سرديته إلى عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي حوّل قصر الحصن إلى رمز لإمارة أبوظبي، باعتباره مركزاً لإدارة شؤون الدولة وأرشيفاً وطنياً، ومعلماً حضارياً وثقافياً.
كما يسرد قصر الحصن قصّة قيام دولة الاتحاد واجتماعات القادة والقبائل، مسلّطاً الضوء على دور المجلس الاستشاري الوطني، باعتباره محطةً مهمةً في رسم السياسات، واستضافة الحوارات الأساسية التي سبقت قيام الدولة.

رسالة إماراتية
* بخصوص المتاحف، فقد أرسيتم بنية متميزة لثقافة متحفية في دولة الإمارات، كان أهمها على الإطلاق تأسيس متحف اللوفر أبوظبي، فهل نجحت في تقديراتكم تجربة اللوفر أبوظبي في حمل رسالة إماراتية حضارية للعالم، قوامها الانفتاح والتنوير والتسامح وفهم الآخر؟
** منذ أقل من شهر تقريباً أعلنّا عن استقبال متحف اللوفر أبوظبي لمليون زائر في عامه الأول، وفي ذلك ثقة متجددة في صواب استراتيجية قيادتنا حين قررت الدفع بعجلة النمو الثقافي في الدولة، وأخذت على عاتقها لعب دور تنويري يكسر الصورة النمطية عن العالم العربي، ويقدم للإنسانية رسالة قوية تجمع الثقافات على اختلافها وتنوعها بما يتعدى الخلافات الفكرية والأيديولوجية والمناطقية.
إن تلك الاستراتيجية هي امتداد لرؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي أدرك منذ عقود أهمية الثقافة في بناء مجتمعات يسودها الأمن والتسامح، فقد وجّه بإقامة متحف العين بالتزامن مع قيام الدولة بعد الاكتشافات الأثرية المهمة التي عثر عليها في الدولة، كما أوعز بتأسيس «المجمع الثقافي» في الفترة نفسها.

مشروعان جديدان
* نذكر أن مشروعاتكم لبناء متاحف جديدة، خصوصاً في منطقة السعديات، قد حملت عناوين أخرى غير اللوفر أبوظبي، مثل جوجنهايم أبوظبي، فهل ما زالت تلك المشروعات على خريطة الإنجاز؟
** بالتأكيد، نحرص في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي على تنفيذ خططنا الاستراتيجية، ومنها المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات. وفي هذا الإطار قمنا بإضافة مرافق جديدة إلى منارة السعديات، شملت ستديو الفنون وستديو التصوير، ومساحات إضافية للفعاليات الثقافية.
كما سنباشر قريباً بالأعمال الإنشائية لمتحف زايد الوطني الذي يستعرض سيرة الوالد والمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ومسيرة الاتحاد، كما يسرد تاريخ المنطقة، وروابطها الثقافية مع العالم.
وكذلك بتنا في المراحل النهائية لتصميم متحف جوجنهايم أبوظبي مع مصمم المتحف فرانك جيري، وسنطلعكم قريباً على آخر المستجدات في هذا الإطار.

المشهد الثقافي
* نظراً لغزارة المواسم والفعاليات الثقافية التي تنظمونها مثل فن أبوظبي ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب ومهرجان أم الإمارات والقمة الثقافية وغيرها.. باتت أبوظبي تستحق لقب «العاصمة الدائمة للثقافة»، فما هي مشروعاتكم المستقبلية لتعزيز هذه المكانة؟
** نحن ملتزمون بتنفيذ المشاريع الثقافية المهمة طوال العام، مع إدخال التطويرات اللازمة عليها، لتلبي تطلعات الجمهور، وبما يعزز من مكانة أبوظبي باعتبارها مركزاً عالمياً للحوار الثقافي والتمازج الحضاري، على سبيل المثال، بدأنا في مشروع ترميم وتطوير متحف العين وقلعة سلطان التاريخية في منطقة العين، وهو أقدم مبنى مخصص لمتحف في الدولة، سيمتد مشروع الترميم لمدة عامين لتقديم تجربة متحفية متطورة. كما أطلقنا هذا العام منتدى أبوظبي للنشر، والذي جمع اللاعبين في عالم نشر الكتاب حول طاولة نقاشات مستفيضة لإيجاد حلول للتحديات التي يواجهها الكتاب، وسيستمر عقد هذا المنتدى المهني سنوياً.
وهنا أود التشديد على محورية الدور الذي سيلعبه «المجمع الثقافي» في تعزيز المشهد الثقافي والفنون البصرية والحوار الحضاري والفكري، لقد شهد المجمّع الثقافي، طوال السنوات العشر الماضية، أعمال تجديد وصيانة وبعض التعديلات الوظيفية، استعداداً لدور أكثر تأثيراً في المشهد العام، فقد أضيفت تحسينات على قاعة العرض الرئيسة، لتصبح مركزاً رائداً للفنون البصرية، يضم قاعتي عرض، بالإضافة إلى استحداث استوديوهات للفنانين المقيمين مع تطوير مجموعة من ورش العمل المكثفة لبناء القدرات الفنية وتنميتها. وفي العام المقبل 2019 سيكون مسرح المجمع الثقافي جاهزاً لاستقبال 900 مشاهد بعد تجديده، كما تفتح أول مكتبة من نوعها للأطفال والشباب أبوابها للترحيب بأجيال المستقبل.

المبارك يقدم شرحا حول منطقة الحصن الثقافية

أبوظبي للكتاب
* أشهر قليلة ويحل موعد معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وهو الحدث الأبرز في عالم الكلمة المقروءة ورقياً وإلكترونياً، فما الذي سيميّز الدورة الجديدة من المعرض؟
** يشهد معرض أبوظبي الدولي للكتاب العديد من النجاحات، حيث أصبح محط اهتمام كبرى دور النشر الدولية، إذ يعد من معارض الكتب المهمة في المنطقة العربية، والتي توفر منصة للقاء الناشرين الدوليين مع صانعي النشر في منطقة الشرق الأوسط والمؤلفين والمترجمين، وغيرهم من الفاعلين في عالم صناعة الكتاب. في الدورة المقبلة من المعرض وهي الدورة الـ29 من عمر المعرض، ستحل الهند ضيف شرف على المعرض الذي ينعقد من 24 إلى 30 أبريل 2019، ومن المؤكد أنها ستكون دورة مميزة، نظراً لغنى وتنوع الإنتاج الثقافي والأدبي والابداعي في القارة الهندية، ونعمل حالياً مع الطرف الهندي على تطوير البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض، ومن المؤكد أن كبار المؤلفين الهنود سيكونون بيننا في أبوظبي قريباً.

مهام المجمع الثقافي
* هل لديكم أي خطة للنهوض بقطاعات المنتج الإبداعي الأخرى، مثل السينما والمسرح والتشكيل، فضلاً عن دعم حركة النشر، خصوصاً وسط المبدعين الشباب، لكي تواكب النهوض الإبداعي الجاري منذ سنوات في أبوظبي؟
** إن أحد الأدوار الرئيسة المنوطة بالـ«المجمع الثقافي» عند افتتاحه بشكل كامل في ربيع العام المقبل هي تطوير الحراك الفني في مجالات المسرح وفنون الأداء والموسيقى والسينما، حيث سيكون مسرحه الذي يتسع لـ900 منصة لتقديم أبرز العروض العالمية، بالتوازي مع تحويل استديوهاته المتخصصة إلى محترفات لصقل المواهب المحلية والارتقاء بها عبر سلسلة من البرامج التعليمية المكرسّة للتمثيل وفنون الأداء. وسيلعب المجمع الثقافي أيضاً دوراً رائداً في مجال تأمين الدعم اللازم لتطوير الإنتاج الابداعي بشكل عام، عبر برنامج منح فنية، يشمل الفنون البصرية والمسرح والسينما، بالإضافة إلى تفرّده بعرض أفلام سينمائية متميّزة، وإقامة معارض تغطي كل أشكال الفنون البصرية وممارساتها الاحترافية.
ولعل أبرز المهام المنوطة بالمجمع الثقافي وأقربها إلى قلبي، هي ما ستقوم به «مكتبة أبوظبي للأطفال» التي ستفتتح مع المسرح في العام المقبل، إذ تشكل منصة للاحتفاء بمتعة القراءة، من خلال إقامة مجموعة متنوعة من البرامج العامّة الحيوية، وورش العمل، وجلسات القراءة المكرسة للتعلم بالتفاعل.
أما بالنسبة لقطاع النشر، فتتقدم إمارة أبوظبي بخطى سريعة باعتبارها منصة مهمة تدعم التطوير التجاري لقطاع النشر. وتتولى دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي نشر سلسلة من المبادرات التي تدعم تطوير قطاع الكتاب، وتمنح الأولوية للمؤلفين الشباب الطموحين.

مقياس الترجمة
* لعب مشروع «كلمة» منذ تأسيسه دوراً محورياً في رفد حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية، وإنْ كان التركيز على اللغات الغربية السائدة، فهل تنوون التوسّع الكمي والنوعي نحو اللغات الأخرى، خصوصاً الآسيوية واللغات الأوروبية الأخرى (الروسية، الألمانية ولغات شمال وشرق أوروبا)؟
** كانت الترجمة على الدوام مقياساً لنهضة الأمم ونافذتها للتعرف إلى بعضها الآخر، ومن هنا جاء مشروع «كلمة» كمبادرة طموحة من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بهدف إحياء حركة الترجمة، وزيادة معدلات القراءة باللغة العربية على المستويين المحلي والإقليمي، حيث نقل مشروع «كلمة» للترجمة أكثر من 1000 عنوان من 13 لغة عالمية إلى العربية، بما فيها اللغات الآسيوية، خاصة ضمن سلسلة التراث العالمي، والتي تغطي ثقافات الشعوب، بما فيها الحكايات والأساطير من حول العالم، والأدب الحديث الذي نقل عن اللغات الآسيوية، بما فيها اليابانية والصينية والهندية، وغيرها من الثقافات القديمة، مثل تراث الهنود الحمر والتراث الأفريقي وتراث شعوب أوروبا القديمة، وحالياً يتم العمل على التوسع في ترجمات العناوين الأكثر رواجاً في مختلف الأسواق العالمية.

التراث المعنوي
* تعتبر الإمارات من أكثر الدول حرصاً على صون التراث المادي والمعنوي، وشهدنا خلال السنوات الماضية خطوات ملموسة على صعيد تسجيل جوانب من هذا التراث في قائمة اليونيسكو الدولية، فما هو الجديد في هذا الإطار؟
** تعد دولة الإمارات من أكثر الدول اهتماماً بتوثيق وحفظ التراث، وقد يظهر ذلك من خلال نجاحها في تسجيل سبعة عناصر من التراث الوطني على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونيسكو، وهو أمر يلزم الدولة أمام المجتمع العالمي الحفاظ على التراث العالمي بإيجاد السبل والوسائل التي تضمن استمرار ممارساته، ودعم الأفراد والجماعات الذين يمارسونه. وفي هذا الإطار نعمل على تقديم العديد من الفعاليات والأنشطة التي تدعم ممارسي التراث في مختلف الفعاليات التي نقدمها، ويعد «بيت الحرفيين» الذي استحدثناه في منطقة الحصن، أحد المشاريع الرائدة التي تتوج الجهود الرامية إلى تعزيز الوعي بالتراث الإماراتي، ودعم ممارسيه، وضمان نقل معارفه وفنونه إلى الأجيال المقبلة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©