أبوظبي (الاتحاد)
اختارت لجنة مسابقة «أرى روايتي» عمل الكاتب سلطان العميمي «ص. ب. 1003»، لتحويله إلى دراما تلفزيونية، تنتجها «أبوظبي للإعلام»، في إطار الدورة الأولى للمسابقة، التي أطلقتها في مايو الماضي، في مسعى لتحفيز الطاقات الإبداعية ودعمها، لدى الكتّاب الروائيين من المواطنين والعرب المقيمين، عبر استثمار إبداعاتهم السردية في تطوير العمل الدرامي الإماراتي.
جاء ذلك بعد تقييم الأعمال الروائية المقدّمة من لجنة التحكيم التي تولت قراءة الأعمال المقدمة واختيار الأعمال المرشحة منها للعمل الدرامي، حيث ستقوم أبوظبي للإعلام بتبنيها وتحويلها إلى دراما تلفزيونية بالتعاون مع شركات الإنتاج حسب المعايير المعمول بها في الشركة، إضافة إلى الترويج لهذه الأعمال على مختلف منصاتها المقروءة والمرئية والمسموعة.
وهنأ سعادة الدكتور علي بن تميم مدير عام «أبوظبي للإعلام»، الكاتب والروائي سلطان العميمي على الفوز في الدورة الأولى من مسابقة «أرى روايتي»، منوهاً بأن العمل يمتاز بعمق الرؤية والبناء المحكم للشخصيات وتقديم صورة إيجابية للإمارات، فضلاً عن البنية الدرامية النامية، وهي صفات تؤهلها للتحول إلى دراما ناجحة.
وأشار ابن تميم إلى أن إطلاق المسابقة جاء تماشياً مع النهج الاستراتيجي لـ «أبوظبي للإعلام» في دعم المشهد الدرامي على مستوى الدولة والمنطقة بشكل عام، من خلال توفير المنصات الإعلامية المناسبة التي تدفع بالأعمال الروائية المتميزة إلى عالم الدراما العربية والخليجية لما تتمتع به من تنافسية عالية في ظل جودة الأعمال التي يجري طرحها من قبل مختلف الشركات الإعلامية والدرامية في المنطقة، وذلك بهدف الحفاظ على مكانة «أبوظبي للإعلام» الرائدة في هذا المجال، بوصفها واحدة من أهم الشركات الإعلامية على مستوى المنطقة والعالم.
«ص.ب 1003»
يأخذ سلطان العميمي قراء الرواية إلى عالم البريد بكل ما فيه من عناصر، مستعيداً زمن الرسائل الورقية التي كانت وسيلة المراسلة قبل أن تحلّ محلها «الإنترنت» والرسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.
حبكة الرواية، التي تجري أحداثها في ثمانينيات القرن العشرين، تبدأ برسالة تبعث بها «عليا» الفتاة الإماراتية التي تدرس في لندن، إلى «عيسى» الشاب الإماراتي الذي عثرت على اسمه وصورته في إحدى المجلات ضمن صفحة «المراسلة والتعارف»، فحرّك اسمه ذكرياتها، واستعادت علاقتها الطفولية مع ابن الجيران، الذي يحمل الاسم نفسه، مما دفعها لمراسلة الشاب.
ويتبادل الاثنان بضع رسائل يتناقشان فيها بعض الأمور، ثم فجأة تختفي ردود «عيسى»، ويخبرنا صندوق البريد الخاص به ذو الرقم 1003، أن صاحبه لم يتفقده منذ أسبوعين، وهكذا يضفي الكاتب بعداً إنسانياً على كل المفردات المكوّنة للعالم الذي يغوص فيه، وهو عالم البريد، فيفاجئنا بفصول تجري على لسان «صندوق البريد»، و«كيس الرسائل»، و«ظرف الرسالة»، و«البطاقة البريدية». وتروي هذه الأشياء عن نفسها، وعن الحدث الذي كانت شاهدة عليه لإكمال حبكة الرواية.
وتقدم الرواية بشكل مختصر أهم التحولات التي طرأت على المجتمع الإماراتي في تلك الفترة، من خلال الأخبار التي يرسلها «عيسى» إلى «عليا»، كما تقدم من خلال هذه الرسائل نفسها مجموعة من القضايا مثل الصداقة، وتقبّل الآخر، والفرق بين المجتمع العربي والمجتمع الأوروبي، وتركز بشكل خاص على نظرة الرجل الشرقي لنفسه وللمرأة، وكيفية فهمه لمعنى الأخلاق، وكيف تسيطر عليه أفكار وقوالب جاهزة استقاها من المجتمع تجاه الآراء التي لا توافق معتقداته وآراءه.
دراما إماراتية متميزة
وجاء إطلاق المسابقة في إطار الخطط الاستراتيجية لـ «أبوظبي للإعلام» الرامية إلى دعم مسيرة الإبداع، وانطلاقاً من الحاجة إلى دراما إماراتية متميزة تعكس تطور المجتمع الإماراتي وقيمه الإيجابية وما يتمتع به من حيوية وتسامح وتواصل مع الآخر. إذ تهدف المبادرة إلى تشجيع الرواية الإماراتية من خلال توفير منصة درامية لها، إلى جانب اكتشاف المواهب الروائية الشبابية ودعمها، فضلاً عن تعزيز القيم الإيجابية لدولة الإمارات في مواجهة الفكر المتطرف.
ويشار إلى أن المشاركة في المسابقة اقتصرت على الرواية الإماراتية الحديثة التي يكتبها مبدعون من المواطنين والعرب المقيمين في دولة الإمارات، وكانت مفتوحة أمام الأفراد ودور النشر، واشترطت أن تكون الرواية محورها الحياة في دولة الإمارات، وأن تكون منشورة، وأن لا يزيد عمر العمل المقدم على خمس سنوات من تاريخ التقدم للمسابقة، وأن يضم العمل الروائي المرشح شخصيات حيوية قابلة للتحول إلى أعمال درامية.
العميمي: أهمية «أرى روايتي» أنها تزاوج بين الأعمال الروائية والتلفزيون
تعليقاً على اختيار روايته عن «ص. ب 1003»، من قبل مسابقة «أرى روايتي» لإنتاجها دراما تلفزيونية، قال الكاتب سلطان العميمي لـ «الاتحاد» التي اتصلت به لتبلغه بالخبر:
لا شك في أن مبادرة «أرى روايتي» التي أطلقتها شركة أبوظبي للإعلام تعتبر إحدى أهم المبادرات المختلفة في فكرتها وطرحها القائم على المزاوجة بين الأعمال الروائية والتلفزيون، وتخدم الدراما التلفزيونية في دولة الإمارات بشكل كبير، كما تقدم فرصة كبيرة للروائيين الإماراتيين والمقيمين في الإمارات للخوض في فضاءات جديدة من الإبداع المرئي المرتبط بأعمالهم.
وأضاف: إن فوز روايتي في هذا المبادرة يسعدني ويشرفني كثيراً، خاصة أن الرواية تحمل في جانبها أبعاداً اجتماعية وتاريخية مرتبطة بالزمان والمكان في الإمارات، حيث إن زمنها يعود إلى عقد الثمانينيات، وهي فترة تطلب مني الكتابة عنها إلى القيام ببحث دقيق عن تفاصيل الحياة كافة في أثنائها، سواء خارج أو داخل الدولة، حيث إن فضاء المكان فيها يمتد من الإمارات إلى المملكة المتحدة. وكنت أريد أن أنقل شكل الحياة التي لم تكن تعرف في تلك الفترة الهواتف المتحركة والفضائيات والإنترنت، وكانت وسيلة التواصل الأهم حينها بين البشر بعد الهواتف الأرضية هي رسائل البريد. ولذلك شكّلت الرسائل البريدية محوراً مهماً من محاورها، وقد وضعت في ذهني جيداً ضرورة أن أكون كاتب رسائل مقنعاً في العمل، مستعيناً في ذلك برسائل حقيقية تعود إلى تلك الفترة، للوقوف على أسلوب كتابة الرسائل في حينها بين الناس، وطريقة تفكير المتراسلين، في زمن بسيط في مختلف تفاصيله.
وختم العميمي: لقد استغرق مني العمل على رواية «ص.ب 1003» منذ نشوء فكرتها في ذهني إلى حين صدورها، مدة خمس سنوات. وعلى الرغم من أنها تقوم في أسلوبها على تعدد الأصوات، إلا أن تحويلها إلى عمل تلفزيوني سيتطلب في اعتقادي التخلي عن هذه التقنية، كي تتلاءم مع طبيعة اللغة البصرية والتلفزيونية فيها.