السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدفع رمضان يحتفظ بمكانته في نفوس اللبنانيين

مدفع رمضان يحتفظ بمكانته في نفوس اللبنانيين
21 أغسطس 2011 23:13
عماد ملاح (بيروت) - هو مدفع ليس مثل مدافع هذه الأيام، التي تحمل القتل والدمار، فطلقاته «الخلبية» أي الصوتية عنوانها المحبة والإيمان والتسامح في شهر الخير والبركة. ويعد مدفع رمضان من العادات والتقاليد الراسخة في هذا الشهر الفضيل، ولا يزال لبنان يحافظ عليها، كنموذج ثابت في قلوب الصائمين والمؤمنين، حيث ينتظر الكبار بلهفة وشوق صدى طلقاته، والصغار بالتصفيق والفرح، وهو يطلق ساعة الإفطار والسحور والإمساك وعند ثبوت رؤية هلال عيد الفطر السعيد. تقاليد إسلامية من التقاليد العامة في لبنان «مدفع رمضان» الذي عرف منذ العهد الفاطمي، ويتولى الجيش اللبناني حالياً مهمة القيام بهذا التقليد داخل المدن الرئيسية، لا سيما في بيروت والضاحية ومدن طرابلس وبعلبك وصيدا وصور، ويقضي هذا التقليد بإطلاق ثلاث قذائف من النوع «الخلبي»، عند ثبوت شهر رمضان، لإشعار الناس بثبوت الشهر شرعياً، ومثلها عند ثبوت شهر شوال لإخبارهم بحلول عيد الفطر السعيد، وإطلاق قذيفة واحدة من النوع نفسه قبل حلول الفجر، إشارة إلى الإمساك عن المفطرات، وقذيفة واحدة عند الغروب إشارة إلى حلول وقت الإفطار. ومدفع رمضان في طرابلس هو الأشهر في لبنان، والأقدم في العادات الرمضانية، حيث يربض على سطح قلعة المدينة المطلة على كل الأرجاء والبلدات، يتم تجهيزه كل سنة، قبل قدوم الشهر الفضيل، فيخضع للتهيئة والتنظيف ليصبح على أتم الاستعداد قبل دخول الشهر الكريم بعدة أيام، ويستمر عمله على مدار الشهر الكريم، وبنهاية يوم العيد يخلد «مدفع رمضان» إلى التقاعد من جديد. ويقول جمال عبد الله «مدفع رمضان ظاهرة ارتبطت بالعاصمة بيروت، بطرابلس وصيدا وصور والنبطية، فهو لم يعد مجرد شخصية أو مهنة أو حرفة برزت خلال فترة معينة من الزمن، بل أصبح عنواناً مهماً في التراث والتقاليد، يحتل مكانة مرموقة بالرغم من انتشار الفضائيات وغيرها، التي تحاول أن تلعب الدور الذي يمارسه، لكن الصائم يفضل أن يفطر على صدى طلقه قذيفته «الخلبية»، كيف لا وهذا «المدفع» أصبح علامة محببة للمسلمين الصائمين، يشد انتباههم كل ليلة إلى مواعيد الإفطار والإمساك». ويضيف «في الطفولة كنا نسمع القصص والحكايات عن «المسحراتي» الذي يؤدي دوراً شبيهاً بمدفع رمضان، إلاّ أن تعدد وسائل وأساليب تنبيه الصائمين عند بدء الإفطار والإمساك دفع بـ»المدفع» التراثي إلى واجهة التقاليد الرمضانية». مكانة كبيرة يحظى مدفع رمضان بمكانة كبيرة في نفوس وقلوب المسلمين، إذ لا يزال الأداة الضرورية لإعلان موعدي الإفطار والإمساك، ويبدأ العمل في هذه الوسيلة التي أصبحت من العادات الأصيلة في الطقوس الرمضانية، عقب الإعلان عن رؤية هلال الشهر الكريم، وانتشرت هذه الفكرة في دول عربية عدة. ويشير التاريخ إلى أن المسلمين أيام شهر رمضان المبارك، كانوا يأكلون ويشربون من الغروب حتى وقت النوم، وعندما بدأ استخدام الأذان اشتهر بلال وابن مكتوم بهذه المهمة، إلاّ أن انتشار الإسلام دفع القيمين إلى التفكير بابتكار وسائل مختلفة إلى جانب الأذان، للإشارة والتنبيه إلى موعد الإفطار، فكان مدفع رمضان. ويقال إن القاهرة عاصمة مصر، كانت أول مدينة ينطلق منها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من هذا الشهر، أراد السلطان المملوكي أن يجرب مدفعاً جديداً، وصادف موعد إطلاق قذائفه في وقت المغرب، فظن الناس أن السلطان تعمّد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فابتهجت الجموع وخرجت الحشود إلى مقر الحكم تشكر السلطان على خطوته النبيلة، وعلى هذه الوسيلة التي استحدثها، وعندما وصلت أصداء الشكر إلى السلطان، قرر المضي والاستمرار في إطلاق المدفع كل يوم، إيذاناً بمواعيد الإفطار والإمساك والسحور. قذيفة بالخطأ رواية تاريخية أخرى تفيد بأن ظهور هذا المدفع، كان عندما كان بعض جنود الخديوي إسماعيل، يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوّت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليداً جديداً للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، فصدر «فرمان» يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك والأعياد الرسمية. في بعض العادات الرمضانية لدى بعض الدول العربية، جرى تقليد على إطلاق سبع قذائف دفعة واحدة، عقب الإعلان عن رؤية هلال رمضان، لكن الوضع اختلف بعد ذلك، إذ يتم تزويد المدفع بذخائر صوتية موزعة على أيام الشهر الكريم، بواقع أربع قذائف كل يوم، إذ يطلق عند الإفطار قذيفة واحدة، وقذيفة في الساعة الثانية صباحاً، وقذيفتين في الرابعة والنصف فجراً، أما عند رؤية هلال شوال ودخول العيد، فيتم إطلاق ما بين ست إلى ثماني قذائف، وفي يوم العيد تطلق بقية القذائف ابتهاجاً بحلوله، وهذه القذائف عبارة عن كتلة من البارود، تعطي صوتاً يسمعه السكان في معظم الأحياء، وطاقم الإطلاق يتكون من ثلاثة أشخاص، يتناوبون على العمل خلال الشهر الكريم، فيقوم أحدهم بإطلاق القذيفة عبر استخدام ذراع كبيرة وطويلة، يوصل بها شعلة البارود، ثم يتراجع إلى مسافة لا تقل عن أربعة أمتار من أجل إتمام المهمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©