الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء ونزاعات وتطرف في لائحة الـ16

نساء ونزاعات وتطرف في لائحة الـ16
17 نوفمبر 2010 19:28
أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) لسنة 2011، أسماء الكتب المرشّحة لنيل الجائزة، التي تشكل أحد أبرز الأحداث الأدبية في العالم العربي، وأكثرها أهمية. اختارت لجنة الحكيم لائحة الـ16 من أصل 123 ترشيحاً من 17 بلداً تضمنّت للمرة الأولى أفغانستان. العدد الأكبر من الترشيحات جاء من مصر، وقد شهد عدد الكتب المتقدِّمة للجائزة ارتفاعاً مقارنة بالسنة الفائتة، حيث تقدّم 118 عملا من 17 بلداً. 29 % من الكتب جاءت بأقلام نساء، مقارنة بـ 16 % في السنة الفائتة. تتنوع الأعمال الواردة في اللائحة بين قصة امرأة عن اندرغرواند مدينة مكة المكرّمة في الزمن الراهن، الى قصة عن القومية العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر، وقصة عن عاشقين مراهقين من دينين مختلفين في اليمن. هناك روايتان عن والدين التحق ابناهما بتنظيم القاعدة، بينما تنظر رواية أخرى في معاناة سجين في سجن أميركي في المغرب. ويشكل كفاح المهاجرين العرب الى مجتمعات غربية موضوع روايتين، تجري أحداث إحداهما في انجلترا وأخرى في الولايات المتحدة. وتشهد هذه السنة زيادة ملحوظة في المشاركات من بلدان المغرب العربي. تتضمن اللائحة هذه السنة أربعة كتّاب ممن وصلوا الى اللائحتين الطويلة والنهائية للجائزة العالمية للرواية العربية في دورة 2009: فواز حداد الذي وردت روايته “المترجم الخائن” في اللائحة القصيرة، الى جانب رينيه الحايك وعلي المقري وبنسالم حميش الذين وصلت أعمالهم الى اللائحة الطويلة (صلاة من أجل العائلة، طعم أسود رائحة سوداء، هذا الأندلسي). وعلّق رئيس لجنة التحكيم (الذي لم يعلن اسمه ولا أسماء أعضاء اللجنة) على اللائحة بقوله: “إن روايات هذه السنة متنوعة بموضوعاتها، وتتناول تيمات التطرف الديني، النزاعات السياسية والاجتماعية، وكفاحات النساء في سبيل تحرير أنفسهنّ من العقبات التي تقف في وجه نموهنّ الشخصي وتمتعهنّ بالسلطة. إننا فرحون جدا بالنسبة العالية من الكاتبات اللواتي وصلن الى اللائحة هذه السنة مقارنة بالسنوات الفائتة”. سوف يُعلن عن أسماء أعضاء لجنة التحكيم لسنة 2011 بالتزامن مع اللائحة القصيرة التي يتمّ إعلانها في الدوحة، قطر (عاصمة الثقافة العربية لهذه السنة) في 9 ديسمبر 2010. وعلّقت جمانة حداد، المنسقة الإدارية للجائزة: “لقد اصبحت الجائزة في سنتها الرابعة ضميراً نقدياً ومرجعاً أدبياً في كل ما يتعلق بالرواية العربية الحديثة، في العالمين العربي والغربي على حد سواء، وما اللائحة الطويلة لسنة 2011 سوى خير دليل على ذلك”. وقد ترجمت الأعمال الثلاثة الفائزة بالجائزة الى الإنجليزية، فضلا عن مجموعة كبيرة من اللغات الأخرى بما فيها البوسنية والفرنسية والألمانية والنروجية والإندونيسية. رواية “واحة الغروب” للروائي بهاء طاهر التي فازت عام 2008، صدرت بالإنجليزية عن منشورات “سيبتر” عام 2009. أما الكاتب يوسف زيدان، رابح الجائزة عام 2009 عن “عزازيل”، فتُنشر روايته في إنجلترا عن “أتلانتيك” في أغسطس 2011. وسوف يتم قريبا الإعلان عن دار النشر الذي سوف تصدر عنها الترجمة الإنجليزية لرواية عبده خال، “ترمي بشرر”. الى جانب ذلك، حظيت مجموعة من الكتب التي وصلت الى اللوائح القصية بعقود ترجمة، آخرها رواية “الحفيدة الأميركية” لإنعام كجه جي التي صدرت بالإنجليزية عن مؤسسة بلومسبيري ـ قطر. وعلّق جوناثان تايلور، الذي يرأس مجلس الأمناء، على اللائحة الطويلة، بالقول: “إن اللائحة الطويلة للجائزة في دورتها الرابعة متنوعة وقوية وغنية بالمواهب كعادتها في كل سنة، وهي تتضمن كتّاباً من سبعة بلدان عربية مختلفة، وتشهد نسبة عالية من النساء”. يذكر أن الجائزة تُمنَح سنوياً لرواية مكتوبة بالعربية، ويحصل كل من المرشّحين الستة النهائيين على 10000 دولار، أما الرابح فيفوز بـ 50000 دولار إضافية. وكانت الجائزة قد عقدت في أبوظبي في إبريل 2007، بالتعاون مع جائزة البوكر البريطانية، وبدعم من مؤسسة الإمارات. أما اسم الفائز لسنة 2011 فيُعلن في احتفال يقام في أبوظبي، مساء الاثنين 14 ماري 2011، عشية معرض أبوظبي الدولي للكتاب. وفي ما يلي نبذ عن أعمال اللائحة الطويلة لسنة 2011: “القوس والفراشة” محمد الأشعري شاعر وروائي من المغرب، ترأس اتحاد كتاب المغرب وكان وزيراً للثقافة من سنة 1998 حتى 2007. صدر له العديد من الأعمال الشعرية والروائية وتُرجمت بعضها إلى الفرنسية، الإسبانية، الروسية والهولندية. تتناول هذه الرواية موضوعي التطرف الديني والإرهاب من زاوية جديدة، وتستكشف تأثيرات الإرهاب على الحياة العائلية، اذ تروي قصة والد يساري يتلقى في أحد الأيام رسالة من تنظيم القاعدة تفيده بأن ابنه، الذي يتابع دراسته في باريس بحسب اعتقاده، مات شهيداً في أفغانستان. تنظر الرواية في وقع هذا الخبر الصادم على حياة بطلها، وبالتالي على علاقته بزوجته. “البيت الأندلسي” واسيني الأعرج كاتب جزائري معروف في بلده وفي فرنسا أصدر الكثير من الروايات. تصدر كتبه في العربية والفرنسية وفاز بعدة جوائز ومن بينها جائزة الشيخ زايد للأدب عام 2007. يروي هذا العمل قصة بيت في غرناطة من خلال حيوات الناس الذين يعيشون فيه على مر القرون. من بين هؤلاء شخصيتان واقعيتان شهيرتان: الأول هو الدالي مامي، وهو قرصان من القرن السادس عشر حارب في صفوف الاتراك وكان مسؤولا عن فترة سجن ميغال دي ثرفانتس في الجزائر. أما الثاني فالامبراطور نابوليون الثالث، الذي ولدت زوجته اوجينيه في غرناطة. “رقصة شرقية” خالد البري كاتب مصري حاصل على بكالوريوس طب من جامعة القاهرة. يقيم في لندن منذ أكثر من عشرة أعوام. صدر له كتابان، أحدهما سيرة ذاتية. يروي هذا العمل قصة شاب مصري يتزوج بريطانية تكبره سنا وينتقل الى إنجلترا. من خلال عينيه يكتشف القارئ عن كثب كفاحات مجتمع المهاجرين العرب المقيمين في المملكة المتحدة وعلاقاتهم. “عين الشمس” ابتسام إبراهيم تريسى كاتبة سورية، صدرت لها أربع روايات ومجموعتان قصصيتان. تعود البطلة نسمة الى سوريا بعد سنوات من المنفى في السويد، وتضطر الى مواجهة ذكريات أليمة: من المعاناة العائلية في كنف والد قاس ومتلاعب، الى المشكلات السياسية التي تؤثر على عائلتها وعلى جميع سكان حلب. تستكشف الرواية كذلك علاقاتها بالرجال الذين مروا في حياتها، من والدها واخيها الى عشاقها والرجل الذي يعذبها، وصولا الى زوجها. “حياة قصيرة” رينيه حايك ولدت في جنوب لبنان ودرست الفلسفة في الجامعة اللبنانية قبل بداية عملها في الصحافة والترجمة الأدبية. كتبت مجموعة قصصية بعنوان “بورتريه للنسيان” (1994) وتُرجمت قصة من المجموعة اسمها “المحادثة التلفونية” إلى اللغة الإنجليزية واُدرجت ضمن كتاب “حكايات نساء لبنانيات”. وصلت روايتها “صلاة من أجل العائلة” إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية سنة 2009. هي شهادة امرأة عن الحرب الأهلية في لبنان. اذ تكتب الراوية في صيغة الحاضر، تمنح القارئ نافذة مفتوحة على الحياة اليومية خلال سنوات الحرب، من اخطار التجول في البلاد الى تأثير الحرب على الحياة الاجتماعية، من العائلة الى العلاقات بالاصدقاء: اولئك الذين ظلوا واولئك الذين غادروا طلبا لحياة جديدة في الخارج. “جنود الله” فواز حداد روائي سوري ولد في مدينة دمشق. تفرغ للكتابة وصدر له العديد من الروايات ومجموعة قصصية. وصل على القائمة النهائية للجائزة العالمية للرواية العربية سنة 2009 عن روايته “المترجم الخائن” وكان عضواً في لجنة التحكيم لجائزتي “حنة مينا” سنة 2003 و”المزرعة” سنة 2004. قام المترجم البريطني بول ستاركي بترجمة فصل من روايته “مشهد عابر” وصدر هذا باللغة الإنجليزية في مجلة “بانيبال” سنة 2008. قصة حافلة بالأحداث تجري في عراق اليوم، وتروي قصة والد يبحث عن ابنه الذي التحق بالقاعدة، آملا أن يعود به الى سوريا. رغم حماية أجهزة الاستخبارات الأميركية والسورية، يُخطف الوالد من جانب اخصامه ويجد نفسه وجها لوجه مع الزرقاوي. “حبل سري” مها حسن روائية سورية تقيم في فرنسا وتنشر أعمالها في بعض الصحف والمواقع العربية. صدر لها عملان روائيان من قبل ولكن أعمالها مُنعت في سوريا منذ سنة 2000. عاشت خلال سنة 2008 في الشقة التي كانت تملكها السجينة المشهورة “آن فرانك” وعائلتها والتي تم ترميمها وهذا بعد دعوة خاصة من مؤسسة “فلوكشتاد” في مدينة امستردام حيث تقدم المؤسسة الشقة للكتاب المضطهدين لإقامتهم فيها لمدة سنة تذكاراًَ ل”آن فرانك”. يروي هذا العمل تناقضات الحياة في سوريا وفرنسا من خلال قصة أمّ وابنتها. بعد زواجها في سوريا، تجد الابنة نفسها مضطرة الى العودة الى فرنسا سعياً الى حرية لا تستطيع عيشها في بلدها الأم. “معذبتي” بنسالم حميش روائي وشاعر وفيلسوف مغربي ويشغل الآن منصب وزير الثقافة في المغرب. صدرت له ستة وعشرين كتاباً ومن ضمنها الأعمال الأدبية والعلمية بالعربية والفرنسية. فاز بعدة جوائز أدبية أبرزها وسام نجيب محفوظ للأدب (مرتين) وجائزة رياض الريس. ترجمت روايتاه “مجنون الحكم” (2005) و”العلامة” (2004) إلى الإنجليزية من قبل المترجم الانجليزي المعروف روجر آلن. وصلت روايته “طعام أسود رائحة سوداء” إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية علم 2009. يتزاوج أسلوب روايته بين “الف ليلة وليلة” وأعمال فرانز كافكا، انها قصة تجربة رجل بريء في سجن اميركي. خلال فترة أسره، يتعرض البطل للاستجواب والتعذيب من جانب العرب والاجانب على حد سواء، لكن الكاتب ينجح في تقديم كوة أمل في وضع يائس. “اسطاسية” خيري شلبي ولد في كفر الشيخ في الدلتا، مصر، عام 1938. كتب أكثر من سبعين كتاباً ما بين الرواية والقصة والمسرحية والدراسة. فازت روايته “وكالة عطية” بوسام نجيب محفوظ للأدب سنة 2003 وحاز على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2005. قد تُرجمت كتبه إلى لغات عدة، من إلى أفلام وسيناريوات تلفزيونية. ترجمت روايته “وكالة عطية” (2006) إلى عدة لغات بينها الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، الروسية، الصينية، الأوردية والعبرية كما تحوّلت بعض أعماله إلى أفلام وسيناريوات تلفزيونية. اسطاسية ارملة قبطية تعيش في دلتا النيل، وتصبح اسطورة محلية عندما تكرس حياتها للانتقام من موت ابنها من خلال الصلاة. ويأتي العون في شكل ابن عائلة القرية المسلمة، المعروفة بقسوتها وطغيانها، وهو محام يقرر التحقيق في القضية ومحاكمة قتلة ابن اسطاسية أمام العدالة. حكمة القصة هي انه لا بد من ان يستجيب الله صلوات المظلوم مهما كانت ديانته. “بروكلين هايتس” ميرال الطحاوي كاتبة مصرية تقيم الآن في مدينة نيويورك. لاقت روايتها الأولى بعنوان “الخيمة” نجاحاً كبيراً عند إصدارها بالعربية ونُشرت بالانجليزية من قبل الجامعة الأميركية في القاهرة عام 2000. وقد تُرجمت أعمالها الأخرى إلى لغات عدة، من بينها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية. هي قصة مهاجرين عرب الى نيويورك من خلال راوية امرأة تعرض تجاربها بين بلدها المختار، الولايات المتحدة، وبلدها الأم، مصر، فتكشف العلاقة المعقدة بين الشرق والغرب. انها قصة عن الأصولية والتسامح، عن الخسارة والأمل في الحب، وهي تسترجع أجواء أميركا خلال العقد الأخير. “طوق الحمام” رجاء عالم روائية سعودية معروفة تقيم في مكة، صدرت لها أعمال روائية عدة. لها روايتان كتبتها بالتعاون مع الروائي والمصور السينمائي الأميركي توم مكدونوه وصدرت في اللغة الإنجليزية: “فاطمة: رواية الجزيرة العربية” (2002) و”ألف ليلة وليلتي” (2007). في “طوق الحمام” تدافع عن صورة مكة القديمة المعرضة للهدم والتدمير باسم التحديث. تكشف هذه الرواية “اندرغرواند” مدينة مكة المكرمة التي ترويها البطلة عائشة، من الدعارة الى التطرف الديني الى استغلال العمال الأجانب في ظل مافيا من متعهدي البناء يقومون بتدمير معالم المدينة التاريخية. يتصادم هذا الواقع المعتم مع جمال رسائل عائشة الى عشيقها الالماني. “فتنة جدة” مقبول موسى العلوي كاتب من السعودية، نشر بعض القصص والمقالات في الصحف المحلية. وهذه الرواية هي عمله الأول. تجري أحداث هذه الرواية في أواخر القرن التاسع عشر، وتستعرض القومية العثمانية في منطقة الخليج. عندما يقوم قائد سفينة عربي بإنزال العلم البريطاني عن سفينته ورفع العلم العثماني مكانه، يثير غضب القنصل البريطاني، وهو حامي السفينة، فتخرج الأحداث عن السيطرة، وصولا الى سفك الدماء واندلاع ثورة محلية ضد البريطانيين. “الخطايا الشائعة” فاتن المرّ أستاذة الأدب الفرنسي في الجامعة اللبنانية، صدرت لها رواية ومجموعة قصصية. قصة حب ومقاومة تجري أحداثها في لبنان، وهي مروية على لسان امرأة. تنتقل بين جنوب لبنان وبيروت ولندن، وتمنح رؤية عميقة عن المقاومة في الجنوب اللبناني. “اليهودي الحالي” علي المقري شاعر وصحافي وروائي ولد في اليمن. بدأ الكتابة وعمره 18 سنة. بعد إعادة اتحاد اليمن عام 1990، أصبح محرراً ثقافياً لمنشورات عدة. منذ سنة 1997 هو محرر منشور أدبي “الحكمة” لجمعية الكتاب اليمنيين كما يترأس مجلة أدبية بعنوان “غيمان” أُسست سنة 2007. وصلت روايته “الرجل من أندلسيا” إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2009. هي رواية تاريخية تروي قصة مراهقين من دينين مختلفين يلتقيان ويقعان في الحب في اليمن. تبدأ القصة في احدى القرى عندما تقوم ابنة الإمام بتعليم فتى يهودي القراءة والكتابة بالعربية. وعندما يقرران الهرب الى العاصمة كي يظلا معا، لا يتوقعان النتائج الطويلة الامد التي ستنجم عن قرارهما هذا. سوداني وليبية في القائمة: تشويه الأدب وهجرة الناس تتضمن القائمة الطويلة لجائزة (البوكر العربية) روايتان للسوداني أمير تاج السر بعنوان “صائد اليرقات” ولليبية رزان نعيم المغربي بعنوان “نساء الريح”، وفي ما يلي نبذتان عن الروايتين: ترتكز رواية “صائد اليرقات” للأديب السوداني أمير تاج السر، على نقد جذري لاذع لواقع الحال الذي آل إليه الفن الروائي إلى درجة تشويهه من قبل فئة من الروائيين الذين يمتهنون الكتابة ويجعلونها أداة للكسب والمعاش، أدواتهم في ذلك، الناس المخدوعون بأسمائهم البراقة والدعاية الإعلامية المركزة، من دون أن يقدموا جديداً يغني أو يضيف معنى جديداً للحياة. ففي حبكة روائية فريدة، يتخللها سرد فني مشوق، استطاع الروائي أن يستولد في كل مرة شخصية جديدة تعكس حالة خاصة. يبدأ الكاتب بشخصية “عبد الله حرفش” ضابط الأمن المتقاعد الذي تروقه فكرة الكتابة، فيبدأ بالبحث عن الفكرة، فيقرر الجلوس في مقهى (قصر الجميز) أقدم مقاهي العاصمة في بلده، وأكثرها ضجيجاً وزحاماً، وعرضاً للوجوه المشبوهة في نظره بحسب مهنته السابقة، حيث كان يكتب تقاريره بمتعة غريبة كما يصف ذلك، وفي هذا الفضاء الرحب يحاول بطل الرواية أن يبحث في وجوه الناس عن مرجع لعمله الجديد ـ الكتابة ـ يقول: “كانت في الواقع وجوهاً لكتاب يحتلون مواقع لامعة في الكتابة، وآخرين يقاتلون بحثاً عن مواقع تبدو لهم بعيدة المنال: شعراء متأنقين في سراويل وقمصان زاهية، وشعراء حفاة حتى من صنادل ممزقة، صحفيين يائسين، وسياسيين يدخنون ويرطنون ويتصارعون، ويرسمون للناس وطناً آخر غير الوطن الذي نعيش فيه ونعرفه، ونحبّه بكل حسناته وعيوبه. ودائماً ثمة نساء يتحلقن حول الضجيج، أو يساهمن في خلقه بضحكات كثيراً ما رسمناها على تقاريرنا الأمنية باعتبارها ضحكات أفاعٍ”. محطات متعددة، ومواقف ساخرة، يقف عندها أمير تاج السر لينقل لنا واقعاً أرّقه، فكتب عنه كاشفاً عن مآسٍ متعددة لحالات إنسانية داخل مجتمع مليء بالتناقضات، فينتقده ساخراً، مغلفاً عباراته بعفوية هادفة، تكشف في كل مرة واقعاً جديداً تختبئ في تلاوينه حقيقة ما. “صائد اليرقات” عمل روائي أقل ما يقال عنه، هادف، يطرح قضية، مهمة، وراهنة، ألا وهي تشويه الثقافة واللعب على الحروف والكلمات، فتصدى لها وكتب عنها في حس مسؤول، وموضوعي في آن معاً. أما رواية “نساء الريح” للروائية رزان نعيم المغربي فتثير قضية على غاية من الأهمية، وهي، عجز كثير من حكومات الدول العربية، وبلدان جنوب الأرض، عن تأمين فرص عمل لمواطنيها، نتيجة الحروب، وعدم جدوى السياسات الاقتصادية والاجتماعية عن تدارك سوء الأحوال المعيشية، مما يدفع مواطنو هذه البلدان بالبحث عن حلول سريعة، فلا يجدون ملاذاً إلا بالهجرة عن بلدانهم الأم “تصبح الهجرة أكثر إغراء لمن ينتظر في بلده أن تتغير ظروفه الاقتصادية أو السياسية، الهجرة هي هروب من مواجهة القدر في مكان واحد”. وهكذا بأسلوب أدبي ونقدي، تحيك رزان نعيم المغربي تجربة مجموعة من الأشخاص في رحلة البحث عن لقمة العيش. تقول الكاتبة على لسان أم فرح: “لها ولدان في بغداد، يعملان هناك دون أن يتما مرحلة الدراسة الجامعية لصعوبة الحياة، وعدم توافر الأمن، بينما زوجها خريج كلية الهندسة في جامعات إنجلترا حمل خبرته وأتى ومعهما فرح الشابة المراهقة، أخبرهم بعض الأصدقاء أن ليبيا بلد واسع كثير الخيرات، وأهلها كرماء وإدارتها متساهلة مع الغرباء. وقالوا إن كل من ذهب إليها وعاد ومعه ثروة كبيرة”. فمن خلال بناء الكاتبة لتلك الشخصيات وفي سردها لمسارها وتنقلها وحركتها وما يعتري عالم الغربة من أحداث، تنقل صوراً واقعية تصور حال هؤلاء الضحايا الذين يقعون تحت وطأة مافيا الهجرة غير الشرعية “صعقت أم فرح وبدا الذعر واضحاً على ملامح وجهها: لا يمكن، هذه مقامرة، أنت تبيعين روحك لاثنتين من النساء اللواتي يعملن بالنصب، هل دفعت لهما المال؟ هل قابلت الرئيسة أم الوسيطة؟”. يشعر كل من يقرأ فصول الرواية أنه يذهب في رحلة طويلة لا رجوع منها، في كل محطة، تنقل الكاتبة حقيقة ومفاهيم وبنى ذهنية مغلوطة بحاجة إلى المزيد من إعادة النظر تقول: “اكتشفت أن عالم الهجرة هو آلاف البشر الذاهبين إلى مصير مجهول في الحياة (...) مرة أراهم يشبهون أولئك الذين يفجرون أنفسهم كل يوم في بغداد وفلسطين، وهم على اعتقاد تام بأن ما ينتظرهم هو الشهادة فقط وليس الموت، ومرة ثانية أراهم ذاهبين نحو الموت انتحاراً، وأسأل نفسي: بأي قدر من الشجاعة والقوة يتحلون؟”. وفي رحلة المجهول هذه لا تنسى الكاتبة أن تُعرج على عالم المرأة وأسراره الدفينة فخطت لنا حالات، جسدت فيها مفاهيم الصداقة، الحب، الخيانة، الزواج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©