السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إبراهيم المحرزي ترك العمل الصحفي لإكمال مسيرته العلمية

إبراهيم المحرزي ترك العمل الصحفي لإكمال مسيرته العلمية
21 أغسطس 2011 22:58
عاش إبراهيم أحمد بن طاهر المحرزي الطفل الصغير في منزل أخوات الجد بن طاهر المحرزي اللاتي تزوجن وعشن في إمارة الشارقة، بعد أن انفصال الأبوين، وهو لا يزال صغيراً في الثانية من عمره، فأخذه والده إلى شقيقات جد والده في إمارة الشارقة بمنطقة المريجة، وبعد ذلك صحبه في رحلة علم في المملكة العربية السعودية، وقد عاش إبراهيم مدة خمس سنوات في الشارقة. (رأس الخيمة) - لا يتذكر إبراهيم أحمد بن طاهر المحرزي والده عندما كان قد غادر إلى المملكة العربية السعودية، ولكنه أخبر عن ذلك فيما بعد، وكان سفر أحمد بن طاهر المحرزي حين تم فتح باب العلم في عام 1954، وعاش فيها من أجل العلم، حيث درس في منزل أحمد سنان في الرياض، وتلقى على يديه مختلف العلوم ومنها حفظ القرآن والحساب، وقد أخذه معه إلى الرياض وهو في عمر الخامسة. الزي الوطني حول ذكرياته عن تلك الفترة، قال إبراهيم، إن المدرسة كانت تبعد ما يقارب 7 كيلومترات، والرياض من المدن شديدة البرودة في الشتاء، ولذلك كان الذهاب إلى المدرسة معاناة يومية لطفل في الصف الأول أو الثاني، يسير وحيداً بعد الفجر ويتجرع مرارة البعد عن الأم، ولكنه يتذكر أن والده يحاول دوماً أن يشغل ذلك الفراغ الذي يشعر به. عندما يعود من مدرسته متعباً من اليوم الدراسي وطول الطريق ربما لا يجد والده ولا يجد من يعد الطعام، حيث لم يكن معهما أحد، ولم يكن إبراهيم يقبل أن ينتظر حتى يعود الوالد المتعب، ولذلك كان يعد الغداء ويجهز المكان، الذي كان عبارة عن غرفة كبيرة من الطين والتبن، وقد كان في الصف الثاني الابتدائي عندما أنهى والده العلم الذي جاء من أجله في الرياض. أخرجه والده من المدرسة وعاد للوطن ليذهب به إلى منطقة مسافي، التي كانت آنذاك عبارة عن قرية صغيرة تتبع لإمارة رأس الخيمة، ولم تكن بها أي مدرسة في ذلك الوقت، وكان يعلم ابنه ما يستطيع من علوم شرعية، وبعد 1964 تم فتح أول مدرسة، ولكن والده رفض أن يسجله فيها. وعندما سأل الناس والده عن السبب، قال إنه لا يقبل أن يبدل ابنه زيه الوطني ببنطال وقميص يخص الغرب، وخلال تلك الفترة تزوج والده من سيدة أخرى من دبا الحصن في المنطقة الشرقية، وكانت نعم الأم والمربي، ولأن والده كان رجلاً معروفاً، فقد تحدث معه الشيخ صقر بن محمد القاسمي، رحمة الله عليه، حاكم إمارة رأس الخيمة، عن طريق مندوب أناب عنه وأوصاه بأن يعلم ولده؛ لأنه هو ذاته رجل متعلم، ولكنه أصر على الرفض، وأرسل مع المندوب يقول إنه قد قرر السفر إلى دولة قطر مع أسرته، حيث وجد فرصة جيدة للعمل هناك. فترة الطفولة بقي إبراهيم مع شقيقه محمد دون تعليم نظامي لمدة أربع سنوات، وبعد أن حط أحمد بن طاهر الرحال مع أسرته في قطر أدخلهم إلى المدرسة؛ لأن دولة قطر كانت مستمرة في تطبيق نظام الزي الوطني الكندورة والغترة، وتوظف والدهم في الشؤون الإسلامية والأوقاف إماماً وخطيباً في أحد مساجد المدينة، وفور استقراره أخذ إبراهيم إلى المدرسة، ولم يكن يحمل إلا شهادة الثاني الابتدائي، وقد أجري له اختبار تقييم في مدرسة «طارق ابن زياد» في الدوحة، وتخرج من المدرسة في السادس الابتدائي، وانتقل إلى الإعدادي ثم الثانوية في المعهد الديني. يتذكر إبراهيم أن الأسرة كانت تعود في كل صيف إلى الإمارات، وفي بعض الأحيان كان والده يحن إلى السعودية فيذهبون في رحلة عبر البوم أو اللنش الخشبي الذي يسير بشراع ومجداف، وتستغرق الرحلة ثلاثة أيام، وقد تعرضوا عدة مرات للغرق عند السفر، وكان النوخذة يذهب بالسفينة إلى أي جزيرة ويقول «سوف نبندر في الجزيرة الفلانية»، وتعني أن ترسو السفن في ميناء آمن عند وقت الشدة. ويقول إبراهيم إنهم كانوا يأكلون بيض الطيور التي تعشش في الجزر لعدم توافر طعام؛ لأن كل سفينة كانت تقل عدداً كبيراً من الركاب، ومن بين الجزر التي ترسو فيها السفن جزيرة داس والصير، وقد صادف أن قضوا خلال إحدى السفرات ثلاثة أيام في جزيرة داس، ولكن كان الطعام متوافراً فيها؛ لأن فيها ممثلية لحكومة أبوظبي، واستغرقت تلك الرحلة عشرة أيام. الاعتماد على النفس عندما كان إبراهيم طالباً في قطر لم يعتمد على أخذ المصروف من والده، فهو يحب الاعتماد على نفسه؛ ولذلك يذهب إلى سوق الكتاتيب بعد المدرسة، ويكتب رسائل لكل من لم يتعلم ويرغب في مراسلة أحد، سواء داخل دولة قطر أو خارجها، ويذهب إلى السوق ويتخذ له مكاناً، وكان برفقته اثنان من شباب الإمارات. أحد الشابين الصغيرين كان صالح حسن الظفري والآخر إبراهيم الظفري رحمة الله عليه، وهما من إمارة عجمان، وكان الأخير متفرغاً تماماً لكتابة الرسائل، ويستمر سوق الكتاتيب من وقت العصر وحتى أذان المغرب، وكان ما يحصل عليه يكفي ويفيض أحياناً عن الحاجة، وقد اجتهد كي يشتري لنفسه دراجة هوائية. ويذكر إبراهيم أن والده كان قد سافر في إحدى السنوات إلى الشارقة، وتركه مع عمته زوجة والده وإخوته في قطر، وطالت الزيارة وانتهى المصروف ولكن إبراهيم بفطنته استطاع ينفق من مصروف كتابة الرسائل على الأسرة، ولم يكن قد تجاوز السادسة عشرة من عمره، وهداه تفكيره إلى إيجاد مصدر دخل آخر فأخذ مبلغاً صغيراً وذهب إلى سوق الخضراوات، واشترى كمية صغيرة بالجملة وبدأ في بيعها بالمفرق، وحصل على ربح جيد كان كافياً للنفقات الأسرة حتى عاد والده. وعندما وصل إبراهيم للصف الثاني الإعدادي في دولة قطر قرر والده العودة إلى الإمارات ليزوج إبراهيم، فطلب منه أن يتيح له أن يكمل تعليمه حتى يكبر ويعرف مسؤوليته تجاه الزوجة والأسرة، ولكن لم يوافق على طلبه، وتزوج إبراهيم وهو في الصف الثالث الإعدادي، وعاش مع والده وزوجته في الإمارات، وقد اختلف ذات يوم معه فقام بطرده من المنزل. المشوار المهني الزوجة كانت تقيم في مسقط رأسها في منطقة دبا الحصن، والشاب اليافع قد تعلق بزوجته وفي تلك الفترة قامت الدولة واتحدت الإمارات، ولذلك وجد فرصة جيدة للعودة إلى الدولة كي بحث عن وظيفة جيدة؛ ولأنه لا يملك تكاليف العودة فقد كتب رسالة لأمير دولة قطر وشرح له وضعه، فصرف له جميع نفقات السفر وعاد للدولة. التحق إبراهيم بمدرسة «جابر بن حيان» في إمارة أبوظبي، ولكن لم يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر، وما كان منه إلا أن أخذ زوجته وعاد إلى دولة قطر؛ لأنه شعر بحنين شديد لها ولوالده، وعند نهاية العام عاد للإمارات. وبدأ في البحث عن عمل، وكانت أول وظيفة في إدارة الجنسية والجوازات في أبوظبي، وقد أقنع المسؤولين بالحصول على نقل إلى الشارقة، وقد بقي في تلك الوظيفة من عام 1974 إلى 1976 وخلال تلك الفترة فكر في الالتحاق بالمركز المسائي لتعليم الكبار ليكمل تعليمه. وحصل على منحة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وكانت عبارة عن منزل من غرفة ومطبخ وحمام، فأتى بزوجته واستقر معها وقد رزق بطفل أسماه سعود، وعندما وجد أن هناك فرصة جيدة تلوح له بالعمل في وزارة الإعلام والثقافة بوظيفة مشرف على القوافل الثقافية لم يدع تلك الفرصة تفوته. عمل إبراهيم معلقاً ضمن الحملات الوطنية التي انطلقت عام 1976 لتوعية أهل البادية والجبال بأهمية التجمعات السكانية ضمن المساكن الشعبية، وحول الأمومة والطفولة والتعليم والصحة العامة وأهمية إلحاق الأطفال بالتعليم، واستمرت تلك الحملات حتى الثمانينيات، وقد فكر إبراهيم بالعودة إلى مسافي. «صوت الجامعة» عندما أنهى إبراهيم «الثانوية العامة»، كان قد بدأ خلال السنة الثانية من الدراسة في الكتابة صحفياً متعاوناً في جريدة «الاتحاد»، عن تلك الفترة يقول إنه بفضل اجتهاده أصبح محرراً وصحفياً للتحقيقات، وكان يغطي المنطقة الوسطى، وفي الوقت ذاته كانت لديه سيارة أجرة يعمل عليها بعد نهاية الدوام اليومي؛ ولذا ترك العمل في القوافل الثقافية وتفرغ للعمل الصحفي، والتحق بجامعة الإمارات، ولكن رئيس التحرير حينها رفض منحه التفرغ للجامعة، وفكر إبراهيم ثم عرض على رئيس التحرير أن ينقله إلى مكتب العين. اقتنع رئيس التحرير بأن يمنحه الفرصة كي ينفذ له صفحتين تحت عنوان «صوت الجامعة»، على أن يعفيه عن تغطية المنطقة الوسطى، فوافق فوراً وانتقل إبراهيم لمدينة العين والتحق بقسم الإعلام وتم تكليفه بالإشراف على صفحتي «صوت الجامعة» مع مسؤولية التحرير، وعندما تحدث الطلبة عن تأسيس جمعية إعلامية لطلبة قسم الإعلام بكلية الآداب، كان ضمن المؤسسين ومنح منصب رئيس الجمعية. تخرج إبراهيم ضمن دفعة 1986، ولم يفكر في الدارسات العليا، ولكنه وجد تشجيعاً من زملائه وعمل كي يصبح معيداً في الجامعة فيسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الماجستير، وفي مرحلة لاحقة اصطحب أسرته معه ليستقر الجميع هناك للدراسة، وثمن ذلك الحلم بأن يترك الصحافة ليحصل على ماجستير في إدارة وسائل الإعلام. تخرج أبناؤه سعود وفاطمة وعبدالله وسمية وعمار من «الثانوية» في أميركا، وعندما التحق ببرنامج الدكتوراه كافح حتى وصل للسنة الثالثة، ولكن شاءت مشيئة الله أن تصاب زوجته بمرض، فآثر أن يبقى إلى جوارها ويتابع أبناءه خلال فترة علاجها، ولذلك ترك جامعة الإمارات، وعمل رئيس قسم العلاقات العامة في بلدية الشارقة وأسس قسماً للعلاقات العامة. وفي عام 2001، ترك العمل في بلدية الشارقة بعد أن حصل على عرض عمل مديراً للعلاقات الخارجية في المركز الدولي للزراعة الملحية، وقام بتأسيس مدرسة خاصة في الشارقة، ولا يزال في وظيفته وقام بتوظيف من ينوب عنه لإدارة المدرسة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©