الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ارتفاع درجة الحرارة ونقص الأمطار يهددان شرق سوريا بكارثة بيئية

ارتفاع درجة الحرارة ونقص الأمطار يهددان شرق سوريا بكارثة بيئية
16 نوفمبر 2010 20:28
تقوم قبيلة عنيزة برعي الجمال في أراض تغطيها الرمال شمالي نهر الفرات منذ أكثر من 1400 عام، ولكن نقص الماء جعل أسلوب حياتها ذكرى بعيدة. وأدى الجفاف خلال السنوات الخمس الماضية إلى نفوق 85% من الماشية في شرق سوريا، حيث عاشت قبائل عنيزة منذ القدم. وغادر ما يصل إلى نصف مليون نسمة المنطقة في واحدة من أكبر موجات الهجرة الداخلية في سوريا منذ أن استقطعت فرنسا وبريطانيا الدولة من الامبراطورية العثمانية في عام 1920. وساهمت الآبار، التي حفرت بطرق غير مشروعة لري محاصيل القمح والقطن المدعمة، في تدمير مخزون المياه الجوفية. وتحولت المزارع التي تعتمد على الأمطار إلى أرض قاحلة ودمرت أمراض مثل صدأ القمح المحاصيل هذا الموسم. وخلال العقد الماضي، أضحت الأمطار أكثر ندرة. وتوضح بيانات رسمية أن متوسط كمية الأمطار المتساقطة نزل إلى 152 مللمتراً من 163 مللمتراً في التسعينيات و189 مللمتراً في الثمانينات. وتعرضت المنطقة لموجة حرارة غير مسبوقة هذا العام وتجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية لمدة 46 يوماً على التوالي في يوليو وأغسطس. وأصبحت سوريا مستوردة للقمح مما قوض سياسة الدولة الرامية إلى لتحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء. وتتوقع نماذج المناخ أن تصبح المنطقة أكثر جفافاً وتسودها درجات حرارة أعلى خلال القرن الحالي. ويقول وزراء وسكان إن عوامل أخرى تسهم في تفاقم المشكلة. وقالت وزيرة البيئة كوكب داية في مؤتمر للمياه في دمشق الشهر الماضي إن التلوث لعب دوراً في تدهور 59% من الأراضي الزراعية، حيث استخدمت على نطاق واسع مياه صرف صحي غير معالجة في الري. ويقول سكان إن الفساد وسوء الإدارة هما السببان الرئيسيان للأزمة ويشيرون لأراض تابعة للدولة وتدار بشكل سيئ وإلى سياسات على غرار ما كان مطبقاً في الاتحاد السوفيتي سابقاً، إلى جانب حفر قنوات ري تصل إلى أراض مملوكة لأشخاص ذوي نفوذ واسع في أراض أخصب في الغرب. ويقول أحمد المهباش رئيس اتحاد الفلاحين بمحافظة الرقة “يبعد جب شعير ثلاثة كيلومترات فقط عن القناة، ولكن أنظر مدى جفاف الأرض في القرية”. وأقامت الدولة شبكات ري في الشرق في السبعينات وعززت الدعم المقدم لزراعة القمح والقطن، مما أكسب حزب “البعث” تأييد القبائل. لكن شبكة الري التي بناها السوفييت فشلت في ملاحقة النمو السكاني خلال العقود الثلاثة الماضية. وينمو تعداد سكان سوريا البالغ 20 مليون نسمة بمعدل 2,5% سنوياً. وتشهد مدينة الرقة عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه والتي بناها الإسكندر الأكبر تراجعاً مستمراً. ويعطي سور المدينة المشيد على شكل حدوة فرس ومتحف داخل قصر يرجع إلى أيام الانتداب الفرنسي لمحة عن المدينة الجميلة التي كانت في فترة ما الخط الأمامي في المواجهة بين البيزنطيين والفرس وفي وقت لاحق اختارها الخليفة المنصور مؤسس بغداد والخلافة العباسية عاصمة ثانية بعد بغداد. وخارج المدينة يوجد جب شعير، وهو معقل قبلي حيث تحول لون مياه نهر الفرات إلى اللون البني بسبب مياه الصرف واسودت قطع من الأرض نتيجة الملوحة وتبدو كأنها غمرت بالزيت. ودمرت دودة القطن محصول القطن. وتنمو أشجار الزيتون والموالح متباعدة في أراض قاحلة حفر أصحابها آباراً من دون ترخيص. ويلمح مسؤولون للحاجة لإصلاح نظام الدعم الزراعي الذي يحمله اقتصاديون مستقلون وخبراء مياه مسؤولية حالة الفوضى البيئية وتراجع موارد المياه. وقال وزير الزراعة إن دعم الأسمدة أُلغي مما ساعد على تقليص الفساد. وتفيد أرقام رسمية بأن حصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي انخفضت عشر نقاط مئوية إلى 13% في السنوات الخمس الماضية. ولا تزال الزراعة تستهلك ما بين 90 و95% من موارد المياه في سوريا. وساعدت الروابط القبلية مع السعودية أبناء قبيلة عنيزة على التكيف مع الجفاف بصورة أفضل من نظرائهم في الشرق والذين يعيشون الآن في أحياء فقيرة حول دمشق وحلب وحماة. وأغلب سكان جب شعير من النساء والأطفال، لأن الرجال إما في السعودية أو يحاولون الوصول إليها بحثاً عن فرص عمل بسيطة. ويستشري الفقر والجهل بينما الخدمات الحكومية ضعيفة أو منعدمة. وتربي مريم الفلج خمسة أطفال بمفردها بعد أن وجد زوجها فرصة عمل كراع في السعودية بعد أن نفقت ماشيته. وتقول “لم يحصل أحد أبنائي على أي تطعيمات لأن مسؤولي الصحة في الحكومة لم يعودوا يأتون إلى هنا”.
المصدر: جب شعير (سوريا)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©