السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دول جنوب الصحراء الإفريقية تبحث عن أنموذج للتنمية

دول جنوب الصحراء الإفريقية تبحث عن أنموذج للتنمية
30 ديسمبر 2019 01:36

باريس (أ ف ب)

بعد نحو 60 عاماً على موجة الاستقلال في 1960، ما زالت دول جنوب الصحراء الإفريقية تبحث عن أنموذج لتنميتها، لتلبية احتياجات شباب يتطلع بطموح إلى المستقبل. وحول إمكانية قياس الطريق الذي قطعته أفريقيا منذ الستينيات، يشدد الخبراء على صعوبة تقديم وصف دقيق لتطور قارة تبقى أشبه «بصحراء إحصائياً».
وتقدم مؤسسة «مو إبراهيم» في تقريرها لعام 2019 حول حوكمة أفريقيا مثلاً، أن هناك «8 دول إفريقية فقط تمتلك نظام تسجيل الولادات يغطي 90% على الأقل من السكان، و3 فقط تغطي (أنظمتها) وفيات 90% على الأقل من السكان». إلا أن بعض المعطيات التي يتم الحصول عليها من قاعدة بيانات المؤسسات الدولية الكبرى، وهي جزئية بالتأكيد، تسمح برسم صورة.

مليار نسمة
يقول البنك الدولي إن معدل العمر في أفريقيا زاد 20 عاماً في السنوات الستين الأخيرة، مدفوعاً بالتقدم في الطب، رغم أوبئة الإيدز والملاريا والسل. وارتفع عدد السكان من 227 مليون نسمة في 1960 إلى أكثر من مليار في 2018 وسيبلغ الضعف في 2050، حسب التقديرات. وتأتي نيجيريا وإثيوبيا والكونغو الديمقراطية في طليعة النمو السكاني.
وأفريقيا هي القارة التي تضم أكبر عدد من الشباب في العالم. ففي 2015، كانت أعمار أكثر من 60% من النيجيريين تقل عن 20 عاماً، حسب الأمم المتحدة.
ويوضح عالم الاجتماع الكاميروني فرنسيس نيامنجو أن «أكبر تغيير» منذ ستينيات القرن الماضي هو «ظهور شباب عاطلين». ويضيف أنهم «شباب مستعدون للانفجار في أي لحظة؛ لأنهم في حالة جوع للحريات السياسية والفرص الاقتصادية ولتحقيق آمالهم الاجتماعية».
هذا الشباب الضائع فريسة سهلة للمجموعات المسلحة، عندما لا يحاول الهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا، ويموت في أغلب الأحيان.

فقر ولا مساواة
وارتفعت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر، بأقل من 1.90 دولار يومياً، من 41.4% من السكان في 1990 إلى 54.7% في 2015، حسب أحدث إحصاءات البنك الدولي.
لكن هذا المعدل يحجب فروقاً كبيرةً بين بلد وآخر، بين الغابون (3.4% من السكان في 2017) ومدغشقر (77.6% في 2012).
وقال الخبير الاقتصادي التوجولي كاكو نوبوكبو، إن «التفاوت بين الدول كبير بالدرجة نفسها التي في آسيا، والتفاوت داخل الدول كبير بالدرجة نفسه التي تشهدها أميركا اللاتينية».
ويرى كريستوف كوتيه، الخبير الاقتصادي في الوكالة الفرنسية للتنمية، أن «قياس التفاوت سيئ جداً، فليست هناك أي معطيات حوله، بينما هذه المسألة أساسية في أفريقيا».

حصيلة الخسارة
شهد اقتصاد القارة الإفريقية مرحلة انتعاش حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي، ثم فترة أزمة لعقدين (أزمة الدين وسياسات التصحيح الهيكلي)، قبل «نهضة» في الألفية الجديدة.
ويدل على ذلك الارتفاع المستمر لإجمالي الناتج الداخلي للفرد الواحد من 1112 دولاراً في 1960 إلى 1531 في 1974 و1166 في 1994، ثم 1657 في 2018، حسب البنك الدولي.
لكن جان جوزف بوالو، الباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، يتحفظ على هذه الأرقام لأنها «تغطي القطاع المسجل، الرسمي» وليس «الاقتصاد الواقعي» غير الرسمي، إلى حد كبير.
ويضيف كريستوف كوتيه: «إذا وضعنا حصيلة لستين عاماً نرى أنه حدث أمر خطير في أفريقيا، لقد خسرنا عشرين عاماً، لكن يجب ألا ننكر أن ما يحدث الآن يتسم بإيجابية أكبر».
ويعبر كاكو نوبوكبو مؤلف كتاب «الوضع الإفريقي الملح، لنغير نموذج النمو» عن أسفه لأنه «بالتركيز على الأمد القصير على حساب الاستثمارات في مجال التعليم والصحة والتأهيل، كسرت برامج التصحيحات الهيكلية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيوية التنمية».

أنموذج مفقود
تسعى أفريقيا لإيجاد أنموذج تنموي، بينما قطاعها الصناعي الضعيف والقطاع الزراعي هو الغالب.
وقال كاكو نوبوكبو: «لم نخرج من الأنموذج الاستعماري. في النهاية تبقى أفريقيا منتجة ومصدرة للمواد الأساسية» من الكاكاو إلى اليورانيوم، موضحاً أنها «تستورد موادها الأولية بعد تصنيعها».
وأضاف أن «هذا واضح بشأن القطن، حيث يتم تصدير 97% من القطن الخام. لكن تصنيع المواد الأولية هو الذي يخلق القيمة والوظائف». ورأى جان جوزف بوالو أن «أفريقيا ما زالت في مرحلة البحث عن نموذج اقتصادي للتنمية».
وأضاف مؤلف كتاب «أفريقيا والصين والهند ستصنع عالم الغد» أن «هناك تطوراً ضئيلاً جداً للصناعات المحلية. وهذا لا يمكن أن يتم إلا بحماية صناعية قوية جداً، لكن مواصلة التبادل الحر تخترق هذه الحماية».

الحوكمة
قال فرنسيس نيامنجو إن «مسؤولينا السياسيين يجب أن يبذلوا جهوداً كبيرة للدفاع عن مصالح الأفارقة، وليثبتوا أنفسهم في علاقاتهم مع بقية العالم».
من جهته، رأى كاكو نوبوكبو أن «أفريقيا لا تتطور لأنها عالقة في فخ الواردات والمستفيدين الأوائل منها. ويجب تشجيع الديمقراطية وانتخابات حرة وشفافة، ليكون هناك قادة شرعيون يهتمون بالمصلحة العامة، وهذا غير متوفر حالياً».
وبين أكثر 40 دولة فساداً في العالم في 2018، كانت هناك 20 دولة في جنوب الصحراء الأفريقية، حسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية للفساد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©