14 نوفمبر 2010 21:32
نظم بيت الشعر التابع للمركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، أمس الأول في مسرح أبوظبي بكاسر الأمواج بأبوظبي أمسية شعرية للشاعر اللبناني شوقي بزيع قرأ فيها منتخبات من شعره، وتأتي الأمسية احتفاء بالشاعر بمناسبة فوزه بجائزة سوق عكاظ للشعر العربي 2010 عن قصيدته “مرثية الغبار” ومجمل شعره، وحضر الأمسية عدد من الشعراء والأدباء والمهتمين بالشعر وقدمت الشاعر شوقي بزيع للجمهور الإعلامية لينا القاضي. وأكدت القاضي في تقديمها أن شوقي بزيع صوت مهم في خريطة الشعر العربي، استطاع عبر شعره أن يؤكد تقنيته الخاصة ومقوله المتفرد وبذلك استحق أن يكون في مقدمة شعراء القصيدة العربية.
واستهل الشاعر حبيب الصايغ المدير التنفيذي للمركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة الأمسية بكلمة رحب بها بالشاعر شوقي بزيع في أبوظبي، حاضنة الثقافة العربية وقال:
“من هنا لا يبدأ الشعر، لكنه يتوقف يقيناً، لفتة أو وهلة أو دهراً، ويتوقف، يقيناً، عمراً مكتظاً بالمفارقة والحياة والموت والأمل، لا يبدأ الشعر من هنا، لكن بيت الشعر في أبوظبي لحظة مزهوة بالتتويج، وباستقبال ما يأتي وكأن المستقبل الفناء إلى طلوع الروح، وإلى طلوع الجسد”.
وأضاف الصايغ: “من أجل هذا كان بيت الشعر في أبوظبي، وهو إذ يحتفي اليوم بشاعر أصيل ومجدد مثل شوقي بزيع، فإنه عبر تكريم هذه القامة الفارعة يحتفي بمقام الشعر، ويرسل إلى كل المثقفين العرب، وكل المؤسسات الثقافية العربية، في زمن الزيغ الواضح، وزمن الانخراط الواضح في الوهم هذه الرسالة”.
وقال: “كان الشعر قديماً وسيبقى... المبشرون بموت الشعر يذهبون وحدهم إلى الجحيم، ويبقى الشعر العربي ليمنحنا تلك الطاقة المعنوية الهائلة التي نستعين بها على تحمل كوابيس الحياة، وتحقيق أحلام الحياة”.
واختتم الصايغ كلمته بالقول: “الرهان أن يستمر الشعر فناً خالداً ومبشراً وألا يأخذنا الماديٌّ في حياتنا بعيداً وأبعد من اللازم، وأن يظل الحنين العميق يضيء بين جوانحنا وفي خلايانا، عكاظ اليوم، هذه الليلة. في مسرح أبوظبي، وليس في وسعنا، ولا نريد، أن نمنع جنيات البحر من النشوة والفرح والشعر”.
ثم قرأ الشاعر شوقي بزيع عدداً من قصائده التي مثلت مختلف مراحل تطور بنية القصيدة لديه وهي: “الشاعر” و”فجوة الشقاء” و”مرثية الغبار” و”أية امرأة أنت” و”تعديل طفيف” و”حوار مع ديك الجن الحمصي” و”قمصان يوسف”.
ومن قصيدته “الشاعر” يقول شوقي بزيع:
دائماً يكتب ما يجهله
دائماً يتبع سهماً غير مرئي
ونهراً لا يرى أوله
ينهر الأشباح كالماعز
عن أقبية الروح
وكالساحر يلقي أينما حلّ عصا الشك
ليمحو بعضه بعضاً
وفي خطاب شوقي بزيع يبدو موجهاً للشعراء، بل الشاعر الذي يعيش غربته بين أنا والآخرين كون الخطاب بضمير الغائب الذي عرف شوقي كيف يوظفه ببراعة بعيداً عن “أناه” الذاتية إلى “أنا” الشاعر الغائب.
ثم قرأ مقاطع من قصيدته “مرثية الغبار” التي يقول فيها: هيئوا لي ثلوجاً على قمم الأربعين / وشوكاً لكي ينحني جسدي فوق صباره المر/ واستمعوا للخريف / الذي تتعاظم صفرته/ في أقاصي الذبول/ ولا تعدوني بشيء/ سوى ما تزين لي وحشتي من كوابيسها/ وارفعوني قليلاً/ لأشهد قصدير روحي الذي يلمع الآن فوق سطوح المدن.
هنا يتجلى شوقي بزيع في التقاط ما يحيط بالمرثي، حيث وصلت به السنون إلى حافة الأربعين ولأنه يضع هذا السطر الشعري لازمة “هيئوا لي ثلوجاً على قمم الأربعين “ تراه يعد من توصيف الجو العام للقصيدة عبر “هيئوا” و”استمعوا” و”لا تعدوني” و”ارفعوني” وفي مجملها خطاب جماعي وكأنه بذلك يقترب من “مالك بن الريب” في مرثيته الكبرى “ألا ليت شعري” كونه استباقاً لواقعة موته التي تخيلها شوقي بزيع ثانية، ولكن تبقى مخيلة شوقي بزيع إضافة نوعية ومعاصرة في بنية القصيدة الحداثية في تناصاتها مع الموروث العربي، إنه شاعر يتمتع بحس مرهف في توقيع اللفظة وفي دلالة الجملة وفي قوة السبك.
وشوقي بزيع من الشعراء القلائل الذين صنعوا لأنفسهم شهرة بارزة تجاوزت حدود الشعر، وذلك من خلال سيرته المعروفة، وحضوره المختلف كشاعر مقروء من الشرائح المختلفة، كما أنّ عدداً من قصائده قد ترجمت إلى لغات عدّة أبرزها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والفارسية، وصدر للشاعر ثلاث عشرة مجموعة شعرية، منها: “عناوين سريعة لوطن مقتول”، “الرحيل إلى شمس يثرب”، “وردة الندم” ، “مرثية الغبار”، “كأني غريبك بين النساء”، “قمصان يوسف”، “سراب المثنّى”، “لا أريد لهذه القضية أن تنتهي”، “صراخ الأشجار”. كما وصدرت له كتب نثرية، منها أبواب خلفية، هجرة الكلمات، وبيروت في قصائد الشعراء.
المصدر: أبوظبي