17 فبراير 2008 01:19
يبدو أن جوز الهند يعرف جيداً حلو مذاقه وكثرة فوائده، لذا يتدلل ويبدي مقاومة قبل أن يخلع قناعه القاسي ويفتح قلبه لشاريه، فيدهشه ببياض قلبه ورقته، قبل أن يمنحه طيبه وخيره·
ويبدو أيضاً أن موطنه الأصلي ليس الهند كما يُستشف من اسمه! بل في بعض دول آسيوية وأفريقية تطل على المحيط الهندي كإندونيسيا، وسيلان، الملايو، وتنزانيا وكذلك المكسيك، بينما في الوطن العربي، وحدها ظفار في سلطنة عمان تشتهر بزراعته·
يذكر تاريخياً أن الفراعنة عرفوا ''جوز الهند'' وكانوا يسمونه ''خامنن'' وقد عثر علماء الآثار -بحسب منشورات القرية الفرعونية في القاهرة- على ثماره في مقبرة ''ذراع أبو النجا'' وعلى شجرة منه في حديقة ''آنا'' بأسوان (توجد إحدى الثمار في متحف فلورنسا) بما يؤكد أن بلاد النوبة كانت موطنه· أما العرب القدامى فقد أسموها ''النارجيل'' كما أشارت بعض كتبهم·
يُعدّ جوز الهند مصدر غذاء للإنسان، يُشرب ماؤه، وينفع زيته في المأكولات، وثماره لذيذة المذاق تؤكل قطعاً أو مبشورة لتستخدم في صنع عشرات الأصناف من الحلويات والمأكولات· كما تدخل مكوناته في صناعة الصابون الطبيعي، ومنتجات التجميل للجنسين، فهو مرطب للجلد وملطف للشعر ومضاد لقشرة الرأس، ومجدد لطاقة الإنسان عبر زيت التدليك·
يقول المهندس الزراعي يوسف الصايغ: جوز الهند من فصائل النخيل، وتتألف مكوناته الكيميائية من زيت دهني يحتوي على أحماض'' اللوريك والباميليك والكابريليكو الستياريك واللينوليك والكابروك''، ومعادن ''الفوسفور والكالسيوم والحديد والبوتاسيوم''، وكذلك بروتين وسكريات·
يستفاد من جذوعه لبناء المنازل والقوارب، ومن خوصه وليفه لصناعات مختلفة (تتشابه مع المنتجات التي يوفرها النخيل) فضلاً عن تشكيلات فنية وتصاميم ومشغولات يدوية من غلافه القاسي، وخيره دائم لأنه ليس شجراً موسمياً، بل يستمر إنتاجه على مدار العام·
وجاء ذكره في كتب الطب لدى العرب، حيث وجدوا فيه فوائد علاجية عديدة، فقال ابن سينا: ''ينفع النارجيل لأوجاع الظهر والركبتين، ويعالج الكلى والمسالك البولية، وللسعال والربو''· وقال ابن البيطار''إنه يسخن الكلى، ويفيد في تسكين وجع الظهر، ويحسن التنفس، ودهنه أفضل دهان للبواسير والمفاصل''·
أما الطب الحديث، ووفق دراسة لدورية طبيبك، فإن ''جوز الهند ناجع لعلاج الكلى والمسالك البولية والربو -كما ذكر ابن سينا وابن البيطار- ومفيد لاضطرابات الجهاز الهضمي والتهاب القولون، ومضاد للبكتيريا والفيروسات بفضل حمض اللوريك، ومنشط لعملية التمثيل الغذائي عند مرضى الغدة الدرقية''·
ممنوع التصدير
تشتهر ''جزر سيشيل'' بزراعة نوع من جوز الهند لا يتوفر سوى فيها، حيث تكون الثمرة مزدوجة (ثمرتان ملتصقتان) وترفع رسمه كشعار على مؤسساتها وكافة المعاملات الرسمية، بما فيها ختم الجوازات، وتقيم له احتفالات ومسابقة ''ملكة جمال''· والغريب في الأمر، أن سيشيل تمنع منعاً باتاً تحت طائلة القانون، تصدير ثمار جوز الهند، بل لا تسمح للسائح أن يصطحب معه خارج الجمهورية ولو ثمرة واحدة، نظراً لمكانة جوز الهند لديهم·