دينا محمود (لندن)
انتقد موقع «جلوبال فيلدج سبايس» خروج قطر على الموقف الخليجي الموحد الداعم لانتهاج سياسات صارمة حيال النظام الإيراني، وذلك عبر إعلان شركة الخطوط الجوية القطرية اعتزامها توسيع رحلاتها الجوية المتجهة إلى إيران بدءاً من يناير المقبل، في استخفاف صارخٍ بالعقوبات الأميركية التي دخلت مرحلتها الثانية في الخامس من نوفمبر. وقال تقرير للموقع المتخصص بالملفات السياسية الرئيسة على الساحة الدولية، «إن الإعلان الأخير للخطوط القطرية يتعارض مع توجهات شركات الطيران الكبرى في العالم، التي أوقفت جميعاً رحلاتها إلى إيران امتثالاً للعقوبات الأميركية التي شملت إضافة إلى قطاعات النفط والمصارف والنقل البحري، شركة الطيران الوطنية، و200 شخصية إيرانية». وأبرز التقرير إقرار مسؤولي «القطرية» بأن تكثيف شبكة الرحلات الجوية المخصصة لإيران يستهدف استغلال الفراغ الناجم عن وقف شركات الطيران الأخرى رحلاتها إلى هناك، توافقاً مع العقوبات الأميركية لإجبار «نظام الملالي» على التخلي عن البرامج النووية والصاروخية، ووضع حد الأنشطة التخريبية في الخليج والشرق الأوسط. وأكد أن هذا التوجه المثير للجدل يشكل برهاناً يثبت عمق العلاقة الوطيدة التي تربط على نحو مشبوه بين قطر وإيران.
ونقل التقرير عن أكبر الباكر الرئيس التنفيذي لـ «القطرية» قوله، إن الخطوات الأخيرة للشركة تمثل دليلاً جديداً على التزام الخطوط الجوية حيال إيران، لكن دون توضيح طبيعة هذا الالتزام. وألمح إلى أن توسيع «القطرية» أنشطتها قد يلحق ضرراً بالغاً بها على المديين المتوسط والبعيد، قائلاً «إنه يتعين الانتظار لرؤية كيف ستتعامل شركة الطيران مع الضغط الذي سيأتي في نهاية المطاف من الولايات المتحدة، خاصةً أن إدارتها عازمةٌ على إرغام النظام الإيراني على التخلي عن سياساته التخريبية».
وكانت الإدارة الأميركية أكدت أكثر من مرة أنها ستفرض عقوبات على أي شخص أو جهة تواصل التعامل التجاري مع إيران، وهو ما يشكل تهديداً لا يستهان به بالنسبة لـ «القطرية» التي تعاني من الخسائر من الأصل بفعل المقاطعة المفروضة من جانب الدول الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) منذ يونيو 2017. ووصف التقرير قطر بأنها «حالةٌ شاذةٌ» على صعيد التعامل مع إيران، وذلك في ضوء المسار المغاير الذي يتخذه النظام، بخلاف ما تقوم به بقية دول المنطقة التي اتبعت سبلاً استراتيجية واقتصادية تستهدف مواجهة الخطر الإيراني.
وأوضح التقرير أن التوجه الخليجي الموحد لا ينطبق على قطر التي تواصل تبنيها نهجاً متساهلاً مع طهران، إضافة إلى إبقاء جسور التواصل مع جماعة «الإخوان» الإرهابية. وأشار إلى أن تخلي قطر عن العلاقات الوطيدة مع إيران، كان من بين المطالب الـ 13 التي قدمها «الرباعي»، بجانب مطالب أخرى مثل إغلاق القاعدة العسكرية التركية الموجودة على الأراضي القطرية.
وأكد التقرير أن «النظام القطري دفع في نهاية المطاف ثمناً للعلاقات القائمة بينه وبين نظيره الإيراني، مشدداً على أنه ليس من السهل على أي دولة أن تجد مكاناً مريحاً بالنسبة لها إذا كانت مكروهةً من جانب بقية الدول المجاورة لها»، (في إشارةٍ واضحةٍ إلى ما تعانيه قطر من عزلةٍ إقليميةٍ)، وألمح إلى أن المقاطعة التي فُرِضَتْ على «نظام الحمدين» أجبرته على الخروج بعلاقاته المشبوهة مع النظام الإيراني إلى العلن بشكلٍ أكبر، وضرب مثالاً على ذلك بالإمدادات التي تدفقت على قطر قادمةً من إيران فور إغلاق الحدود بينها وبين جيرانها.
وتطرق التقرير إلى فشل الجهود المحمومة التي بذلتها قطر منذ فرض المقاطعة عليها لاستجداء الدعم الأميركي والتأثير في موقف المؤسستين التنفيذية والتشريعية في واشنطن، وحملهما على العمل على تخفيف عزلتها الآخذة في التفاقم.
وقال في هذا السياق: «على مدار العام الماضي، استثمرت قطر عشرات الملايين من الدولارات لحشد التأييد لقضيتها داخل البيت الأبيض والكابيتول (مقر الكونجرس)»، مؤكداً أنه على الرغم من كل ذلك فالمقاطعة لا تزال قائمةً. وتفيد تقديرات بأن النظام القطري أغدق قرابة 24 مليون دولار على الأقل على حملات الدعاية التي أتت بنتائج عكسية، واضطر عددٌ من المتورطين فيها إلى إعلان قطع علاقاتهم بـ «نظام الحمدين» رسمياً على الأقل.