شروق عوض (دبي)
أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة، أن دولة الإمارات قطعت ثلثي الطريق نحو تحقيق مؤشر أهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية للعام الحالي 2019، حيث احتلت المركز الثاني عربياً على المؤشر بدرجة 66.17، الأمر الذي يؤكد مواصلة الدولة بذل المزيد من الجهود الخاصة بتحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والبنية التحتية والبيئية، وغيرها على المستويين المحلي والعربي.
وبيّن قيس السويدي، خبير التغير المناخي في الوزارة لـ «الاتحاد»، أن دولة الإمارات تعد واحدة من ضمن خمس دول من المنطقة العربية التي حلت في صدارة المنطقة كقيادات إقليمية، في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2019، بمجموع درجات على المؤشر يساوي 65 درجة أو أكثر، وحسب الترتيب التنازلي، فإن هذه الدول هي كما يلي: الجزائر، الإمارات العربية المتحدة، المغرب، تونس، الأردن، لافتاً إلى أن دولاً عدة تسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الأهداف المتعلقة بالمياه النظيفة والصحة العامة، والتصدي لظاهرة تغير المناخ، وهناك زيادات متوسطة في مستوى الأداء، فيما يخص الكثير من أهداف التنمية المستدامة، وهو أمر يدعو للقلق، حيث لم يتبقَّ سوى عقد واحد فقط لتحقيق خطة 2030، وتحتاج المنطقة إلى تسريع جهودها المبذولة في جميع مجالات التنمية المستدامة.
وتفصيلاً، قال السويدي: «حلت دولة الإمارات بالمرتبة الثانية من ضمن خمس دول قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق مؤشر أهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية، حيث تصدرت الجزائر المرتبة الأولى بدرجة 66.69، تلتها الإمارات بدرجة 66.17، وتلتها المغرب بالمرتبة الثالثة بدرجة 65.77، في حين جاءت تونس بالمرتبة الرابعة وبدرجة 65.33، أما الأردن فجاءت بالمرتبة الخامسة وبدرجة 65.28».
وأوضح أن تلك النتائج جاءت ضمن التقرير الصادر عن أكاديمية الإمارات الدبلوماسية في شهر نوفمبر الماضي (2019)، ويحمل عنوان «مؤشر ولوحات متابعة أهداف التنمية المستدامة المنطقة العربية»، لافتاً إلى أنه ضمن النتائج، فقد ظهر زخم إيجابي في مجالين مهمين يتعلقان بالاستدامة البيئية، والمياه، وتغيّر المناخ، حيث تسير العديد من الدول العربية على الطريق الصحيح لتحقيق هدف التنمية المستدامة رقم 6 (ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة) والهدف رقم 13 (اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغيّر المناخ وآثاره)، بينما هناك زيادات معتدلة في الأداء عبر العديد من أهداف التنمية المستدامة من منظور الأمن البيئي، يعتبر تحقيق أنظمة مستدامة للمياه والتعامل مع تغيّر المناخ أمرين بالغي الأهمية.
وأشار إلى أن التقرير يعد أداة تخدم الحكومات وغيرها من الجهات المعنية في قياس مدى التقدم الحاصل على صعيد أهداف التنمية المستدامة وتحديد الفجوات في كل من التطبيق والبيانات، ويهدف أيضاً إلى إلقاء الضوء على أهم الممارسات والسياسات الخاصة بمكافحة التحديات التي تشهدها دول المنطقة مثل الصراعات والفقر الشديد وشح المياه وتلوث الهواء وغيرها، كما أظهر التقرير أن المنطقة العربية تضم طيفاً واسعاً من مخرجات التنمية المستدامة، مما يعكس اختلافات كبرى في الأداء بين هذه البلدان من حيث مقاييس اجتماعية واقتصادية عدة، وتعدّ أنظمة إنتاج الغذاء المستدام والمساواة بين الجنسين من بين أبرز التحديات التي تواجه جميع دول المنطقة.
التغير المناخي
لفت السويدي إلى أن التغير المناخي يعد أحد أهم القضايا البيئية على المستويات الوطنية والعربية والعالمية، نظراً لما ينطوي عليه هذا التغير من مخاطر اقتصادية واجتماعية وبيئية، مؤكداً أن هذه القضية حظيت باهتمام مبكر وبالغ في دولة الإمارات، وتعددت الجهود التي تبذلها الدولة لمواجهة تداعيات التغير المناخي والتكيف مع تأثيراته المحتملة على النظم البيئية والقطاعات الاقتصادية، وتبنت في سياق هذه الجهود مجموعة مهمة من السياسات شملت سياسة التنويع الاقتصادي والتركيز على الاقتصاد الأخضر، وسياسة تنويع مصادر الطاقة بالتركيز على الطاقة المتجددة والنظيفة وتعزيز كفاءة الطاقة وغيرها.
وأكد أن دولة الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت تحرك فعال على مستوى تعزيز الاستثمار والتمويل لمشاريع وتوجهات الاستدامة والتحول نحو منظومة الاقتصاد الأخضر لدفع جهود العمل من أجل المناخ وحماية مستقبل البشرية من التحدي الأهم الذي يواجها حالياً، وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، حيث تم إطلاق إعلان دبي للتمويل المستدام، وإعلان أبوظبي للتمويل المستدام، وصندوق دبي الأخضر، والذي يهدف لجمع 27 مليار دولار لتمويل العديد من المشاريع الخضراء.
مسيرة الدولة
ذكر قيس السويدي أن دولة الإمارات تمتلك مسيرة حافلة في العمل من أجل البيئة والمناخ منذ تأسيسها على يد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وكونها الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تدعم وتوقع طواعية على اتفاق باريس للمناخ، وتوفيرها منصة عالمية لتقييم تنفيذ المساهمات الوطنية المحددة عبر استضافة وتنظيم اجتماع أبوظبي للمناخ يونيو الماضي، وتحفيزها للجهود العالمية عبر الإعلان عن رفع سقف مساهماتها الوطنية المحددة في قمة الأمم المتحدة للمناخ سبتمبر الماضي.
وأشار إلى أن وزارة التغير المناخي والبيئة من واقع تعزيزها لشراكة القطاع الخاص في جهود العمل من أجل المناخ، أطلقت مشروع خريطة رأس المال الطبيعي في الدولة والتي تقييم أثر المشاريع في القطاعات كافة على النظم البيئية المحلية، ودليل الأعمال الخضراء المستدامة، كما وفرت منصات تجمع المبتكرين ورواد الأعمال في الاستدامة مع المستثمرين وجهات التمويل المختلفة لضمان تنفيذ ابتكاراتهم وتحويلها لمشاريع فعالة على أرض الواقع، ومنها منصة ملتقى تبادل الابتكارات في مجال المناخ والذي تنظمه الوزارة سنوياً ضمن أعمال أسبوع أبوظبي للاستدامة، لافتاً إلى أن دولة الإمارات رغم مسيرتها التطويرية والنجاح الذي حققته على مستوى القطاعات كافة، إلا أن الفترة المقبلة تتطلب التعامل بمرونة عالية مع إشكالية التغير المناخي وتداعياتها، وتكثيف جهود التكيف المستقبلي معها، حتى لا تتسبب في تحديات قد تعيق هذه المسيرة.
من الدول الأوائل
أكدت وزارة التغير المناخي أن الإمارات تعد واحدة من أوليات الدول في المنطقة التي صادقت على اتفاق باريس الذي يلزم أكثر من 180 دولة ببذل المزيد من الجهود للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف معها، حيث تعهدت ضمن مساهماتها الوطنية الطوعية المحددة تجاه الدول عامة والدول العربية خاصة بتنويع مصادر الطاقة والوصول بحصة الطاقة النظيفة والمتجددة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي إلى 24% بحلول عام 2021.
وقال: كما رفعت الدولة خلال قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي التي عقدت في سبتمبر الماضي بنيويورك، سقف مساهماتها لتصل نسبة الطاقة النظيفة والمتجددة إلى 50% بحلول 2050، علاوة على إنشائها إطار عمل للسياسة الوطنية تماشياً مع دورها الاستباقي في دبلوماسية المناخ الدولية، من خلال التحول إلى الاقتصاد الأخضر، والذي يتسم بالقدرة على التكيف مع التغير المناخي ويعد بمثابة فرصة واعدة للتنويع الاقتصادي.
حلول ناجعة
أوضح قيس السويدي، خبير التغير المناخي أن أهم الحلول التي اتخذتها الإمارات للاستجابة لمخاطر المناخ تمثلت في الخطة الوطنية لتغير المناخ 2050 والتي تسعى إلى إيجاد إطار عام يعزز ويوحد الجهود المحلية للعمل من أجل المناخ، وإجراء تقييمات لمخاطر تغير المناخ، واتخاذ تدابير فورية بحلول عام 2020، وتعميم تخطيط التكيف في سياسة التنمية وبحلول عام 2025، وإجراء الرصد والتقييم المستمر لضمان تدابير التكيف القائمة على الأدلة خلال الفترة ما بين 2030 إلى 2050.
وقال: كما يجري العمل حالياً على إصدار القانون الاتحاد للتغير المناخي والذي من مهامه تعزيز مكانة الدولة في مؤشرات التنافسية العالمية ودعم جهود التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، وسيسهم القانون على دعم الابتكار والبحث والتطوير في مجال العمل من أجل المناخ.