السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هجاء مرير للحرب والكراهية والعنصرية

هجاء مرير للحرب والكراهية والعنصرية
24 ديسمبر 2019 01:00

إبراهيم الملا (الشارقة)

يقدم مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة في دورته الحالية الثانية والعشرين، مجموعة من الأعمال التركيبة والحروفية اللافتة ضمن العنوان العام للمعرض والذي يحمل شعار «مدى» المنفتح على التجارب العربية والعالمية التي تولي الفن الإسلامي اهتماما يتجاوز الاقتران الشكلي بما هو ماضوي ومستقرّ في ثباته الأسلوبي، كي يتعدّاه إلى ما هو أكثر انتماء لأسئلة الحاضر، ولقلق الفنان وانشغالاته واهتمامه بالتحولات الخارجية، وبما تعكسه هذه التحولات من أثر عميق على وعيه الفردي، وجانبه الروحي، وعلى أسلوب إنتاجه لأعماله الفنية.
وفي هذا السياق المتشظي بين الأنا والآخر، وبين الذات والعالم، وبين «الرؤيا» كتفسير للوجود وبين «الرؤية» كتمظهر لهذا الوجود، يقدم الفنان السوري محمد حافظ المقيم في الولايات المتحدة الأميركية مجموعة مميزة من الأعمال التركيبية المسكونة بهاجس الحرب والعنف والفوضى في بلده سوريا، وهو الهاجس الذي يتحول هنا إلى صيغة احتجاجية متخمة بأصداء الألم ومرادفات القسوة، والتي يترجمها محمد حافظ بمواد وخامات وتكوينات صلبة تخرج من جسد اللوحة المسطحة، كي تفضح وتعرّي وتكشف مآلات الحروب ونتائجها الكارثية المدمّرة على الإنسان والعمران.
ترتحل لوحات محمد حافظ بتكويناتها البارزة في اتجاهين يبدوان لأول وهلة أنهما متناقضان، ولكنها في الأصل متناغمان وبينهما من الوشائج العاطفية الكثير من الملامسات النديّة والجارحة في ذات الوقت، ففي منطقة الذاكرة تحتشد التصاوير بعالم الطفولة في البيت الدمشقي والحارة السورية الفائحة برائحة الياسمين وبالطرز البنائية الفائضة بحنينها الخاص، وتلاوينها المرهفة، أما في اتجاه الحاضر فيبرز هذا النقد المرير للوحشية غير المبررة للصراع الداخلي، وللخراب الموغل في جنونه وعبثيته، حيث أصبحت الحرب الأهلية ذريعة للتمادي في الهمجية وقهر الإنسان لأخيه الإنسان.
حملت أعمال محمد حافظ عنوان: «رحلات من حاضر غائب، إلى ماضٍ مفقود» وهو عنوان تشير مدونة المعرض بأنه يظهر وجهات نظر متباينة عن البلاد التي مزقتها الحرب، حيث يستخدم الفنان الأثاث المصغّر، والدمى، والألعاب، ومفاتيح البيانو، ومكونات الراديو القديم، لينسج عالماً مفعماً بالتفصيل الدقيق وصولاً إلى حديد التسليح الذي يخرج من قطعة الخرسانة التي تبدو وكأنها قصفت للتوّ، كما تظهر الأعمال جانباً مدمراً بالكامل من المدينة، كما لو أنه تضرّر نتيجة قذيفة مدفعية، وهذا التناوب بين الماضي المفقود والحاضر الغائب يؤكد الانطباع العام المتراوح بين السخط والأسى، وبين الخسارة والتمنّي.
تلقى الفنان محمد حافظ تعليمه في الغرب الأوسط للولايات المتحدة الأميركية، ويعبّر في أعماله عن تمازج الشرق والغرب بداخله، ويعكس فنّه الاضطراب السياسي في الشرق الأوسط من خلال تجميع الأشياء التي يعثر عليها، إضافة لاستخدامه للطلاء والمعادن الخردة، ومن خلال توظيف مهاراته المعمارية، تمكن من إبداع بيئة سوريالية شرق أوسطية، عبثية في مظهرها ولكنها مشحونة سياسيا في محتواها.
حاز حافظ على جائزة بطل فنون «كونيتيكت» بأميركا عام 2018 عن مجموعة أعماله الواسعة والمستنيرة التي تتناول أزمة اللاجئين، والحروب الأهلية، والاغتراب والهجرة في جميع أنحاء العالم، مستثمراً الفنون البصرية وتأثيرها لمواجهة خطاب الكراهية والعنف والعنصرية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©