7 أغسطس 2012
بدأت علاقته بفن الخط العربي منذ المرحلة الابتدائية، وهو ما شكل له بعض المشاكل من جراء حسن خطه، الذي جعل أساتذته يشكون في أنه أدى فرضه الدراسي بنفسه، مستغربين إجادته للخط في تلك السن المبكرة، كما ظهرت ميوله الفنية حين اتجه إلى الأشغال اليدوية كالتفريغ في الخشب بمنشار الأركيت.
وربما كان خط مدرس العلوم في المرحلة الإعدادية سبباً في تخصصه في خط الرقعة، حيث رأى أن خطه جميل، ولم يكن يعلم عن نوعه شيئاً، ثم اتجه إلى الرسم في المرحلة الثانوية، بعد فوزه في عدد من المسابقات التي أقامتها المدرسة في المرحلة الإعدادية، ولم يكن على معرفة بوجود مدارس لتحسين الخطوط إلى أن قادته الصدفة إليها، من خلال ابن خالته الذي كان في المدرسة السعيدية والتي بها مدرسة مسائية لتعلم فن الخط، فتقدم بعد إنهائه المرحلة الثانوية إلى امتحان القبول بمدرسة تحسين الخطوط.
وكانت البداية في تعلم كيفية مسك القلم ذي السن العريض، والمليء من دواة الحبر، ثم وضعه على الورقة بطريقة تتبع حركة كل حرف، وكان الامتحان في آية “وتواصوا بالصبر”، وعندما لم يوفق في تلك السنة بدأ طريق التحدي مع الذات فتمرن مع نفسه من خلال الكتب، وكان منها كتاب للخطاط محمد إبراهيم محمود، وآخر عن الخطوط العربية، وكانت لافتات الشوارع مصدراً بصرياً آخر لمشاهدة الحروف والتعرف عليها، فتجاوز امتحان القبول ووضع أمامه هدفاً جديداً هو التفوق المستمر والاختلاف عن الآخرين، متعلقاً بفن الخط، وهو ما اعتبره إدماناً يستوجب الكتابة اليومية لراحة النفس.
الاحتراف
وفي عام 1997 بدأت تراوده فكرة الاحتراف كخطاط، فقام مع صديق له بافتتاح محل خطاط، وتعامل مع الإعلانات، ويتذكر أن أكثر المشجعين له وقتها كان أستاذه الفنان مصطفى العمري، الذي رأى في الخط فنا وليس وظيفة أو مهنة، فتخرج في المدرسة الأول على صفه وعُين مدرساً بها، وكانت المناهج وقتها غير ثابتة وعلى كل مدرس أن يضع منهجه.
ويوضح محمد حسن أن المدرسة من خلال مسماها “تحسين الخطوط” لا تخرج خطاطاً، وإنما تحسن الخط وتضع الطالب على بدايات الطريق، ورغم ذلك استطاع أن ينتج أول لوحة خطية بعد 3 أشهر من بدء دراسته بالمدرسة متأثراً بالمعرض السنوي الوحيد الذي كان يقام للخط العربي في مصر داخل قاعة دار الأوبرا، والذي وصفه بأنه عيد الخطاطين، ولم تكن تلك اللوحة من إبداعه كاملا.
من ناحية أخرى، أشار حسن إلى أنه وبسبب تدريسه لفن الخط في كلية العلوم التطبيقية والفنون بالجامعة الألمانية، ارتبط بمشروع التخرج لإحدى الطالبات والذي كان عن تصميم عملة عربية موحدة، في 6 فئات اختارت لها اسم “الفلس”، ولعدم التحيز لدولة دون أخرى، وجدوا أن ما يربط تلك الدول هو اللغة العربية والتي يمكن تمثيلها بالخط العربي، فقام بكتابة الفئات الست بستة أنواع من الخطوط. وقال: أن اهتمام الجامعة الألمانية بالخط يرجع إلى ولعهم بالخط بعد درايتهم بقيمته الجمالية، حتى جعلوه مادة إلزامية من خلال دورة مكثفة لمدة شهر من كل عام، هدفها التعلم القاعدي لفن الخط ثم الاستفادة منه تشكيلياً في إخراج منتج فني تطبيقي، وقد تولى الشق الثاني أحد أعضاء هيئة التدريس الألمان.
وأضاف أن الجامعة الأميركية بالقاهرة تعتني أيضاً بالخط العربي حيث يشترط في التخرج من كلية الفنون الجميلة بها اجتياز دورتين في نوعين مختلفين من الفنون من غير التخصص، والخط أحد النوعين، وكان يُدرس بها الخط مشاركة مع أستاذ اسكوتلندي الأصل، أشهر إسلامه واتجه إلى التشكيل بالحروف العربية، يدعى عثمان أندرو يانج، فكان يقوم بكتابة النص بينما يتناوله عثمان تشكيلياً مع المحافظة على الشكل الأول للنص دون إخلال.
نماذج خطية
وقد شارك محمد حسن في ملتقى أشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم عام 2011 الذي أقامه مجمع الملك فهد لكتابة المصحف الشريف، ولظروف قدرية على حد وصفه شارك في فروعه الثلاثة، حيث سبق له أن كتب نماذج خطية تمثل الأساسيات التي جمعتها إحدى شركات البرمجة لكتابة مصحف إلكتروني، وهو أحد فروع الملتقى، إضافة إلى أنه كتب المصحف بقراءة حفص عن عاصم لإحدى دور النشر المصرية منذ 5 سنوات، والذي يمثل الفرع الثاني للملتقى، أما الثالث فكان في اللوحات الخطية.
وعن كتابة المصحف الشريف التي بدأها عام 2007 واستغرقت 4 سنوات، قال إنها تجربة ذات رهبة خاصة، فهو عمل لا يقوم على كفاءة الخطاط، حيث إن كثيرا من الخطاطين العظام لم يكتبوا مصحفاً طوال حياتهم، وربما كان العامل النفسي سببا في ذلك، فأمر كتابة المصحف يحتاج إلى تثبيت من الله، وإنه عند البدء في كتابة الصفحات الأولى انتابت يده رعشة وأحس بعدم القدرة على المواصلة، ويزداد الثقل مع عدد الصفحات، وكانت حصيلته اليومية من الكتابة صفحتين فقط، حيث كان مصحفاً خاصاً يتم فيه الدمج بين مصحف المدينة ومصحف الشمرلي الذي كتبه الخطاط سعد حداد، وكانت المشكلة في الكتابة أن ربع الحزب يكتب في صفحتين متقابلتين، بحيث يبدأ الربع بآية في أعلى الصفحة اليمنى، وينتهي بآية في الصفحة اليسرى من أسفل، وهي الطريقة التي أتت على فنيات أخرى، إلا أن هذا الالتزام جاء بسبب أن هذا المصحف خصص للذين يبدأون حفظ القرآن، كما أنه إذا استخدم للتهجد لا يحتاج المصلي إلا إلى قلب صفحة واحدة مع كل ركعة، وكانت طريقة الكتابة تحتاج إلى حسابات رياضية، مما ساعد في الوقت نفسه على توفير الورق، حيث بلغ عدد صفحاته 482 صفحة في حين أن مصحف المدينة يقع في 605 صفحات، ومصحف الشمرلي في 520 صفحة، رغم أنهما من نفس القطع. وأضاف أنه عند كتابة المصحف ظهرت بعض المواقف التي تمثل كرامات خاصة، حيث اعتاد أن يستمع إلى إذاعة القرآن الكريم، ودائماً ما كان يصادف أن يقرأ الشيخ نفس الآية التي يكتبها، هذا إضافة إلى سعة الرزق، وكان تكليفه بكتابة المصحف قد جاء رداً قدرياً على رفضه طلباً بكتابة الإنجيل.
وعن امتزاج الخط العربي بالخط اللاتيني في الورشة التي أقامها بكلية العلوم التطبيقية والفنون بالجامعة الألمانية عام 2008، أكد انبهار الخطاط الألماني بالخط العربي رغم الحرية الموجودة في الخط اللاتيني، مضيفاً أن الخط العربي يمتلك العديد من البدائل، في الحرف ونوع الخط معاً، مما يزيده في التنوع والجمال، وأن أي تغير في قياسات الحرف بالحذف أو الإضافة يتبعه تغير واضح في شكل الحرف، كما أنه خط يتآلف مع أي خط آخر، ويظل محتفظاً بخصوصيته، فهو خط ثابت متحرك، في حين أن الحرف اللاتيني ذو شكل ثابت.
المصدر: القاهرة