أحمد مراد (القاهرة)
على مدى أربعة أعوام، ارتكبت ميليشيات الحوثي الإرهابية، أبشع الجرائم والانتهاكات بحق الصحفيين والإعلاميين اليمنيين، إضافة إلى احتلال واقتحام ونهب مقرات الصحف والقنوات والإذاعات، وحجب عشرات المواقع الإلكترونية، وذلك بشهادة العديد من المنظمات الدولية، وفي سطور التقرير التالي ترصد «الاتحاد» أبرز هذه الجرائم والانتهاكات.
أول شهر للانقلاب
بعد ساعات قليلة من اجتياح الميليشيات الحوثية العاصمة اليمنية صنعاء في انقلاب الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، اقتحمت العناصر الانقلابية جميع مباني ومقرات المؤسسات الإعلامية سواء القنوات التلفزيونية أو الإذاعات أو الصحف، ودمروا بعض أجهزتها ومعداتها، واعتقلوا عددا من العاملين فيها، وأصدروا قرارات تعسفية بغلق وحجب الكثير منها.
وبعد مرور شهر واحد على الانقلاب الحوثي، وبالتحديد في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 2014، كشفت مؤسسة «حرية للحقوق والحريات والتطوير الإعلامي»، عن 52 حالة انتهاك ارتكبها الحوثيون ضد وسائل الإعلام اليمنية وعدد من مراسلي الصحف والوكالات والقنوات الأجنبية، وفي هذا الإطار تم احتجاز الصحفي اليمني سامي نعمان، وطاقم إعلامي تابع لقناة «BBC» البريطانية من بينهم الصحفية صفاء الأحمد والمصور محمد المخلافي.
وبحسب تصريحات لوزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، كان في اليمن قبل الانقلاب الحوثي أكثر من 290 صحيفة ومجلة «يومية، أسبوعية، شهرية، فصلية»، و4 قنوات رسمية، و15 قناة خاصة، وبعد مرور عام واحد على الانقلاب الحوثي تقلصت هذه الأعداد بشكل لافت للنظر، حيث أصبح لدى اليمن فقط 10 صحف وقناتان رسميتان تم توظيفها لخدمة الأجندة الانقلابية.
قتل واختطاف وتعذيب
رصد تقرير نشرته نقابة الصحافيين اليمنيين في عام 2015 أبرز الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية ضد الصحفيين والإعلاميين، وقد تمثلت في قتل وشروع في القتل واختطاف وتعذيب وتهديد واعتداءات ونهب ممتلكات واختطاف أقارب وإغلاق صحف وقنوات وحجب مواقع إلكترونية، وخلال الأشهر الأولى من عام 2015 كان هناك 18 إعلامياً وصحافياً مختطفون من قبل الميليشيات، وتم حرمانهم من الرعاية الصحية.
وفي السادس من أبريل 2015، كشف المتحدث الرسمي لمكتب الرئيس اليمني، مختار الرحبي، عن قيام الميليشيات الحوثية باحتلال ونهب 22 وسيلة إعلامية، تنوعت بين صحف ورقية، وإذاعات، وقنوات فضائية، فضلاً عن حجب 10 مواقع إلكترونية إخبارية، مشيراً إلى احتلال الحوثيين صحيفة «الثورة» الحكومية الرسمية، وتعيين صحفيين ورئيس تحرير لها موالين للميليشيات الانقلابية. بينما الصحيفة الورقية الأكثر مبيعاً في اليمن «أخبار اليمن» تم إغلاقها ونهب محتوياتها، بالإضافة إلى صحيفة «المصدر» الورقية.
وشملت قائمة القنوات الفضائية التي تم إغلاقها ونهبتها من قبل الميليشيات الحوثية: «اليمن، سبأ، عدن، الإيمان، التعليمية، السعيدة، سهيل، معين، بلقيس، يمن شباب». وفي التاسع من يونيو 2015، تعرض 9 صحافيين للاعتقال من أحد المباني في شارع الستين الشمالي بصنعاء أثناء مزاولتهم لعملهم، ولا يزالون حتى الآن في المعتقلات الحوثية، ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب.
تراجع حاد في الحريات
وكان مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قد أصدر تقريرا في أغسطس 2015، حذر من تراجع الحريات الإعلامية في اليمن بشكل حاد في ظل سيطرة ميليشيات الحوثي على عدد من المحافظات اليمنية، كاشفا عن 87 حالة من الانتهاكات مارسها الحوثيون ضد الإعلاميين والصحفيين خلال شهري يونيو ويوليو 2015، تنوعت بين حالات اختطاف واعتداء واعتقال وإصابات وتهديد واقتحام ونهب مؤسسات إعلامية وصحفية، بينما فقد أكثر من 350 من الصحفيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية أعمالهم بسبب وقف ومصادرة وحجب عدد من المواقع والصحف والقنوات والإذاعات. النكسة التي أصابت المؤسسات الصحفية والإعلامية مع اجتياح ميليشيات الحوثي للعاصمة اليمنية صنعاء، لم تأت من قبيل المصادفة، حيث عكست عقيدة راسخة في أذهان وعقوق الميليشيات الانقلابية، وهي العقيدة المستبدة التي عبر عنها زعيم الميليشيات الإرهابية، عبدالملك الحوثي، حينما قال في خطاب له أذاعته قناة المسيرة الحوثية في سبتمبر 2015: «إن المرتزقة العملاء من فئة الصحفيين والمثقفين والسياسيين أكثر خطرا على هذا البلد». وفي سبتمبر 2016، أدان الاتحاد الدولي للصحفيين، الانتهاكات والجرائم الحوثية التي طالت حرية الصحافة والإعلام في اليمن، مؤكدا أن جماعة الحوثيين ارتكبت انتهاكات بحق الصحفيين في اليمن، بينها القتل والخطف والاعتقال والاعتداء، موضحا أنه سجل 100 حالة من تلك الانتهاكات خلال النصف الأول من عام 2016.
انتهاكات وجرائم
في الرابع من نوفمبر 2016، حذرت منظمة مراسلون بلا حدود، من خطورة الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها الميليشيات الحوثية بحق الصحفيين والإعلاميين، والتي أثرت بشكل حاسم في ترتيب اليمن على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2016، حيث احتل اليمن المركز 170 من أصل 180 دولة.
وذكرت المنظمة الدولية في بيان رسمي أنه بعد مرور ثمانية أشهر فقط من سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية، سجلت نقابة الصحفيين اليمنيين ما لا يقل عن 67 حالة اعتداء على الصحفيين، بهدف منعهم من القيام بعملهم، وقد أصبحت حالات الاختطاف والاختفاء في صفوف الصحفيين لا تعد وتحصى.
وفي السادس من فبراير 2017، طالبت منظمة مراسلون بلا حدود، الميليشيات الحوثية بالإفراج عن 41 صحافياً وموظفاً يعملون في قناة «اليمن اليوم»، والذين تم اعتقالهم من مبنى القناة بعد اقتحامه من قبل بعض العناصر الانقلابية المسلحة، مشيرة إلى أن المسلحين الحوثيين ألقوا قنابل صاروخية على مبنى القناة أثناء عملية اقتحامه في الثاني من ديسمبر عام 2016.
وفي تقرير دولي آخر، رصدت منظمة «صحفيات بلا قيود»، انتهاكات الميليشيات الحوثية ضد الصحفيين منذ الانقلاب في 21 سبتمبر 2014، وحتى نهاية النصف الأول من عام 2017، مشيرة إلى أن عدد الصحافيين والإعلاميين الذين فقدوا حياتهم في تلك الفترة الزمنية بلغ 26 صحفياً وإعلامياً، ومنذ سبتمبر 2014 وحتى نهاية شهر يونيو 2017، بلغ عدد الانتهاكات للحريات الصحافية 825 حالة. وفي أغسطس من عام 2017، أصدرت الأمم المتحدة تقريراً كشفت فيه عن قيام الميليشيات الحوثية بإغلاق 21 موقعاً إلكترونياً، و7 قنوات تلفزيونية وحظر نشر 18 صحيفة.
وضع حرج جداً
كشفت نقابة الصحافيين اليمنيين، في أكتوبر من عام 2017 عن توثيق 38 حالة انتهاك ضد الصحفيين خلال الربع الثالث من عام 2017، مؤكدة أن الحريات الصحافية في اليمن في وضع حرج جداً. ووثق تقرير نقابة الصحفيين اليمنيين الانتهاكات الحوثية في الفترة من يوليو إلى نهاية سبتمبر 2017، ورصد 11 حالة اعتقال، و16 حالة اختطاف، ويعيش الصحفيون المعتقلون أوضاعاً مأسوية في سجون الحوثيين في صنعاء، كما رصدت نقابة الصحافيين 10 حالات تهديد بالتصفية، و8 حالات اعتداء، وحالتي منع من التغطية، وحالتي إيقاف راتب، وحالتي منع من الزيارة، وحالة تعذيب، وحالة مصادرة ممتلكات صحافيين، بالإضافة إلى حالة حجب موقع إلكتروني. وكانت الميليشيات الحوثية قد أصدرت في أكتوبر 2017، جملة قرارات تعسفية تفرض قيوداً جديدة على على حرية الصحافة الإلكترونية في اليمن، حيث تجرم هذه القرارات ممارسة الصحافة الإلكترونية إلا بترخيص مسبق ووفق شروط الجماعة الانقلابية.
وفي الثاني عشر من يناير 2018، كشفت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين «صدى»، أن الميليشيات الحوثية قتلت 22 صحفيا عن طريق القنص، واستخدمت بعضهم دروعا بشرية، بينما تعرض 141 صحفيا للاختطاف، مشيرة إلى أن 2250 من الصحفيين والعاملين في مؤسسات الصحافة والإعلام تعرضوا لانتهاكات من قبل العناصر الانقلابية.
أرقام صادمة
كشف تقرير إحصائي نشرته صحيفة «26 سبتمبر» اليمنية، عن 733 انتهاكاً ضد الصحافة والإعلام، ارتكبتها الميليشيات الحوثية في أمانة العاصمة صنعاء، توزعت بين 5 حالات قتل، و8 حالات إصابة، و12 حالة شروع بالقتل، و128 حالة اختطاف واحتجاز، و21 حالة إخفاء قسري، و13 حالة تعذيب، و17 حالة ملاحقة، و41 حالة اعتداء، و29 حالة تهديد، و18 حالة تحريض، إضافة إلى 41 حالة استدعاء ومحاكمة، وحكمين أحدهم بالإعدام والآخر بالسجن والغرامة، و80 حالة تعسف وظيفي، و14 حالة منع من مزاولة العمل، إلى جانب قصف واقتحام ونهب 9 مؤسسات إعلامية، واقتحام 84 مؤسسة إعلامية وإغلاق صحف وقنوات فضائية ومواقع إلكترونية، ومكاتب وسائل إعلامية أجنبية، إضافة إلى نهب 25 منزلا خاصا بإعلاميين، وتفجير منزل أحد الصحفيين، و13 حالة نهب ومصادرة ممتلكات ومقتنيات لإعلاميين وصحفيين، وحجب وقرصنة 120 موقعاً إلكترونياً، علاوة على تشريد وتهجير أكثر من 700 صحفي.
وفي تقرير دولي، أصدرته منظمة «رايتس رادار» الهولندية، رصد أكثر من 60 وسيلة إعلامية تعرضت للاقتحام والنهب والمصادرة والإغلاق من قبل المسلحين الحوثيين، بالإضافة إلى اغتيال 24 صحافيا، مشددا أن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة تعرضت لأسوأ حملة قمع في اليمن من قبل الحوثيين في العاصمة صنعاء والمحافظات التي يسيطرون عليها. وكشف تقرير المنظمة الدولية عن أن أكثر من ألف صحفي وإعلامي اضطروا إلى النزوح ومغادرة اليمن، تفاديا للاختطاف والإخفاء القسري أو الاعتقال أو القتل.
وكانت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، قد نشرت إحصائية لانتهاكات الميليشيات الحوثية منذ 21 سبتمبر 2014 وحتى أغسطس 2018، وبلغ عدد الانتهاكات بحق وسائل الإعلام والمؤسسات الإعلامية 627 انتهاكا تمثلت في قتل الصحفيين والإعلامين بواقع 30 صحافيا وإعلاميا، والتهديد والاعتقال والاختطاف والملاحقة، ونهب وإغلاق القنوات الفضائية، وإيقاف الصحف وحجب المواقع، ومازال 17 صحفياً معتقلًا، وعدد منهم تعرضوا لمحاكمات غير قانونية.