نسرين درزي (أبوظبي)
تتصدر الزيارات الطلابية ضمن مهرجان الحصن قائمة الجولات التعريفية التي تحظى باهتمام واسع من قبل فريق المرشدين والمتطوعين الذين يقدمون للجيل الجديد نبذة قيمة عن أهم المراحل التاريخية التي شهدها «القصر» خلال الحقبات الزمنية المتعاقبة.
هذه الرحلات المتفردة التي تغرس في فكر الأطفال زرعاً يثمر وعياً وفخراً ووطنية، تحاكي مفردات الثقافة العامة وتفسح المجال للتعرف على تفاصيل الموروث الشعبي بعيداً عن التقليد. والمشهدية المغايرة تبدأ بتغطية الباحة الفسيحة الممتدة ما بين البناء الطيني الأبيض والمجمع الثقافي و«بيت الحرفيين» والمتحف العمراني المفتوح على الهواء الطلق، حيث يتنقل الصبيان والبنات ضمن مجموعات ويصغون إلى أساليب الشرح والمحاضرات الميدانية.
روح الانتماء
وشهد «بيت الحرفيين» خلال مهرجان الحصن ورش عمل كثيرة شارك فيها الطلبة من مختلف الأعمار ضمن زيارات المدارس ومراكز الأنشطة.
وزار أمس فريق المخيم الشتوي في twofour54 أرجاء القصر واطلعوا على أجزائه كاملة ضمن مبادرة خطابية متخصصة أعدوها بأنفسهم وحفظت بأسمائهم، وجاءت الفكرة من باب تحضير النشء للإضاءة على أهم الزوايا التي وجدوها مهمة لتكوين ملحمة شعرية عصرية من داخل قصر الحصن.
وأوردت شمّا البستكي أخصائية تعليم في قصر الحصن، أنه من المفيد جداً استقبال الطلبة خلال الفعاليات الوطنية التي يتم تنظيمها على مدار السنة بهدف تعزيز روح الانتماء لديهم. وقالت إن ورش العمل التفاعلية من قلب الحدث والتي يشارك فيها الأطفال من مختلف الجنسيات، تؤكد على استراتيجية واضحة لنشر المعارف عن الإرث الحضاري والموروث الشعبي لمجتمع الإمارات. وذكرت أن برنامج الأنشطة الطلابية لـ twofour54 داخل قصر الحصن يجسد الرسالة التعليمية التي يجري العمل على نشرها في المجتمع، وتتلخص في الإضاءة على تاريخ الإمارات بطريقة غير تقليدية.
وأوضحت البستكي أن أهم ما في الأمر الجولات داخل غرف «القصر» وبين ممراته وعند أدراجه ونوافذه وإطلالاته الكاشفة، إضافة إلى الاطلاع على حرف الأولين واستخراج أفكار متنوعة يعرب عنها كل طفل بدوره وبحسب ما يراه. وذكرت أن ورش العمل والرحلات الميدانية التي يتم تنظيمها بالتعاون مع دائرة الثقافة والسياحة، تنمي مهارات التحدث لدى الزوار من صغار السن.
ولفتت إلى نجاح تجربة الطلبة المشاركين في برامج twofour54 خلال زيارتهم لمهرجان الحصن، وذلك في التعبير عن اهتمامهم بكل ما شاهدوه وسمعوه وتقديمه على شكل رسائل شعرية ضمن مجموعات. والقصائد هنا لم تقدم بالأسلوب المتعارف عليه، وإنما جاءت بتقنيات تلامس الحداثة تنافست عليها مجموعات عملت سوياً على انتقاء أفضل الصور ومكونات النص والفكرة العامة للخطاب.
لغة الجيل
ويعبّر الزوار من الأطفال عن اهتمامهم بالقيمة التراثية التي تقدمها مختلف أركان «القصر»، وتأتي ضمن أجواء محببة تتناسب مع اهتماماتهم. فعدا عن التفاصيل التاريخية القيمة التي تطرحها الفقرات المتخصصة، ينعمون في مشاهدات حية تفتح شهيتهم على قراءة زمن الأولين بالصورة والصوت وفق أحدث التقنيات. وأكثر ما يغريهم للخوض أكثر في غمار قصص التاريخ، تلك الروايات الزمنية الموزعة على شاشات عرض يحركونها بإصبعهم تكشف أمامهم كل ما لم يعرفوه من قبل عن أمجاد أبوظبي وإنجازات أعيانها بالعودة إلى أكثر من 255 عاماً.
وذكر الطفل عبدالله سيف (11 عاماً) أن أكثر ما لفت انتباهه خلال الجولات التعريفية، تجهيز غرف «القصر» بالأدوات التراثية نفسها التي كانت في الماضي. وقال إنه التقط الكثير من الصور التذكارية بنفسه حيث يعمل على تجهيز مادة تراثية مكتوبة عن المهرجان يقدمها للمدرسة.
واعتبرت الطفلة لولوة عبدالرحيم (12 عاماً) أن جهاز المعلومات المتحرك داخل القاعة التاريخية، جعلها تمعن في قراءة الكثير من الحقائق عن أبوظبي قديماً بمختلف معالمها ومرافقها الشهيرة. وقد أسعدها رؤية منطقة الكورنيش كما كانت عليه قبل 50 عاماً، وكذلك جسر المقطع وأقدم مدرسة في المدينة.
وتحدث الطفل فارس أحمد (10 أعوام) عن تفاعله مع ورش العمل التطبيقية التي ربط فيها بين الواقع الحالي والزمن القديم. وذكر أنه ورفاقه جالوا على مختلف أقسام المتحف التراثي وكل ما فيه من قصص الأجداد وطرق عيشهم أيام زمان. وهذا كله جعله يتردد أكثر من مرة إلى المهرجان المفعم بأجوائه المناسبة لمختلف الأعمار.