تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أثبت السينمائيون الإماراتيون من خلال أفلامهم المحلية، إمكاناتهم الفنية في إنتاج أفلام تحقق النجاح الكبير، إلى جانب الحضور على خريطة المنافسة، وتحدوهم الآمال في شروق شمس المستقبل، رغم المواجهة مع صعوبات الواقع وتحديات الغد، حيث انتج العام الماضي 7 أفلام تم عرضها، هي «عوار قلب» لجمال سالم، و«كيمره» لعبد الله الجنيبي، و«ضحي في تايلند» لراكان، و«ليزا» لأحمد زين، و«كارت أحمر» لناصر التميمي، و«كبريت» لعبيد الحمودي، و«نادي البطيخ» لياسر النيادي. وخلال العام الجاري تم إنتاج 10 أفلام، حقق بعضها إيرادات كبيرة في شباك التذاكر، منها «فريج الطيبين» لأحمد زين، و«وصلنا ولا بعدنا» لعائشة الزعابي، و«عاشق عموري» لعامري سالمين، و«أمنية عمري» لحمد الكبيسي، و«ولادة» لعبد الله حسن، و«علي وعليا» لحسين الأنصاري.. فيما انطلق منذ أيام «هجولة2» و«شباب شياب» ويتوقع حصدهما نسبة كبيرة من الإيرادات.. ومن المنتظر قريباً عرض فيلمي «راشد ورجب» و«الإمبراطور».
شهدت السينما الإماراتية قفزة وانفراجة في عدد الإنتاجات التي لم تتحقق سابقاً، إضافة إلى عدد من الأفلام الإماراتية التي خطفت العديد من الجوائز المحلية والعالمية وشاركت في عدد من المهرجانات الدولية، منها «في سيرة الماء والنخل والأهل» للمخرج ناصر الظاهري، و«ساير الجنة» لسعيد سالمين المري و«عسل ومطر وغبار» لنجوم الغانم الذي من المقرر أن يعرض قريباً في صالات السينما المحلية، على الرغم من التحديات والصعوبات.
وفي الوقت الذي توقف فيه دعم الأعمال السينمائية في ظل غياب المهرجانات، ومع توقع البعض لضعف عجلة الإنتاج المحلي، إلا أن صناع الأفلام الإماراتية، لا تزال اتجاهاتهم نحو إنتاج أفلام روائية طويلة مستمرة حتى ولو بإنتاجات فردية، فطموح كل مبدع، أن يجد حلولا تسهم في ازدهار الأفلام، خصوصاً مع طموحاتهم وأحلامهم بالحضور الحقيقي للفيلم الإماراتي، وتحقيق المنافسة مع الأفلام الأخرى، وخروجه من نطاق المحلية إلى العالمية، من خلال احتلاله مراكز متقدمة في العرض التجاري، ومشاركته الدولية في مهرجانات سينمائية عالمية.
تجارب فردية
ومع هذا التطور الذي تعيشه السينما الإماراتية، إلا أن المخاوف بتراجع هذا التطور يلازم صناعها ويظل هاجساً يعيش معهم لحظة بلحظة، خصوصاً مع اختفاء المهرجانات وضعف الدعم من الجهات المعنية بالفن، وعن واقع السينما المحلية، والآمال والطموحات والتحديات، يقول الكاتب والمخرج الإماراتي ناصر الظاهري: لا نستطيع أن نقول لدينا صناعة سينمائية، بل تجارب فردية، لأن صناعة السينما تتطلب عملا متواصلا وتجارب متراكمة، وخبرة متزايدة، واسما معروفا في الأوساط والمحافل السينمائية الدولية، مثلما تتطلب تواجد استوديوهات التصوير والإمكانيات الفنية اللوجستية لإنتاج الأفلام والتسهيلات العديدة لاستغلال مواقع التصوير في مختلف التضاريس الجغرافية والنهضة العمرانية في الإمارات، كذلك تتطلب وجود مهرجان سينمائي دولي متميز، مثلما كان مهرجان «دبي السينمائي»، ومهرجان آخر محلي أو على نطاق الخليج، كذلك إيجاد صندوق لدعم الإنتاج السينمائي للأعمال والتجارب المتميزة، مثل هذه الأشياء كانت موجودة في أبوظبي ودبي، لكنها لم تؤسس باحترافية عالية، وفهم أهدافها المنظورة وغير المنظورة، والنتيجة إلغاء المهرجانات، وإنتاج أفلام مبالغ في ميزانياتها في البداية، رغم أنها بدائية ولا تحمل قيمة فنية أو ثقافية ولا هوية البلد، أو الذهاب إلى الإنتاج المشترك مع استوديوهات أجنبية لم تحقق أفلامها العائد المادي المنتظر، واكتفينا بشق واحد من صناعة السينما، وهو تصوير بعض لقطات الأفلام الأجنبية.
ويتابع: لذا نجد هوّة بين مؤسسات الإنتاج السينمائي عندنا وبين صناع السينما، خصوصاً من الشباب الواعد، وانعدام لغة التحاور بين تطلعات مواهب مواطنة ووطنية، وبين مؤسسات تعشق العمل الأجنبي، فمن خلال تجارب شخصية حينما قررت أن أنتج فيلم «في سيرة الماء.. والنخل والأهل»، عرضته على جهات مختصة، وقالوا إن ميزانيته عالية، رغم أنهم كانوا ينتجون فيلماً روائياً بثلاثة أضعاف ميزانية فيلمي، وحين أنهيت الفيلم على نفقتي الخاصة، طلبت منهم أن يتبنوا الفيلم لأنه يمثل الإمارات في المهرجانات السينمائية الدولية، حيث تم اختياره رسمياً في 23 مهرجاناً، وأن يستفيدوا من الترويج الإعلامي، فتعثرت إجابتهم، ولَم يجدوا من يقرر، فأدخلته المهرجانات بدونهم، والمصادفة أن العرض الأول لفيلمي وفيلمهم كان في مهرجان دولي واحد، وفي المسابقة نفسها، وفاز فيلمي.
سعر رخيص
ويرى الظاهري أن إنتاج فيلم على نفقة صانعه الخاصة مكلفة جداً، وهذا ما يعيق أي منتج إماراتي، خصوصاً ما عرض الفيلم في جهات بسعر رخيص، لافتاً إلى أن المحطات التلفزيونية لكي تعرض فيلمك ستدفع لك 10 آلاف دولار، أي أقل من ثمن حلقة تلفزيونية واحدة في مسلسل طويل، وكذلك شركات الطيران لكي تعرض فيلمك على كل رحلاتها لمدة ثلاثة أشهر سيدفعون ما قيمته 2000 دولار، وهو رقم أقل من سعر أي تذكرة طيران، وفي النهاية لا يمكن القول إلا أنه لا يوجد أي عمل سينمائي راق بدون دعم، ولدينا تجارب عدة في مصر وتونس والجزائر وسوريا.
ظاهرة سينمائية
وصرح الفنان والمنتج حبيب غلوم أن شركة «فام القابضة» المتخصصة في العقارات، أطلقت مبادرة تحت عنوان «الظاهرة السينمائية الأكبر في الإمارات»، التي تنوي من خلالها إنتاج 30 فيلماً إماراتياً، لأكبر عدد من المخرجين، ودعت صناع السينما من خلال الإعلان عن المبادرة عبر مواقع التواصل لإرسال الأفكار المختصرة والأفلام والميزانية المقترحة للبدء في اختيار الأفلام وإنتاجها، ويقول: هذا ما كنا ننادي به منذ فترة طويلة، أن تتكاتف الجهات الخاصة في دعم السينما الإماراتية، خصوصاً مع توقف الجهات الفنية الداعمة والمهرجانات المحلية، فمثل هذه المبادرة التي أطلقتها «فام القابضة» سوف تساعد على عمل حراك فني سينمائي في الإمارات والمنطقة.
الإيمان بالسينما
ويشير غلوم إلى أن مسؤولي «فام القابضة» خاضوا في السابق تجربة المشاركة في الإنتاج السينمائي، مع المخرج عبد الله الجنيبي في فيلمه «كيمره»، وعندما نجحت التجربة قرروا إطلاق هذه المبادرة، إيماناً منهم بأهمية السينما، ومردودها الربحي العالي في حال تم تنفيذها بالشكل الصحيح، كاشفاً عن أنه اتفق معهم على تنفيذ وإنتاج فيلم جديد يتحدث عن تاريخ دبي، والذي سيبدأ التحضير له خلال الفترة المقبلة.
ونوه إلى أن إنتاج الأفلام يحتاج إلى ميزانية كبيرة، وما يقدم حالياً من أفلام إماراتية، هي من إنتاجات خاصة وجهود الشباب الفردية، ورغم ذلك إلا أنها حققت الصدى والرواج الجيد، لكن إذا تبنت جهات معنية بالفن وخاصة هؤلاء الشباب وصناع السينما بشكل عام في تنفيذ أعمال عالية المستوى، سوف تتحقق لدينا ما تسمى بـ «صناعة سينما حقيقية».
شروط النجاح
وتشيد نائلة الخاجة بجودة الأفلام الإماراتية التي عرضت في السنوات القليلة الأخيرة، موضحة أن صناعها بذلوا مجهوداً حتى خرجت إلى النور بهذه الصورة، حيث إن صناعة السينما تحتاج إلى رعاية ودعم واهتمام لاستكمال المسيرة، خصوصاً أن عناصر إنتاجها مكلفة جداً، لذلك هي تقترح تأسيس صندوق لدعم الأفلام، وتخصيص ميزانيته للإنتاجات التي تتوافر لديها شروط النجاح، وتقول: لا زلنا نعاني عدم تواجد المنتج السينمائي المحترف، وما نراه حالياً في الساحة فهي حركة سينمائية، وليست صناعة، والصناعة لن تتحقق إلا بوضع أهداف واستراتيجية لصناع الأفلام، لكي تتوافر أفلام بشكل سنوي تكون قادرة على المنافسة وتحقيق النجاح.
قفزة نوعية
من جهته يؤكد أحمد زين مخرج سلسلة أفلام «مزرعة يدو» وفيلمه الأخير «فريج الطيبين»، أن ما قدم في السنوات الخمس الأخيرة من أعمال سينمائية إماراتية لا أحد ينكر أنها حققت قفزات نوعية وإنجازات في عالم الفن السابع وخصوصاً العرض التجاري، حيث حققت بعض الأفلام المعادلة الصعبة في جذب الجمهور لصالات السينما وتحقيق الانتشار خارج النطاق المحلي، بمشاركتها في مهرجانات دولية، وهنا نستطع القول إن الفيلم المحلي أصبح سفيراً للإمارات، ويتهافت على مشاهدته صناع السينما وكذلك الجمهور من أجل معرفة ثقافة الإمارات، خصوصاً أنه لامس بشفافية تقدم وارتقاء الذائقة والثقافة الفنية السينمائية وقدم قضايا ورؤى مختلفة.
وأضاف: لكن في النهاية يبقى سؤال.. كيف تم تنفيذ هذه الأعمال؟!.. والإجابة: أغلبها بإنتاجات فردية وجهد مبذول من محبي هذه الصناعة، الذين وضعوا على عاتقهم حضور الفيلم الإماراتي، لكن مع قلة الدعم واختفاء المهرجانات التي كانت تمثل منصة على الأقل لعرض الأفلام ودعمها من خلال جوائز برامجها ومسابقاتها إلى حد ما، ومن الطبيعي أن يتعرض أي صانع سينما للإحباط، خصوصاً أن الفيلم الإماراتي رغم أنه قطع أشواطاً كبيرة إلا أنه لا يزال محكوماً بالعرض داخل الدولة، الأمر الذي لن يعوض لصانعه ما أنفقه لإنتاج الفيلم، بالمعايير الفنية المطلوبة والتي تتطلب مبالغ طائلة.
ضعف النصوص
ويرى زين أنه في السابق كان هناك الكثير من العوائق التي تقف أمام صناع الفيلم الإماراتي، مثل عدم وجود مهرجان يدعم الفيلم المحلي، وضعف النصوص، وقلة وجود المنتجين، وعدم توافر أماكن واستديوهات للتصوير، وبعد فترة طويلة من الحديث المستمر من قبل الصناع حول هذه الأمور التي تؤثر على عدم تواجد الفيلم الإماراتي، توافرت العديد من هذه العناصر، التي أهلت وشجعت الصناع على إظهار إبداعاتهم، وتحقيقها العديد من الإنجازات، متسائلاً: كيف بعد أن نهضت السينما الإماراتية ووصلنا إلى مراحل متقدمة، أن نعود إلى الوراء مجدداً؟، لذلك فهو يرى أنه يجب أن تتكاتف الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالفن، لتوفير دعم واهتمام أكبر لهذه الصناعة، والتفكير في تأسيس صندوق وإنشاء أكاديمية سينمائية توفر ورش عمل في الإخراج وكتابة النصوص والسيناريو، لتأهيل الجيل الجديد في استمرارية النجاح التي يحققها الفيلم الإماراتي.
كسب الثقة
سعيد سالمين الذي حصد العديد من الجوائز المحلية والعالمية من خلال فيلمه الأخير «ساير الجنة»، ينوه بضرورة وجود الرعاية والدعم الأكبر للفيلم الإماراتي ويقول: وصلنا في السنوات الأخيرة إلى مستوى عال في تنفيذ الفيلم الإماراتي من نواح فنية مختلفة، تتمثل في الصورة والقصص والمضمون والإخراج، واستطاعت العديد من الأفلام أن تكسب ثقة الجمهور، وتدفعهم لمشاهدة الفيلم المحلي، فلدينا كل الإمكانات التي تؤهلنا لتقديم أعمال مماثلة لأفلام هوليوود وبوليوود، التي يأتي صناعها إلى الإمارات لتصوير أعمالها، وتوفير الدعم اللازم لها.
ويستطرد: استقطبت الإمارات في السنوات الأخيرة العديد من صناع السينما والأبطال العالميين لتنفيذ أعمالهم في الإمارات، وهذا يعني أننا أصبحنا كذلك وجهة عالمية لتصوير وتنفيذ الأفلام، لذلك فإن أماكن التصوير متوافرة والاستوديوهات حاضرة، والشركات والجهات الداعمة موجودة، فما الذي يمنع من دعم فيلم إماراتي بالشكل المناسب لينافس السينما العالمية.
توقف الإنتاجات
ويشير سالمين إلى أن توقف المهرجانات السينمائية، بكل تأكيد سيؤثر على الصناع، خصوصاً أنها على مر سنوات طويلة ساهمت في تواجد الفيلم الإماراتي بشكل كبير، وعملت على إظهار مواهب فنية واعدة في عالم «الفن السابع»، وأظهرت نجوماً في هذا المجال، لكن في النهاية توقفت!! فهل سيتوقف إنتاج الفيلم الإماراتي؟، بكل تأكيد لن يحدث ذلك في ظل وجود صناع متمسكين بتواجدهم وحضور الفيلم المحلي، والدليل على ذلك الأفلام التجارية التي نفذت في الثلاث سنوات الماضية، ورغم أن أغلبها بإنتاجات فردية إلى أن حققت صدى ورواجاً كبيراً.
شروط تعجيزية
أقل كلفة لتنفيذ فيلم إماراتي طويل تصل إلى نصف مليون درهم، وتزداد الكلفة بحسب الإمكانات الفنية والتقنية المستخدمة فيه، لذلك من الممكن أن تصل ميزانية تنفيذ فيلم عالي المستوى إلى أكثر من مليوني درهم، فهذه المبالغ الكبيرة لا يستطع أن تتحملها جهة فردية، بحسب ما يؤكده المنتج والفنان منصور الفيلي بقوله: إنتاج فيلم سينما بجهد فردي مغامرة محفوفة بالمخاطر، في ظل ضعف الدعم من نواح فنية متعلقة بالتسويق والتوزيع، وعدم عرض الفيلم الإماراتي في دور السينما خارج الإمارات، الأمر الذي يؤرق أي جهة إنتاج، هذا إلى جانب شروط التعاقدات التعجيزية مع شركات التوزيع ودور العرض السينمائي التي تشارك جهة الإنتاج في أرباح الفيلم بنسبة تتعدى الـ50%، ولا يعرض الفيلم في دور السينما أكثر من أسبوعين، فكيف على المنتج أن يحقق الأرباح أو يعوض ما أنفقه على مدى أسبوعين، ومع العرض المحلي فقط؟!
مصدر دخل
ويؤمن الفيلي بضرورة وجود الدعم الفني للسينما، خصوصاً أن هذا هو المتعارف عليه في البلاد المهتمة بعالم الفن السابع، والتي تضع السينما ضمن أولوياتها كمصدر دخل قوي، لذلك يرصد لها ميزانيات عالية للتنفيذ، من أجل تحقيق المكاسب وتحويل الإنفاق إلى دخل، منوهاً أن ما يقدم في السينما الإماراتية حتى الآن هي تجارب، وليست صناعة، رغم أن هذه التجارب أغلبها تكللت بالنجاح، متسائلاً: ما صعوبة إنشاء صندوق لدعم السينما الإماراتية؟، وما صعوبة تأسيس جميعة للسينمائيين، وما المشكلة في تكوين لجنة فنية لقراءة النصوص ودعم من يستحق؟، فما يحدث حالياً من تواجد للفيلم الإماراتي، سببه شغف السينمائيين في الحضور، وإبراز الفيلم الإماراتي، لكن إلى متى؟، فهناك بعض المخرجين المتميزين الذين قدموا أعمالاً متميزة في الفترة الأخيرة حققت صدى كبيراً، بغض النظر عن مستواها الفني نظراً لعدم وجود دعم، مثل الكاتب والمخرج جمال سالم في فيلمه الأخير «عوار قلب»، أو أحمد الزين في فيلمه الأخير «فريج الطيبين» وعامر سالمين المري في «عاشق عموري»، متوقعاً أنه مع وجود الدعم الحقيقي لهم ولغيرهم من صانعي السينما المبدعين، سيحدث نقلة نوعية في تاريخ السينما الإماراتية.
حراك سينمائي
يقول عبد الله حسن أحمد صاحب فيلم «ولادة»: نحن في تراجع سينمائي لأسباب عدة، أبرزها عدم وجود جهة أو شركة مسؤولة تدعم الفيلم الإماراتي بشكل مباشر، إلى جانب تأجيل مهرجان وإلغاء الآخرين في الدولة، ففي كل دول العالم لا توجد سينما من دون مهرجان، ففي السنوات السابقة ساهمت المهرجانات في وجود السينمائيين وإبراز إبداعاتهم وإظهار أعمال إلى النور، لكن حالياً أين نحن؟
ويتساءل: أين دعم الجهات المعنية بالفن التي تأسست من أجل خدمة الفيلم الإماراتي، فما يحدث وبالتحديد من قبل هذه الشركات هو تأسيس صناعات إماراتية لكن بأسلوب هوليوودي وبوليوودي، وأعني هنا أن الدعم الأكبر يأتي لأفلام غير إماراتية، متمنياً من الجهات المعنية بالفن أن تتبنى صندوق الأفلام الإماراتية وإنشاء جمعية للسينمائيين، يكون شغلها الشاغل هو استكمال مسيرة الحراك السينمائي.
ويكشف عبد الله أنه يسعى في الوقت الحالي لتنفيذ مهرجان خاص بالأفلام الإماراتية مع مجموعة من الشباب السينمائيين، يضم نوعيات مختلفة من الأفلام، خصوصاً أنه يقتنع بأنه في ظل وجود الفيلم التجاري، سيختفي وجود الفيلم القصير، ويقول: أثبتت التجارب السابقة أننا لا نريد مهرجانا دولياً بل نريد مهرجاناً خاصاً بنا، يدعمنا ويهتم بنا مثل مسابقة «أفلام من الإمارات» التي أتمنى عودتها من جديد.
تهميش وإحباط
يقول المخرج عبد الله الجنيبي صاحب فيلم «كاميره» الذي عرض مؤخراً في صالات العرض المحلية: وصلت إلى مرحلة جعلتني أقول لنفسي «يا ريتني ما اخترت أن أكون سينمائياً»، فبعد 30 عاماً من العمل في مجالات وقطاعات عديدة، لكي أوصل إلى مرحلة أن أكون سينمائياً يحمل رسالة للمجتمع، ويقدم أعمالاً تحمل مضموناً مختلفاً، أناقش من خلاله أبرز القضايا التي تهم مجتمعنا المحلي، لكن المواقف المتتالية سواء المتعمدة أو غير المتعمدة من الجهات المعنية بالفن، وتهميش كل ما هو له علاقة بالحركة السينمائية، جعل كل سينمائي يعيش في حالة إحباط، وبكل صراحة ندمت كوني سينمائياً.
ويقول: نحن نعيش في بيئة خصبة، ودولة متطورة في جميع المجالات، فلماذا السينما غائبة عن ذلك، فلا يزال المسرح في الإمارات متوهجا ومستمرا ومزدهرا إلى أبعد الحدود بفضل الدعم لكل مسارح الدولة، لكن وبكل أسف السينما «يتيمة الدعم والاهتمام»، لافتاً إلى أنه عندما يريد الاجتماع مع مجموعة من السينمائيين لمناقشة تنفيذ فكرة ما لعمل سينمائي، لا نجد مكاناً مناسباً نذهب إليه إلا «مقهى الكتاب»، فهل يعقل عدم وجود جمعية للسينمائيين، تكون بمثابة الدار الفني لكل صناع السينما.
نحو العالمية
يقول المخرج راكان: إن أي تجربة سينمائية، إن لم تتوافر لها شروط الإنتاج الجيد والميزانية المناسبة وفريق العمل الموهوب والقصة المميزة، فلن يكون لها وجود حقيقي على الساحة السينمائية المحلية، ولا ننكر أننا نعيش في الإمارات طفرة شبابية في صناعة السينما لكنها رغم الإصرار والتحدي، لم تصل بعد لما يطمح إليه كل العاملين في هذا المجال، مشيراً إلى أنه يتمنى أن يحدث نوع من التكاتف بين كل الجهات المعنية بالثقافة والفن وصناعة السينما في دعم مشروعات إنتاجية لأفلام سينمائية تخرج من إطار المحلية إلى دور السينما العربية ثم بعد ذلك يتم التوجه إلى العالمية.
فقدان التواصل
يبدو أننا تركنا في منتصف الطريق، لا أعرف أن أشير إلى الأشياء التي تزعجني حالياً لكننا أمام صناعة الأفلام وهي التي لم تتوقف لكنها ستتخذ مساراً مختلفاً في الفترة القادمة، هذا ما يؤمن به الكاتب الإماراتي محمد حسن أحمد، بقوله: أن نكون أمام شكل واحد وهو التجارب السينمائية في الأفلام التجارية، والتي بكل تأكيد حضورها مهم، وبدأنا خلال الـ3 سنوات الماضية أن نرى بعض الأفلام في دور العرض وتحقق إنجازات، لكننا في النهاية بدون الدعم الحقيقي لنوعيات مختلفة من الأفلام، منها القصيرة والطويلة، سيؤثر سلباً على التواجد، خصوصاً مع اختفاء المهرجانات التي أفقدتنا حالياً صفة التواصل مع الآخر، وتبادل الثقافات والخبرات، والالتقاء في مقر فني واحد لتبدأ النقاشات للتخطيط للمستقبل، وبناء أفكار لتطور السينما بشكل عام.
حلقة مفقودة
يبين المخرج ناصر التميمي أن لديهم إصراراً للنجاح خصوصاً أن الكثير من الشباب شاركوا بأفكار فنية ترجمت إلى أعمال سينمائية، وكان من الواضح فيها الإبداع بشكل ما، لكن هناك حلقة مفقودة للوصول للسينما الإماراتية إلى الهدف المنشود، وذلك يتمثل في ضرورة أن تكون هناك منظومة تشرف عليها الدولة وتنظمها العقول المبدعة في المجال السينمائي، ومن الضروري أيضاً أن تتم الاستعانة بالخبرات في هذا المجال حتى يكون لدينا سينما محلية تستطيع أن تنافس عربياً وعالمياً.