أسماء الحسيني (القاهرة - الخرطوم)
وصف الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة السوداني، مسيرة فلول نظام عمر البشير بـ«الشيطانية»، وطالب الذين خرجوا فيها بالتوبة إلى ربهم، والاعتذار للشعب السوداني. جاء ذلك لدى مخاطبته الندوة التي نظمتها لجنة العلاقات الخارجية بحزب الأمة القومي بعنوان «مشروع بناء المستقبل الوطني» بالخرطوم أمس.
وطالب المهدي بالمصادقة على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية فوراً، مشيراً إلى أن السودان لا توجد فيه قوانين تحاكم على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب. ورحب المهدي بخطوة تبادل السفراء بين السودان والولايات المتحدة الأميركية، مشيداً بجهود رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، لكنه وصف تلك الخطوة بالرمزية ما لم تتخذ الحكومة موقفاً حاسماً لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
يأتي ذلك في وقت تواصلت ردود الفعل في الخرطوم بشأن حكم المحكمة على الرئيس المعزول عمر البشير بإيداعه في مؤسسة إصلاحية عامين، وعلى محاولات أنصاره إثارة الفوضى في الخرطوم. وأعلنت هيئة محامي دارفور أنها سترسل وفداً منها إلى المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة إجراءات تسليم البشير. وأضافت «الهيئة» أن الحكم بإيداع البشير لمدة عامين في مؤسسة إصلاحية لكبر سنه لا غبار عليه، لأن القاضي التزم بالقانون المعيب ساري المفعول، وعلى أولياء الدم في جرائمه الكبرى تحريك الإجراءات الجنائية ضده عن كل جرائم القتل التي ارتكبها منذ تقويضه للنظام الدستوري عام 1989.
ومن جانبه، أكد التحالف الديمقراطي للمحامين السودانيين أن كل الجرائم التي ارتكبها البشير ونظام حكمه البائد منذ الثلاثين يونيو 1989 سيتم محاسبتهم عليها، خاصة أن الوثيقة الدستورية قد نصت في المادة 6 الفقرة 3 على عدم سقوط تلك الجرائم بالتقادم، كما أن جرائم القتل المعاقب عليها بالإعدام متعددة، منذ مقتل الشهداء على فضل ومجدي وجرجس في قضايا حيازة النقد الأجنبي، ومروراً بمقتل الضباط في 28 رمضان، وجرائم الإبادة الجماعية في دارفور وغيرها، وانتهاء بقتل الثوار السودانيين في ثورة ديسمبر.
وقال فايز الشيخ السليك، الكاتب الصحفي السوداني، لـ«الاتحاد»، إن قرار تفكيك حزب «المؤتمر الوطني» لا يعني أن يكون بالاسم فقط، بل يجب أن يشمل الفكرة والأشخاص.
أما المحلل السياسي وائل محجوب، فيقول إن تمهيد الطريق للديمقراطية في السودان يتم بإرساء المحاسبة على الجرائم المرتكبة، وإغلاق الباب أمام أي تلاعب أو محاولات للردة والثورة المضادة، وحسم عناصر الحزب المنحل، وهو ما يجب أن يكون من أولويات الحكومة الانتقالية.
وعلى صعيد مفاوضات السلام، عاد إلى الخرطوم أمس عضوا مجلس السيادة الانتقالي الفريق ياسر العطا ومحمد الفكي سليمان، عقب مشاركتهما في الجولة الحالية للمفاوضات مع الحركات السودانية المسلحة في جوبا عاصمة جنوب السودان.
وقال الفكي، إن عودتهما تأتي لإجراء مزيد من المشاورات، والتنوير بمجريات مسار التفاوض. وأضاف أنهما سيعودان إلى جوبا خلال أيام، وسيشاركان في اجتماع المجلس الأعلى للسلام، وذلك بعد أن وقعت الحكومة السودانية والحركات المسلحة على تجديد إعلان جوبا لحسن النوايا، وذلك لمدة شهرين حتى منتصف فبراير المقبل.
وتوقع محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة، الوصول إلى اتفاق سلام قبل انتهاء الفترة المحددة لعدم وجود خلاف كبير. وقال: ربما نصل إلى اتفاق في وقت واحد مع كل الأطراف.
ومن جانبه، قال توت قلواك، رئيس الوساطة الجنوب سودانية، إن التمديد يهدف إلى إتاحة مزيد من الوقت للاستمرار في المفاوضات، والوصول إلى اتفاق حول القضايا العالقة على مستوى مسارات التفاوض الخمسة.
وأكدت مصادر سودانية أن التجديد يأتي في إطار التزام وجدية الأطراف للمضي قدماً في سبيل تحقيق السلام دون انقطاع، وأوضحت المصادر أنه ليس هناك خط أحمر من أي طرف خلال التفاوض، لأن طبيعة التفاوض الحالية مختلفة، خاصة مع سعي كافة الأطراف إلى معالجة جذور الأزمات، وعدم تركيزهم على اقتسام السلطة والقضايا الفوقية لمسائل الحرب والسلام.
وفي تطور آخر، أغلق جهاز المخابرات السوداني وكالة إخبارية أمنية كانت تتبع النظام السابق هي المركز السوداني للخدمات الصحفية، التي تم تأسيسها عام 2002.
وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد»، إن هذه الخطوة تأتي في سياق عمل شامل لبتر وتقليص الأذرع الإعلامية لفلول النظام السابق، والحد من أنشطتها التخريبية الهدامة.