أبوظبي(الاتحاد)
نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في مقره بأبوظبي أمس بحضور سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام المركز، محاضرته رقم 721 بعنوان «الإخوان المسلمون في أوروبا: النشأة والتطور»، ألقاها إيان جونسون، كاتب حائز على جائزة بوليتزر، كندا.
وبين جونسون أسباب اهتمامه بموضوع الإخوان حيث كان يترأس مجموعة من الصحفيين الذين يتحدثون عن الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ فأثار فضوله الاهتمام بأحد مساجد ميونخ، لذا قرر دراسة هذا الموضوع وبدأ بتتبع تاريخ هذا المسجد، ثم عرض للمنهج الذي اتبعه في تنفيذ هذا المشروع البحثي الخاص بأصول وجود الإخوان المسلمين في أوروبا وتطور حركتهم هناك، حيث اعتمد على: أولاً، الأرشيف الحكومي في ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية، وسويسرا، والمملكة المتحدة؛ ثانياً، الأرشيف الشخصي الذي تضمن أوراقاً ووثائق ومراسلات لباحثين ومختصين بتاريخ الجماعات الإسلامية في أوروبا وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين؛ ثالثاً، المقابلات الشخصية الشفوية مع 46 شخصاً من جمهورية مصر العربية وفرنسا وألمانيا، وإيران وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.
وشرع في الحديث عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا؛ حيث شكلت القارة منذ أكثر من 65 عاماً، قاعدة للجماعة تنطلق منها عملياتها تجاه العالم العربي. وكان السؤال الذي حيره هو: لماذا تم بناء المسجد في ميونخ جنوب ألمانيا؟ ووجد بعد دراسة مستفيضة أن الأوروبيين كانوا يريدون توحيد المسلمين عبر بناء هذا المسجد، لمواجهة الاتحاد السوفيتي الذي كان يسيطر على شرق ألمانيا، فتم نقل المسلمين الى ولاية بافاريا، للاستفادة منهم. وعندما بدأت الحرب الباردة، كان هناك صراع على النفوذ وكان العالم الإسلامي من بين أهم هذه المناطق؛ وتبلورت فكرة لدى الأوروبيين هي أنه يمكن استخدام المسلمين لمصلحتهم؛ وكان الرئيس الأميركي أيزينهاور، برغم عدم تدينه، مهتماً باستخدام الدين لمواجهة الشيوعية؛ وأصدرت الـ سي آي إيه منشوراً تبين فيه كيف يمكن تحقيق ذلك.
وتطرق المحاضر بشيء من التفصيل إلى دور سعيد رمضان، أحد مؤسسي الجماعة في أوروبا، الذي التقى شخصيات من السي آي إيه؛ وكان الأميركيون يصفون رمضان بأنه شخص ذكي، ولكن طبيعته كانت دائماً تضع الدين فوق كل شيء؛ ومع ذلك وجد الأميركيون أنه يمكن الاعتماد عليه فتم تكليفه بمشروع بناء المسجد.
ثم تحدث جونسون بالتفصيل عن الجهود التي بذلتها الجماعة للتوسع ومن بينها اجتماع بحيرة لوجانو عام 1977، من قبل المعهد الدولي للفكر الإسلامي، حيث ساعد يوسف ندى وآخرون الإخوان على تنظيم أنفسهم، والقيام بأنشطة لتقوية الروابط بينهم؛ لذا لا غرابة أن نجد أن مجموعة مكونة من خمسين قائداً أو أكثر يسيطرون على شبكة الإخوان في أوروبا. ومن هنا شكّل مسجد ميونخ أول مركز إسلامي في ألمانيا منطلقاً للإخوان إلى بقية الدول الأوروبية؛ وتحول المسجد إلى «التجمع الإسلامي في ألمانيا»، وأصبح بدوره عضواً مؤسساً لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، الذي أسس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء لتقوية تفسيراته للإسلام.