المهدي الحداد (الدار البيضاء)
نجح النجم الساحلي التونسي في التأهل إلى ربع نهائي كأس زايد للأندية الأبطال، من قلب ملعبه الأولمبي في سوسة، بعد تفوقه على الوداد المغربي بهدف سجله إيهاب المساكني في إياب دور الـ 16 مساء أمس الأول، ليصبح أول «الثمانية الكبار» للبطولة العربية الأغلى والأرقى.
حسم أصحاب الضيافة أمام 15 ألف متفرج «الديربي» بذكاء وخبرة وتكتيك محكم، وسيطروا على المباراة من البداية إلى النهاية، وأتيحت لهم فرص عدة للتسجيل عبر الشرميطي والمساكني والمصري عمرو مرعي، إلا أن التسرع وتألق الحارس رضا التكناوتي حال دون تسجيل المزيد من الأهداف، ليكتفي النجم في النهاية بهدف من ذهب أخرج الفريق رسمياً من مرحلة الشك والانهيار النفسي، ومصالحة الجمهور، لتبدأ رحلة جديدة شعارها المنافسة حتى الرمق الأخير على كأس زايد.
من جانبه، بدا الوداد شبحاً في الملعب، من دون روح قتالية أو أسلحة هجومية، وأثار الكثير من علامات الاستفهام حول الطريقة التي لعب بها المباراة، وعاجز عن بناء الهجمات، مكتفياً بالدفاع وتشتيت الكرات من دون دقة وتركيز، باستثناء الحارس التكناوتي والمدافع الإيفواري الشيخ كومارا اللذين كانا «نقطة الضوء» الوحيدة في تشكيلة الوداد الشاردة والمنهارة.
وجاءت بداية المباراة متوسطة فنياً، لكنها باتت أكثر إثارة خلال شوطها الثاني، وكان النجم الأكثر استحواذاً على الكرة خلال الشوط الأول، لكن من دون أن يشكل خطورة حقيقية على مرمى الوداد، بينما فرض لاعبو الفريق المغربي حصناً منيعاً في الجانب الدفاعي، واعتمدوا على الهجمات المرتدة.
وجاءت أولى فرص اللقاء من اللاعب غازي عبد الرازق بعد ربع ساعة من البداية، حين سدد كرة من خارج منطقة الجزاء نحو المرمى، بعد تسلمه لعرضية من اللاعب ماهر الحناشي، وفي الدقيقة 28، تبادل لاعبو النجم الكرة بينهم قرب منطقة الجزاء، قبل أن يمرر عبد الرازق كرة من الجهة اليسرى، لكن الحارس المغربي أحمد رضا سيطر عليها قبل وصولها لمهاجمي النجم، وسدد كريم العواضي كرة رأسية إثر ضربة ركنية، علت العارضة برغم تمركزه الجيد.
وبدأ النجم ضاغطاً في الشوط الثاني بحثاً عن التقدم، برغم تكتل لاعبي الوداد أمام مرماهم، وسدد أمين الشرميطي كرة في الدقيقة الأولى من الشوط الثاني، لكن الدفاع تصدى لها، وهيأ غازي عبد الرازق كرة متقنة من الجهة اليسرى إلى إيهاب المساكني أمام المرمى، لكن الأخير سدد الكرة محاذية للعارضة، وعاد المساكني في الدقيقة 57 ليسجل هدف النجم بعد تلقيه عرضية من ماهر الحناشي على الجهة اليمنى ليودع الكرة في الشباك.
بعدها تخلى الوداد عن تراجعه الدفاعي وتقدم للهجوم بحثا عن التعادل الذي كان يضمن له التأهل، وسدد بابا كوندي كرة خطيرة حولها حارس مرمى النجم، أكرم البديري إلى ركنية، وسدد اللاعب نفسه ركلة مباشرة أبعدها الحارس بصعوبة.
وفي الدقيقة 80، شتت دفاع النجم كرة مرتدة، لكنها عادت عكسية، لترتطم في النهاية بعارضة مرمى البديري ثم أضاع أمين الشرميطي هدفاً ثانياً محققاً من انفراد بحارس مرمى الوداد في الدقيقة 85، وواصل النجم ضغطه في الدقائق الأخيرة، لكن لاعبيه أهدروا كل الفرص لينتهي اللقاء بتأهل النجم إثر فوزه بهدف.
الخروج المغربي المتوقع بالنسبة لبعض المتتبعين لشؤون «القلعة الحمراء» جاء ليعمق جراح الوداد، ويعلن رسمياً دخوله غرفة العناية المركزة، بعدما تعرض لثلاث طعنات في غضون شهر ونصف الشهر فقط، الأولى فقدان لقب دوري أبطال أفريقيا والخروج من ربع النهائي على يد وفاق سطيف الجزائري، والإقصاء من نصف نهائي كأس العرش المغربي أمام نهضة بركان، وتبخر حلم الفوز باللقب العربي الذي وضعه الوداديون هدفاً أساسياً وبلسم لمداواة الجراح الناجمة عن سلسلة الإخفاقات المحلية والقارية.
موجة من الانتقادات والسخط العارم اجتاحت مدينة الدار البيضاء وبقية المدن المغربية عقب الفشل والإقصاء المر، حيث خاب أمل الملايين في بطل وضع في قائمة المرشحين لبلوغ منصة التتويج، وإذا به يصبح لقمة سائغة لجميع المنافسين وجداراً سهل الاختراق، في ظل التفكك والضعف وغياب القتالية والحماس لدى جميع اللاعبين الذين كانوا إلى وقت قريب ملوك أفريقيا ومحبوبي الجماهير الودادية.
ومن أجل فهم ما جرى وظروف الإقصاء من كأس العرش وكأس زايد في ظرف أسبوع، قرر مجلس إدارة النادي برئاسة سعيد الناصيري عقد اجتماع طارئ مع المدرب الفرنسي ريني جيرارد فور عودة الفريق، حيث من المنتظر أن يعلن عن نتائجه خلال الساعات المقبلة، والجماهير العريضة تترقب خبر إقالة المدرب ورحيل بعض اللاعبين المتقدمين في السن، وإعلان بداية حملة تطهير واسعة بالفريق.
بدوره، استغرب الجمهور المغربي الصورة التي أصبح عليها عملاق مغربي من حجم الوداد، وكيفية سقوطه المتوالي في مختلف المسابقات، مع طرح العديد من علامات الاستفهام، بخصوص غياب لمسة المدرب ريني جيرارد ومحدوديته وعجزه عن قيادة تركيبة بشرية ملأى بالنجوم، وإصراره على تهميش بعض البدلاء المتميزين، وتعزيز الثقة في آخرين برغم تواضعهم الكبير وتسببهم في خسارات وانتكاسات عدة.
وقدم إبراهيم النقاش، عميد الوداد، اعتذاره للجمهور عن الإقصاء الذي وصفه بغير المقبول، مؤكداً أن الخروج من المنافسة العربية لم يكن بمدينة سوسة، وإنما بالدار البيضاء، حيث فشل الفريق في التسجيل، واكتفى بالتعادل السلبي، مطالباً الجميع بالتلاحم وعلاج الأخطاء بسرعة، وعدم هدم البيت، وبدء البناء من الصفر، حتى لا تطول فترة الفراغ والنزيف حسب رأيه، ويفقد الفريق حظوظ التعويض في الدوري المغربي ودوري أبطال إفريقيا الذي تبدأ فصوله منتصف ديسمبر المقبل.
من جانبه، بدا مدرب النجم الساحلي جورج ليكنس سعيداً بالتأهل الذي قال بأنه مستحق وعن جدارة، مؤكداً أن وصفة العبور هي الذكاء في التعامل مع 180 دقيقة ذهاباً وإياباً ضد منافس مجرب وعتيد، واعداً أنصار النجم بتحسن الأوضاع، وتحقيق لقب هذا الموسم، برغم الغيابات والمشاكل البدنية التي لا تفارق الفريق.