أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
يفتتح رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك غداً أول اجتماع لمجموعة «أصدقاء السودان» يعقد في الخرطوم بحضور ممثلي 24 دولة، بعد اجتماعها بواشنطن في أكتوبر الماضي. وتعول الخرطوم على هذا الاجتماع في تحقيق تقدم في ضمان الدعم الدولي لخططها من أجل حل الأزمة الاقتصادية، إضافة لعقد مؤتمر دولي للمانحين أوائل العام المقبل.
يأتي ذلك في وقت، أثار حديث رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك بشأن التعويضات التي يجب على السودان دفعها لأسر ضحايا الهجمات الإرهابية التي تتهم واشنطن الخرطوم بالضلوع فيها، غضباً واستياء في الشارع السوداني، وعبر العديد من السودانيين عن سخطهم مجدداً إزاء نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير وأنصاره من «الإخوان» الذين ورطوا الشعب السوداني في هذه الجرائم من دون ذنب أو جريرة.
وتساءل الناشط السوداني حسن نجيلة في تصريحات لـ«الاتحاد»: ما علاقة الشعب السوداني بتفجيرات المدمرة كول وسفارتي دار السلام ونيروبي، ألم يدفع شعبنا ثمن هذه الجرائم غالياً على مدى العقود الماضية، ولما نتحمل تبعات جرائم المجرمين المطلوبين للعدالة الدولية، وهل هذه هي طريقة التعامل مع الشعب الثائر؟.
ومن جانبه، طالب الكاتب السوداني تاج السر حسين في تصريحات لـ«الاتحاد» الإسلاميين من فلول النظام السابق التكفير عن ذنوبهم، والاعتذار للشعب السوداني عما اقترفت أيديهم من جرائم لا يزال الشعب السوداني يدفع ثمنها باهظاً، حتى بعد زوال نظامهم الذي لم يجلب للسودان سوى الدمار والخراب.
في حين طالب صلاح جلال، القيادي بحزب الأمة، في تصريحات لـ«الاتحاد» بأن يدفع أعضاء حكومة البشير المجرمة المتعاقبون على مدى 30 عاماً هذه التعويضات المطلوبة، عبر مصادرة ممتلكاتهم. وكان حمدوك قد أعلن لدى وصوله الخرطوم مساء أمس الأول بعد زيارة اعتبرها ناجحة للولايات المتحدة، أنه لم يتفق مع المسؤولين الأميركيين على مبلغ يدفعه السودان لأسر ضحايا الهجمات التي تتهم واشنطن الخرطوم بالضلوع فيها. وأضاف حمدوك: لم نتفق على مبلغ التعويضات حتى ندفعه، نحن نتناقش حول الرقم الذي بدأ بـ11 مليار دولار، وانخفض، ونسعى لخفضه أكثر حتى يكون مبلغاً معقولاً، وأوضح: أن فريقاً من الخارجية والنائب العام وجهاز المخابرات يعملون على ذلك.
وتتهم الولايات المتحدة السودان بالضلوع في تفجيري السفارتين الأميركيتين في مدينتي دار السلام ونيروبي، كما تتهم واشنطن الخرطوم بالضلوع في تفجير المدمرة «يو إس إس كول» في ميناء عدن اليمني عام 2000، وتطالب أسر ضحايا هذه الهجمات بتعويضات عبر المحاكم الأميركية.
من جانب آخر، أقدم عبد الرحمن الصادق المهدي، المساعد السابق للرئيس السوداني المعزول عمر البشير، نجل الزعيم السياسي المعروف الصادق المهدي، رئيس الوزراء الأسبق، زعيم حزب الأمة وإمام طائفة الأنصار (الرافد الديني للحزب)، على تقديم اعتذار «نادر» للشعب السوداني، لمشاركته في حكومة البشير، وقال إنه على استعداد للمساءلة القانونية.
وأعُيد نجل المهدي إلى الخدمة العسكرية، في الجيش السوداني، في يوليو 2010، بعد أن غادر البلاد بعد انقلاب البشير، وتدرج في رتبه العسكرية حتى وصل حالياً إلى رتبة لواء. وعيّن البشير نجل المهدي مستشاراً ثم مساعداً له لسنوات عدة، وظل في منصبه حتى أطاح قادة الجيش النظام 11 أبريل، استجابة لثورة شعبية، اندلعت أولى تظاهراتها نهاية العام الفائت.
وكانت مشاركة المهدي الصغير للبشير محل جدل متصل، سيما مع اصطفاف أسرته جانب المعارضة الشرسة للنظام الذي كان يجلس هو في أعلى قممه. وظل والده الصادق المهدي يحمل نجله مسؤولية قراره بالمشاركة في نظام البشير، نافياً في الوقت ذاته أن يكون وجوده تحت لافتة حزب الأمة، سيما وأن عبد الرحمن ليس منتمياً لأي من مؤسسات الحزب.
وأقر نجل المهدي، في رسالة بعنوان «بيان للناس» مؤرخة بالسادس من ديسمبر الجاري نشرت على نطاق واسع أمس الأول، بخطأ قبوله المنصب في نظام الرئيس البشير الذي وصل للحُكم عبر انقلاب عسكري 1989، بتأييد من الحركة الإسلامية، أطاح حكومة الصادق المهدي نفسه.
وقال «اعترف بخطأ قبول المنصب في نظام انقلب على الشرعية الديمقراطية وارتكب مظالم كنت حيناً ضمن ضحاياه، وأرجو أن تكون نيتي المذكورة مطية لغفران الله لي، وأن يكون اعتذاري هذا مقبولاً للشعب، وإني على استعداد لقبول أي مساءلة قانونية». وتابع «أنصح الآخرين أن يفعلوا ذلك، وأن يتجنبوا معاندة إرادة الشعب مفجر الثورة». وقال إن أسرته رفضت قبوله منصب مستشار الرئيس حين استشارها. وأضاف: «لم أكن غافلاً عن مغبة المشاركة في نظام يحكم بالقبضة الحديدية وقد عارضته وأعلم أن معظم قطاعات الشعب تعارضه، ولكني قدرت أنني بإمكاني إحداث تأثير بترك الفصال والتوجه نحو الوصال». وتابع: «وإنني على أقل تقدير يمكنني أن أشكل مصدات رياح للرأي المعارض في منظومة تخلو من التعاطف معه». وأشار نجل المهدي إلى أنه قَبِل المنصب إلى جانب البشير بصفته الشخصية، بحيث لا يعبر عن أسرته ولا عن حزب الأمة القومي، الذي كان عضواً في مكتبه السياسي، لكنه استقال فور إعادته للخدمة العسكرية.