السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الأم طويلة

2 نوفمبر 2010 23:21
“توأمان، أنا والصخرة، توأمان! مثل شجرة مع تربتها أو قطارٍ مع سكة حديده”. ديوان لافت ومحرض على القراءة، عندما يصرخ الشاعر بأن الأم طويلة كظلال القطارات، هو عنوان ظرفه أو حياته الآن. قصائد تقطر ألماً، ورؤية فلسفية تختبئ خلف الحروف وفي ثنايا القصيدة، خاصة إذا جاءت من شاعر جميل وذي رؤية فلسفية للكتابة والقصيدة. يكاد يكون واحدا من أهم شعراء الحداثة في الإمارات، وهو دائماً ضابط لقلمه يعرف طريق وسكة قطاره الشعري، لا توجد لديه قصيدة التهويش أو الثرثرة التي لا معنى لها، أو رصف الكلمات المتقاطعة كما يفعل بعض الشعراء الحداثيين المحليين والذين تعجز قصيدتهم أن تنقل فكرة أو رؤية الشاعر، أقصد بعضهم.. عبدالعزيز جاسم شاعر جميل ونحّات بارع في إخراج القصائد الجميلة ذات البعد الفلسفي وقوة القصيدة الحداثية، بالإضافة إلى مواقفه وفكره النيِّر ورؤيته الواعية لدور القصيدة والثقافة، جاءت كلها عبر كتاباته العديدة والمتنوعة في المساهمات الثقافية عبر منابر راقية وعديدة داخل الإمارات وخارجها. هو الشاعر الحداثي الرائع في قصيدته ورؤيته للحياة والثقافة: “اركضوا بقوةٍ، اسبقوه جميعكم إن استطعتم، تقدموا أكثر، كونوا خيولاً أو جمالاً أو كلاباً سلوقية.. من يمشي كالدرويش خلفكم ولا تلمحون ظله، من لم يشارك في السباق أصلاً. ستجدونه جالساً أمامكم”. انه الشاعر إن مشى.. هذه قصيدة رائعة تصف الذين يربون عضلات كالحصى ويركضون خلف الموائد والمنابر الشعرية أو أغراض أخرى ينشدونها، بينما الشاعر الجميل الواعي لدوره في الحياة الحرة، سيكون ثابتاً وحاضراً وحده، عندما تغيب الولائم ويذهب أصحاب العطايا خلف النسيان!. “انزع أيها العابر الأعمى الشوكة الدامية من رجلك انزعها ببساطة ادفنها أو احرقها دق رأسها بحجر إن أردت اطحنها وانثرها أو حتى أغرزها في مؤخرة الهواء”. إذاً لنمضِ في الطريق مهما كان مؤلماً، حيث لا حياة بدون كفاح أو ألم، حتى في أمور الحياة اليومية، فما بالك بالذي ينشد أشياء أكثر في الوجود. الشاعر الجميل عبدالعزيز جاسم صاحب حس إنساني وبعد في اختياراته. لم أسمع يوماً أنه لزم طابور المصفقين أو كتب قصيدة أو حمل درعاً ليقدمه هدية، حتى يضع صورته في البرواز أو الجريدة أو يكون ضيفاً دائماً على الموائد. شاعر حداثي في القصيدة والفكر، بينما بعض شعراء الإمارات، حداثي في حروفه وقصيدته ولكنه تقليدي يجيد التصفيق والتمسح ويعشقه، (مطارزي في داخله)، الشاعر عبدالعزيز جاسم مثل قصيدته (عصفور جهنم).. “لمن تغرد يا شبيهي وبمن تستغيث لم تجرح صوتك الفضي ولم تهدر قطرتك الوحيدة وتتركها تسقط بين الخردوات ورائحة البنزين”. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©