2 نوفمبر 2010 20:19
السفر إلى جنوب شرق آسيا، وبالتحديد إلى دولة ماليزيا، يعتبر شاقاً ومرهقاً إلى أقصى الحدود، لما يستغرقه من مدة زمنية طويلة تقارب 7 ساعات جواً انطلاقاً من مطار دبي ووصولاً إلى مطار كوالالمبور الدولي، لكنها بحق دولة فائقة الجمال والخضرة
وتستحق تحمل عذاب السفر وصولا إليها!! قبل الحديث عن الوجهة السياحية الأولى التي قصدناها وقبل أن تهبط الطائرة امتدت أعناقنا من نوافذها متلهفة لرؤية منظرها من أعلى، وإذا بها غابة خضراء ليس فيها أية معالم واضحة، وكأنها غير مسكونة، ليس هناك من بشر أو بيوت فقط شجر أخضر يعانق بعضه بعضا!!
بعد أن حطت أقدامنا على عتبات المطار لفت انتباهنا النظام الذي يهون على الزائر أو السائح عناء البحث عن تاكسي أو التفاهم معه للوصول إلى الفندق، علما أن أغلب سائقي سيارات الأجرة يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، حيث قمنا بقطع تذكرة لركوب التاكسي، ودفع ثمنها الباهظ نوعا ما، وقد كتب عليها رقم التاكسي وحددت فيها وجهتنا أيضاً، إذ كانت إلى منتجع صن واي لاجون (SUNWAY LAGOON) الذي يقع في ولاية سيلانجور، ويبعد قرابة الساعة عن المطار.
وخلال الرحلة البرية تلك أمكننا أن نشاهد الغابات الخضراء والأحراش الضاربة في الأرض حتى عنان السماء على جانبي الطريق، حيث أخبرنا السائق أنها أشجار مطاط، وأن دولته من أغنى الدول به وأكثرها تصديرا له، إلى جانب أشجار النخيل التي تصدر زيته وأخشابه، والفلفل والأرز والكاكاو والأناناس وغيرها الكثير من الفواكه التي تنمو في أراضيها بكثرة بسبب أجوائها الاستوائية الدافئة والماطرة والخصبة في آن واحد، وعندما قطعنا نصف المسافة تقريبا توقفنا لنقطة فاصلة اعتقدنا أنها تفتيشية، وإذا بسائق التاكسي وغيره من السيارات والحافلات يدفعون رسوم دخول شوارع العاصمة لجباة يجمعونها في الذهاب والإياب، ومن ثم تابعنا مسيرنا، حتى لفت انتباهنا ازدحام الدراجات النارية في الشوارع التي يقودها الرجال والنساء من مختلف الأعمار، ويعتبرونها وسيلتهم الخاصة والأولى في التنقل، مما خفف لديهم أزمة السير من جهة والتلوث البيئي الناتج عن عوادم السيارات من جهة أخرى، علما أن أغلب السيارات هناك تسير بالغاز، كما أن مقعد السائق ومقوده على اليمين مثل بريطانيا والهند وأستراليا.
في المنتجع
وصلنا إلى منتجعنا الذي تعرفنا عليه بالصدفة عبر البحث في الإنترنت، وإذا بنا نتفاجأ بأنه يضم أكبر مدينة ألعاب مائية في ماليزيا، صاحبة ال13 ولاية، ويلتصق بتلك المدينة المائية فندق راق جدا ومركز تجاري للتسوق (مول) .
ولأننا كنا قد تقصدنا الذهاب للمنتجع في فترة تصادف إحدى المناسبات الدينية فقد تم تزيين الشوارع، وبالذات المحيط الخارجي للمنتجع، بالأشكال الهندسية والورود المضيئة وعبارات مهنئة بلغة أهل البلاد.
عالم المغامرة
لا شك أننا تلهفنا وتشوقنا للنزول من غرفة الفندق التي لا ينقصها الفخامة، خصوصا أن شرفتها تطل على الألعاب المائية والجسر المعلق وكتعبير عن الحالة النفسية التي اعترتنا حال وصولنا إلى المكان، لكن يكفينا القول إننا نسينا التعب والسهر وعناء السفر الطويل، وبدأنا ننتعش ونتضاحك فرحا بتلك المناظر .
وبعد السؤال والاستفسار من العاملين في المنتجع، وهم من أصول مختلفة ماليزية وهندية وصينية وغيرها عن زمن إنشاء المنتجع ومساحته، أفادونا بأنه تم إنشاؤه عام 1993، وهو يمتد على مساحة 80 هكتاراً، مما يشير إلى اتساع مساحته التي لا يمكن للعائلات أن تكتفي لزياراتها بيوم واحد، حيث قسمت مدينة الألعاب المائية إلى أقسام عدة منها المائي والجاف، وفيها الألعاب البسيطة وأخرى المعقدة المخيفة التي يطلقون عليها عالم المغامرة، لما فيها من تحديات للنفس بتحمل صدمات الخوف التي يحدثها اللعب بألعاب لا بد أن تتعالى أصوات صرخات مرتاديها، مثل لعبة سفينة القراصنة التي تلف 360 درجة، ولعبة توماهوك التي تحبس الأنفاس وتأخذ شكل المقص، وألعاب أخرى تقشعر لها الأبدان، ويزداد بفعلها تسارع ضربات القلب، ويستغلها الشباب لإبراز قدراتهم على تحدي بعضهم البعض في ركوبها وعدم الخوف أو الصراخ، وكذلك توجد مدينة الأشباح التي لا تقل عن سابقاتها في إثارة الرعب، وذلك بما يقوم به شخوص لونت وجوههم، وارتدوا ملابس خاصة تعبر عن الشخصيات التي تقمصوها ببراعة.
مدينة الماء
أما الجانب المائي الذي يعجز اللسان عن وصف روعته، فيضم بركاً للسباحة، وشلالات تبدو كأنها تشق الصخر وتنفجر منه وأمواج متلاطمة للتزلج أوالتزحلق عليها وبحيرات اصطناعية يقال أنها أكبر بحيرة اصطناعية في العالم، إضافة إلى تماثيل حجرية ضخمة بنيت لتضخ من فمها الماء، وتزيد المشهد الذي تحفه الخضرة والأشجارالطبيعية روعة وجمال، كما صممت أنابيب مائية ثنائية تنزل من ارتفاع 12 متراً، ثم ترتفع فجأة إلى مسافة 8 أمتار ينزلق عليها الكبار والصغار جالسين على عجلات هوائية تسمى بلعبة (CAMEROON Climb) وأنابيب مائية أخرى ملتوية كالدودة نصفها مغلق من جميع الجهات ونصفها مفتوح، وكم بدت معالم المتعة والفرح على الأطفال الذين كانوا يتزحلقون عليها بشكل فردي وثنائي، ويوجد كذلك قوارب التجديف بأنواعها المختلفة منها ما يناسب الكبار والصغار، وغيرها مما يصعب حصره من ألعاب مائية لم يسبق لنا رؤيتها.
الحيوانات أيضاً
إلى جانب ذلك توجد حديقة حيوانات تضم 150 حيوانا يمكن الإمساك ببعضها، والتقاط الصور الفوتوغرافية، معه مثل الببغاء والأفعى وغيرها، وتنتشر في ذات المكان برك الأسماك بكثرة.
ولمحبي المتعة المتعلقة بعالم الفورمولا والدراجات النارية ثمة حلبات مخصصة لل”كارت كار”، وطرق مرصوفة للدراجات علما أن المدينة المائية كلها سلالم وأدراج كهربائية وعادية، وارتفاعات ومنحدرات تتطلب الجهد في التجول والتنقل بها من مكان لآخر ويوجد قريبا من عالم السيارات لعبة الرمي بالنبال ولعبة الرمي بالكرات الملونة والتجديف بالزوارق باستخدام القدمين فقط وهي على شكل بطة وكذلك لعبة القفز في الماء عبر التعلق على حبل على ارتفاع عال يقل شيئا فشيئا حتى يصل بالمتأرجح عليه نحو رميه بالماء، وكان أغلب مرتادي هذه اللعبة من الرجال .
هوليوود في ماليزيا
لتشعر أنك تعيش في قلب الأفلام الأميركية، وتقابل رجال الكابوي والهنود الحمر فما عليك سوى التوجه إلى الجهة الغربية من المنتجع حيث يستقبلونك هناك ويتصورون معك، وتتمتع في نفس الوقت بالاستحمام بشلالات نياجرا الموجودة هناك، ومعها بعض الألعاب المائية الأخرى .
وإذا أردنا تصوير جمال المنتجع من أعلى والتمتع برؤية مناظره، فما علينا سوى المشي على الجسر المعلق الذي يصل بين ضفاف مدينة الألعاب المائية الكبيرة وطوله 428 مترا .
ما يزيد المشهد روعة أن هذه المدينة الممتعة لا تشتمل على ألعاب وحسب بل فيها الكثير من المطاعم ومحلات للتسوق سواء للملابس التي تخص السباحة وعجلات الهواء الخاصة بالصغار والكبار أو محلات بيع الهدايا التذكارية والبوظة إلى جانب الحمامات وأماكن للوضوء ومساجد للصلاة وصناديق أمانات تحفظ في داخلها الحقائب والملابس والنقود، وهناك أماكن للإسعاف فيما لو تعرض أحد زوار المدينة لأي إصابة أو خطر.
المصدر: كوالالمبور