الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي المطروشي يعود بالذاكرة إلى الطيايير الورقية وصيد الحواسيم

علي المطروشي يعود بالذاكرة إلى الطيايير الورقية وصيد الحواسيم
5 أغسطس 2011 22:19
عاشت عائلة عيال عبيد سلطان المطروشي، وهم مجموعة من الأخوة في منزل كبير بمنطقة الفريج الشرقي لإمارة عجمان، ومنهم سعيد عبيد سلطان المطروشي والد شخصية اليوم علي سعيد المطروشي، الذي شغل منصب في إدارة المرور والتراخيص في الإمارة، وحاليا يعمل مديرا لإدارة مراكز الشرطة، وكان منزل الأسرة يقع مباشرة بالقرب من شاطئ البحر، ولذلك كبر والده وأعمامه ليصبحوا من رجال البحر، والأعمام هم سلطان وجمعة وحمد وسعيد وسيف. كان منزل الأسرة مفتوحا طوال الوقت، وكما يقال محليا “صينيتهم طايحة طول الوقت”، وذلك يعني أن موائد الوجبات الثلاث دائما حاضرة ومتوفرة لكل من يرغب في زيارتهم في أي وقت، فلا يأتي أحد في وقت الفطور أو الغداء أو العشاء ولا يجد الطعام متوفرا. أسرتهم خير مثال على الأسرة النموذجية الممتدة، وكان عملهم في الضغاية ولديهم محمل أو خشبة وهي السفينة الكبيرة، وكان خالهم رجل البحر المعروف وهو خميس الخوار الذي كان يخرج للضغاية مع الرجال إلى الجزيرة الحمراء شرقا والى الجميرا غربا، وكانت هناك علاقات وثيقة بين أهل كل تلك المناطق وخاصة أهل جميرا مع أهل عجمان. أكبر “جالبوت” عاش علي بن سعيد المطروشي حياة جميلة رائعة يشعر بلحظاتها حية في وجدانه حتى اليوم، ومن أروعها عندما صنع أعمامه أكبر “جالبوت” وأطلقوا عليه اسم الصاروخ، وقد كتب الشاعر راشد الخضر رحمة الله عليه قصيدة تضمنت مدح للسفينة المسماة الصاروخ، كما ذكر فيها مديح لعم علي وهو حمد بن عبيد، وكان حمد نوخذة سفّار يأتي من سفر ليخرج لسفر آخر، ومن المحامل التي عمل عليها نوخذة محمل قوم بالقيزي في دبي. عمه حمد يسافر إلى سواحل الهند وإلى ممباسه، وباقي أعمامه قد عملوا بالتعاون بينهم لصنع محمل سمي “عشيرج”، وسافروا به إلى الكويت واشتغلوا في التجارة، وحلم علي دائما بالسفر معهم إلى الكويت، وكان كل محمل يسافر لا بد أن يمر على خور دبي لأمور تتعلق بالبضائع التي يتم جلبها، أو لإنزال المسافرين أو العكس. لشدة رغبة علي وهو لا يزال طفل بالسفر على ظهر المحمل، قام جده من طرف والدته وهو حميد علي حميد المزروعي، بأخذه الى خور دبي وكأنه سيسافر به، وعندما توقف المحمل في دبي، رأى علي والده قادما على رصيف الميناء، فعلم أن تلك خطة أراد منها الجد والأب أن لا يحرمان الطفل من الإبحار، وفي ذات الوقت يعود لأسرته بعد عدة ساعات يقضيها في البحر على ظهر السفينة. ذكريات وأصدقاء من ذكريات المطروشي عن الجد حميد، أنه أول من صنع محمل بدون كلفات، وكان يحب الأدب والشعر وله أصدقاء محدودين، وكان نجارا ماهرا يتقن صنع الأبواب المنقوشة بالحفر، ولكن ذلك لم يمنعه بحضور مجلس الشاعر راشد الخضر، وكان من نصيب علي المطروشي أن يكون برفقة جدة لحضور إحدى الزيارات. عاش علي مع جده فترة طويلة بحكم أن والده كان يسافر كثيرا لأجل التجارة، وقد عشق البحر كثيرا وكان يقضي الساعات ينتظر الصيادين ليأخذ منهم ما يمكنهم أن يمنحوه للصغار، الذين اعتادوا على التواجد هناك قرب الشاطئ، وكان كل طفل يفرح بعمل مشكاك من السمك يذهب به طازجا إلى البيت. ذلك اللقاء اليومي يغرس في كل طفل حتى يصبح رجلا، حب التواصل والكرم، ومن بين أولئك الرجال عمر إبراهيم بن عمير الذي لا ينساه علي، وكان يذهب معه الى بيتهم ويحب أن يجلس تحت شجرة اللوز ويقطع السمك، مثل كل الأطفال الذين يحبون ان يفعلوا ذلك كل يوم عندما كانوا صغار، ومن الأصدقاء في الطفولة عبيد محمد الوري، وقد كان يرافقه في تلك المحطات. كان علي يذهب برفقة أخته الكبرى، إلى المطوع لتعلم القرآن، ويتذكر أن سكن العائلة في الصيف خلف المربعة التي توجد حاليا على كورنيش عجمان، ومكان تجمع الرجال للصلاة عبارة عن أرض ترابية تم صف مجموعة من الأحجار الصخرية عليها، على شكل يحدد المساحة كمكان خاص للصلاة، وعندما كبر علي أصبح يذهب إلى منطقة بورسعيد حيث يقيم أخواله هناك. تعلم القرآن وحفظه بعد فترة من الزمن قام والده ببناء بيت جديد وانتقلت الأسرة للمكان الجديد في الإمارة، وكان من جيرانهم جبر بن أحمد الشامي وعمران بن مرداس وماجد بن علي المطروشي، ومحمد بن علي المطروشي، حيث كانوا يذهبون سويا إلى المطوع خلفان لتعلم القرآن. دخل علي بن سعيد المطروشي الى مدرسة الراشدية، التي تحولت بعد ذلك الى مدرسة الهيثم، وقد أحب المدرسة والتعلم، وعندما استلم الكتب كان عند العودة لمنزله، يحاول أن يجعلها ظاهرة للعيان من أجل أن يعلم كل من يراه أنه أصبح طالباً، ورغم قسوة المعلمين آنذاك إلا انه كان يحصل على التشجيع الدائم من خاله عبدالله المزروعي، وكان يتابعه ويحثه ويجلب له الهدايا عند كل نجاح، من أجل تحفيزه على المزيد من التفوق. تأثره بأخواله في الصف الخامس الإبتدائي بدأ علي يسمع والده وهو يتحدث في كل مناسبة عنه، وعندما يقدمه لأي زائر او يذهب معه إلى أي مكان يقول، أن ولده سوف يصبح مدير ذات يوم، وقد تخرج علي من كلية الشرطة وعين مدير فرع تحقيق الحوادث والمخالفات، وقد وضع لنفسه هدفا يخدم به وطنه وهو أن يعمل على تثقيف الشباب للحد من الحوادث المرورية، وكان ذلك في وقت لم يكن فيه قسم للعلاقات العامة. يعود علي إلى طفولته مرة أخرى ليكمل لنا ذكرياته عن تلك الفترة قائلا، إن والدته كانت متعلمة من مطوعة علمتها القرآن والقراءة، وكان أخوتها متعلمين أيضا وقد تأثرت بالبيئة المثقفة من حولها، ولذلك وجد علي أن لأخواله تأثيرا كبيرا في حياته، وخاصة خاله عبدالله الذي يعد أحد من أدخلوا ودعموا الرياضة في الإمارة، وهو من أسس للكرة حيث أقيم نادي الشعلة، وأطلق اسمه على ملعب من الملاعب، وقد أصبح ذلك الملعب بعد ذلك نادي عجمان الرياضي. سفر وتجارب ويتذكر علي أول رحلة لخارج الدولة كانت مع ابن خاله عام 1978 وكان عمر علي أربعة عشر عاما، والوجهة كانت إلى سويسرا والى كلية دينمو بالتحديد، التي لها مدرسة داخلية وتشتهر كمخيم صيفي يقدم دورات في اللغة الانجليزية مع برنامج ترفيهي، وتلك المخيمات ضمت شبابا من أبناء الخليج أيضا، وبعد عام على تلك الرحلة سافر مرة أخرى، ليقيم في لندن مع أسرة لأجل تعلم اللغة الإنجليزية، معتمدا على نفسه، وتعلم أن السعادة ليست في السفر، ولكنها تتحقق مع أسرته. ولا يتخيل علي بن سعيد المطروشي أن تتقارب أفكار وذكريات شعوب المعمورة، مثلما كانت ولا تزال متقاربة بين من عاشوا طفولتهم في الإمارات، في بداية السبعينات وبداية الثمانينات في الفرجان القديمة، حيث يأخذهم الحنان لكل شيء ويشعرون بمعنى فرحة الطفل بامتلاك التيلة المميزة عن مثيلاتها من التيل الصب أو الضرس كما يطلق عليها، والطفل أو الشاب لا يبيعها ولا يقايض بها، إلا عند مرحلة الأفلاس قبل غروش الشمس في موسم التيل الذي يسعد به كثيرا من أصحاب الدكاكين، وبالرغم من إصابة تجارة الحلويات بالكساد، لكن الباعة والتجار يدركون بأن العديد من المناسبات المبهجة آتيه لا محالة. طيايير ورقية يتذكر علي أيضا لعبة الصايح التي تسمى “الهول” وموسم الطائرات الورقية، حيث يعد من المواسم السنوية التي تتزين فيها السماء في الفريج أو البراحة في فصل الصيف أو بداية الصيف، وربما هو موسم رياح الكوس لتناسب إطلاق الطائرات، وتأتي مرحلة الاستعداد باختيار مواد صناعة الطيايير وتطيير الطيايير، كما كان يقال، ولا يجيد ذلك الجميع لأن العملية تحتاج الى مهارات وخبرة. كان الورق المستخدم هو الخرايط وهي أكياس ورقية كانت تستخدم قديما قبل دخول الأكياس البلاستيك، وهي متوفرة في كل دكان وكل بيت، وكانت تثبت في عيدان مقصوصة من جريد النخل، ثم يضاف لها ذيل من القماش من أجل التوازن وهو شريط قماشي، و كل شاب يصنع لنفسه ولأخوته الصغار، و يتم صنع الذيل من إزار الرجال وهو الأفضل لخفته، ويعلم المطروشي أن من اختبروا تلك التجربة يعلمون أن الصبية والشباب، كانوا يبحثون عن المستخدم والبالي من الوزر، لأجل ذيل الطيارة الورقية. براد الرايح من أروع لحظات علي أيضا، صيد الحواسيم وهي تلك الأسماك الصغيرة الطويلة الشكل، وتعيش بقرب السواحل وفي الخيران، ويقترب لونها من رمال الشواطئ البيضاء وتتغذى على القشريات، واليوم أصبحت من الذكريات، بل كما يقول ربما بعض الناس لا يعرفون الحاسوم ولا طعمه ومذاقه. كما هجر الحاسوم الشواطئ لأنه يحب الهدوء، ولذلك أصبح من النادر أن يتناول الناس اليوم مرقة الحاسوم. أما براد الرايح فهو عبق يأتي عبر الذاكرة كنسيم، والرايح هو الظل الزائل الذي حين يتشكل يجلس الأهالي عند ذاك الظل، لينعموا بهواء ونسمات عليلة باردة ويمارسون تصنيع أدواتهم وملابسهم، وتجهيز ما سيقدم ضمن الوجبات بالنسبة للأمهات والنساء، وكانت أهم لحظات طفولته تلك التي كان يقضيها في صيد النغر أو الخثاق. ولا يزال يذكر أنه كان يفكر في البحر وهو في أي مكان آخر يتواجد فيه بعيد عن الشاطئ، ولأنه يحب البساطة والتواضع يقول أنه يخدم أسرته بنفسه، ولذلك لا يوجد لديه سائق خاص، حتى يسعد هو بالقرب من أبنائه ويوفر لهم احتياجاتهم. تثقيف مروري للشباب تخرج علي في كلية الشرطة وعين مدير فرع تحقيق الحوادث والمخالفات، وقد وضع لنفسه هدفاً يخدم به وطنه، وهو أن يعمل على تثقيف الشباب للحد من الحوادث المرورية، وكان ذلك في وقت لم يكن فيه قسم للعلاقات العامة.
المصدر: عجمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©