السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قصر الحصن.. شاهد على تطور حياة المدينة والمجتمع

قصر الحصن.. شاهد على تطور حياة المدينة والمجتمع
6 نوفمبر 2018 00:18

أبوظبي (الاتحاد)

يقدم قصر الحصن منذ بنائه، وعبر مراحل اكتماله، سردية شاملة حول تطور مجتمع أبوظبي، والبيئة التي نشأت من حوله. ويمكن الاستدلال على ذلك، من خلال رصد أهم المحطات التاريخية التي رافقت قصر الحصن، أو كان القصر نفسه مصدراً لها، باعتباره مقراً للحكم. فبعدما كان قصر الحصن حصناً دفاعياً يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن عشر، تحوّل إلى مقر للحكم. ثم لاحقاً تم تحويله من كونه بيتاً للأسرة الحاكمة وملتقىً يرحب بأفراد المجتمع كافة إلى مقر للحكومة وتصريف شؤون البلاد؛ وها هو اليوم يقف بشموخ كموقع تاريخي يجسّد أبوظبي، ويمثّل قلبها الثقافي النابض. وقد كشفت أعمال التنقيبات الأثرية عن أصول هذا المعلم التاريخي ومراحل تطوّره المختلفة، التي ترك فيها كل حاكم بصمته بإضافة مبانٍ جديدة، وإدخال بعض التعديلات على الأبنية القائمة.

الانتقال إلى جزيرة أبوظبي
يواصل قصر الحصن سرّد رحلة قبيلة بني ياس، حيث هاجرت من مقر أجدادها في واحة ليوا في صحراء أبوظبي واستقرت في المنطقة الساحلية بشكل نهائي. وكانت قبيلة بني ياس ترتحل دائماً من موقع لآخر متبعةً نمط الحياة البدوي الذي اعتمد على ما جادت به الطبيعة عبر فصول السنة، بحثاً عن موارد المياه العذبة، كما ترددوا على جزيرة أبوظبي منذ قرون لصيد السمك والغوص في أعماق البحار بحثاً عن اللؤلؤ وجمع الملح. وقد أسس بنو ياس مقراً صغيراً دائماً لهم بأبوظبي في أواخر ستينيات القرن الثامن عشر.

المراحل الأولى لمجتمع أبوظبي
يرصد قصر الحصن مرحلة انتقال مقر حكم بني ياس إلى جزيرة أبوظبي، وكان البحر آنذاك مصدراً لمواد البناء المستخدمة في تشييد الحصن، وسبيلاً للحياة الاقتصادية للصيادين والغواصين الباحثين عن اللؤلؤ، وفي عام 1795، تم بناء الحصن انطلاقاً من الحاجة الماسة إلى بناء قلعة منيعة قادرة على حماية المستوطنة الجديدة. وفي أقل من خمسين عاماً، تحوّلت أبوظبي من بداياتها المتواضعة كبيوت مصنوعة من سعف النخيل إلى مستوطنة ساحلية يعيش في الآلاف من السكان.

مقر للحوار والتعبير الثقافي
ويواصل قصر الحصن رحلته مع فترة حكم الشيخ زايد الأول. وعلى الرغم من الصراعات السياسية التي تزامنت مع حكمه، نجح هذا القائد في تعزيز مكانة إمارة أبوظبي وتحويلها إلى ثقل ومركز محوري على ساحل الخليج، كما أرسى دعائم الدولة المستقبلية وفق رؤية بعيدة. وأسس الشيخ زايد الأول «المجلس»، الذي استضاف اجتماعات منتظمة ترأسها بنفسه، وعمل على توفير عوامل الازدهار والنمو كافة، لتعزيز رفاهية شعبه. ولطالما كان قصر الحصن صرحاً بارزاً لتجاذب أطراف الحوارات والنقاشات، وقد ازدهر في عهد الشيخ زايد الأول المشهد الشعري والنشاط الثقافي.

بداية عهد جديد من الازدهار
بعد وفاة الشيخ زايد الأول عام 1909، انتهى عهد وبدأ آخر في تاريخ أبوظبي. وعلى الرغم من تباطؤ حركة التجارة بفعل عدد من العوامل الجيوسياسية وظهور اللؤلؤ المُستزرع في اليابان، إلا أن أراضي أبوظبي كانت على وشك البوح بثروة جديدة تقبع في أعماقها. وقد منح الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان في عام 1939 أول امتياز للتنقيب عن النفط في أبوظبي من مجلسه المنعقد في قصر الحصن، ممهداً بذلك الطريق أمام التطورات الكبيرة التي كانت أبوظبي على أعتابها. وفي العام ذاته، أمر الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان ببناء قصر حول الحصن، بما شكّل انطلاقة حقبة اقتصادية جديدة، حيث تعززت مكانة أبوظبي في المنطقة وبدأت مسيرتها نحو تحقيق مزيد من التطور والنجاح.

قصر الحصن.. رمز لإمارة أبوظبي
تولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، زمام الحكم في الإمارة عام 1966، وقد شهدت إمارة أبوظبي خلال فترة حكمه قفزات نوعية وتطورات كبيرة، حيث تحولت إلى مدينة عالمية تمتلك مقومات الازدهار كافة. وقد تسارعت وتيرة التغيير في الإمارة لتشمل إنشاء الطرق حولها وداخلها، وتطوير أبنية جديدة حول قصر الحصن، المعلم الثابت الذي لم يتغير عبر تاريخ أبوظبي. وقد انعكست رؤية الشيخ زايد في تطوير دور هذا الصرح وترسيخ أهميته التاريخية، باعتباره رمزاً للإمارة، ومركزاً لإدارة شؤون الدولة، وأرشيفاً وطنياً، ومعلماً حضارياً.

مجتمع قصر الحصن
يسرّد «قصر الحصن» قصص الأجيال المتعاقبة، رجالاً ونساءً وأطفالاً، التي اتخذت من القصر مقراً للعيش لسنوات طويلة. وقد كان قصر الحصن، بدايةً من عهد الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، مقراً للحكم، وبيتاً للعائلة الحاكمة، حيث يجسّد بأروقته وباحاته وغرفه نمط حياة أهل القصر آنذاك.

إرساء أسس دولة جديدة
يسرد قصر الحصن قصّة قيام دولة الاتحاد واجتماعات القادة والقبائل، مسلّطاً الضوء على دور المجلس الاستشاري الوطني، باعتباره محطةً مهمةً في رسم السياسات واستضافة الحوارات الأساسية التي سبقت قيام دولة الإمارات. وفي عام 1968، تم تشييد المجلس الاستشاري الوطني خارج جدران الحصن، وهو المكان الذي كان الشيخ زايد الأول قد عقد فيه أول مجلس له، ثم تحوّل مبنى المجلس إلى مكان للاحتفاء بالمناسبات التاريخية عقب تأسيس دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971، حيث احتضن الاجتماعات الأولى للمجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

اقرأ أيضاً.. سرد متحفي يروي قصّة "قصر الحصن" ومجتمع أبوظبي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©