هدى جاسم ووكالات (بغداد)
تعرض متظاهرون عراقيون، أمس، للطعن إثر اقتحام آلاف من عناصر أحزاب السلطة وأنصار قوات الحشد الشعبي ساحة التحرير في وسط بغداد، فيما عُثر على جثة ناشطة في الـ19 من العمر بعد خطفها، وهو ما يسلط الضوء على استمرار مسلسل الترهيب ضد الحركة الشعبية المناهضة للحكومة.
وأفاد شهود عيان بأن 20 محتجاً تعرضوا للطعن على أيدي مجهولين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، لافتين إلى أن مئات الأشخاص دخلوا إلى ساحة التحرير وهم يرددون عبارات مدوية، وعند الاستفسار عن هويتهم أو الجهة التي يمثلونها تعرض المستفسرون للطعن على أيديهم.
وأضاف: «إن الطعنات أغلبها قاتلة، أي لم تكن للتخويف أو الدفاع عن النفس أو الشجار».
وقال مصدر طبي في ساحة التحرير: «إن 9 متظاهرين تعرضوا لطعنات بسكاكين في منطقة الظهر، والصدر بينهم ثلاث فتيات، وتلقوا العلاج في خيم الأطباء».
واتهم متظاهرون في ساحة التحرير «مندسين تابعين للأحزاب السياسية بالدخول إلى الساحة لتخريب التظاهرات»، حيث طعنوا أشخاصاً «بآلات حادة في البطن والأقدام واليدين».
ولوح المتظاهرون الجدد بأعلام قوات الحشد الشعبي التي باتت تحمل صفة رسمية بعدما صارت جزءاً من القوات العراقية، حاملين أيضاً صوراً لمقاتلي الفصائل.
ودعم الحشد في البداية الحكومة أمام الاحتجاجات، لكن بعد تدخل المرجعية الدينية العليا في العراق علي السيستاني، تخلى عنها.
وإلى جانب شعارات المتظاهرين الصريحة ضد التدخل الأجنبي الداعم لحكومة بغداد، كان المتظاهرون حذرين من الأحزاب السياسية التي تسعى للهيمنة على حركتهم الشبابية.
واختلط هؤلاء في معسكر المحتجين المناهضين للحكومة في ساحة التحرير، القلب النابض للانتفاضة القائمة منذ نحو شهرين، والتي أسفرت عن مقتل ما يقارب 430 شخصاً وإصابة 20 ألفاً آخرين بجروح.
وأبدى الموجودون في ساحة التحرير، أمس، قلقهم من الوافدين الجدد وقال أحد المحتجين «لقد دمروه»، فيما قال آخر: «ستصيبنا الفوضى».
حالات وفاة بشعة
ورفع المتظاهرون الجدد لافتات تندد بـ«المندسين»، في إشارة إلى أولئك الذين يهاجمون الممتلكات العامة والخاصة خلال التظاهرات، لكن المتظاهرين شعروا برسالة تهديد أكبر من ذلك.
وقال تميم، وهو متظاهر يبلغ من العمر 30 عاماً يرتدي سترة واقية: «لقد أتوا إلى هنا لإنهاء الاحتجاجات».
وحذر حارث حسن من مركز كارنيجي للشرق الأوسط، من أن التطورات قد تؤدي إلى مزيد من التوتر. وكتب على تويتر: «قد تكون هذه بداية منافسة أو صراع لشغل الساحات العامة».
وقال توبي دودج، مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، يبدو أن ذلك «تكتيكاً جديداً» للتجمع «أو إغلاق الساحة المتاحة للمتظاهرين».
وتعرض ناشطون في بغداد وأماكن أخرى للتهديدات والخطف وحتى القتل فيما يقولون إنه محاولات لمنعهم من التظاهر.
وعثر على جثة ناشطة شابة تبلغ من العمر 19 عاماً قتلت بطريقة بشعة بعد خطفها وتركت جثتها خارج منزل عائلتها في وقت متأخر من يوم الاثنين الماضي.
وقال علي سلمان والد الناشطة زهراء: «كنا نوزع الطعام والشراب على المتظاهرين في التحرير، ولم نتعرض للتهديد قط، لكن بعض الناس التقطوا صوراً لنا». وأضاف «أثبت تقرير الطبيب أنها تعرضت إلى صعقات كهربائية».
وفي جنوب البلاد المنتفض أيضاً، اتسعت رقعة الاحتجاجات، أمس، مع انضمام عائلات الضحايا والعشائر إلى التظاهرات، للمطالبة بوقف العنف.
وفي الناصرية، حيث أسفرت عمليات القمع عن مقتل نحو 20 شخصاً خلال ساعات الأسبوع الماضي، التحقت وفود عشائرية بمئات المتظاهرين المتجمهرين في وسط المدينة الجنوبية.
وكان شيوخ تلك العشائر هم من أوقفوا العنف في تلك المدينة الزراعية الأسبوع الماضي. ودفع مقاتلوها المسلحون إلى التعجيل بطرد ضابط عسكري أرسلته بغداد «لإعادة فرض النظام».
وفي مدينة الديوانية القريبة، تجمع الآلاف من المحتجين في الساحة المحتلة ليلاً ونهاراً منذ أسابيع، مطالبين بالعدالة لضحايا عمليات القمع.
وتقدم عدد كبير من الأهالي بدعوى «القتل العمد» وينتظرون الآن محاكمة الضباط والعساكر المتهمين بعمليات القمع.
وقال أسعد ملاك، وهو شقيق أحد المتظاهرين الذين قُتلوا مطلع أكتوبر: «إن الدولة تتنصل من الأمور بوضوح بعد قتل أحبتنا»، بينما «لدينا أشرطة فيديو وشهادات». وأضاف «يجب إنزال أشد العقوبات بالضباط والشرطيين».
وكانت محكمة جنايات الكوت جنوب بغداد، حكمت الأحد الماضي، بإعدام رائد في الشرطة شنقاً، وآخر برتبة مقدم بالسجن سبع سنوات، بعد دعوى مقدمة من عائلتي قتيلين من أصل سبعة سقطوا بالرصاص الحي في الثاني من نوفمبر في المدينة نفسها.
إلى ذلك، تُواصل القوى السياسية العراقية مشاوراتها المكثفة للاتفاق على الجهة التي ستسمي رئيس الحكومة المقبلة.
وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي، خلال اجتماع للحكومة، أنه لم يكن من الممكن إجراء تغيير في قانوني الانتخابات ومفوضية الانتخابات من دون المظاهرات، مضيفاً أن التظاهرات أزالت الكثيرَ من السلبيات، ومنحت زخماً للإصلاح.
أمر بالقبض على محافظ نينوى الأسبق
أعلنت هيئة النزاهة العراقية، أمس، صدور أمر قبض بحق محافظ نينوى الأسبق نوفل العاكوب لإهداره المال العام.
وقالت الهيئة في بيان لها: «صدر أمر قبض بحق محافظ نينوى الأسبق لقيامه بتجزئة المشاريع التي تتجاوز قيمتها 500 مليون دينار عراقي، مثل مشروع طريق بغداد»، لافتة إلى أن المتهم قام بتجزئة المشروع إلى خمس مراحل خلافاً للتعليمات والضوابط، وهو ما أدى إلى هدر بالمال العام.
وفي سياق متصل، قررت النزاهة استقدام عميد كلية الحقوق في جامعة الموصل السابق لقيامه بتجاوز الصلاحيات الممنوحة له وارتكابه أخطاء إدارية أثناء أداء مهامه.
الرئيس العراقي يلتقي المبعوث الأميركي إلى سوريا
أعلنت رئاسة الجمهورية العراقية، أمس، أن الرئيس برهم صالح والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا بحثا الدعم الدولي لتعزيز أمن واستقرار العراق. وقالت الرئاسة في بيان: «جرى، خلال اللقاء، بحث سبل تحقيق الإصلاحات المطلوبة في العراق، والتأكيد على أهمية تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون والتبادل التجاري بين البلدين خدمة للمصالح المشتركة».
وتابعت: «تم استعراض آخر التطورات في سوريا والأحداث في المنطقة وضرورة ترسيخ السلم والأمن الدوليين». إلى ذلك، صادق الرئيس العراقي برهم صالح، أمس، على قانوني التقاعد وإلغاء الامتيازات للمسؤولين في الدولة. وكشفت وثائق، نشرتها قناة «السومرية» العراقية، صدور القانونين بناء على ما أقره مجلس النواب العراقي.