3 أغسطس 2011 22:44
في مشهد نادراً ما يتكرر في الغرب، وافق البرلمان الاسكتلندي والحكومة البريطانية والاسكتلندية على منح كلية “آل مكتوم” للدارسات العليا العربية والإسلامية قطعة أرض ضخمة مجاورة لكنيسة القديس جوزيف بدندي الاسكتلندية، وقرر مجلس أمناء الكلية برئاسة ميرزا الصايغ مدير مكتب سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم وزير المالية نائب حاكم دبي على الفور إعداد مشروع توسيع الكلية بحيث يتم البناء على الأرض الجديدة مسجدا ضخما يتسع لأكثر من 600 مصلي، ملحقا به مركز ثقافي إسلامي لتحفيظ القرآن وتدريس علومه وخدمة مسلمي المدينة فضلا عن ضم فصول للكلية بهدف تطويرها وزيادة فصولها الأكاديمية وذلك بناء على توجيهات سمو الشيخ حمدان بن راشد الرئيس الفخري للكلية. وتحول معهد آل مكتوم للدراسات العربية والإسلامية الذي أطلق في العام 2002 إلى كلية معترف بها تابعة لجامعة أبردين بعدما نالت الثقة الأكاديمية لتتحول لكلية لها اسم بين أعرق الجامعات والكليات في بريطانيا واسكتلندا.
مدينة هادئة
ودندي هي مدينة اسكتلندية هادئة تقع في شمال بريطانيا تفاجأ أهلها بحصول كلية عربية وإسلامية على جزء سابق من كنيسة تاريخية وهي كنيسة القديس جوزيف، لتتحول فيما بعد لمعهد للدراسات العربية والإسلامية والتعددية الثقافية وخدمة الحياة الأكاديمية لكل من يبحث عن دراسة معتدلة لديننا الحنيف أو بيئتنا العربية وتراثها الثري.
وما إن انطلقت الكلية حتى بدأ اسمها ينتشر في الأوساط العلمية حتى أنها خرجت 106 حامل شهادة دكتوراه من 25 دولة عربية وأوروبية، منها مصر والأردن والإمارات وفلسطين والسعودية والكويت وقطر بخلاف ألمانيا وماليزيا وباكستان وبنجلاديش.
وعن دور الكلية في تغيير صورة الإسلام والعرب لدى أهل مدينة دندي قال مديرها أبوبكر جابر “الكلية باتت جزءا لا يتجزأ من مدينة دندي وارتبط بها السكان حتى أن أهل تلك المدينة الهادئة باتو يعرفون المترددات على الكلية من الطالبات المسلمات بناء على زيهم، وجميعهم تتم معاملتهن بصورة راقية من قبل الأهالي فضلا عن حرص الكلية على مشاركة أهل المدينة دائما في كل ما يخصهم لتفعيل دور الحوار الثقافي الراقي بين الحضارات”.
ولفت أبوبكر أن الكلية حققت الكثير من أهدافها وأهمها التحول من معهد للدراسات العليا إلى كلية معترف بها عالميا وزيادة المواضيع الأكاديمية التي تطرحها لراغبي الحصول على شهادات الدكتوراه والماجستير.
وقال “الكلية الآن باتت بها 10 برامج للدراسات العليا وهي كلها ذات علاقة بالإسلام مثل، الدراسات الإسلامية، دراسات بيت المقدس، التعددية الثقافية، التربية الإسلامية، المسلمون والعولمة والغرب، الشريعة الإسلامية، المرأة والإسلام، والأخلاق في الإسلام”.
نظرة المرأة
نجاح معهد آل مكتوم الذي تحول لكلية آل مكتوم للدراسات العليا لم يقتصر على الجوانب الأكاديمية فقط بل تخطاها ليصبح مركزا يعكس مدى احترام الإسلام والبيئة العربية للمرأة للرد على كافة الآراء التي حاولت الادعاء بأن حقوق المرأة ضائعة في الإسلام وبين العرب، وتستقبل كلية آل مكتوم سنوياً ما يقارب 55 طالبة من مختلف جامعات الإمارات إلى جانب جامعة قطر وذلك لدراسة كورسات أكاديمية على فترتين الأولى شتوية في يناير والثانية صيفية في يونيو وذلك كل عام، وضربت الفتاة الإماراتية صورة مثالية للمرأة العربية والمسلمة وهي تتنقل في الأسواق وفي مدينة دندي حيث إن من بين أهداف المشروع ضرورة الاحتكاك بالثقافة الاسكتلندية والتعرف على أسرارها، وعن هذا الجانب تقول إيميلي الموظفة الإدارية بمعهد آل مكتوم “نظرة الغرب مشوشة للمرأة العربية كما هو الحال بالنسبة للإسلام، لقد عملت في الكلية منذ فترة لا تتعد العام ولكني احتككت كما احتك المجتمع الاسكتلندي بالفتيات العربيات المسلمات في الإمارات وشاهدنا مدى ثقافتهن وروحهن المرحة وقدرتهن على الحوار والنقاش والظهور بصورة متحضرة لا تقل أبدا عن تلك الصورة المترسخة في أذهاننا جميعا عن المرأة العصرية المثقفة”.
حوار الحضارات
ومن جانبه كشف القس ايرك كرامب ممثل الكنيسة الاسكتلندية في المجلس الاستشاري لكلية آل مكتوم للدراسات الإسلامية، ومدير كنيسة مدينة دندي الأسبق عن نجاح الكلية في تغيير الصورة السلبية التي التصقت بالإسلام بفعل تشويش الإعلام الغربي أو الحروب الأخيرة سواء على العراق أو أفغانستان وما حدث من اعتداءات أشهرها إسقاط برجي التجارة بنيويورك، وم تبعهما من أحداث.
ولفت القس كرامب إلى أنه وافق على الفور ودون تردد عندما تلقى الدعوة ليكون ممثلا للكنيسة بالمجلس الاستشاري لمعهد آل مكتوم في العام 2002 لاسيما لأنه كان يرى أن الحل الأمثل لحل هذا الصراع الذي كان مشتعلا في تلك الفترة يكمن في تبادل الحوار بين كلا الجانبين المسيحي والإسلامي.
وتابع “كنت على ثقة من نجاح هذا المعهد لأن يتحول لمنارة ترمز لتقبل الآخر والتحاور معه والبحث عن أرضية مشتركة تجمع بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، وهو ما تحقق بالفعل حيث اكتشفنا مساحات كثيرة تجمع بينهما ومع مرور الوقت بات قبلة لراغبي الدراسات الإسلامية والعربية”.
وأكد كرامب أن دولة الإمارات العربية باتت معروفة بسياستها المعتدلة دائما كما أنها بمدنها في دبي وأبوظبي قبلة للسياح الإنجليز والاسكتلنديين، وقال “كنت أثق في أن معهد يمثل دولة الإمارات ودبي سيكون له دور إيجابي في تغيير أي صورة سلبية عن الإسلام، لأن هذه البلد نجحت في تغيير مفاهيم خاطئة أيضا عن العرب والمسلمين من قبل وحتى الآن”.
وأوضح أن المجتمع في دندي مغلق بعض الشيء ويتمتع بالهدوء غير أنه حرص على أن يقوم المعهد بدوره في الاحتكاك مع المجتمع بفئاته المختلفة وقال “المفاهيم الخاطئة لن تتغير في أي مجتمع إلا بالاحتكاك المستمر والمباشر وبخاصة من الأفراد، وقد أرسل المعهد عبر سنواته الأخيرة طالبات إماراتيات مميزات بالفعل كن مثالا مشرفا للمرأة العربية والإماراتية المسلمة”.
صورة المرأة العربية
أكد ميرزا الصايغ رئيس مجلس أمناء كلية آل مكتوم ومدير مكتب سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم وزير المالية ونائب حاكم دبي، على أن الطالبة الإماراتية نجحت في أن تعكس صورة مشرفة للمرأة العربية التي ينظر لها الغرب على أنها مضطهدة وبلا حقوق، تاركة انطباعاً إيجابياً في نفوس أهل المدينة الاسكتلندية في دندي.
المصدر: دندي – اسكتلندا