محمد حامد (الشارقة)
لم يتجاوز آرسين فينجر وجوزيه مورينيو الحقيقة، حينما قالا في تصريحات سابقة: إن تخصيص جائزة فردية في لعبة جماعية أمر قد تترتب عليه حالة جدلية لن تنتهي أبداً، فالأساس الذي تقوم عليه فكرة الكرة الذهبية أو جائزة «الفيفا» لأفضل لاعب في العالم، لا يتسق مع الفلسفة الأساسية التي قامت عليها كرة القدم وهي الجماعية، بل هو انتصار للنجم على حساب روح الفريق، وعلى الرغم من منطقية ما قاله «البروفيسور» الفرنسي، و«سبيشل ون» البرتغالي، إلا أن الجنون الجماهيري والإعلامي، وكذلك المالي والإعلاني بفكرة «النجم»، وبالمنافسة الفردية بين أيقونات ونجوم الكرة العالمية، يجعل الجميع يتجاوزون هذا المنطق.
ويظل السؤال الذي يتجدد معه الجدل، هل يتم منح جائزة «الفيفا» لأفضل لاعب في العالم، والكرة الذهبية للنجم صاحب أفضل أرقام وإنجازات فردية طوال الموسم؟ أو أنها تذهب للنجم الأكثر تأثيراً في تتويج فريقه ومنتخب بلاده بالبطولات في موسم بعينه أيضاً؟ وإذا كان المعيار الثاني صحيحاً، فلماذا حصل ليونيل ميسي على الكرة الذهبية للمرة السادسة، ولم يتوج بها برناردو سيلفا نجم البرتغال ومان سيتي؟
فقد فاز سيلفا بـ 4 بطولات مع السيتي، أهمها لقب الدوري الإنجليزي، وهو الأقوى عالمياً، ولقب الدوري الأوروبي مع البرتغال، ولعب دوراً مؤثراً في انتزاع «البلو مون» والبرتغال لكل هذه البطولات، ولماذا لم يتوج أليسون بيكر حامي عرين ليفربول والبرازيل بلقب أفضل لاعب في العالم، وليس أفضل حارس فقط؟ فهو بطل دوري الأبطال مع ليفربول، والحارس الأفضل في «البريميرليج» والعالم، وبطل كوبا أميركا 2019 مع البرازيل.
ثاني المشاهد المثيرة للجدل، في ليلة تتويج ليو بالكرة الذهبية السادسة، التي جعلته ملكاً منفرداً على عرشها، يتعلق بالصراع بينه وبين منافسه الأبدي كريستيانو رونالدو، وما إذا كانت الشراكة أو بالأحرى المقارنة بينهما على مدار أكثر من 12 عاماً عادلة تماماً أو لا؟ فقد أكد لويس ماسكارو، الكاتب بصحيفة «سبورت الكتالونية»، أن ليو يستحق كرة ذهبية أبدية، إذا كانت هناك إمكانية لحدوث ذلك، كما تحدث عن الشراكة في النجومية بين ميسي ورونالدو، وحصول كل منهما على الكرة الذهبية 5 مرات، قبل أن يتوج الأرجنتيني بها للمرة السادسة، فأشار إلى أن هذه الشراكة لم تكن عادلة. وأكمل ماسكارو رؤيته، بقوله إنه لا يريد التقليل من نجومية رونالدو، بل هي مجرد محاولة لمنح نجم البارسا المكانة التي يستحقها، وتابع ماسكارو: «العدالة الحقيقية تحققت يوم الاثنين، حينما أصبح لدى ميسي 6 كرات ذهبية، تجعله منفرداً بلقب الأكثر فوزاً بها، هناك ميسي واحد فقط، وهذا لا يعني عدم جدارة رونالدو بما حصل عليه وما حققه، فهو هداف من العيار الثقيل، ولكن ميسي هو جوهر كرة القدم، ليو هو السحر والعبقرية، والنجم البرتغالي هو العمل والجهد والتفاني، ومن ثم كان من العدل أن يصبح لدى ميسي 6 كرات ذهبية، تجعله متربعاً على عرش الكرة العالمية منفرداً».
أما ثالث المشاهد وهو أكثرها جدلاً، فإنه يتعلق بحلول فان دايك ثانياً، حيث يؤكد البعض أن تصريحه الشهير بعد التتويج بدوري الأبطال، حينما قال إن ميسي الأحق بالكرة الذهبية دائماً، وإنه يستحقها طوال فترات وجوده في الملاعب كان له تأثيره السلبي في التصويت له، فكيف يصوت الآخرون لك، وأنت لم تنصف نفسك؟ وعلى الرغم من ذلك، يظل تصريح فان دايك قمة في الروح الرياضية والتجرد والموضوعية.
ولكن هل يمكن أن يتوج ميسي بالكرة الذهبية في 2020؟ سؤال سيكون لإجابته تأثيرها في تكوين المشهد الجدلي الرابع، حيث تؤكد الأرقام الحالية لميسي أنه يسير في الطريق نحو حصدها للمرة السابعة، فقد سجل 11 هدفاً في 14 مباراة، منها 9 في 9 مباريات بـ«الليجا»، ويطمح مع رفاقه للحصول على دوري الأبطال، إلا أن العقبة الأكبر في طريقه سوف تكون ثلاثي «الريدز» ماني، وصلاح، وفان دايك، خاصة أنهم نجحوا في الحلول ثانياً، ورابعاً، وخامساً في جائزة العام الحالي، وفي حال نجح ليفربول في تحقيق ثنائية الدوري ودوري الأبطال، فمن المرجح أن يتوج أحدهم بالكرة الذهبية.
وعلى الجانب الآخر، فإن ميسي يقترب من التخلص تدريجياً من منافسه الأبدي رونالدو الذي لا يقدم أفضل مواسمه مع يوفنتوس حتى الآن على الأقل، كما أن جماعية أداء فريق مان سيتي، تجعله لا يقدم نجماً ينافس بقوة على الكرة الذهبية، وهي من بين الأشياء التي تصب في مصلحة ميسي للبقاء مرشحاً قوياً للكرة الذهبية 2020، وهو المشهد الجدلي الخامس في ليلة تتويجه بذهبية 2019.
آخر المشاهد وأكثرها قرباً من الملايين في المنطقة العربية، هو الحلم العربي في الكرة الذهبية، والذي أصبح حلماً مشروعاً في ظل بقاء صلاح ومحرز في دائرة «توب 10» لنجوم الكرة العالمية، فقد جاء صلاح خامساً ومحرز عاشراً، وبالنظر إلى وجود كل منهما في فريق يطمح لدوري الأبطال والدوري الإنجليزي، وفي حال لعبا دوراً في الفوز باللقبين، فإنهما سوف يظلان في قلب دائرة الحلم العربي، بالحصول للمرة الأولى على الكرة الذهبية.
«توب 10» الكرة الذهبية في 63 عاماً
انفرد ليونيل ميسي، بصدارة النجوم الأكثر تتويجاً بجائزة الكرة الذهبية، الأكثر عراقة في تاريخ الجوائز الفردية، بحصوله عليها للمرة السادسة، تاركاً المركز الثاني للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، المتوج بها 5 مرات، وهما وحدهما نجحا في السيطرة عليها لأكثر من 10 سنوات، مما جعل الفجوة بينهما وبين بقية النجوم على مدار تاريخ الجائزة كبيراً، حيث يحتل 3 نجوم المركز الثالث برصيد 3 كرات ذهبية لكل منهم، وهم يوهان كرويف، وميشيل بلاتيني، وماركو فان باستن.
أما بقية المراكز وصولاً للتوب 10، فإنها لنجوم حصدوا الجائزة في مناسبتين لكل منهم، وهم ألفريدو دي ستيفانو، وفرانز بيكنباور، وكيفين كيجان، ورومينيجه، والبرازيلي رونالدو، والملاحظ أن النجم البرازيلي كان في مقدوره الاقتراب أكثر من ميسي ورونالدو البرتغالي، في حال كان قد فاز بها عام 1996 حينما حل ثانياً، كما جاء ثالثاً في عام 1998.
«وقيعة» بين فان دايك ورونالدو بسبب «مجانين السوشيال»
«عزيزي بيرس، لماذا سارعت بالقفز فوق عربة مواقع التواصل الاجتماعي؟ في حال كنت قد منحت لنفسك وقتاً لمشاهدة تصريحاتي كاملة، فمن المؤكد أنك ستدرك حينها أنني أمزح، وأنني أحمل كل التقدير والاحترام لميسي ورونالدو»، بهذه الكلمات رد الهولندي فيرجيل فان دايك، على حالة الغضب التي سيطرت على عشاق النجم البرتغالي رونالدو، جراء تصريح أقرب إلى الدعابة، أطلقه فان ديك حينما تلقى سؤالاً قبل لحظات من الإعلان عن أفضل لاعب في العالم، يقول: «بعد غياب رونالدو عن الحفل، أصبح لديك منافس واحد هو ميسي»، فجاء رد لاعب ليفربول: «وهل كان رونالدو منافساً من البداية»؟
وتسببت مزحة مدافع «الريدز»، في حالة من الغضب الشديد لدى عشاق النجم البرتغالي، وعلى رأسهم الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورجان، صاحب الشعبية الكبيرة، حيث يحظى بمتابعة 7 ملايين شخص، عبر «تويتر»، والذي رد على تصريح فان دايك بقوله: «رونالدو أفضل منك بكثير، إنه في تصنيف آخر».
ليو يثير فزع عشاقه بحديثه عن «الاعتزال»
في الكلمة التي ألقاها بعد تتويجه بالكرة الذهبية السادسة هذا العام، تحدث النجم الدولي الأرجنتيني ليونيل ميسي، أكثر من مرة عن اقتراب موعد الاعتزال، مع كبر السن واقترابه من الثالثة والثلاثين من عمره، وقال، إنه يشعر بمدى ثقل السنين، وهى المرة الأولى التي يتحدث فيها «الساحر» بمثل هذا الوضوح عن اقتراب موعد الاعتزال، ما أثار قلق الملايين من عشاقه في كل أنحاء العالم، خاصة عندما قال: «إنني أدرك تماماً كم عمري الآن.. وهذه اللحظات التي أقفها أمامكم الآن رائعة، لأن لحظة الاعتزال تقترب، وحتى إذا كان ما زال أمامي بضع سنوات، فإن الوقت يمضى سريعاً جداً، وكل شيء يحدث في غاية السرعة». ولكن ميسي عاد ليبعث التفاؤل في نفوس عشاقه ومحبيه، عندما صرّح للصحفيين بعد الحفل قائلاً: «أشعر بأنني أفضل من أي وقت مضى بدنياً وذهنياً ونفسياً، وعلى المستوى الشخصي أتمنى أن أستمر في اللعب لسنوات عديدة قادمة».
وأضاف قائلاً: «سيتوقف الأمر على حالتي البدنية في المقام الأول، ولا توجد مشكلة بالنسبة لعقدي مع برشلونة، حتى وإن كان به بند ينص على إمكانية فسخه مع نهاية كل موسم، فالكل يعلم مدى تمسكي بالبارسا، ورغبتي في إنهاء مشواري الكروي بين جدران النادي، ولهذا أتمنى أن أظل في أفضل فورمة، وأنا ألعب لهذا النادي الذي أعشقه، ولم ألعب لغيره طيلة مسيرتي».