أحمد مراد (القاهرة)
على مدى السنوات الثماني الماضية، مارست الناشطة اليمنية توكل كرمان دوراً تحريضياً لنشر الفوضى في العديد من دول المنطقة العربية، وقد وظفتها قطر لخدمة أجندتها التخريبية عبر تمويلات مالية ضخمة، كانت الناشطة اليمنية -ولاتزال- تنقلها إلى جمعيات ومؤسسات لها علاقات وثيقة بالتنظيمات والجماعات الإرهابية.
وفي سطور التقرير التالي ترصد «الاتحاد» أبعاد وخفايا العلاقة المشبوهة التي جمعت بين قطر وتوكل كرمان، ومحاولاتهما لنشر الفوضى والعنف والإرهاب في دول المنطقة.
في وقت سابق، كشفت بعض وسائل الإعلام العربية عن بيانات حساب بنكي خاص بتوكل كرمان في بنك قطر الوطني يحمل رقم «234442220001»، وبلغ رصيد هذا الحساب حتى ديسمبر 2015 أكثر من 35 مليون ريال قطري، فضلاً عن الكشف عن أن عنوان صندوق بريدها المسجل في البنك برقم «PO.BOX 23123» هو عنوان بريد مشترك تابع لجهاز المخابرات القطرية، وقد اعتادت كرمان تحويل الأموال من قطر إلى عدة جمعيات ومنظمات لها علاقات وثيقة بالتنظيمات والجماعات الإرهابية، أبرزها جمعية الرحمة التي تتبنى أفكار تنظيم «القاعدة» الإرهابي، ومؤسسة خيرية تحمل اسم توكل كرمان.
وكان الكاتب الكويتي، مبارك البغيلي، قد سبق أن كتب تغريدة على موقع تويتر، كشف فيها أن توكل كرمان تمتلك قناة بلقيس، وأن تكلفة القناة في العامين الماضيين بلغت 22 مليون دولار. في إشارة إلى تمويل قطري ضخم تتلقاه الناشطة اليمنية من النظام الحاكم في قطر.
وفي أعقاب الإعلان عن قرار الرباعي العربي بقطع العلاقات مع قطر، دافعت توكل كرمان عن النظام القطري، وزعمت أن قطر وجماعة «الإخوان» لم يتآمرا على دول الخليج، وأن الدوحة وقعت ضحية محاولة المساس بسيادتها من قبل دول خليجية ساندت و«تآمرت» على رئيس مصر المنتخب -تقصد المعزول محمد مرسي- واستكثرت عليها عدم تأييد الانقلاب وتقديمها مساندة إعلامية للرافضين له! وزعمت كرمان أن «الإخوان» لا يتآمرون على استقرار وأمن دول الخليج رغم كل الشواهد التاريخية على عكس ما تزعمه.
وكان للمملكة العربية السعودية نصيب وافر من دعاوى كرمان التحريضية، حيث كتبت العديد من التغريدات على موقع تويتر تدعو إلى تفتيت السعودية وتقسيمها إلى عدة دويلات صغيرة وأقاليم، وقالت في إحدى هذه التغريدات: «نحن لا نقصد انفصال السعودية إلى دويلات حسب تنوعها الطائفي والعشائري والجهوي، بل إقليماً في المنطقة الشرقية وآخر في الجنوب وثالث في الشمال ورابع وخامس.. يستقل كل منها إدارياً مثل الاتحاد الروسي، تجمعها حكومة فدرالية مؤقتاً ثم يأتي التصويت على الاستقلال بحسب رأي شعوب تلك الأقاليم».
وفي أعقاب إدراج السعودية جماعة «الإخوان» في قوائم الإرهاب، في مارس 2014، هاجمت توكل كرمان القيادة السعودية، كما هاجمت السعودية لإدراجها الحوثيين في قوائم الإرهاب، متهمة إياها بالنظر إلى الشعب اليمني على أنه «إرهابي يستحق القتل»!
كما اعتادت توكل كرمان إطلاق سيل من التغريدات التحريضية لنشر العنف والتخريب في مصر، وفي أكثر من مرة، هاجمت الجيش المصري، وفي إحدى هذه المرات كتبت تغريدة تضمنت إساءة بالغة للقوات المسلحة المصرية، حيث قالت فيها: «خير طلاب الأرض.. هذا عزاؤنا بعد أن أصبح خير أجنادها تحت بيادة السيسي».
ولم يسلم العراق هو الآخر من الدعاوى التخريبية التي تتبناها توكل كرمان، حيث كانت على رأس العناصر التخريبية التي استخدمتها قطر في الترويج لفكرة تقسيم العراق، ففي عام 2014 زعمت كرمان أن بغداد أصبحت من دون جيش. كما سبق أن التقت ببعض المسؤولين في إقليم كردستان العراق لبحث دورهم السياسي الساعي إلى انفصال الإقليم عن العراق، وذلك في إطار الدعوات التحريضية لتفتيت العراق.
وفي سوريا دعمت توكل كرمان القوى والميليشيات الإرهابية التي تدعو إلى تقسيم سوريا إلى 3 دويلات صغيرة «سنية وشيعية وكردية»، وذلك وفق المخطط الغربي.
إلى ذلك وصف الناقد والمحلل الصحفي، د. عماد عبدالراضي، توكل كرمان بأنها نتاج مباشر لما يعانيه الوطن العربي جراء الإصابة بوباء ثورات التخريب والدمار، موضحاً أنه خلال السنوات الماضية لم تتوقف توكل كرمان عن بث سمومها، فلن تجد بلداً عربياً آمناً مستقراً إلا وحاولت تحريض شعبه على الفوضى، كأنها لم تشبع من مشاهدة دماء الأبرياء في البلدان التي اجتاحها وباء الخراب، وحظيت دول مصر والسعودية والإمارات بالجزء الأكبر من رسائلها، ووصل الأمر بها للتدخل السافر في شؤون مصر الداخلية، والهجوم على قيادتها، التي يبدو أنها تثير غيظ ناشطة التخريب لدرجة أفقدتها صوابها، وأيضاً إجراء حوار مع صحيفة أميركية تهاجم فيه السعودية والإمارات، إلى جانب هجومها بشكل مباشر على بعض مسؤولي الدولتين.
وقال عبدالراضي: في خضم حركات التخريب التي اجتاحت البلدان العربية، ومساندة الغرب لها بكل الوسائل، تم اختيار توكل كرمان لتأكيد الدعم الغربي لثورات التخريب، ودفعها للمضي قدماً في مخطط هدم الدول العربية وإشاعة الفوضى في أرجائها، ويبدو أن القائمين على تلك المخططات وجدوا أن هذه السيدة أكثر المخربين نشاطاً فقرروا أن تكون واجهة التكريم، ومنحوها جائزة نوبل عام 2011، بزعم أنها «صاحبة النضال السلمي»، فبدا الغرب كأنه يكافئها وإخوانها على ما اقترفوه من جرائم بحق بلدان كان أبناؤها آمنين على دمائهم وأرواحهم وأعراضهم، فإذا بهؤلاء يقودون حركات الخراب التي تسببت في إراقة الدماء وهتك الأعراض وضياع الأمان في الأوطان.
وأضاف: مواقف توكل كرمان التحريضية تشير إلى أنها لا تريد لنار الحرب في بلادها أن تنطفئ، ولا عجب في ذلك طالما أن «البطلة» المزعومة تتنقل بين فنادق الخمسة نجوم حول العالم، بينما المساكين من عامة الشعب يعانون ويلات الحرب التي كانت هي أحد أسبابها.
وفي سياق آخر، أكد اللواء محمود منصور، أحد مؤسسي جهاز المخابرات العامة القطرية، أن توكل كرمان أحد الأبواق التي تستخدمها المخابرات القطرية لبث سموم الكراهية والفوضى في دول المنطقة العربية، فقد لعبت دوراً مشبوها لإثارة القلاقل والاضطرابات في وطنها اليمن، الأمر الذي ترتب عليه تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية على الساحة اليمنية، وقد أسفر ذلك كله عن وقوع اليمن تحت براثن الميليشيات الحوثية التي بسطت سيطرتها على العاصمة صنعاء وبعض المناطق الأخرى بقوة السلاح، ومازال اليمن يئن حتى الآن من تداعيات الدعاوى التحريضية التي تطلقها كرمان بين الحين والأخر.
وقال اللواء منصور: كما حرصت قطر على توظيف توكل كرمان لخدمة أجندتها التخريبية الساعية إلى تفتيت وتقسيم دول المنطقة العربية، ونشر الفوضى والعنف والإرهاب في كل البلدان العربية، وكان لمصر والسعودية والإمارات النصيب الأكبر من دعاوى كرمان التحريضية والتخريبية.