المهدي الحداد (الرباط)
أطل مدرب المنتخب المغربي وحيد خليلوزيتش بحوار حصري لـ«الاتحاد»، من مقر إقامته بالعاصمة الرباط، وذلك بعد 3 أشهر فقط من توليه قيادة «أسود الأطلس»، للحديث عن مجموعة من مواضيع الساعة، سواء المحلية المتعلقة بمهمته الجديدة، أو الخارجية.
** كيف تقيم مستوى المنتخب المغربي منذ قدومك؟
الثقة تعززت بعد الانتصار على بوروندي، في المغرب مباراة واحدة فقط بإمكانها أن تغير العديد من الأشياء، في أيامي ومباراتي الأولى لم يعرف الناس طريقة عملي، وبعد مرور الوقت أصبحت الأمور تأخذ أبعاداً أخرى، نحن الآن في الطريق لبناء منتخب قوي ومتجدد بأسماء شابة بعد اعتزال اللاعبين المخضرمين.
** لماذا تخاطب الرأي العام المغربي بلهجة حادة وتزرع التشاؤم في نفوسهم؟
للأسف بعض الإعلاميين والجماهير يتسرعون في الحكم علي وعلى قيادتي، والدليل الصافرات التي سمعتها في مباراة موريتانيا قبل أسبوعين بالرباط، أعرف أن الجمهور المغربي كان محبطاً بعد الخروج من كأس أفريقيا أمام بنين، لكن لا يقدر الكثيرون أننا حافظنا على 5 لاعبين من الهيكل الأساسي، الذي ظهر في «كان»، وبالتالي فتكوين منتخب جديد يحتاج للوقت والانضباط، ولا مكان للنجم المغرور معي، أحرص بشدة على المجموعة ولا تهمني الأسماء ولو كانت متألقة في أبرز الدوريات الأوروبية.
** أثرت ضجة بمقارناتك بين المحترفين بأوروبا والدوري المحلي، مما أثر سلباً على الفريق.. فما تعليقك؟
الكرة المغربية من بين الأبرز أفريقياً، وأعرف جيداً أن مقارنتها بما هو موجود بأوروبا لا يصح، لكنني أراقب ما تفعله الأندية المحلية في المنافسات القارية، وألمس عن قرب جوانب النقص لدى اللاعب المغربي المحلي، وحينما قلت إن المحترفين في كفة والمحليين في كفة أخرى، فخطابي كان مبنياً على جانب اللياقة البدنية، فأجهزة قياس المنسوب البدني ونبضات القلب ونسبة الدهون هي من حددت مكامن الخلل، ولا أعتقد بأنني قللت من أحد، بقدر ما انتقدت وشرّحت الوضع من دون تجميل.
** تحدثت عن حلمك باستدعاء ميسي لو كان متاحاً لك، ألهذه الدرجة يعاني الأسود من العقم الهجومي؟
سأعيدها وأكررها، المنتخب المغربي لا يملك مهاجماً من الطراز العالمي، ومن يأتي بالحلول حينما يستعصي الأمر، ميسي من بين القلائل حالياً، وفي تاريخ كرة القدم من يملك نسبة فعالية فريدة للتسجيل، يراوغ ويسدد ويفعل كل شيء وحده، ويتوفر على حس تهديفي غير طبيعي، وهو الدواء الوحيد لكل داء، لقد كنت مهاجماً في مشواري الكروي وأعرف المواصفات التي يجب أن تتوفر في الهداف، الذي له القدرة والشخصية والمؤهلات ليخلق الفارق في كل مباراة.
** لكن ميسي لا يُقارن والفعالية تأتي بالقوة الهجومية للفريق ككل؟
ليس هكذا، أنا أتحدث عن طبيعة الهداف وليس المنظومة التكتيكية، وكيفية الوصول إلى المرمى، المنتخب المغربي يخلق عشرات المحاولات كما شاهدنا ضد موريتانيا، إلا أنه يفتقد للمسة الأخيرة الحاسمة التي تضع الكرة داخل الشباك، أنا أتحدث عن قناص مثل دروجبا وصامويل إيتو وبعض رؤوس الحربة الذين اشتهروا في القارة الإفريقية وأوروبا، مثلاً بحسهم التهديفي، للأسف عندكم في المغرب لا يوجد هذا «البروفايل» ليصنع الفارق، وشخصياً عرفت القلة القليلة من المهاجمين المغاربة الذين لديهم صفة رقم 9، وأتذكر لاعبين فقط هما كريمو والشماخ، وأظن أنه بسبب غياب مهاجمين كبار لم يفز المغرب بكأس أفريقيا سوى مرة وحيدة عام 1976، وغاب عن كأس العالم لمدة 20 سنة.
** ما حظوظ المغرب للتأهل لمونديال 2022 وأين تصنف «الأسود» في خريطة الكرة الإفريقية؟
بالتأكيد ليس في القبعة الأولى، سأقول الحقيقة المرة التي لن تعجبكم ولن تعجب رئيس الاتحاد فوزي لقجع، وهي أن المغرب متخلف بمسافات لا بأس بها عن المنتخبات القوية والرائدة حالياً بالقارة، الشيء الذي فسرته سابقاً وسأكرره بأن هذه الأسود من المستحيل أن تتأهل لكأس العالم 2022، لأن هناك الكثير من النواقص والمشاكل التي تستوجب الاشتغال عليها خلال الفترة القادمة، التأهل للمونديال ليس أمنية وإنما هدف نعمل من أجله، والمغرب غاب عن الواجهة العالمية لفترات زمنية طويلة لأسباب متعددة، كأس العالم المقبل هو من بين رهاناتي وضمن بنود عقدي مع الجامعة وأنا هنا من أجله.
** تبدو متشائماً وفاقداً للأمل وهذا قد يؤثر نفسياً على المجموعة ويحبط اللاعبين والجمهور.. فما ردك؟
لست دبلوماسياً ولا أعرف المناورة وبيع الوهم، لن يتأهل الأسود إلى المونديال بمستواهم الحالي، أما التشاؤم فليس من شيمي، وكل ما في الأمر أن صراحتي وقولي للحقيقة يعطي الانطباع للآخرين أنني فاقد للأمل وزارع للإحباط في النفوس، الشعب المغربي متطلب جداً وغير صبور، التعادل لا يرضيه ويستعجل النتائج، هناك 30 مليون مدرب وناقد ومحلل فني، وهذا شيء سبق وأن لمسته عند الجزائريين أيضاً، الذين حاربوني وقاموا بحملات شرسة خلال أشهري الأولى هناك، أسهل شيء هو النقد وسكان العالم أجمع يعرفون ذلك، لكن صدقوني كلي تفاؤل لأقود المغرب للمونديال، كما فعلت مع الجزائر واليابان وكوت ديفوار، لأن ما رأيته من عشق وجنون للمغاربة للكرة وحب للأندية كالرجاء والوداد، يضع على كاهلي مسؤولية ثقيلة لأسعد الشعب وأعطيه منتخباً يفتخر به بين الأمم.
**لماذا لا تستدعي اللاعبين المغاربة المحترفين بالخليج، باستثناء نور الدين أمرابط جناح النصر السعودي؟
أراقب جميع اللاعبين المغاربة عبر العالم وبالخليج طبعاً، وسبب الاكتفاء بلاعب وحيد هو الجانب البدني، حيث الإيقاع منخفض بالدوريات الخليجية مقارنة بأوروبا، كما أن التدريبات تكون عادة مسائية وتكتيكية، الشيء الذي يعيق تحسين اللياقة البدنية، وبالخليج جميع ظروف الممارسة ممتازة، إلا أن المناخ الحار وإيقاع أغلب المباريات يكون بطيئاً وأغلب اللاعبين الأجانب يتأثرون، ووجب التفكير في الوسائل للرفع من الإيقاع وتسريعه طيلة 90 دقيقة، وباب المنتخب سيبقى مفتوحاً في وجه المحترفين المتميزين فنياً وبدنياً بالخليج، فمثلاً مبارك بوصوفة لاعب الجزيرة الإماراتي السابق من أفضل اللاعبين المغاربة، لكن للأسف اعتزل دولياً.