السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منارات "إماراتية" لتعزيز تقارب الشعوب

منارات "إماراتية" لتعزيز تقارب الشعوب
2 فبراير 2019 01:00

إبراهيم سليم (أبوظبي)

رسخت الإمارات على مدار عقود ومنذ قيام الدولة، ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر، وأسست مراكز وهيئات ومنظمات عدة لمكافحة التطرف والإرهاب، بما يؤكد أن القيادة الرشيدة تشدد على عدم السماح بالكراهية في الدولة، وعدم القبول بأي شكل من أشكال التمييز بين المقيمين فيها، فثقافة التسامح ليست وليدة اليوم في مجتمع الإمارات، بل ثقافة سائدة تعكس ترسيخ قيم التعددية، والقبول بالآخر، فكرياً وثقافياً ودينياً، وترسخ ذلك على يد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.. هذه الجهود الغرض منها التقريب بين أبناء الحضارات المختلفة الذين يعيشون على أرضها، وتصهرهم بوتقة واحدة تعلو فيها المحبة والإنسانية على أي قيمة أخرى، وتضم الدولة أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام والمساواة، ولتعزيز هذا المفهوم أطلقت الدولة البرنامج الوطني للتسامح، وشرعت قانون مكافحة التمييز والكراهية، وأصبحت الإمارات حاضنة لقيم التسامح والسلم، والأمان، والتعددية الثقافية، وكفلت قوانين الدولة للجميع العدل والاحترام والمساواة، وجرمت الكراهية والعصبية، وأسباب الفرقة والاختلاف. كما تعتبر الإمارات شريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، وأصبحت عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة.

عام التسامح
أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في 15 ديسمبر الماضي، 2019 عاماً للتسامح، ويهدف الإعلان إلى إبراز دور الإمارات عاصمة عالمية للتسامح. ويشهد عام التسامح التركيز على خمسة محاور رئيسة هي: تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع، من خلال التركيز على هذه القيم لدى الأجيال الجديدة، و«ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح»، من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع الكبرى منها المساهمات البحثية، والدراسات الاجتماعية المتخصصة في حوار الحضارات و«التسامح الثقافي»، من خلال مجموعة من المبادرات المجتمعية والثقافية المختلفة، وطرح تشريعات وسياسات تهدف إلى تعزيز قيم التسامح الثقافي، والديني، والاجتماعي»، وتعزيز خطاب التسامح، وتقبل الآخر من خلال مبادرات إعلامية هادفة.

جسر التسامح بدبي
في نوفمبر 2017، وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتسمية أجمل جسر مشاة في إمارة دبي على القناة المائية الجديدة بجسر التسامح، وذلك لإبراز قيمة التسامح في دولة الإمارات التي تربط جسوراً بين أبناء أكثر من 200 جنسية يتعايشون على أرض الوطن في سلام ومحبة، مؤكدين أن الإمارات واحة أمن وسلام، تكرس قيم التسامح والعدل، وتزامن هذا الإعلان مع اليوم الدولي للتسامح الذي يصادف 16 نوفمبر من كل عام.

وزير التسامح
كما تم استحداث منصب وزير دولة للتسامح لأول مرة في الإمارات في فبراير 2016، أثناء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن التشكيل الوزاري الثاني عشر والتغييرات الجوهرية في الحكومة الاتحادية، والأسباب التي دفعت قيادة الدولة إلى تعيين وزير دولة للتسامح. وقال سموه آنذاك: «لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز ضد أي شخص يقيم عليها، أو يكون مواطناً فيها».

مبادرات دولية
وتحتضن الدولة كنائس ومعابد عدة، تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، ولدى الدولة مبادرات دولية عدة ترسخ الأمن والسلم العالمي، وتحقق العيش الكريم للجميع، بحسب الموقع الرسمي لحكومة الإمارات، ومن الأمثلة العملية لروح التسامح التي تتمتع بها الدولة، توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإطلاق اسم مريم أم عيسى «عليهما السلام» على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة المشرف، وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات، والتي حثنا عليها ديننا الحنيف، والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية، والذي يقع بجواره عدد من الكنائس للطوائف المسيحية كافة.

مواجهة مظاهر التمييز
التسامح ليس قيمة جديدة في دولة الإمارات، بل هو من قيم الأجداد والآباء المؤسسين في الدولة، وحتى قبل التغييرات الجديدة التي أعلنها مجلس الوزراء، ويتجلى ذلك في عددٍ من المبادرات التي اتخذتها الحكومة في هذا المجال، مثل: قانون مكافحة التمييز والكراهية، في يوليو 2015، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً بقانون رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، ويهدف القانون إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية.

«الدولي للتسامح»
أنشأت الدولة العديد من المراكز والمؤسسات المعززة للتسامح، والمحارِبة للتطرف، وتمارس أنشطتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ومن بينها إنشاء المعهد الدولي للتسامح، ويهدف المعهد الدولي للتسامح الذي أطلقته دولة الإمارات - حكومة دبي بموجب القانون المحلي رقم 9 لسنة 2017، إلى بث روح التسامح في المجتمع، وتعزيز مكانة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً نموذجاً في التسامح، وترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري، ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري، وكل مظاهر التمييز بين الناس بسبب الدين أو الجنس، أو العرق أو اللون أو اللغة.

«هداية»
في ديسمبر 2012، تم افتتاح مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف المعروف بـ «هداية» -الموقع باللغة الإنجليزية- وهو الاسم الجديد لمركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف، وذلك خلال الاجتماع الوزاري الثالث للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في أبوظبي.

«صواب»
في يوليو 2015، أطلقت الإمارات، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية «مركز صواب»، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب، ويتطلع المركز إلى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون، ويقفون ضد الممارسات الإرهابية، والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم.

مجلس حكماء المسلمين
قدمت دولة الإمارات العديد من المبادرات التي تظهر التسامح الديني والتعايش بين الأفراد على الصعد كافة في أزهى صوره، وتقريبه للعامة والمتخصصين على حد سواء، ونهضت الدولة في هذا الخصوص بإنشاء ودعم هيئات ومنظمات، واتخذت من أبوظبي مقراً لها، ومن أبرز هذه المنظمات في الشأن الديني لضمات التعايش بين مكونات المجتمع الإسلامي في شتى بقاع الأرض، يأتي مجلس حكماء المسلمين.
وتأسَّس مجلس حكماء المسلمين ومقره أبوظبي، ويترأسه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر فضيلة الدكتور أحمد الطيب، في 21 رمضان من عام 1435هـ، الموافق 19 يوليو عام 2014 م، هيئة دوليَّة مستقلَّة، تهدف إلى تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة، وتجمع ثلَّة من علماء الأمَّة الإسلاميَّة وخبرائها ووجهائها ممَّن يتَّسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيَّة، بهدف المساهمة في تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة، وكسر حدَّة الاضطرابات والحروب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصراع والانقسام والتَّشرذم.

المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة
أنشئ المجلس في 9 مايو 2018، برئاسة معالي الدكتور علي راشد النعيمي، بحضور أكثر من 600 مؤسسة إسلامية من 142 دولة خارج العالم الإسلامي، ويضم المجلس 60 عضواً فيما تتشكل أمانته العامة من 17 عضواً يمثلون المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية في شتى أرجاء العالم، ومن المقرر أن تجتمع مرتين سنوياً.
والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة مؤسسة دولية تهدف إلى تنسيق جهود مؤسسات المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية، والارتقاء بدورها الوظيفي لتحقيق الشهود الحضاري. تشجيعاً لأفرادها المساهمة في نهضة دولهم المدنية والثقافية والاقتصادية.

منتدى تعزيز السلم
تأسس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، في أبوظبي ويتخذ منها مقراً دائماً، ويسعى لإطفاء الحرائق الفكرية وتصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة، ونشر التسامح والقيم الإسلامية النبيلة في المجتمعات المسلمة، ويرعاه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ويحرص على المشاركة فيه.
ويترأس المجلس معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، ويضم في عضويته الأعلام من العلماء والمفكرين من مختلف دول العالم، ومن أهداف المنتدى، إحياء ثقافة التعايش وتعزيزها في المجتمعات الإنسانية والمسلمة، وإحياء القيَم الإنسانية المشتركة بين الأديان، وتصحيح المفاهيم، باعتماد المنهجية العلمية الرَّصينة لمعالجة الفكر المأزوم وآثاره، وتعزيز دور الإمارات في نشر السِلْم، وتوفير الأمن والعافية والسعادة للمجتمعات المسلمة والبشرية.

«الثقافة الإسلامية والتسامح الديني» في مدريد
افتتحت الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف مؤخراً مؤسسة الثقافة الإسلامية والتسامح الديني في العاصمة الإسبانية مدريد، وأهداف هذه المؤسسة وبرامجها نابعة من التوجيهات الحكيمة لقيادتنا الرشيدة في أن تعمل الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف على تصحيح مسارات الفكر الديني في هذا العالم الذي أصبح قرية واحدة، ولذا يلزم إعطاء صورة صحيحة ونقية عن الإسلام الحنيف الذي كثر مشوهوه وقل موضحوه، ولذا تم في منتصف شهر ديسمبر 2018م افتتاح هذه المؤسسة التابعة للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في العاصمة الإسبانية مدريد.
وتعمل هذه المؤسسة على تأدية الأهداف الثقافية والدينية والحضارية التالية، تشجيع الحوار بين الأديان في إطار من التسامح والتكامل، تشجيع التواصل الثقافي عبر نشر معرفة اللغة والثقافة وقضايا الحضارة، وإقامة ندوات ومؤتمرات مع خبراء من مختلف المجالات لمناقشة الأعمال والاستراتيجيات التي تساعد على تشجيع التسامح والتكامل بين الأديان، وإعطاء الدروس وحلقات النقاش وتشجيع التعرف على الأوجه الثقافية المتنوعة للإسلام، وإصدار الكتب والمجلات والنشرات الورقية والرقمية التي تتعلق بأهداف هذه المؤسسة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©