يتوقف الروائي الفرنسي جيلبرت سينويه؛ في حواره مع «الاتحاد الثقافي»، عند رؤاه حول الفلسفة والفكر في أعماله السردية، وذلك عبر أسئلتها الوجودية، والانضمام الكليّ لرحلة البحث التأملية، نحو مواجهة تامة مع «المنطق» بصفته «أداة» محورية، و«الأديان» بتشعباتها التأصيلية في الفكر، و«الهوية» بدوافعها الممتدة في الذات.
تمركزت مصادر بحوث سينويه في عالم الرواية، في إطار سعيه المستمر لخلق ما أسماه بـ «جسر»، بين العالم العربي والغرب، دونما فرض لمفهوم «التغيّر»، بين العالمين، بل محاولة قبول، كل منهما للآخر. إذ تشكل معرفة «الأديان» بمنابتها الروحية، أسمى الفضاءات الإنسانية، لإحداث «وعي» بأننا لا نملك الحقيقة المطلقة. ورفض جيلبرت سينويه، فكرة أننا نولد خائفين، لما هو مختلف عنّا، بل يتم صناعة الجهل فينا، والتحرر منه، يبدأ بمسافة تأملية لكل شيء، ومنها بدأ الروائي الفرنسي تعميق رسالته الروائية للعالم الغربي، بأهمية اكتشاف الحضارة العربية والإسلامية، بعيداً عن نمطية الصور الناتجة عما يسببه إرهاب الجماعات المتشددة والإقصائية، لفرض ما يسميه بـ«accidental world»، لما هو الأفضل للعالم العربي والإسلامي، وهو ما يقابله العرب بعدم إدراكهم العميق لمدى قوتهم الناشئة من حضارتهم المستنيرة.
في هذا الحوار الذي أجراه «الاتحاد الثقافي» مع جيلبرت سينويه، خلال وجوده في أبوظبي، لاستكمال رؤاه حول العالم العربي، وتوظيفه في عمل جديد، إطلالة شاملة على فكر هذا الأديب الفرنسي، ومشروعه السردي الناجز أو الذي يسعى لإنجازه.
عن الجسر
* هل يشكل «الوعي» في الرواية؛ سؤالاً جدلياً حول: من نكون؟ ذلك البعد بالغ التعقيد المتصل في أعماقه بماهية «الهوية»، فالأخير يتمدد ويتأصل بمكونات ترتكز على عدة محاور أبرزها فكرية ودينية واجتماعية، خاصةً أن رواياتك ببحثها التاريخي، تنازع جذور التكوينات العقلية، المرتبطة بالمجتمعات العربية والإسلامية، وآلية تشكلها ضمن ذاكرة شعورية ممتدة. وقد سَعيت في الكثير من روايتك إلى «تفتيتها» ـ إن صح التعبير ـ لإدراك أثرها المدوي علينا، وبحسب وجهة نظرك، هل التحول في «الوعي» يبدأ عبر اليقظة الفردية، وهي ما تشكله قراءة الرواية، أي المواجهة الصرفة بين المتلقي والنص؟
** ولدت في مصر؛ وعشت في فرنسا. طوال حياتي لم أنكر أصولي أو حتى أتجنبها، كنت دائماً أقبلها. أنا نكهة ممزوجة بالقهوة والحليب، العربي والفرنسي، أُسأل عن ذلك دائماً، وأجيب بأني 100% فرنسي و100% عربي. وفيما يتعلق بانعكاس ذلك، على منشأ الوعي في الرواية، فإني ألعب دور الجسر بين الغرب والشرق. وهو الشيء الذي استحوذني وشكل هاجساً بالنسبة لي. أود القول إنه بالإمكان أن يحدث لقاء واتصال بين الشرق والغرب، من خلال قبول كل منهما للآخر، دونما محاولة أحد الأطراف تغيير المختلف عنه، بل قبوله كما هو، المشكلة أن العالم الذي أطلق عليه «accidental world»، يحاول تغيير العالم العربي، ويجعله كما يريد، وفي نظري هذا خطأ جسيم، ومؤشر على عدم الفهم، بين الغرب والشرق، لذلك فاختيار شخصيات تاريخية مثل ابن رشد في الرواية جزء من الرسالة التي أود إرسالها للعالم، وهو أن للإسلام حضارة عظيمة، وأنه ليس الصورة النمطية المرعبة، بسبب ما صنعته الجماعات المتشددة، والناتج عنه عدم تفهّم المعنى الروحي للأديان ومنها الإسلام، الذي تم اختطافه، ومصادرته في كونه يمثل الإرهاب والقنابل والقتل.
أحاور عبر كتبي الأشخاص الذين يملكون بعداً واحداً، أقرب في كونه صورة عرضية، غير عميقة عن الإسلام، أو ما حدث بشكل فعلي في العالم العربي والإسلامي، وإحداث يقظة للعالمين العربي والغربي. بالمقابل أعتقد أن العرب لا يدركون تماماً مصدر قوتهم ومداها، والعمق الذي نشأت عليه حضارتهم، لذلك يسهل أن يأتي أحد ويخبرهم هذا هو طريقكم، لأنهم فعلياً لم يكتشفوا أنفسهم الفريدة.
عن الحقيقة
* يمكننا هنا استحضار روايتك «ابن رشد أو سكرتير الشيطان»، ومقاربة «المنطق»، باعتباره «خياراً للتفكير»، يحول دون التسليم المطلق، بما يملك الإنسان حق استخدامه، إلا أن حرية التماهي معه تبقى معضلة.. لذلك إلى أي مدى يمكن للعقل البشري أن يحتمل البعد اللانهائي للكون؟ وهل مستوى حرية التعاطي مع المنطق يشكل لدى الإنسان نقطة صراع؟
** السؤال معقد جداً؛ «الإيمان» هنا مرتبط بالأديان والحياة اليومية. في أوروبا مثلاً نجحنا في أمر واحد، وهو فصل الدين عن السياسة، فالسياسيون يمارسون السياسة، والناس متى ما شاؤوا، وكيفما أرادوا يصلّون. بأخذنا لنموذج «ابن رشد»، في المسألة، فإن هناك مسارين متضادين، أولهما: الإيمان يجب أن يتسيّد على العلم. وثانيهما: أن العلم يتسيّد على الإيمان، أي أنهما يمثلان طريقتين مختلفتين في التفكير. وخلق فضاء مشترك بين الطريقتين، ممكن.
عن الألم
* دائماً ما تؤكد في حواراتك على مقولة «ابن رشد»: أن الجهل يؤدي إلى الخوف، والخوف يؤدي إلى العنف. ودائماً أيضاً يسعى الروائيون إلى تفسير يتجاوز سلوك الإنسان بحد ذاته، بل الكشف عن الدافع الفعلي منه، وتحديداً في محور إعادة تشكيل ما يمكن تسميته بـ«الهوية الإسلامية».. وأن تتطرق مثلاً إلى ما أسميته بالمجازر بحق الأرمن في رواية «يريفان» في زمن السلطان عبدالحميد الثاني، أو تطرقك إلى محاكم التفتيش والمحارق التي أبيد فيها العرب والمسلمون واليهود في إسبانيا عبر روايتك «اللوح الأزرق»، رغم اختلاف تكوينات الروايتين، إلا أنهما (نموذجان) لتأزم «التعقيد» في الهوية الدينية، وتراكم مكامن الألم، التي لا تزال متجذرة في الفكر، كيف يمكن التدرج نحو «التحرر» من الألم نفسه؟
** أعتقد أنه إذا تم ربط الإسلام بهوية الجماعات المتشددة والإرهاب، فإن البحث عن طريق لإعادة الإسلام لجوهره، لا يكون شكلياً وإنما بإظهار أصله ومنبعه الروحي، وهو أمر ضروري لمن يود ذلك، ويسعى إلى إيصاله إلى العالم الغربي. وفيما يتعلق بمسألة الألم المرتبطة بالجذور ـ خاصة أنه لا يمكن التخلي عن الجذور ـ فإن الأمر في غاية الصعوبة، فكلما كان الألم عميقاً، تأزمت الصعوبة في محاولة التخلّص من الألم. في عالم الحرب، فإن السلاح هو من يقتل الناس، ولكن في عالم السلام، فإن الرموز هي من تقتل الناس. وإشكالية «اليهودية»، هي حرب الرموز، إذا أخذنا رمز «القدس» نموذجاً.
كيف نتخلى عن الألم؟ بكل صراحة أقول أنا مؤمن بالله، ولدت مسيحياً، بالمصادفة طبعاً، وكان بالإمكان أن أكون بوذياً أو مسلماً أو حتى يهودياً، قرأت القرآن والأحاديث والتوراة والإنجيل مئات المرات. الديانات الثلاث في غاية الدهشة، ولكن دائماً ما يملأ قلبي هو الله وحده، لذلك قررت أخذ مسافة تأملية بيني وبين الأديان الثلاثة، واقتربت أكثر إلى الله، وفي تلك اللحظة تماماً، لم يمكن لديّ أي ألم، ولم أسأل نفسي من بعدها أي أسئلة. وهو حل وطريقة مناسبة بالنسبة لي، للتخلي عن الألم، ممثلةً بالعودة للاتصال بالكون والحياة مجدداً، وهو أقرب إلى حدوث الفراغ في داخلي، والذي ملأته بالحب.
عن الخوف
* ولادتك في مصر سنة 1947، ومعايشتك طوال 19 سنة، كونك مسيحياً، في مجتمع اتسم وقتها بتعددية دينية، وتسامح وقبول للاختلاف، قبل الارتحال إلى فرنسا، أتاح لك السؤال عمن تكون، وتوصلت عبر قراءتك العميقة لـ«القرآن» و«الإنجيل» بأن الرسالة الأسمى المتجلية عبرهما هو «الحب»، الذي يحتمل قبول الآخر واحترام حريته، بالمقابل فإن «الخوف»، والذي أراه مقابلاً لـ«الحب»، يبحث هو الآخر عن رغبة ملحة للقبول، ورفضه شكّل نوعاً ما بعداً عنصرياً أو عدائياً عنيفاً.. وحول ذلك نقل فاضل عباس هادي في كتابه «قدح من الدموع المجففة إلى أوديت»، مقطعاً من مقال لافت لجان بول سارتر بعنوان «جمهورية الصمت»: «لم نكن أحراراً بقدر ما كنا أحراراً تحت الاحتلال الألماني»، يشرحه هادي، بأن سارتر لا يبرر الاحتلال وإنما يشير إلى أن الاحتلال أو الرعب «يوحّد البشر»، ويدفع الناس إلى نداء الحرية.. وهذا التفشي للخوف بكل طاقته القصوى يمكن للقانون والتعليم أن يحتويه، لكن كيف هو السبيل المبدئي لفهم فكرة الخوف على مستوى الفرد؟ (والقبول هنا لا يعني الموافقة والتأييد)، بل الوعي بوجوده؟
** الخوف حاضر، ويجب أن نتقبله، وأن تكون خائفاً لا يعني أن تكون جباناً. الإنسان يخاف من فكرة العيش مع الخوف، ولكن أعتقد أن ما قصدته، هو الخوف النابع من مسألة الجهل، كما أشرنا مسبقاً لمقولة ابن رشد، بمعنى إذا كنت لا أستطيع فهمك، فسأكون خائفاً منك. إذا لم أتعلم، لأدرك بأن هناك أشخاصاً وثقافات مختلفين عني، سأخاف منهم عندما يأتون إلى بيتي أو بلدي. والتعليم هو الذي يستطيع أن يجعلني أقبل الآخرين واختلافهم، والقبول هنا هو مؤشر على عدم الخوف، الرفض هو أنك تخلق الخوف في داخلك، وأنا لست مع فكرة أننا نولد مع فكرة الخوف والرفض، ولكنه يتم صناعته وخلقه في الإنسان. و«الفصل» جزء من عملية صناعة الخوف، أن تفصل أشخاصاً بسبب ديانة معينة، أو لون، أو لغة، أو ثقافة، أو جنس، أو غيرها داخل مجتمع معين، هو رفض بحد ذاته، يخلق الجهل الذي يتسلل ويتأصل مؤدياً إلى سلوك عنيف، بمختلف مستوياته.
عن التاريخ
* تتحدث دائماً بصفتك مؤرخاً، تلتزم الموضوعية، ولكن هل يمكن أن تكون هناك حيادية في عالم الخلق الروائي، ففي اعتقادي أن قوة الرواية في قدرتها على وضع مبررات لأفعال الشخصيات، تحبهم حد الكره، وتكرهم حد أنك تحبهم.. ألا ترى أن مسألة الرواية ذات حس تناقضي أكثر مما هو حيادي؟ لا تستطيع في الرواية أن تصنّف الشخصيات، ومن هنا يستمد الراوي متانة وسحرية نصه، سواء كان تاريخياً أم حتى بوليسياً كمثل روايتك «صمت الآلهة»، أم اعتمدت «الواقعة» التاريخية وردة فعل الشخصيات عليها.. ألا تعتقد أن الحدث التاريخي، ما هو إلا حالة صنعتها الشخصيات لتنمو وتتغذى عليها، لتنفّس عن صراعاتها الداخلية؟
** الرواية التاريخية تعتمد على عنصرين رئيسيين، هما أولاً الحقائق التاريخية، التي أشبها عادةً بـ«السينوغرافيا» على خشبة المسرح، وثانياً الشخصيات الروائية المتخيلة. هؤلاء لا يغيّرون التاريخ، ولكنهم ينقلون لك الحقائق والمعلومات الصعبة بشكلها المجرد. والشخصيات تساعدنا على فهم عمل التاريخ ولكنها لا تخلقه، ولذلك أعتقد أني لا آخذ موقفاً من أحد، ألتزم بالحياد ككاتب، ولكن فعلياً ما يحدث أنه عندما تكتب رواية فإن هناك شيئاً غريباً يحدث، إذ تحدّد الشخصية السيئة الشريرة والأخرى الخيّرة، ويبدأ الصراع بالتشكل بين الشخصيات، وهذه لا تزال فكرة الكاتب، وفجأة خلال عملية الكتابة، يحدث أن الشخصية الطيبة، ليست طيبة كما اعتقدت، والشخصية الشريرة ليست بهذا السوء الذي رسمته، ولا تعرف كيف حدث هذا كله في الرواية. الشخصيات تخلق نفسها، وهنا باعتقادي يكمن سحر الرواية!
عن الخليج
* أوضحت في الكثير من اللقاءات عن العلاقة العميقة التي تربطك بمصر، وقد أنتجت عبرها مجموعة من أبرز روايتك من بينها: «ابنة النيل»، «الفرعون الأخير محمد علي»، «المصرية»، «البكباشي والملك - الطفل؛ مذكرات من مصر»، «النسر المصري، عبد الناصر»، واللافت في المرحلة الحالية هو حضورك لمنطقة الخليج العربي، عبر رواية «دلمون: مملكة بالبحرين»، بالتعاون مع «مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث».. يهمنا كمتلقين في المنطقة، أن نسمع تفسيرك لرحلة الكتابة عن «دلمون»، وأبعاد اشتغالك على تاريخية المنطقة خلال المرحلة المقبلة من عمرك الروائي؟
** قبل دخولي روائياً إلى منطقة الخليج، كنت أعرف الصورة النمطية عن الخليج وارتباطها بالنفط، وبتمهل قليلا مني، بدأت العلاقة بالتشكّل من قلبي عند زيارتي الأولى إلى أبوظبي قبل 12 سنة، خلال معرض أبوظبي للكتاب، بدعوة من وزارة الثقافة الفرنسية، لزيارة المدارس الفرنسية في العاصمة أبوظبي ومدينة دبي، واكتشفت أولاً شخصية تاريخية عظيمة، وهو المؤسس الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولم أكن أعرف أي شيء عنه وعما فعله في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أمر لا يصدّق. لم أر رجلاً في المنطقة، فعل ما صنعه الراحل في هذه الصحراء، وهذا اكتشافي الأول للشيخ زايد، ولاحظت أن هناك حضارة تعيش هنا، لديها عادات وتقاليد وهوية، وبعدها انتقلت إلى مملكة البحرين، والتقيت بوزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي بنت محمّد آل خليفة، وتعرفت إلى حضارة دلمون، التي لم أكن أعرف عنها شيئاً أبداً، وأن هناك مياهاً عذبة في هذه الأرض، وعظمة الشيء أنك لا تبقى على صورة واحدة، وإنما تتعمق لكي تكتشف ما هو أبعد في هذه المنطقة، بأن هناك عالماً مختلفاً، تجسّد بالبحث والاطلاع، حيث بدأت بالنظر لجمالية الأساطير في المكان، وفكّرت بمزجها مع ملحمة جلجامش، من خلال بحث الحياة عن أرض تنفخ فيها روحاً، ومن هنا ألهمت للانطلاق في رحلة العمل على رواية «دلمون: مملكة بالبحرين».
عن السياسة
* وجهة النظر السياسية، هل تؤثر في الحس الروائي التاريخي؟ أو هل إن «تسيس» الرواية، نوعاً ما، يخرجها من هدفها الفعلي، وهو محاكاة وجدان الشعوب في العالم؟
** يمكن أن يتم تسييس الرواية، اعتماداً على ما يتم طرحه، فمثلاً طرحي لمشكلة «الأرمن» روائياً، جعلني أدخل في مشكلة مع الحكومة التركية، وبطبيعة الحال عندما تتحدث في هذه القضايا، فأنت بالتأكيد اتخذت موقفاً، وأعتقد أن الكاتب يحتاج إلى اتخاذ موقف، وأن يخاطر في الحياة. وقد انتهيت أخيراً من رواية عنوانها «أنا القدس»، تتحدث القدس فيها بنفسها عن حكايتها، والسبب في كتابة هذه الرواية، يأتي على خلفية سياسة الولايات المتحدة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، في اعتبار القدس عاصمة إسرائيل، وكنت منزعجاً جداً، لأنه تاريخياً هذا الأمر غير صحيح، ولا يهمني طبعاً إذا وصفوا الرواية بأنها ردة فعل!
عن الموسيقى
* يعرف عنك أنك تعزف على آلة الجيتار، وتعاونك مع أشهر الفنانين من بينهم الرائعة «داليدا».. ببساطة شديدة أريد أن أنتهز حضورك هنا، لسؤالك عن الموسيقى وتأثيرها عليك في خلق عوالم الرواية. هل هناك موسيقى كتبتها في تلك الوقائع التاريخية، أم أن في اعتقادك أن سيمفونية الحياة تمتاز بأنها لا نهائية وأبدية، ودهشتها مرتبطة بولادتها المستمرة؟
** هذا السؤال مهم جداً؛ فأنا موسيقي بشكل أساسي، بدأت بعزف الجيتار، والموسيقى الكلاسيكية لم تترك عقلي لحظة واحدة وأنا أكتب. فعلياً عندما أكتب بالفرنسية، أحتاج إلى إيقاع، فالموسيقى تربطني بالعالم، وكل من يقرأ أعمالي، يذكر دائماً مسألة الحس الموسيقي في الحياة الروائية لما أكتب، لا يمكن أن يكون هناك صمت في الرواية، كما هو في الموسيقى، ربما عدم التوقف ولحظة الانغماس التام هو بمثابة الصمت في الكتابة.
سلسلة روائية
يُعرف الروائي جيلبرت سينويه، بالتنوع الإبداعي على مستوى الإنتاج الروائي بالفرنسية، الذي تجاوز الـ 30 رواية. وترجمت «منشورات الجمل» أبرز رواياته إلى اللغة العربية، من بينها:
«ابن سينا أو الطريق إلى أصفهان»، «إن شاء الله ـ 1 أريج الياسمين»، «ابنة النيل»، «الفرعون الأخير محمد علي»، «أنا، يسوع»، «صمت الآلهة»، «دلمون: مملكة البحرين»، «البكباشي والملك ـ الطفل مذكرات من مصر».
الموسيقي الكاتب
جيلبرت سينويه؛ أديب وروائي فرنسي ولد بالقاهرة سنة 1947. غادر سينويه القاهرة عندما كان في عمر الـ 19 إلى فرنسا لدراسة الموسيقى في معهد الدراسات الموسيقية في باريس. أصبح عازف جيتار، وبدأ بتعليمه، يوازيه الكتابة أيضاً.
لاحقاً في عمر الـ 40 سنة، أصدر روايته الأولى «ابن سينا والطريق إلى أصفهان» التي نالت شهرة واسعة. أدرك سينويه من خلالها قدرته الروائية التي يستطيع من خلالها تعميق البحث الإنساني عبر الحكاية التاريخية.
تُعد «منشورات الجمل» القناة الرئيسة للترجمات العربية لروايات سينويه، أبرزها: «الفرعون الأخير محمد علي»، «أنا يسوع»، «أخناتون.. الإله اللعين»، «إن شاء الله» بأجزائها، وغيرها من الأعمال الروائية المترجمة التي تجاوزت الـ 16 رواية.