نوف الموسى (دبي)
برغم البؤس الذي استشعره بعض القراء، لرواية «المستنقع» للروائي السوري الراحل حنا مينة، تجاه حالة الفقر الشديدة التي تناولها الكاتب في سيرته الروائية، من مسقط رأسه «الإسكندرون»، وصولاً إلى «اللاذقية»، والتي وصفها البعض بالذاتية المرتبطة بالواقعية، والخيالية في نحت مستوى وعي الشخوص بالمكان، إلا أنني كقارئة، مازلت مرتبطة بتفاصيل الاحتفالات التي وصفها الروائي بـ «الماسكوز»، وهو احتفال يسبق الصوم الكبير، حيث ارتبطت بحس تأليف الأطفال الفقراء للجوقة الموسيقية، وفعل شراء الأقنعة من الورق المقوى، والاستعداد لمشهدية التنكر، عبر استعرض مسرحي عام، شارك فيها أهل المكان جميعهم، وقتها فقط يدرك القارئ متعة الحياة نفسها، وأن هناك دائماً ما يخلق متسعاً لكل شيء، وربما يرجع تأثير ذلك إلى اللغة الشاعرية والثرية، التي عُرف بها الروائي الراحل حنا مينة، كما أوضحت الكاتبة عائشة سلطان، خلال إداراتها لجلسة صالون بحر الثقافة أبوظبي، مساء أول من أمس، بمشاركة الكاتب والإعلامي علي عبيد، في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، مؤكدين خلال الجلسة بأن الروائي حنا مينة، نموذج متفرد لرواد الواقعية في الرواية العربية.
الوعي الروحي، والحكمة والبراءة في «الطفل الرواي» في الرواية، كما وصفته عائشة سلطان، استوقف العديد من القراء في الصالون الأدبي، خاصةً القبضة التفصيلية والتحكم الاستثنائي ببيئة الرواية، والتعاطي مع موجة الوالد السكير والأم الصالحة، فالأخيرة لعبت دوراً جوهرياً في جّل اللحظات التأملية لـ «حنا مينة» الطفل. وأضافت عائشة سلطان، بأن طبيعة الواقع الذي أنتج الروائي حنا مينا، والاستدلال على مستوى التفاصيل، يمثل عنصراً محورياً في روايته «المستنقع»، مشيرة إلى القدرة البديعة للروائي حنا مينة من خلال خلق الشخوص في المشهد من الفراغ، وبمجرد تأصل علاقتها مع القارئ، يخرجها بسهولة لافتة.
من جهته، اعتبر الكاتب علي عبيد أن الروائي حنا مينة، برع في مسألة الاعتراف الصريح، بمدى الفقر الذي عانته أسرته، واستطاع بقدرته الإبداعية استمالة أسلوب التعاطف مع الأسرة والجيران، لافتاً نحو التصور الواقعي للمجتمع السوري الذي نجح حنا مينة في تجسيده، حيث تحولت بعض رواياته إلى أعمال تلفزيونية منها رواية «نهاية رجل شجاع». وأضاف أن ندوة الثقافة والعلوم بدبي، حظيت بفرصة لاستضافة الروائي حنا مينة، ضمن «مهرجان الإمارات الثقافي الأول»، عام 2004. وفي مداخلة تفاعلية، أوضح الروائي ناصر عراق، عن محادثة هاتفية جمعته مع الروائي حنا مينة، عند وفاة نجيب محفوظ، مبيناً أن ردة فعل الروائي حنا مينة، في لحظة بكاء قوله: «أبي مات»، يقصد بها كما أوضح ناصر عراق، بأن والده على مستوى الرواية قد رحل.