هناء الحمادي (أبوظبي)
من الأهازيج الشهيرة قديماً عن سقوط المطر، والتي لا تزال عالقة بالذاكرة حتى الآن: «طاح المطر برعوده.. كسرحوي سعوده.. طاح المطر بيد الله.. كسرحوي عبدالله.. طاح المطر من فوق.. كسرحوي بن طوق»، وهناك أهزوجة أخرى عن المطر تقول: «طق يا مطر طق.. بيتنا جديد.. مرزامنا حديد»، وغيرها من الأهازيج التي كانت تتردد حين ينزل المطر على البلاد.
للمطر أنواع
يقول إبراهيم الجروان، الباحث في علوم الفلك والأرصاد الجوية، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك: تعددت مسميات المطر حيث قيل عنه في أوّله «شّ وطشّ، ثم طلُّ ورذاذ، ثم نضح ونضخ، ثم هطل وتهتان، ثم وابل وجود». أما إذا أتت السماء بالمطر اليسير الخفيف، فيقال: «حفشت، وحشكت». فإذا استمر قطرها، قيل: «هطلت، وهتنت». فإذا صبت الماء، قيل: «همعت، وهضبت». فإذا ارتفع صوت وقعها، قيل: «انهلت واستهلت»، وإذا سال المطر بكثرة، قيل: «انسكب، وانبعق».
ويضيف: يعتبر «الرّذاذ» هو قطرات المطر الصغيرة، وتأتي من تكاثف الضباب في طبقات الجو القريبة من الأرض، بينما «الطل» هو ما يتجمع فوق الأسطح الصلبة وأوراق الأشجار، خاصة في الليل وعند ساعات الصباح الأولى. أما «الرّش» فيعني المطر الخفيف ويطلق كذلك على بداية المطر قبل أن يصبح وابلاً أو بعد أن يخف الوابل. بينما «الدّيم والهتان» فهو المطر المستمر لساعات وأيام دون برق ولا رعد. ويعرف «الغيث» بأنه هو المطر الذي يأتي بعد طول انقطاع أو جفاف. أما «الودق أو الثعول أو الهماليل» فهو المطر المنهمر من السحب على شكل خطوط متصلة بالأرض تشبه أشعة الشمس المنكسرة بين الغيوم.
يتابع الجروان: بينما «الوليّ» هو المطر الذي يأتي بعد مطر سابق، و«الوابل» هو المطر الشديد، أما «المطر الجارح» فهو الذي يغير ملامح الأرض ويجرف التربة، وتعني المطر السريع الذي يخلف الماء في الأرض «الرزيم والهزي» يعنيان صوت الرعد الخفيف المتواصل. بينما «الرواح» هو السحاب الذي يشتد ويدلهم بعد العصر أو قبل غروب الشمس.
«الكسف» و«المزن»
أما في القرآن الكريم وردت كثير من مسميات الغيوم التي تجلب المطر، فهناك السحب الثقال «الكسف»، والسحب المتقطعة «المزن»، وهي سحب ممطرة، و«الجبال»، وهي سحب يرتبط بها سقوط البرد، وتعرف في اللغة العربية باسم الكنهور، ويصاحبها حدوث ظاهرة البرق، ويتدرج التكاثف من السحاب للركام، ثم الجبال، وفي الحالتين الأولى والثانية يكون سبباً في نزول المطر، وفي الحالة الثالثة، يكون سبباً في نزول البَرَد، و«الصَّيب»، وهو السحب المصحوبة بالصوت الشديد، و«الغمام»، وهو السحاب الذي تغيرت له السماء، و«المعصرات»، وهي السحب التي تأتي بالأمطار.
ويشير الجروان، قائلاً: «نلاحظ تعدد مسميات السحاب في كتاب الله فلم تأت باسم واحد في جميع الآيات، بل وردت مرتبطة بنوع السحاب بشكل المطر والماء سواء كان سائلاً أم صلباً».
ذكريات الأجداد
يذكر الستيني خلفان راشد، أن الأجداد كانوا يعتمدون على مجموعة من الإشارات والتقويمات التي تساعدهم على التفاعل مع المناخ وضبط تقلباته، فمثلاً كان المزارع يتنبأ باقتراب تساقط الأمطار قبل يوم أو يومين أو أكثر دون حاجة إلى النشرة الجوية أو معرفة بعلم الفلك.
بينما الخمسيني سالم الظنحاني فيسترجع بذاكرته جمال الطقس ورائحة المطر، وهي تعبق في الرمال، ويقول: «كان ابتهاجنا بالمطر في الماضي أبعد وأعمق مما يمكن أن تحمله تلك اللحظات، فكانت الأمطار خيراً يكفل لنا الأمان، وييسر لنا العيش، ويقينا شر الجوع والعطش».
زخات
لحظة سقوط الأمطار.. فرحة ينتظرها الصغار في لهفة، فقد كان الجميع يتسابق للوقوف في «حوش البيت» (الفناء) لتسقط حبات المطر على جسده وهو يقفز، يميناً ويساراً، فرحاً بهذه الرحمة الماطرة التي فتحت سماءها بزخات ماء تروي الأرض والزرع.