6 فبراير 2010 20:07
معسكرات النازحين في دارفور تجمعها مشاهد محددة تبدأ من بعيد كأنها مصفوفات من أكياس البلاستيك البيضاء والزرقاء وكلما اقتربت من واقع المعسكرات تظهر الأكواخ المبنية من القش التي يتخذها النازحون أماكن للإيواء القسري بعد الهروب من نيران الحرب المشتعلة في عدة مناطق من الإقليم. مجهودات كبيرة تبذلها المنظمات الطوعية في سبيل توفير المياه والصحة والتعليم لمجموعات كبيرة من قاطني هذه المعسكرات، فيما تبذل جهود مكثفة لبرامج العودة الطوعية للمناطق الآمنة.
وبات من المألوف مشاهدة العديد من الأسر التي تريد العودة إلى حياتها السابقة كما تقول النازحة مريم تيراب، التي أقامت في هذه المعسكرات لأكثر من ثلاثة أعوام فقدت خلالها الكثير من الآمال التي كانت تدخرها لأطفالها الصغار خاصة فيما يتعلق بالتعليم. وتضيف أنها كانت في الماضي تزرع أرضها وترسل أطفالها للمدرسة الوحيدة في قريتها التي تشردت اليوم وتفرقت بين معسكرات النازحين في ولايات دارفور.
أثبتت كرة القدم أنها اللعبة الشعبية الأولى في العالم وأيضا أنها اللغة التي يجيدها الجميع مهما اختلفت الثقافات والطفل محمد أيوب الطيب يلهو بكرته وينطلق بها صوب أرجاء المعسكر يبحث عن رفاقه الصغار حتى تكتمل المتعة. إلى ذلك، يقول إنه يبدأ يومه بلعب الكرة ويختم يومه أيضا بلعبها، مشيرا إلى أنه يتابع مباريات الهلال والمريخ في الدوري المحلي في الخرطوم وأيضا المنافسات الأفريقية. ويوضح أنه ورفاقه يتوزعون في فرق حسب الانتماءات منهم من يشجع الهلال فيرتدون اللون الأزرق والبعض يشجع المريخ فيرتدي اللون الأحمر. ويظهر الصغير براعة في تمرير الكرة واستلامها ويتمني أن يلعب في صفوف الهلال عندما يكبر.
وتستهوي لعبة كرة القدم سكان المخيم حيث فكر عدد من النازحين في افتتاح ناد للمشاهدة في المعسكر برأس مال صغير استخدم لشراء جهاز تلفاز قديم ومستقبل رقمي (ديجيتال رسيفر). وحقق هذا النادي نجاحات كبيرة عندما توافد الشباب والصغار بأعداد كبيرة لمتابعة مباريات كرة القدم في الدوريات الأوروبية والعربية ما حفز آخرين على الاستثمار في ذات المجال. ويعمل الجميع في المعسكرات بشكل جماعي فتراهم يتجمعون لمساعدة أحدهم في بناء منزل جديد ويتعاونون بما يعرف محليا بـ”النفير” وهو عرف اجتماعي معروف في دارفور حيث يتجمع الرجال والنساء وحتى الأطفال للقيام بأعباء التشييد والحصاد بشكل جماعي حيث يقوم صاحب العمل بتوفير وجبة الغذاء لفريق العمل، ورغم هموم النزوح والابتعاد عن الوطن فإن ما يجمع النازحين بات أكبر حيث شمل الهموم المشتركة الباحثة عن غد أفضل.
من جهته، يرى الصادق الطيب الأمين، باحث اجتماعي في إحدى المنظمات العاملة في معسكرات النازحين، أن النازح في أحوج ما يكون للمواساة ولذلك نجد أن المجتمع داخل المعسكر أكثر تماسكا باعتبار أن الجميع مروا بذكريات مؤلمة وفي الوقت ذاته يطمحون إلى مستقبل آمن وهذا ما يقودهم للعمل الجماعي والترابط المجتمعي للحفاظ على النسيج الاجتماعي.
المصدر: دارفور