حذر جاريث هارفي الباحث البريطاني، في سلوكيات المستهلك، من أن ما سماه صناعة السلع الاستهلاكية "تتحكم في اللاشعور لدى المستهلك من خلال إرسال إشارات بعينها للمستهلك "مثل تشغيل الموسيقى واستخدام ألوان وإضاءة محددة، إضافة إلى سمعة العلامات التجارية، التي تلعب دورا حاسما"، حسب هارفي، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لمجلة "شبيجل" الألمانية.
وقال هارفي إن تجربة شارك في إجرائها أثبتت أن حرص الإنسان على اقتناء سلع ذات علامة مشهورة يجعله يتسرع في اقتناء هذه السلع بسبب العلامة، "حتى وإن كان العقل يحاول منع قرار الشراء".
وبرر هارفي ذلك بكثرة التعرض للإعلانات وقال: "كلما تعرضنا لشيء ما وقتا أطول، في هذه الحالة إحدى العلامات، كلما فضلناه أكثر، وعندما نفضل شيئا يكون من الصعب علينا رفضه، وربما كان هذا هو الدافع الحاسم وراء قراراتنا في ظل ظروف الجمع السوداء (التي يطلق عليها البيضاء في العالم العربي) ذات الأحداث المتسارعة، لذلك تواجهنا العلامات التجارية طوال العام بإعلانات، حتى يكون لها وقع إيجابي في اللحظة الحاسمة، كما هو الحال في الجمع البيضاء".
كما أوضح الخبير البريطاني المتخصص في سلوكيات المستهلك أن مخ الإنسان يجد صعوبة في التفكير بشكل منطقي وعملي عند اتخاذ قرار في مثل هذا اليوم، "حيث يكون قراره عفويا وباستخدام الأجزاء العاطفية من المخ، وذلك بسبب تراجع نشاطه المنطقي" مما يجعل الإنسان يعجز في لحظة من اللحظات عن معرفة ما إذا كانت السلعة مخفضة السعر فعلا أم لا.
وأشار هارفي إلى أن إحدى التجارب أثبتت أن مجرد وضع سلعة ما تحت لافتة بلون أصفر ظاهر، وهو اللون المعروف كرمز للتخفيضات، يغري المستهلك أكثر بشراء هذه السلعة "حيث وضعت بيرة تحت لافتة بهذا اللون، مكتوب عليها: نلاحق سرقات المحلات، فتبين أن البيرة بيعت بعد 12 ساعة من بدء التجربة أربع مرات أكثر من المعتاد، حيث لم يلتفت الزبائن للعبارة المكتوبة بل أغراهم اللون الأصفر فظنوا أن البيرة مخفضة".
ونصح هارفي المستهلك بأن يكيف نفسه مبدئيا على ألا يشتري شيئا في هذا اليوم "فإذا وجدت شيئا مناسبا اشتره، وإذا لم تجد فلا تشتر" وقال إن هذا القرار يزيد من عمليات الشراء التي تتم بعد تفكير، ونصح المستهلك أيضا بإعادة التفكير في تفضيل العلامات التجارية، "فربما لم تجد سببا يبرر هذا التفضيل".
كما نصح الخبير البريطاني بتوزيع عمليات الشراء في يوم التخفيضات على اليوم كله وعدم إتمامها مرة واحدة "لأن ذلك يجعل الإنسان أكثر تحليلا للأسباب التي تحفزه على الشراء".
ورأى هارفي أن استخدام الإنسان طريقة الدفع النقدي بدلا من الدفع بالبطاقة البنكية يجعله أكثر ترويا، "لأن إدخال البطاقة الائتمانية في آلة الدفع الإلكتروني لا يؤلم، في حين أن رؤية الإنسان نقوده الورقية تخرج من حافظة نقوده يؤلمه".