دينا محمود (لندن)
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية النقاب عن أن ميليشيا «حزب الله»، تنفذ مخططاً واسع النطاق لإرهاب المحتجين الشيعة المشاركين في الانتفاضة المستمرة في لبنان، وذلك لإثنائهم عن مواصلة الانخراط في التظاهرات الاحتجاجية، التي لم تتوقف منذ منتصف أكتوبر الماضي.
وقالت الصحيفة، إن هذه الميليشيا تستخدم في الحرب القذرة التي تشنها لتحقيق هذا الهدف، أساليب مثل توجيه رسائل تهديد مجهولة المصدر في الظاهر، عبر الهاتف أو من خلال تطبيق «واتس آب»، للمتظاهرين في المناطق ذات الغالبية الشيعية، تحذرهم فيها من أن ثمة «عواقب ستواجههم» حال واصلوا المشاركة في الاحتجاجات.
كما يزور ممثلون عن «حزب الله» أو حركة أمل المتحالفة معه، منازل بعض هؤلاء المحتجين، لمطالبتهم بالتوقف عن المشاركة في الحراك الشعبي غير المسبوق، الذي يشهده لبنان ضد طبقته السياسية الحاكمة، ولرفض تفشي الفساد فيها والتدخلات الأجنبية في شؤون البلاد أيضاً. وعبر مقابلات أجرتها الصحيفة الأميركية في مناطق لبنانية ذات غالبية شيعية، كشف الكثير من المحتجين عن أن من الأساليب المشبوهة التي يستخدمها الحزب والحركة لـ«خنق» الاحتجاجات في مدنهم وبلداتهم وقراهم، تهشيم سيارات القادة المحليين للحراك، كما حدث لشاب في التاسعة والعشرين من عمره، كان يساعد على تنظيم التظاهرات في مدينة بعلبك.
وقال الشاب -الذي أكد أن افتقاره لصلات داخل «حزب الله» جعله يفشل في الحصول على أي من الوظائف الحكومية الـ36 التي تقدم لها منذ تخرجه من الجامعة- إن معارفه حذروه من قبل من أن أشخاصا مقربين من هذه الميليشيا الإرهابية، كانوا يصفونه بـ«الخائن» في مجموعات الدردشة التي تضمهم على الـ«واتس آب»، مؤكدا في الوقت نفسه تمسكه بمواصلة المشاركة في الانتفاضة التي وصفها بـ«الثورة التي تشكل الآن أملنا الوحيد، إذ أن سحقها يعني أننا انتهينا».
ولم يغفل الشاب اللبناني توجيه انتقاداته لحسن نصر الله زعيم ميليشيا «حزب الله»، خاصة بسبب شنه هجوما عنيفا على الحراك الاحتجاجي، قائلاً إن اتخاذ نصر الله لهذا الموقف «أدى لسقوط القناع تماماً».
وكشف محتج آخر في مدينة صور للصحيفة عن أنه «تطوع للقتال في صفوف ميليشيا حزب الله في سوريا لبضعة أشهر، قبل أن يعود إلى لبنان ويعاني من البطالة، ما دفعه للمشاركة في الانتفاضة رغم معارضة أهله لذلك، ورغم زيارة مسؤول محلي من الحزب لمنزله، لإثنائه عن مواصلة المضي على هذا الطريق». وقال الشاب (20 عاماً) إنه لم يتلق أي تهديدات مباشرة على هذا الصعيد «لكن مهاجماً مجهولاً طعنه في ذراعه خلال إحدى الليالي».
ولا يبدو اعتداء مثل هذا غريبا على أنصار «حزب الله» وحركة «أمل»، الذين شنوا هجمات على المحتجين اللبنانيين في الشوارع بالعصي، على مدار الشهور الماضية.
وقالت «نيويورك تايمز» إنه على الرغم من أن الجانبين لم يشجعا مثل هذه الاعتداءات بشكل علني، فإن من تورطوا فيها رددوا شعارات ميليشيا «حزب الله»، الذي يسعى لتشويه المحتجين واتهامهم بأن انتفاضتهم ما هي إلا «مؤامرة أجنبية ضد الشيعة».
وأبرزت الصحيفة في هذا الشأن إجبار «حزب الله» مجموعة من المحتجين، كانوا قد ظهروا على شاشات محطات تليفزيون محلية وهم ينددون به وبسياساته ويتهمونه بتجويع مناطقهم، على الظهور بعد ذلك على شاشة التليفزيون مرة أخرى لتقديم اعتذار عن توجيههم هذه الاتهامات.