أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)
بحث رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك، أمس الاثنين، مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي سبل تعزيز العلاقات بين البلدين الجارين. وكان حمدوك وصل إلى العاصمة الإريترية أسمرا في وقت سابق أمس في زيارة رسمية تستغرق يوما واحدا، هي الأولى له منذ توليه منصبه، حسب وكالة السودان للأنباء(سونا). ورافق حمدوك في زيارته إلى أسمرا وفد رفيع المستوى، ضم وزراء (شؤون مجلس الوزراء، الداخلية، الصناعة والتجارة، التعليم العالي والبحث العلمي، البنى التحتية والنقل)، ومدير جهاز المخابرات العامة. ويمثل حمدوك ثالث مسؤول رفيع في السلطة الانتقالية يزور إريتريا، حيث زارها من قبل رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حميدتي.
كما زار الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الخرطوم بعد سنوات من الغياب.
ربطت مصادر سودانية مطلعة في تصريحات لـ«الاتحاد» بين زيارة حمدوك لأسمرا، ومباحثاته مع أفورقي، بالأوضاع المضطربة في الولايات الشرقية للسودان المجاورة لأريتريا، والتنسيق بين الخرطوم وأسمرة لتعزيز العلاقات الثنائية واستقرار وأمن الحدود المشتركة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني عبد المنعم سليمان لـ«الاتحاد» إن زيارة حمدوك لأسمرا في هذا التوقيت تعني فتح صفحة جديدة في العلاقات السودانية الإريترية بعد فترة طويلة من الشد والجذب بسبب سياسات نظام «الإخوان» البائد تجاه أسمرا، ودعم الرئيس المعزول عمر البشير وعصابته للجماعات المتشددة على الحدود مع إريتريا.
وقال سليمان إن زيارة حمدوك لأسمرا تعتبر زيارة موفقة في توقيت مناسب، وأعرب عن اعتقاده بان لحمدوك توجها عميقا في سياسته الخارجية، التي يريدها أن تعتمد على حسن الجوار، ليعكس أخلاق الشعب السوداني ورغبته الأصيلة في التعايش السلمي مع أشقائه وجيرانه عربا وأفارقة.
وفي الوقت ذاته، وصل الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان أمس في زيارة تستغرق يومين. وقال إعلام مجلس السيادة إن الزيارة تأتي في إطار التشاور مع قيادات دولة الجنوب بشأن ترتيبات تنفيذ اتفاقية السلام بين فرقاء دولة الجنوب التي يرعاها السودان.
وقال حميدتي إن الوفد السوداني بحث في جوبا تنفيذ توصيات القمة الثلاثية التي عقدت في عنتيبي مؤخرا بشأن الترتيبات الأمنية وتشكيل الحكومة في الجنوب، بمشاركة رئيس المجلس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان والرئيس الأوغندي يوري موسيفيني ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت.
وأضاف حميدتي: أن رئيس جنوب السودان أكد استعداده لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وأشار حميدتي إلى أنهم بصدد وضع خريطة طريق في الخمسين يوما الأولى لتنفيذ مطلوبات اتفاق السلام في جوبا، وكشف عن لجنة عسكرية سودانية مختصة بمتابعة معسكرات التدريب، باعتبار أن ملف الترتيبات الأمنية هو الملف الشائك الآن، وأن اللجنة ستكون موجودة في جوبا لمتابعة كل معسكرات التدريب ورفع تقريرها لمجلس السيادة.
وأوضح حميدتي أن سلفاكير أكد أنه لن يكون هناك أي تمديد آخر بشكل تشكيل الحكومة، وأشار إلى أنه سيجري لقاءات مع اللجان المشتركة بين الطرفين في دولة جنوب السودان للوقوف على المشاكل والمعوقات بهدف تذليلها. وأعرب حميدتي عن تفاؤله بالوصول إلى صيغة لتنفيذ اتفاق السلام خلال المائة يوم، وتشكيل الحكومة لينعم شعب جنوب السودان بالسلام والاستقرار.
وقال خبراء سودانيون لـ«الاتحاد» إن زيارة حميدتي ووفده إلى جوبا تهدف لإنقاذ اتفاقية سلام جنوب السودان التي وقعت في الخرطوم العام الماضي، والمهددة بالانهيار في ظل عدم تنفيذ الأطراف الجنوبية لها.
وأضاف الخبراء أن هناك العديد من القضايا العالقة التي مازالت تشكل عائقا أمام تشكيل الحكومة المرتقبة في الجنوب، وحذروا من أنه إذا لم يتم تشكيل الحكومة في أقرب وقت فإن أوضاع الجنوب الهشة معرضة للخطر.
وفي غضون ذلك، استدعت الولايات المتحدة سفيرها في جنوب السودان للتشاور، وقال مورجان أورتاجوس المتحدث باسم الخارجية الأميركية إن السفير توماس هوشيك سيعود إلى واشنطن للقاء كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية في إطار إعادة تقييم العلاقة بين الولايات المتحدة وحكومة جنوب السودان في ضوء الفشل في تشكيل حكومة وحدة.
وقالت مصادر جنوب سودانية إن الإجراء الأميركي يأتي في سياق حزمة من الضغوط الدولية على الأطراف الجنوبية للإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وعلى صعيد آخر، أكد مارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية أن أمام السودان فرصة تاريخية للتغلب على سنوات من الصراع الدامي وعدم الاستقرار، لكنه يحتاج لمساعدة دولية عاجلة.
جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية بعد زيارة قام بها لوكوك للخرطوم وكسلا استغرقت 3 أيام.
كما قال لوكوك إن الأوضاع الإنسانية لملايين الأشخاص في السودان تتدهور، لاسيما في المناطق الوسطى والشرقية، ودعا المجتمع الدولي إلى العمل بشكل أسرع من أجل زيادة الدعم الإنساني للسودان، مشيرا إلى وجود نقص في الأدوية الأساسية والخدمات الصحية في جميع أنحاء السودان.
مسؤول أممي يدعو لدعم الحكومة الانتقالية
دعا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، أمس الاثنين، المجتمع الدولي لدعم مهام الحكومة الانتقالية، مؤكداً أن أمام السودان فرصة تاريخية للتغلب على سنوات من الصراع الدامي وعدم الاستقرار، لكن البلاد تحتاج لمساعدة دولية عاجلة.
جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» في ختام زيارة أجراها لوكوك إلى السودان، واستغرقت 3 أيام. كما قال المسؤول الأممي، إن الأوضاع الإنسانية لملايين الأشخاص بالسودان تتدهور، لا سيما في المناطق الوسطى والشرقية، بينما تسعى البلاد جاهدة لمعالجة تفشي الأمراض المتعددة والأزمة الاقتصادية. وأضاف لوكوك: «أدعو المجتمع الدولي إلى العمل بشكل أسرع من أجل زيادة الدعم الإنساني للسودان».
وشدد على أن تقديم المساعدات الإنسانية بشكل أسرع هو «أمر ضروري» لضمان إحراز تقدم مبكر في تلبية «التطلعات المعقولة» لشعب السودان. وقال بيان المكتب الأممي، إن لوكوك زار مدينة كسلا، ولفت إلى أن هناك 400 ألف شخص في ولاية كسلا يعانون عدم استتباب الأمن الغذائي.
وأضاف: «هناك نقص في الأدوية الأساسية والخدمات الصحية في جميع أنحاء البلاد». وتعاني ولاية كسلا تفشي عدد من الأمراض، بينها حمى الضنك والملاريا.
وحث لوكوك المجتمع الدولي على دعم مهام الحكومة الانتقالية بالسودان في الإصلاحات الاقتصادية، عقب لقائه رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك. وفي أبريل الماضي، أعلن لوكوك مساهمة قدرها 26.5 مليون دولار مساعدات إنسانية منقذة للسودان.