هدى جاسم، وكالات (بغداد)
دخلت المظاهرات الاحتجاجية في بغداد و9 محافظات عراقية جنوبية شهرها الثاني على التوالي، وسط شلل شبه تام في المؤسسات الحكومية والجامعات والمدارس واضطرابات أمنية وسقوط العشرات من الضحايا.
وذكر شهود عيان، أمس، أن المحتجين واصلوا قطع معظم الجسور الرئيسة في مدينة الناصرية، كبرى مدن محافظة ذي قار، فيما تراجعت حدة المصادمات بين الشرطة وقوات الأمن هناك.
وأقدم محتجون على إحراق المبنى الجديد قيد الإنجاز للحكومة المحلية في الناصرية، بالتزامن مع شلل تام في عمل الدوائر الحكومية، وتعطيل للجامعات والمدارس.
وفي محافظة كربلاء، ذكر ناشطون أن صدامات وقعت بين الشرطة والمحتجين ما تسبب بإصابة نحو 40 متظاهراً بجروح وحالات اختناق بسبب قنابل الغاز التي أطلقتها الشرطة عليهم. وأعلنت شرطة كربلاء في بيان، أمس، العثور على قنبلة جاهزة للانفجار مع 7 قنابل حارقة في حي البلدية، قالت إن مندسين كانوا ينوون استخدامها ضد القوات الأمنية. وأكدت أنها تعمل بشكل متواصل، وبالتعاون مع الأهالي واللجان الشعبية التنسيقية للمظاهرات السلمية، بغية توفير الأمن لمدينة كربلاء ولإبعاد من وصفتهم بالمخربين.
وفي البصرة جنوباً، ذكرت إذاعة «المربد» التي تبث من هناك أن المحتجين عادوا، أمس، لقطع العديد من الطرق في المدينة، بينها الطريق الذي يربط البصرة ببغداد. ولفتت إلى أن أهالي ناحية أم قصر التي شهدت، أمس الأول، مصرع متظاهرين اثنين، خرجوا بمظاهرة حاشدة للمطالبة بتسليم الملف الأمني هناك إلى قوات الشرطة بدلاً من قوات الجيش العراقي.
وفي ذي قار، أحرق متظاهرون منزل عضو مجلس النواب السابق خالد الأسدي، كما أضرم المحتجون النار في مبنى قائمقامية الدواية شمال المحافظة، بالإضافة إلى حرق قائمقامية سوق الشيوخ مجدداً.
ومع كل ذلك، فإن ساحة التحرير في بغداد والساحات والجسور القريبة منها لا تزال تمثل معقلاً رئيساً لحركة الاحتجاجات في عموم العراق. وتراجعت بحسب الشهود حدة المصادمات بين الشرطة والمحتجين في شارع الرشيد وعند مقتربات جسر الأحرار، فيما لم تشهد ساحة الخلاني المجاورة للتحرير أي أعمال عنف.
وأفاد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة عبد الكريم خلف، أمس، بإصابة 11 منتسباً أمنياً بجروح نتيجة استهدافهم برمانة يدوية من قبل مجموعة خارجة عن القانون بمنطقة حافظ القاضي بوسط بغداد. وأوضح خلف أن الهجوم ترافق مع رمي قنابل «مولوتوف»، مشيراً إلى قيام القوات الأمنية باعتقال عدد ممن وصفهم بالخارجين عن القانون.
كما تتواصل الاحتجاجات والاعتصامات في محافظات بابل وميسان والمثنى والديوانية وواسط والنجف، وفقاً لمحطات تلفزة محلية ولوسائل التواصل الاجتماعي، ولكن دون تسجيل حالات عنف أو تصادم بين الشرطة والمحتجين.
إلى ذلك، أكد قائد عمليات بغداد، الفريق ركن قيس المحمداوي، أن استخدام الرصاص الحي ممنوع، مضيفاً أن القوى الأمنية تأخذ تشكيلات دفاعية فقط، وأضاف «المتظاهرون أبناؤنا ولا نستخدم العنف ضدهم»، مشيراً إلى وجود عناصر تستغل الوضع الأمني لإثارة الفتن.
وفي سياق متصل، اتهمت المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، أمس، قوات الأمن باستخدام العنف المفرط في مواجهة الاحتجاجات الشعبية في البلاد، ما تسبب بمقتل 11 متظاهراً وإصابة 289 آخرين بجراح في الفترة من 21 إلى 24 نوفمبر الجاري.
وأوضحت المفوضية في بيان، أن العنف تسبب بمصرع 7 متظاهرين وإصابة 131 آخرين في محافظة ذي قار، بالإضافة إلى مقتل ثلاثة متظاهرين وإصابة 90 في محافظة البصرة، فضلاً عن مصرع شخص واحد وإصابة 68 آخرين بجراح في تلك الفترة.
وجددت المفوضية مطالبتها للحكومة والقوات الأمنية بمنع استخدام العنف المفرط بأشكاله ضد المتظاهرين السلميين لكونه يعد انتهاكاً صارخاً لحق الحياة والأمن، مؤكدةً ضرورة الالتزام بقواعد الاشتباك الآمن وإحالة القائمين بذلك إلى القضاء.
وقالت المفوضية إنها رصدت اعتقال 187 متظاهراً، بينهم 93 شخصاً من بغداد والبقية من محافظات البصرة وذي قار وكربلاء، داعية القوات الأمنية إلى عدم اعتقال أي متظاهر بصورة غير قانونية وإطلاق سراح المتظاهرين السلميين منهم.
وأضافت أنها وثقت كذلك قيام عدد من المتظاهرين بالاعتداء على القوات الأمنية بالقنابل الحارقة «مولوتوف»، وحرق عدد من المباني والمحلات التجارية وقطع الطرق أمام حقول النفط والموانئ وقطع الجسور الحيوية في عدد من المحافظات، فضلاً عن غلق عدد من الدوائر والمدارس والجامعات بسبب الإضراب.
وأشارت إلى أنها لا تزال تتلقى حتى الآن بلاغات وشكاوى عن خطف ناشطين وإعلاميين ومحامين وتجار من قبل مجهولين، مطالبةً الحكومة والأجهزة الأمنية بتكثيف جهودها لمعرفة مصير المخطوفين وإحالة الخاطفين للقضاء.
وكانت الاحتجاجات قد انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي، ثم عادت وتجددت في 25 منه وحتى اليوم للمطالبة بإسقاط الحكومة، وتعديل الدستور.
«سائرون» يرفض مشروع قانون الانتخابات
أعلن تحالف «سائرون» الذي يقوده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس، رفضه قانون الانتخابات البرلمانية الذي رفعته الحكومة إلى مجلس النواب.
وقال النائب عن التحالف صادق السليطي في بيان صحفي، «إن قانون الانتخابات الذي أرسلته الحكومة تضمن تخصيص نسبة 50% للتمثيل النسبي لقوائم الأحزاب كما جرى في الانتخابات السابقة، والتي تسمح بفوز مرشحي الأحزاب بمقاعد البرلمان وترك النسبة الباقية للمرشحين الذين يفوزون بأعلى الأصوات». وأضاف أن «هذا القانون لا يمكن أن يغير شيئا من المعادلة السياسية التي أوصلت العراق إلى ما هو عليه الآن». وطالب السليطي بإقرار قانون انتخابات مجلس نواب تكون المقاعد مخصصة فيه لمن يحصل على أعلى الأصوات بدائرته الانتخابية، لأن التمثيل الحقيقي لإرادة الناخبين يتمثل بهذا القانون.